Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تونس تواجه أزمة مائية حادة بسبب الجفاف والتقشف أحد الحلول

الحكومة تقر بالعجز ومحللون: الثروة الجوفية في خطر

تعاني تونس شحاً مائياً منذ 10 سنوات ولا يتجاوز نصيب الفرد حدود 400 متر مكعب سنوياً (أ ف ب)

ملخص

أقرت الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه في تونس إن كميات المياه المتوفرة في الوقت الراهن تغطي 16 ساعة فحسب في اليوم

تواجه تونس فترة جفاف بدأت منذ أربع سنوات تقريباً، دفعت السلطات التونسية إلى انتهاج سياسة التقشف في استخدام المياه، واعتمدت للمرة الأولى في تاريخ البلاد نظام الحصص لتوزيع المياه، كما اتبعت الشركة الحكومية لاستغلال وتوزيع المياه، سياسة وقف ضخ المياه (قطع) لمدة تمتد إلى سبع ساعات ليلاً حتى شهر سبتمبر (أيلول) الماضي.

في غضون ذلك منعت وزارة الفلاحة والموارد المائية استخدام المياه الصالحة للشرب في أغراض أخرى، مثل الفلاحة أو ري المساحات الخضراء أو تنظيف الشوارع والأماكن العامة أو غسل السيارات.

وبررت ذلك بالجفاف المائي وضعف موارد السدود، مما انعكس على مخزونها المائي الذي بلغ مستوى حرجاً.

وتعاني تونس شحاً مائياً منذ 10سنوات، ففي الوقت الذي يقدر فيه نصيب الفرد عالمياً من المياه العذبة بنحو 1000 متر مكعب سنوياً، لا يتجاوز نصيب الفرد التونسي حدود 400 متر مكعب سنوياً، بينما تعتبر منظمة الأغذية والزراعة العالمية "الفاو" حصول الفرد على 500 متر مكعب من المياه سنوياً خطاً أحمر.

التغيرات المناخية

ونتيجة لعدم انتظام تساقط الأمطار في السنوات الأخيرة تراجعت الحصيلة المائية، إذ يوفر تساقط الأمطار سنوياً نحو 36 مليار متر مكعب من المياه، وعلى رغم أن هذا المصدر من أهم المصادر المائية للبلاد فإنه يتأثر بالتغيرات المناخية، هذا إلى جانب أن الحصيلة من مياه الأمطار تتفاوت جغرافياً، فلا تزيد المساحات التي تتحصل على معدل 400 مليمتر من الأمطار في السنة على ربع المساحة الإجمالية لتونس.

إلى ذلك تذهب أغلب المياه إلى خارج مجهودات التعبئة أي السدود، كما نتج عن تتالي سنوات الجفاف تراجع إيرادات السدود بنسبة 70 في المئة سنة 2017، مما تسبب في انقطاعات متواصلة لمياه الشرب وتدهور جودة المياه.

وتطور حجم المياه المعبأة من 888 مليون متر مكعب من المياه السطحية و1276 مليون متر مكعب من المياه الجوفية في عام 1970 إلى 791 مليون متر مكعب من المياه السطحية و2201 مليون متر مكعب من المياه الجوفية في عام 2020.

وتسجل تونس تفاوتاً حاداً في التوزيع الجغرافي للمياه بين مناطقها، إذ يحتكر الشمال نحو 81 في المئة من المياه السطحية، كما أن نحو 60 في المئة من الثروة المائية تتركز في شمال تونس.

انحراف خطر يهدد المخزون المائي

ومع تراجع طاقة استيعاب السدود تأثر حجم الكميات الموجهة من المياه للاستخدام المنزلي والمناطق السقوية، وهو ما ترتب عليه عزوف الفلاحين عن زراعة السلع الأساسية كالقمح والأعلاف وهو مؤشر إلى انحراف خطر عن مسار المشروع التونسي الذي يعتمد على الاكتفاء الذاتي من الغذاء.

وتطورت كميات المياه الجوفية المستغلة من 395 مليون متر مكعب عام 1980 إلى 810 ملايين متر مكعب عام 2010، وزاد عدد الآبار من 23 ألف بئر إلى 100 ألف بئر.

في تلك الأثناء كشفت وزارة الفلاحة عن أن المياه المستخدمة من قبل مختلف القطاعات الاقتصادية بلغت نحو 2.528 مليار متر مكعب سنوياً عام 1996 وتنامى الطلب ليصل إلى قرابة 2.688 مليار متر مكعب سنوياً عام 2010، في ظل توقعات أن يزيد الطلب ليصل إلى حدود 2.770 مليار متر مكعب سنوياً في عام 2030.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتعتمد الفلاحة على المياه الباطنية بنسبة 77 في المئة وعلى المياه السطحية بنسبة 22 في المئة وعلى المياه المعالجة بنسبة واحد في المئة.

أما الاستهلاك الصناعي للمياه فلا يزيد على 6.1 في المئة من الموارد المائية حتى عام 2020، وتوفر الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه نحو 495 مليون متر مكعب سنوياً تتوزع بين 72 في المئة للاستهلاك المنزلي وتسعة في المئة للاستهلاك الصناعي وستة في المئة للاستهلاك السياحي.

وبناء على ذلك يلاحظ تواضع الكميات الموجهة لحاجات الاستهلاك البشري مقارنة بالكمية الإجمالية المعبأة وبالاستنزاف الذي يشكله القطاع الفلاحي، إذ يوجه للاستهلاك البشري 290 مليون متر مكعب سنوياً وهو يمثل نحو 11.5 في المئة من مجموع الطلب على المياه.

حلول بديلة

في غضون ذلك، قال الرئيس المدير العام للشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه مصباح الهلالي، إن "كميات المياه المتوفرة في الوقت الراهن تغطي 16 ساعة فحسب في اليوم"، مقراً بالعجز على تغطية الحاجات اليومية، مبرراً ذلك بطول فترة الجفاف التي عاشتها تونس.

من جانبه قال عضو المكتب التنفيذي للاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري (منظمة مستقلة)، حمادي البوبكري، إن "مخزون السدود لا يزيد على 723 مليون متر مكعب بنقص مقدر بـ550 مليون متر مكعب نتيجة ندرة تساقط الأمطار".

وأوضح البوبكري أن "تونس تعتمد في الوقت الحالي على المياه الباطنية التي تلعب دوراً اقتصادياً بتوجيهها إلى إنتاج الخضر ومد الأسواق"، مؤكداً أنها "في المقابل تواجه خطورة استنزاف هذه الثروة، كما تطرح معضلة مياه الشرب إذ تستهلك نحو مليار و300 متر مكعب سنوياً"، قائلاً "هي كميات هائلة وخيالية".

وتفتقر تونس إلى حوكمة هذا القطاع الذي يحتاج إلى الترشيد لحماية هذه الثروة، وتمثل القرارات الأخيرة باعتماد نظام الحصص في توفير المياه أسلوباً ناجعاً للحفاظ على الموارد المائية وتفادي إشكاليات منتظرة في الفترة المقبلة في ظل موجة الجفاف، في حين تتجه السلطات إلى حلول بديلة للتغلب على تلك الإشكاليات وأهمها تحلية المياه.

وتتوفر أربع محطات تحلية، أبرزها محطة جربة التي دخلت حيز التنفيذ سنة 2022 ومحطة الزارات بقابس التي ستدخل حيز التنفيذ في أواخر السنة الحالية وطاقة إنتاجها 50 مليون متر مكعب يومياً، بينما من المرتقب دخول محطتي صفاقس وسوسة على خط الإنتاج العام المقبل بطاقة تصل إلى 200 ألف متر مكعب يومياً.

اقرأ المزيد