Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عيد غرب السعودية... تغيرت الملامح والحنين يعيدها

ما زالت "العيدية" صامدة في عصر التكنولوجيا لكن الرسائل النصية أغلقت البيوت المفتوحة لاستقبال المهنئين

مظاهر العيد في سبعينيات القرن الماضي غربي السعودية في الحجاز (خالد أبو الجدايل) 

ملخص

عيد #غرب_السعودية... ما زالت "العيدية" صامدة لكن الرسائل النصية أغلقت البيوت المفتوحة لاستقبال المهنئين

ملامح العيد في الوقت الحاضر اعتراها التغيير مما جعل كثيراً من الناس يعودون بذاكرتهم إلى سالف الأيام، يحطون ركاب أفكارهم عند الماضي وعادات الأجداد وعلاقاتهم الاجتماعية وترابطهم وتراحمهم في مثل هذه المناسبات التي أغرقتها الأجيال الحالية بمظاهر عصرية مع سيطرة التكنولوجيا على حاضرنا.

يحن كثير من كبار السن إلى عيدهم السابق قبل عقود من الآن، بطقوسه ومعايداته وألعابه وطرق تقديم سفرة الإفطار.

عيد مكة

عن معالم العيد في مكة المكرمة قبل 80 سنة، يروى محمد حافظ (85 سنة) "من المظاهر التي لا تنسى أن الأطفال كانوا يجهزون مداس العيد (الحذاء) والكوافي للذهاب إلى الحرم المكي ومن ثم صلاة العيد وسماع الخطبة، ثم الزيارات العائلية ابتداء من كبير العائلة لتناول وجبة الإفطار التي جهزتها سيدات المنزل، وتضم الدبيازة والمنزلة وبعض الأجبان، ويتم تسلم الأطفال عيدياتهم بالقروش والهلالات، ويشترون بها حلاوة مطو وطبطاب الجنة وحلاوة قرو والحلقوم".

يرى حافظ أن "وسائل التواصل الاجتماعي قضت على كل شيء"، ويجزم بأن "الاختلاف الحاصل بين الآن والماضي كبيراً جداً، فاليوم نحن نفتقر إلى البساطة إذ كانت أبواب الجيران والأهالي مفتوحة على مصاريعها لاستقبال المهنئين، والآن أصبحت التهنئة برسائل نصية والمعايدة بموعد مسبق".

أما فوزية أحمد (86 سنة) فحدثت عن أعياد الماضي، متمنية أن يعود بها الزمن عندما كانت السيدات يجهزن قبل العيد الدبيازة والمنزلة لوضعهما على مائدة الإفطار بعد أن يصلين صلاة المشهد (العيد)، ويتزين ويتعطرن لاستقبال المهنئين، ومن ثم معاودة الزيارة مرة أخرى.

ألعاب الفرح

تقول فوزية "كانت الألعاب الشعبية عديدة ولا حصر لها، كثير من الألعاب التي اندثرت الآن كانت تجمع أطفال الحارة الواحدة، ولم تكن هناك في الماضي حارة من حواري مكة المكرمة القديمة خالية من ساحة للعب".

 

 

أما حافظ فيحكي عن ألعاب الطفولة قائلاً "كان الأطفال يمارسون لعبة (الكبت) واشتهرت في الأحياء الجداوية القديمة، وتعتبر من ألعاب الصبيان العنيفة التي غالباً ما يلعبها الأقوياء، إذ كانت فولكلوراً شعبياً يمارسه سكان الحجاز قديماً، وتعتمد على سرعة الحركة والمهارة في المناورة وعدم تمكين المهاجم من الفريق الآخر من لمس فرد في الفريق المواجه، ويشترك في لعبها بضعة أشخاص ينقسمون إلى فريقين متقابلين بينهما خط فاصل، مستخدمين صفاً من الأحذية أو رسم خط واضح، ويخرج واحد من أحد الفريقين إلى الفريق الآخر ويمد يده باحتراس وهو يقول (شيد البيد البيد)، ويكررها فإذا لمس أحدهم وهرب ولم يمسكوا به يعتبر فريقه هو الغالب، وإن أمسكوه يخرج من اللعبة ويعتبر فريقه مغلوباً".

كذلك يتحدث حافظ عن لعبة "البرجون"، وهي عبارة عن كرات زجاجية ملونة وصغيرة، وكان يلعب بها في ساحة ترابية، إذ تحفر حفرة بمسافة معينة ويتم دفع "البرجون" بأحد الأصابع لإسقاطها فيها، والفائز هو من يسقط أكبر عدد ممكن من "البرجون" في الحفرة، وكانت كرات "البرجون" تباع في الدكاكين الصغيرة بالحواري وتلقى رواجاً هائلاً بين الصبية، ولها ألوان مختلفة.

بجوار الحرم

يوضح الباحث في التاريخ المكي سمير برقة أنه "ما إن يعلن دخول العيد إلا وتطلق المدافع دويها على جبل المدافع في مكة معلنة دخول عيد الفطر وانتهاء شهر الصوم، ليبدأ الناس بالاستعداد والتهيؤ لصلاة المشهد كما يحلو للمكيين تسمية صلاة الفطر في المسجد الحرام، وتنزل العائلات إلى الحرم المكي من قبل صلاة الفجر عبر طرقاتهم وأزقتهم وشعابهم، متزينين بملابس العيد من عمائم ملونة وبيضاء والعقل المقصبة المعروفة بعقال فيصل ومشالح تزين الكبار وكنادر، وتعني الأحذية والشباشب الشرقية، وعطور وبخور، وكانوا ينزلون من بيوتهم عبر طريق ويعودون من طريق آخر".

يشير برقة إلى أن "أجمل مظاهر العيد في الحرم المكي الشريف هي صلاة المشهد وتكبيرات العيد الجماعية (الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد)، وكان الناس يتناولون التمر إيذاناً بانتهاء الصوم، ويوزع الأطفال بعض الحلوى على المصلين، وما إن ينتهي الإمام من خطبة العيد يعودون لكي يسلموا على أحبابهم، ويذهب بعضهم لزيارة القبور والسلام على موتاهم، ثم يجتمعون عند كبير العائلة لتناول وجبة الإفطار التي تسمى (التعتيمة)، وهي عبارة عن قطع من الخبز يدعى (الشريك) وأنواع مختلفة من الأجبان والزيتون والحلويات الشعبية إلى جانب الزلابية والدبيازة، وبعدها يتم توزيع العيديات على الأطفال من قبل الأقارب".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويضيف برقة "قديماً كان الكبار يتزاورون مع الأقارب إلى أن تكون الجمعة الكبيرة في منزل كبير العائلة والكل متزين بملابس العيد ذات الألوان الزاهية، كما جرت العادة أن تتزين الحارات المكية بعقود الزينة والمراجيح، وتبدأ مظاهر الفرح في الحارات من ثاني أيام العيد بالمزمار والفنون الشعبية، ويجتمع كبار الحارة يتسامرون على فن الصهبة، والشباب يمارسون هواياتهم في ركوب المراجيح التي تعرف اليوم بالملاهي".

ويشير إلى أن "مظاهر العيد كانت تستمر في اليوم الثاني والثالث، حيث تتكرر الزيارات للمعايدة والسلام فيفرح الأطفال من كثرة ما يحصلون عليه من عيديات"، مستطرداً "الجميع يتطلع إلى إحياء هذه المظاهر التي تجمع العائلات وتزيد من الترابط بينها من خلال استئجار الاستراحات للتجمع فيها وتبادل التهاني والتبريكات".

أعياد جدة

في أحياء جدة القديمة، كما يروي المهتم بتاريخ المدينة خالد أبو الجدائل، "يخرج الأهالي بعد صلاة الفجر في كامل زينتهم إلى مصلى العيد (المشهد) لأداء الصلاة والاستماع إلى الخطبة، وبعد انقضائهما يتجهون إلى مقبرتي حواء والأسد للترحم على أمواتهم وأموات المسلمين والدعاء لهم، ثم إلى بيت كبير العائلة الذي تجتمع عنده أغلب أفراد الأسر للمعايدة وتناول طعام الإفطار وأكواب الشاي وبعض المرطبات، ثم تتوجه كل أسرة إلى بيتها استعداداً لاستقبال المهنئين".

وأفاد أبو الجدائل بأن أهالي محال جدة اعتادوا في ذلك الوقت على القيام في كل يوم من أيام العيد بزيارة أحد محال جدة الثلاث "الشام" و"اليمن" و"المظلوم" برفقة شيخ المحلة ونقيبها، فمثلاً يجتمع أهالي محلة المظلوم ويتجهون مع شيخ المحلة ونقيبها لزيارة أهالي محلة اليمن، الذين يكون شيخهم ونقيبهم في مقدمة المستقبلين، وفي اليوم التالي يتجه أهالي المحلة برفقة الشيخ والنقيب لزيارة أهالي محلة الشام وهكذا.

وأضاف "لا تخلو تلك الليالي من الألعاب الشعبية كالمزمار السعودي وفن الصهبة والدانات والمواويل والمجس والغناء، ومن عادات أهل جدة (العيدية) فمنذ 90 عاماً لا تزال هذه العادة مستمرة، وما إن تبدأ مراسم الزيارات حتى يتم توزيع العيديات على الأطفال".

ويوضح أبو الجدائل "إحدى العادات الجميلة في مجتمع جدة وما زالت موجودة حتى يومنا هذا، اصطحاب الآباء أبناءهم معهم لمعايدة كبير العائلة والجد والجدة والأعمام والأخوال، وهذه الزيارة لها معان عظيمة في نفوس كبار العائلة، حيث تدخل السرور على قلوبهم، وتعبيراً منهم عن سعادتهم بزيارة الأطفال واحتفاء بمقدمهم يمنح كل طفل العيدية، وكانت عيدية الطفل عبارة عن عدد من الهلالات والقروش، وهناك من يعايد بربع أو نصف ريال أو ريال من الفضة بحسب قدرته المالية".

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات