Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل من أفق سياسي في السودان بعد هدير الحرب؟

مراقبون: على القوى المدنية تكريس جهودها للتوحد ضد عسكرة الدولة وتوسيع دائرة المشاركة في الحوار

ملخص

عندما تبدأ الحرب من الصعب التكهن بمستقبل وأشكال #العملية_السياسية، فإلى أين سيقود هذا الوضع المحتدم في #السودان؟

تعد العملية السياسية في السودان التي كانت على وشك الاكتمال لإحداث تحول ديمقراطي يؤسس لحكم مدني خلال الفترة الانتقالية لمدة عامين سبباً في اندلاع الاشتباكات العسكرية الجارية الآن بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، بعد الخلافات التي حدثت حول المواقيت الزمنية لدمج "الدعم السريع" في القوات المسلحة لتكوين جيش قومي موحد، فضلاً عن تبعية القيادة العسكرية في ضوء عملية الإصلاح العسكري والمدني التي تضمنها الاتفاق الإطاري الذي وقع في الخامس من ديسمبر (كانون الأول) بين مجموعة من المدنيين بقيادة تحالف قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) والمكون العسكري. فما مصير ومستقبل هذه العملية السياسية في ظل ما تشهده البلاد من توتر لا يعرف أحد متى سيتم حسمه؟

عسكرة وتجييش

يقول الكاتب السوداني شمس الدين ضو البيت "في نظري أنه كان على القوى السياسية والمجتمعية من مبدعين ومثقفين ومفكرين أن ينصب تركيزها في المقام الأول في التصدي لعسكرة وتجييش المجتمع السوداني، وما يمارس من خطاب للكراهية ودق طبول الحرب بدلاً من السعي باتجاه قضايا السلطة من خلال العملية السياسية التي كانت جارية بين العسكر ومجموعة المدنيين، بالتالي بعدت عن القاعدة الشبابية الثورية التي اختارت السير في طريق الحراك الجماهيري لتحقيق أهداف وشعارات ثورة ديسمبر (كانون الأول) المجيدة".

وأضاف ضو البيت "في ظل هذه المؤشرات الجارية على أرض الواقع لا أعتقد أن العملية السياسية سيكون لها مستقبل، وأن على القوى المدنية المختلفة من سياسيين ومهنيين وأكاديميين أن تكرس جهودها نحو التوحد في صف واحد لمواجهة خطر عسكرة الدولة من أجل إقامة دولة ديمقراطية وتنموية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وزاد "عندما تبدأ الحرب فمن الصعب التكهن بمستقبل وأشكال العملية السياسية التي ستقود لسلطة مدنية كما كان مخططاً له، لكن من المؤكد أن القيادات التي تسلمت الحكم بعد إطاحة نظام البشير في أبريل (نيسان) 2019 بخاصة العسكريين لم تقم بدورها الصحيح، بل أوصلوا البلاد إلى حال الحرب الأهلية، ولا أعتقد أن هناك معياراً للفشل أكثر مما نحن فيه الآن، والمطلوب هو تنحي كل هذه القيادات وإفساح المجال لمن هم أكفأ وأقدر، فضلاً عن تمتعهم بروح الوطنية".

ورأى الكاتب السوداني أن "قوى الثورة المضادة كرست كل إمكاناتها وجهودها لطي صفحة ثورة ديسمبر وما تدعو له من تحول ديمقراطي، وذلك من خلال خطط وسيناريوهات عدة، منها هذه الاشتباكات التي بدأت في مروي ثم الخرطوم فالفاشر والأبيض، لكن الحل في استعادة الديمقراطية يكون بالانتظام في جبهة مدنية واسعة تضم كل التنظيمات السياسية والمجتمعية المؤمنة بمبادئ وشعارات الثورة".

سباق الرئاسة

في السياق، يوضح أستاذ العلوم السياسية في جامعة أفريقيا العالمية بالخرطوم الزمزمي بشير، أن "من المؤسف أن العملية السياسية تسببت في ما حدث من تطورات عسكرية على الأرض، لأن هناك سباقاً بين القيادتين العسكريتين ممثلتين في عبدالفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو (حميدتي) للفوز برئاسة مجلس السيادة في تشكيلته الجديدة خلال الفترة الانتقالية الحالية، فحميدتي أصبح أقرب إلى القوى المدنية الموقعة على الاتفاق الإطاري، بينما البرهان قريب من مجموعة الكتلة الديمقراطية، بالتالي فإن ما يجري حالياً هو صراع حول السلطة".

وبين بشير "في اعتقادي أن العملية السياسية في وضع متأزم جداً وخطر للغاية، وإذا استمرت هذه الاشتباكات لفترة محدودة من دون حسمها فإنها ستخلف آثاراً كبيرة على الجوانب كافة، فالناس الآن في وضع حرب، ويجب أن يكون الحديث عن التهدئة ومن ثم استئناف الحوار من جديد لإيجاد اتفاق مرضٍ للجميع، وهنا لا أقول إن الاتفاق الإطاري انتهى دوره، لكن يجب أن يتم توسيع قاعدة المشاركة لضمان استقرار حقيقي في البلاد".

وتابع أستاذ العلوم السياسية "لا شك أن العملية السياسية سيكون لها إسقاطات، لكن في رأيي أن قوات الدعم السريع إذا قبلت برؤية الجيش في عملية الإصلاح العسكري والأمني بأن يكون دمج قواتها خلال فترة عامين، وهذا ما أرجحه، فإن الأمور ستسير في طريق سلسة وكما هو مطلوب".

توسيع المشاركة

من جانبه يقول المحلل السياسي النور عبدالله جادين "في اعتقادي أن الأحداث التي سيطرت على واقع السودان من اشتباكات ومواجهات عسكرية بين الجيش وقوات الدعم السريع ستعطل العملية السياسية التي كانت جارية طوال الأيام والأشهر الماضية لكن بشكل موقت، لأنه لا يمكن أن يستمر حكم عسكري أو شمولي في ظل واقع البلاد الذي تشكل بعد الثورة الشعبية التي أطاحت النظام السابق من أجل الديمقراطية، وما أحدثه التغيير الثوري من وعي عند عامة الناس بضرورة الحكم المدني والحريات العامة والتبادل السلمي للسلطة".

وتابع جادين "الواقع الدولي يفرض ضرورة وجود حكم ديمقراطي يتم فيه تبادل السلطة سلمياً، فضلاً عن أنه لا يمكن أن يستمر نظام حكم في السودان في ظل واقع البلاد الاقتصادي المنهار وتدهور قيمة الجنيه السوداني ومقاطعة مؤسسات التمويل الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وغيرهما، لأن القرارات التي اتخذت في هذا الشأن تقضي بأنه لن يتم التعامل إلا مع حكومة شرعية ذات صدقية تأتي بتوافق السودانيين، إضافة إلى أن الشعب السوداني والثوار والكيانات السياسية لن ترضى بتوقف العملية السياسية التي كانت قريبة من الاتفاق السياسي النهائي وتشكيل حكومة جديدة يرضى عنها أكثرية السودانيين".

وواصل "في إطار الواقع الجديد بخاصة إذا استطاع الجيش التخلص من قوات الدعم السريع وقيادته، فإن من المؤكد أن يكتسب الجيش أفضلية في التحاور مع القوى السياسية من خلال فرض بعض شروطه في شأن مستقبل وكيفية إصلاح المؤسسات العسكرية ومواقيت هذا الإصلاح، لكنه لا يستطيع إلغاء أو تجميد العملية السياسية التي كانت جارية وشارفت على نهاياتها".

ومضى المحلل السياسي قائلاً "الشيء المهم جداً، والذي يجب على القوى السياسية ممثلة في تحالف قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) أن تقبل به وسيكون مفيداً جداً من ناحية ضمان انحياز الجيش لاستمرار العملية السياسية، هو أن تقوم تلك القوى بتوسيع دائرة المشاركة في الاتفاق السياسي إلى حد معقول يشمل كيانات جديدة، حتى تتسع دائرة المؤيدين لهذا الاتفاق، بالتالي استقرار الفترة الانتقالية والتوجه الجماعي لإقامة انتخابات عامة قبل نهاية هذه الفترة المحددة بعامين".

المزيد من تقارير