ملخص
إحدى الطرق التي يمكن من خلالها لـ #الأطباء_المبتدئين في بريطانيا الحصول على مطالبهم تقضي بأن يفاوضوا لزيادة #الضرائب وهو أمر يرفضه #حزب_العمال
لم تتعاف الحركة العمالية أبداً من الهزيمة المعنوية التي تكبدتها خلال شتاء الغضب عام 1978 [فترة من الاضطرابات التي تركزت بشكل رئيس حول الإضرابات ضد الأجور غير العادلة ، مصحوبة بالعواصف التي حدثت خلال شتاء 1978-1979 في المملكة المتحدة]. بالتالي، لا بد للأطباء المبتدئين من أن يتذكروا تاريخهم، تحت طائلة خسارتهم لدعم عامة الناس.
لقد فقدت حكومة جايمس كالاهان السيطرة حينها على سياسة الأجور لأن الاتحادات العمالية انقسمت في ما بينها، علماً أن الاتحادات التي تمتعت بالمكانة الأفضل لإحداث خلل (وترجمت نواياها بعبارة "إركاع البلاد" في عناوين الصحافة الصفراء) طالبت بمبالغ أكبر بكثير من تلك التي طالبت بها الاتحادات الأقل نفوذاً في قطاع التصنيع.
واستطراداً، عندما ضمن عمال تصنيع السيارات في شركة "فورد" الذين يتقاضون رواتب جيدة نسبياً، زيادة بنسبة 17 في المئة على رواتبهم، متخطين بذلك زيادة الـخمسة في المئة المذكورة في التوجيهات الحكومية، بدا وكأن الأمر حفز تحركاً بات مسموحاً للجميع، وما عاد على صلة بخطاب المساواة والتضامن الذي تعتمده الحركة العمالية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
والحال أن الأطباء المبتدئين اليوم يحظون بتعاطف شعبي أكبر مما كان عليه الأمر تجاه العاملين في مجال تصنيع السيارات، لكنهم يتقاضون، بدورهم، أجوراً جيدة نسبياً، حتى لو أن خسائرهم الناجمة عن تدني الأجور الفعلية، خلال الأعوام الأخيرة، فاقت خسائر مجموعات العاملين الآخرين ضمن القطاع العام.
للمفارقة، يبدو أن حزب العمال جعل قضيتهم أكثر صعوبة. فالحال أن إحدى الطرق ليحصل الأطباء المبتدئون على مطالبهم تقضي بأن يفاوضوا لزيادة الضرائب. وإلا، فسيعني الأمر أنهم يقولون إنه لا بد للعاملين الآخرين في القطاع العام (من ذوي الأجور الأقل) من أن يحصلوا على زيادة أقل، في حين يحصلون هم على زيادة أكبر.
بيد أن حزب العمال ليس موافقاً على زيادة الضرائب. وفي أحدث إعلان نشره عبر "تويتر"، يتحجج بأن الضرائب أصلاً شديدة الارتفاع. وبموازاة ذلك، تفيد رسالة الحزب إلى الأطباء المبتدئين التي نقلها كبير أمناء المالية في حكومة الظل، بات ماكفادن، في مقابلات مع الإعلام هذا الأسبوع، بأنه لا بد لهم من "الجلوس إلى طاولة المفاوضات".
أما المعنى الضمني لذلك، فهو أنه لا بد لهم من أن يقبلوا بأقل بكثير مما يطالبون به، لأن ذلك سيكون "منصفاً". وما قاله ماكفادن فعلياً هو التالي: "لا أظن أن الأطباء سيحصلون على زيادة 35 في المئة على رواتبهم. ولعلكم تذكرون عندما نظم الممرضون إضراباً منذ شهر أو شهرين. فعلى ما أظن، طالب رؤساء الاتحاد بداية بزيادة 19 في المئة على رواتبهم".
وأضاف: "برأيي، لا يجب أن نشتت أنفسنا بالمطالبة العلنية الرئيسة [التي أطلقوها] في بداية الإضراب. المهم هو الجلوس إلى طاولة المفاوضات ومحاولة التوصل إلى تسوية في شأن الأجور، تكون منصفة للأطباء، ومنصفة أيضاً للمكلفين عموماً، الذين يدفعون جميع الفواتير في هيئة ’خدمات الصحة الوطنية’ NHS".
والحال أن ماكفادن الذي يواصل السير على خطى السياسة البليرية بحذافيرها Blairite [نسبة إلى توني بلير]، كان يشير بلباقة إلى أنه لا يمكن الحصول على نتيجة من دون أي مقابل على الإطلاق. وهو لو كان أقل لباقة، لقال على الأرجح إن التفاوض لزيادة الضرائب سيكون أمراً جديراً بالاحترام. وربما يبرر الأطباء المبتدئون مطالباتهم بالقول إن الضرائب شديدة الانخفاض في البلاد، حتى لو كانت عند أعلى مستوياتها منذ 70 عاماً. وقد يقولون إنه من الضروري رفع الضرائب وتسديدها مقابل خدمات عامة أفضل. وسيوافقهم كثيرون الرأي، وإن كان مرجحاً أن تعطى الأولوية إلى عاملي الرعاية الاجتماعية، أكثر منه للأطباء.
بيد أن الناس بمعظمهم يتفقون مع حزب العمال على أن الضرائب شديدة الارتفاع أصلاً، مما يعني أن أي أموال إضافية تدفع للأطباء المبتدئين ستأتي من مكان آخر ضمن القطاع العام. ويمكن طبعاً إعادة توزيع الأولويات، وهو ما أكده جيريمي هانت وريشي سوناك في قرارهما المأساوي في شأن الموازنة الذي قضى بمنح مزيد من المال للأطباء الأكثر ثراء عن طريق رواتبهم التقاعدية.
ولعل حزب العمال محق في الكلام الذي أورده في إعلانه عبر "تويتر"، عندما أفاد بأنه يمكن أن يحصل على بعض المال الإضافي من الضريبة على الأرباح غير المتوقعة التي تحققها شركات النفط والغاز، مع أن نسبتها تبلغ منذ الآن 75 في المئة. وتكمن المشكلة هنا في أن هذا المال جرى تخصيصه لتجميد صوري لضريبة المجلس البلدي، في سياق عرض افتراضي خاص محدود المدة، هدفه خدمة أهداف الانتخابات المحلية المتوقعة الشهر المقبل.
بحلول موعد الانتخابات العامة المقبلة، وإن بقيت هناك ضريبة على الأرباح غير المتوقعة [على شركات الطاقة] يمكن الاستقاء منها، من المرجح أن ينفق سياسيو حزب العمال عائداتها - صورياً - مراراً وتكراراً. بالتالي، لن يحصل الأطباء المبتدئون إلا على ما أسماه ماكفادن حصتهم "المنصفة" منها.
وإن صوت الممرضون للقبول بزيادة الخمسة في المئة (زائد دفعة منفصلة واحدة) عند إقفال صناديق اقتراعهم، فسيفرض ذلك ضغوطاً على الأطباء المبتدئين ليقلصوا مطلبهم إلى نسبة مماثلة، وإلا فسيحصل تحريض متبادل بين عمال القطاع العام، ويتم الاستهزاء بمفهوم "الإنصاف".
© The Independent