ملخص
#الدعم_السخي من قبل الحكومات خلال #جائحة_كورونا فاقم أزمات #التضخم
كشف تقرير حديث، أن المكاسب القوية التي سجلها الدولار الأميركي خلال الفترة الماضية، أعادت الديون إلى الارتفاع مرة أخرى بعد أن شهدت تراجعاً خلال العامين الماضيين، وبعد ثلاث سنوات من تفشي جائحة كورونا، قطعت السياسة المالية شوطاً طويلاً نحو التطبيع، لقد سحبت الحكومات الدعم المالي الاستثنائي، وبدأ الدين العام والعجز يتراجع من مستويات قياسية، يحدث ذلك وسط ارتفاع معدلات التضخم، وارتفاع تكاليف الاقتراض، وتوقعات النمو الأضعف، وارتفاع المخاطر المالية، فيما تعد القدرة على تحمل الديون مدعاة للقلق في عديد من البلدان.
فيما يناقش المحللون لدى صندوق النقد الدولي، كيف أسهمت الظروف الاقتصادية الاستثنائية منذ الوباء في تشكيل النتائج المالية، ويدعون إلى سياسات متسقة لإعادة التضخم إلى الأهداف التي وضعتها البنوك المركزية، ومعالجة مخاطر المالية العامة مع حماية الفئات الأكثر ضعفاً وحماية الاستقرار المالي.
في تقرير حديث، كشف صندوق النقد الدولي، أنه بعد الارتفاع التاريخي للدين العام في عام 2020 إلى ما يقرب من 100 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بسبب الانكماش الاقتصادي والدعم الحكومي الهائل خلال فترة الوباء، انخفض العجز المالي منذ ذلك الحين، مع انتهاء الإجراءات المالية الاستثنائية المرتبطة بالوباء.
وأوضح، أن ما يقرب من 75 في المئة من البلدان شددت السياسات المالية والنقدية العام الماضي، ونتيجة لذلك، سجل الدين العالمي في العامين الماضيين أكبر انخفاض في 70 عاماً، وبلغ 92 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية العام الماضي، ولا يزال أعلى بنحو ثماني نقاط مئوية من توقعات ما قبل الوباء، كما أن العجوزات الأولية آخذة في الانخفاض بسرعة وتقترب من مستويات ما قبل الجائحة.
تضخم ونمو
الصندوق أشار، إلى أنه بعد الانخفاض المفاجئ في الديون منذ عام 2020، فقد ارتفع الناتج المحلي الإجمالي الاسمي خلال العامين الماضيين في عديد من البلدان، مما ساعد وعزز المالية العامة، ويعكس هذا انتعاشاً اقتصادياً قوياً وطفرة تضخم غير متوقعة، مما أدى إلى نمو أعلى من المتوقع في الناتج المحلي الإجمالي الاسمي وعائدات الضرائب.
في المتوسط، شهدت اقتصادات السوق المتقدمة والناشئة (باستثناء الصين) تخفيضات في الديون بنحو اثنين إلى ثلاثة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام الماضي، ويرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى مفاجآت التضخم، فيما تباينت وتيرة خفض العجز والديون تبعاً لمدى سرعة خروج البلدان من الوباء وكيف تأثرت بالصدمات اللاحقة، وشددت البلدان التي واجهت أزمة طاقة أو غذاء أكثر شدة بشكل تدريجي، إذ شاركت الحكومات عبء حماية الأسر والشركات من خلال تدابير هادفة وغير هادفة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقد تم تشكيل دور مفاجآت التضخم في تخفيض الديون من خلال حجم ديون البلدان الفردية وتركيبتها، وشهدت البلدان ذات المستويات الأولية المرتفعة للديون، إلى جانب مفاجآت تضخم كبيرة ونمو قوي، انخفاضات كبيرة في الديون، ولعب انخفاض سعر الصرف والعجز الأولي، وارتفاع تكاليف الاقتراض دوراً أكبر في تشكيل ديناميكيات الديون في بعض اقتصادات الأسواق الناشئة والبلدان منخفضة الدخل، مما حد من آثار التضخم المرتفع على نسب الدين.
فيما أدت قيود الميزانية الأكثر صرامة إلى تفاقم عملية الموازنة الصعبة بالفعل بالنسبة إلى البلدان منخفضة الدخل، مما أعاق مزيداً من التقدم نحو أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، كما تضررت البلدان بشدة من أزمة تكلفة المعيشة وانعدام الأمن الغذائي، مما أدى إلى توقف جهود الحد من الفقر في العالم.
موقف مالي صارم لدعم جهود تقليص التضخم
وأوضح صندوق النقد، أن التوقعات على المدى القريب معقدة، ووسط ارتفاع معدلات التضخم وتشديد شروط التمويل وارتفاع الديون، يجب على صانعي السياسات إعطاء الأولوية للحفاظ على السياسة المالية متسقة مع سياسات البنك المركزي لتعزيز استقرار الأسعار والاستقرار المالي.
وسوف تحتاج عديد من البلدان إلى موقف مالي صارم لدعم عملية تقليص التضخم الجارية بخاصة إذا ثبت استمرار ارتفاع التضخم، كما ستسمح السياسة المالية الأكثر صرامة للبنوك المركزية بزيادة أسعار الفائدة بأقل مما كانت ستفعله بخلاف ذلك، مما سيساعد على احتواء تكاليف الاقتراض للحكومات وإبقاء نقاط الضعف المالية تحت السيطرة.
وتتطلب السياسات المالية الأكثر صرامة شبكات أمان موجهة بشكل أفضل لحماية الأسر الأكثر ضعفاً، بما في ذلك معالجة انعدام الأمن الغذائي، مع احتواء نمو الإنفاق العام، إذ من المرجح أن تواجه الحكومات ضغوطاً اجتماعية للتعويض عن الزيادات السابقة في تكلفة المعيشة.
ومع ذلك، فإن المخاطر عالية، وسيحتاج صانعو السياسات إلى الاستعداد للاستجابة بسرعة، وإذا تحول الاضطراب المالي إلى أزمة نظامية، فقد تحتاج السياسة المالية إلى التدخل بسرعة لتسهيل الحل. وإذا ضعف النشاط الاقتصادي بشكل كبير وارتفعت البطالة، يجب على الحكومات السماح لمثبتات آلية العمل (على سبيل المثال، السماح للعجز بالارتفاع مع زيادة إعانات البطالة أو انخفاض الإيرادات الضريبية)، بخاصة إذا كانت ضغوط التضخم تحت السيطرة والحيز المالي متاح.
كما يُعد الحد من مواطن الضعف المتعلقة بالديون وإعادة بناء الهوامش المالية الوقائية بمرور الوقت أولوية قصوى، وعلى رغم التشديد التدريجي المتصور في المالية العامة في السنوات المقبلة، فمن المتوقع أن يرتفع الدين العام العالمي، مدفوعاً ببعض اقتصادات الأسواق المتقدمة والناشئة، وبصورة أعم، ازدادت المخاوف في شأن مواطن الضعف المتعلقة بالديون في عديد من البلدان، وفي الاقتصادات النامية منخفضة الدخل يلقي ارتفاع تكاليف الاقتراض بثقله على المالية العامة، إذ يعاني 39 بلداً بالفعل من ضائقة ديون أو على وشك ذلك.
ويجب على البلدان تكثيف الجهود لتطوير أطر مالية ذات مصداقية قائمة على المخاطر تقلل من قابلية التأثر بالديون بمرور الوقت وتبني الغرفة اللازمة للتعامل مع الصدمات المستقبلية، كما يمكن لأطر المالية العامة المعززة أن تجمع بين المؤسسات المعززة والقواعد المالية المعدلة، ويجب أن تتضمن الخطط المالية المتوسطة الأجل التزاماً موثوقاً بالسياسة لتحقيق القدرة على تحمل الديون، أي الإعلان عن تدابير أو إصلاحات محددة للإنفاق والإيرادات مع السماح بمرونة التكيف مع الصدمات.
أيضاً، تواجه البلدان المنخفضة الدخل تحديات خطيرة بشكل خاص، وتعد الجهود المجددة لزيادة الإيرادات أمراً بالغ الأهمية لاستعادة الاستدامة المالية، والتعامل مع أزمة تكلفة المعيشة، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وعلى رغم موجات الإصلاحات الضريبية المتعددة، لا تزال الإيرادات غير كافية، ودون المستويات التي تمكن الدولة من لعب دورها في التنمية المستدامة والشاملة، لكن التعاون الدولي أمر حاسم لمساعدة هذه البلدان على حل أعباء الديون التي لا يمكن تحملها بطريقة منظمة وفي الوقت المناسب.