Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كاميرات المراقبة بين الحفاظ على الأمن وانتهاك الخصوصية

عربياً بغداد الأكثر مراقبة وتحتوي على ما يقارب 120 ألف كاميرا وبعدها القاهرة بـ46600

 تقنية التعرف على الوجه أصبحت تستخدم لفك قفل هواتف آيفون أكس (Adobe Stock)

ملخص

أكثر من مليار #كاميرا_مراقبة مثبتة في جميع أنحاء العالم وفقا لدراسة لشركة بريطانية مختصة في خدمات #المعلومات_التكنولوجية

هل شعرت يوماً أنك مراقب؟ وكم مرة تصرفت على سجيتك في المصعد أو المقاهي أو حتى في الشارع، ومن ثم نظرت من حولك باحثاً عن كاميرات المراقبة.

في دراسة لشركة "HIS Markit" البريطانية المزودة لخدمات المعلومات التكنولوجية، صدرت في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، اعتبرت أنه منذ عام 2021، أصبح هناك أكثر من مليار كاميرا مراقبة مثبتة في جميع أنحاء العالم. ووفقاً للدراسة فإن 54 في المئة من هذه الكاميرات موجودة في الصين. وإذا أخذنا في الاعتبار أن هناك مليار كاميرا مراقبة في جميع أنحاء العالم مع حلول نهاية 2021، فذلك يعني أن الصين وحدها تنشر 540 مليون كاميرا مراقبة في مختلف مدنها، مما يعني أن هناك 372 كاميرا مراقبة لكل 1000 شخص. ووفقاً لتقرير صادر عن وزارة الأمن العام الصينية فإن الشعور بالأمن بين المواطنين ارتفع إلى 98 في المئة خلال عام 2021، وهو أعلى مستوى خلال سنوات العقد الماضي. وعربياً ووفقاً لشركة Comparitech" " للإحصاءات والأمن السيبراني، فقد كشفت عن أن العاصمة العراقية بغداد تعتبر من أكثر المدن العربية مراقبة حيث تحتوي على 120 ألف كاميرا مراقبة، وجاءت بعدها العاصمة المصرية القاهرة بـ46600 كاميرا. وفي سبتمبر (أيلول) 2022، وافق مجلس الوزراء السعودي على قرار بإلزام عدد من الجهات السعودية بتركيب كاميرات مراقبة في مبانيها. ومع ارتفاع النسبة المئوية للسكان الذين يفضلون العيش في المدن إلى أكثر من 55 في المئة، حيث من المتوقع أن تصل هذه النسبة إلى 68 في المئة بحلول عام 2050، أصبحت عديد من كبريات مدن العالم موطناً لملايين الأشخاص، مما دفع بالحكومات والشركات وحتى العائلات، إلى اعتماد عدد هائل من كاميرات المراقبة الأمنية، لدوافع عديدة أهمها الحماية من الجرائم المختلفة.

 

كاميرات المراقبة والحفاظ على الأمن

تسعى الحكومات وفي جميع أنحاء العالم نحو تحقيق هدف أساسي وهو وضبط الجريمة بالوسائل الممكنة والمشروعة. من هنا كان على الأجهزة الأمنية مواكبة تطور وسائل ارتكاب الجرائم، عبر اعتمادها بشكل مواز على التطور العلمي والتكنولوجيا في مكافحة الجرائم المنظمة. في الانفجار الذي وقع في منطقة تقسيم في إسطنبول في تركيا، 14 نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، لعبت كاميرات المراقبة دوراً أساسياً في كشف وقائع العمل الإرهابي، حيث استطاع الأمن التركي كشف منفذة الهجوم واعتقال 46 شخصاً آخرين مشتبه فيهم، في غضون ساعات معدودة، وجاء ذلك عبر فحص تسجيلات 1200 كاميرا مراقبة. وتعتبر تقنية التعرف على الوجه، إحدى ركائز صناعة المراقبة، حيث أصبحت هذه التقنية رائجة بشكل كبير في معظم دول العالم، وتقوم طريقة عملها على الاستعانة بخوارزميات متطورة مما يسمح لها بمقارنة الصور الملتقطة عبر كاميرات المراقبة في الشوارع والتجمعات والساحات العامة، ومقارنتها بقاعدة بيانات تابعة للشرطة توفر صوراً ومعلومات للأشخاص المطلوبين أمنياً. ومن خلال هذه العملية المعقدة، تمكنت الصين على سبيل المثال من كشف مجرم في قضية قتل وقعت قبل 17 عاماً. واعتمدت تلك التقنية في المطارات في الولايات المتحدة كوسيلة لتأكيد هويات المسافرين، حيث بوشر باستخدام تلك التقنية منذ عام 2017. واستخدمت هذه التقنية للتعرف على الرجل الذي قتل خمسة أشخاص في أحد مكاتب الصحف في ولاية ماريلاند، يونيو 2018. أيضاً، حددت هوية شخصين قاما بتسميم العميل الروسي المزدوج سيرغي سكريبال وابنته يوليا في المملكة المتحدة يوليو (تموز) من العام نفسه. تلك الحوادث عينات من حوادث كثيرة حول العالم، يتمكن معها الأمن من كشف الجناة. وإن دل ذلك على شيء فعلى الأهمية القصوى للكاميرات في كشف خيوط الجرائم، والحد من الجريمة وكشفها عند وقوعها وهو ما يعرف بأسلوب المراقبة بواسطة الكاميرات. من هنا يعد استخدام هذه الوسائل من قبل الأجهزة الأمنية ضرورة للتعرف على الجاني وتقديم الدليل ضده، لحفظ الأمن والنظام. يذكر أنه ومن بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2001، أثبتت أنظمة المراقبة أهميتها في الحياة العامة والمباني الحكومية. ومنذ عام 2003 عملت السلطات الأميركية على تطوير برنامج لكاميرات المراقبة للتعرف على الوجوه، وكان الغرض الأساسي منه هو استخدام تلك الكاميرات لإيجاد الأطفال المفقودين. وحالياً تستطيع الأجهزة الأمنية كما الأشخاص العاديون مشاهدة كاميرات المراقبة من أي مكان وفي أي وقت ومن أي جهاز عبر الإنترنت.

انتهاك للخصوصية وانتقادات حقوقية

على رغم أهمية تلك الكاميرات فإن هناك من يعتبرها انتهاكاً للخصوصية، حيث يكاد يكون الشخص مراقباً على مدار الساعة، كما أن تلك الكاميرات معرضة للاختراق والتجسس، بما أنها تعمل وفقاً لتطبيقات عبر الإنترنت. ومع توسع نطاق استخدام تقنية التعرف على الوجوه، يعتبر البعض أن مثل تلك المراقبة تنتهك الحقوق المكفولة دولياً في شأن الخصوصية والحرية الشخصية. وفي تقرير لصحيفة "الغارديان" البريطانية نشر في نوفمبر 2018، نقل الكاتب كريستوفر ناوس تحذير جماعات حقوقية أسترالية من نظام واسع قوي يسمح بمطابقة شبه فورية لصور وجوه المواطنين بما قد يشكل خطراً على الحق في التظاهر والمعارضة، وبحسب الكاتب فإنه يمكن لهذه التقنية التي تعرف اختصاراً باسم "القدرة"، تجميع وحفظ صور لوجوه الأفراد انطلاقاً من مصادر مختلفة في أستراليا، من بينها قاعدة بيانات رخص القيادة وجوازات السفر والتأشيرات. وعقب ذلك، يمكن مقارنة هذه البيانات البيومترية، بشكل فوري، مع مصادر أخرى مثل تسجيلات كاميرات المراقبة، من أجل التعرف على هويات المواطنين. وأوضح الكاتب أن هذا النظام الذي تشرف عليه وزارة الأمن الداخلي مصمم ليوفر للوكالات الأمنية والاستخباراتية أداة فعالة للتعرف على مرتكبي الجرائم، وسرعة كشف المتورطين في العمليات الإرهابية والمشتبه فيهم، لكن هذا النظام أثار مخاوف جدية في أوساط الأكاديميين وجماعات حقوق الإنسان وخبراء حماية الخصوصية، حيث يعمل على مسح وتحليل البيانات البيومترية الشخصية للمواطنين، بغض النظر عما إذا كانوا قد ارتكبوا جريمة أم لا. وقد حذر منتقدو هذا النظام من أنه سيتسبب في انتهاك واسع النطاق لخصوصية المواطنين، ويمكن استغلاله للقيام بعمليات التنصت الجماعية على الشعب، كما برزت مخاوف إزاء طبيعة التصاريح التي تمتلكها المؤسسات الخاصة للاطلاع على هذا النظام، في ظل النص القانوني غير الدقيق الذي يسمح باستخدام هذه التقنية لأغراض أخرى غير القضايا الإجرامية والإرهابية. وتقول ليزلي لينش نائبة رئيس مجلس الحريات المدنية في نيوساوث ويلز إحدى الولايات الأسترالية التي تعتبر أكثر الولايات اكتظاظاً سكانياً، لكاتب الصحيفة، إن قدرة هذا النظام على التعرف على الوجوه والهويات خلال وقت قصير تمثل تغييراً خطراً يمكن أن يسمح بعمليات تنصت جماعي على عموم المواطنين حتى أثناء التجمعات الشعبية الكبرى". بدورها طرحت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية تساؤلاً في مقال نشر نوفمبر الماضي، بعنوان "الكاميرات الأمنية تجعلنا نشعر بالأمان، لكن هل تستحق أن تغزو مجتمعاتنا بهذا الشكل؟"، ووفقاً للمقال، فإن مدينة سان فرانسيسكو تتجه إلى فرض قانون جديد يهدف لمساعدة الشرطة في التحقيق في الجرائم، ويمنح هذا التشريع الشرطة، الحق في طلب الوصول إلى لقطات حية لكاميرات الإنترنت المملوكة ملكية خاصة، وتنقل عن خبراء الخصوصية تحذيرهم من أنه قد يشكل سابقة خطرة. ويصف كاتب المقال كاميرا "رينغ" "Ring" من "أمازون"، على أن "لها كلفة عالية على خصوصياتنا". وتعتبر الصين من أوائل الدول التي تبنت استخدام أنظمة التعرف على الوجه في الأماكن العامة. وفي يونيو 2021 أبلغ رئيس مجلس العموم البريطاني سير ليندساي هويل الوزراء والنواب أن مكاتبهم البرلمانية خالية من كاميرات المراقبة. جاء ذلك بعد نشر إحدى الصحف البريطانية صورة وزير الصحة السابق مات هانكوك، التقطتها كاميرا في المكتب وهو يقبل مساعدته جينا كولادانجيلو، التي على ما يبدو كان يقيم علاقة معها. وأدت الفضيحة إلى استقالة وزير الصحة، ليس على خلفية العلاقة وإنما لأنه انتهك قواعد التباعد المفروضة للوقاية من انتشار فيروس كورونا. وكان التصريح الأول لوزير الصحة حينها، الذي تولى الوزارة بعد هانكوك، ساجد جاويد أن تلك الكاميرا في مكتب وزير الصحة أزيلت من مكانها. وبعد نشر صورة هانكوك ثم استقالته، مسحت المكاتب في الوزارات والإدارات الحكومية وفتشت بحثاً عن كاميرات مراقبة ربما تتسبب في انتهاك الخصوصية. وفي فبراير (شباط) 2020، وعقب قرار الشرطة البريطانية تطبيق تقنية التعرف على الوجوه، تدريجاً في عدد من الأماكن في العاصمة لندن، باعتبارها المدينة الأكثر كثافة من حيث السكان. أعلنت منظمة "بيغ براذر ووتش" في حديث إعلامي، أنها تتابع عن كثب استعمال الشرطة هذه التقنية في أماكن متعددة من العاصمة لندن، مؤكدة أنه خلال مناسبتين من استعمال هذه الكاميرات تم تسجيل نسبة فشل بلغت 100 في المئة، وأدت بالخطأ إلى إيقاف شاب أسود ظهر في ما بعد أنه لا علاقة له بالشخص المطلوب. ووصفت المنظمة البريطانية تقنية التعرف على الوجوه بأنها "تضييع صادم لوقت ومال الشرطة واعتداء سافر على حرياتنا المدنية"، وعبرت عن خيبة أملها من موقف عمدة المدينة صادق خان الذي منح الضوء الأخضر لاعتماد هذه الكاميرات. ومقابل الأرقام المطمئنة التي قدمتها الشرطة البريطانية لإظهار نجاعة التقنية الجديدة حينها، ظهرت دراسة أجراها البروفيسور بيت فوسي في جامعة "ساسكس" أن نسبة نجاح الكاميرات في التعرف على المشتبه فيهم بلغت 19 في المئة فقط، وخلال الفترة الممتدة بين 2016 و2018 من اختبار هذه تقنية التعرف على الوجوه بلغت نسبة فشله 96 في المئة، ومكن من اعتقال ثمانية مطلوبين فقط على امتداد سنتين. وأكد في ذلك الوقت عمدة لندن صادق خان، أنه سيحرص على أن يتم استعمال هذه التقنية بما يتماشى مع المعايير الأخلاقية والقانونية، مشدداً على أنه لن يسمح بزرع كاميرات ترقب وجوه المطلوبين للعدالة في كل شارع من شوارع لندن، مما قد يقيد حرية المواطنين في الحركة. ووعد بإخضاع هذه التقنية للتقييم المستمر، للتأكد من عدم انتهاكها حقوق الإنسان أو الشفافية في الحفاظ على المعطيات الشخصية للمواطنين وصورهم بعيداً من أي استغلال غير الحفاظ على الأمن، مبرراً قراره بالموافقة على اعتماد هذه التقنية بالرغبة في الحفاظ على أمن سكان مدينة لندن.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الاتحاد الأوروبي يعزز استخدام التكنولوجيا لمراقبة الهجرة

وفقاً لبحث نشرته المجلة الاستقصائية، "Altreconomia"، أنه في فبراير 2022، أعلنت الحكومة الفرنسية أنها ستضع كاميرات إضافية على طول ساحل قناة القنال الإنجليزي للمساعدة في مراقبة المهاجرين الذين يأملون العبور باتجاه المملكة المتحدة، حيث تدفع الحكومة البريطانية ثمن الكاميرات والتجهيزات. وفي ديسمبر (كانون الأول) 2021، سلمت البحرية الإيطالية شحنة جديدة من الحاويات إضافة إلى معدات مراقبة لليبيا، من أجل مراقبة الهجرة عبر البحر الأبيض المتوسط. وتحدثت المجلة عن تكثيف استعمال التكنولوجيا الرقمية ومعدات المراقبة في جميع أنحاء طريق البلقان. وذكرت المجلة أنه تم وضع "مصائد كاميرات" مثل أجهزة مراقبة السرعة للسيارات والأشخاص بالقرب من الحدود بين إيطاليا وسلوفينيا. وخلال يوليو 2021، نشرت منظمة الخصوصية الدولية التي تتخذ من لندن مقراً لها تقريراً حول قيام عدد كبير من الشركات "باستعمال أقمار صناعية قادرة على التعقب" وبيع بياناتها إلى وكالات الحدود. وخلصت منظمة الخصوصية الدولية إلى أنه على رغم أن "مثل هذه المراقبة يمكن أن تنقذ الأرواح، فإنها قد تسهل أيضاً عمليات ’الصد’ أو قد تستخدم لمقاضاة طالبي اللجوء". في السياق نفسه، تواجه فرنسا صعوبات تنظيمية خلال تحضيراتها للألعاب الأولمبية والبارالمبية "باريس 2024"، إذ حذر بعض البرلمانيين من عجز في توفير الحماية للشخصيات الشهيرة التي ستحل في البلاد. ونشر موقع راديو "آر أم سي سبورت" الفرنسي، مارس (آذار) الماضي تقريراً أعده أعضاء البرلمان يحذر من النقص الفادح في نظام الحماية خلال البطولة التي يترقبها المتابعون بشغف، ونقص في عدد الأمنيين المكلفين بمرافقة المشاهير طيلة الحدث. وتتطلب منافسة مماثلة، وفقاً للجنة المنظمة، فريقاً أمنياً يتراوح عدده بين 22 و33 ألف رجل أمن، لكن المؤسسات المتعاقدة لتأمين أولمبياد باريس تكتفي لحد الساعة بعدد ضئيل لا يتجاوز 4500 رجل أمن. ومن المرتقب أن توافق الحكومة الفرنسية على إدماج بعض رجال الشرطة وأمنيين من مختلف الأسلاك لتعويض الخلل الفادح وتأمين سلامة الضيوف العالميين، وهو ما قد يتسبب في غياب التوازن الأمني بفرنسا طيلة فترة المنافسات. ويعود سبب نقص التنظيم الأمني لقيمة المصاريف الكبيرة التي يجب توفيرها لتأمين حدث عالمي مماثل، وهذا ما يؤرق اللجنة المنظمة ويقلق اللجنة الأولمبية في ظل المشكلات الاقتصادية التي تعانيها فرنسا متأثرة بالحرب الروسية- الأوكرانية، وذلك نقلاً عن وكالات ووسائل إعلام عالمية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير