Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رمضان السوريين بين الغلاء والزلزال

تشهد السوق توافر مختلف المنتجات لكن حركة البيع والشراء لا توازي كمية المعروضات

 الخضراوات من أهم المنتجات التي لا تزال تحتفظ بأسعارها منذ السنة الماضية بدرجة متفاوتة (مواقع التواصل)

ملخص

كيف أتى #رمضان هذا العام على #السوريين في ظل #الزلزال؟ وما الذي تغير من العام الماضي إلى اليوم؟ وهل انخفضت الأسعار أم زادت الأحمال والأعباء؟

يبدو أن سنوات الحرب الـ 10 التي عاشها السوريون كانت أرحم اقتصادياً، فالتضخم الذي تخطى حد 220 في المئة يزداد يومياً منذ توقفت أصوات المعارك وخبا ضجيجها، إذ لا تلبث أن تنتهي سنة وتبدأ أخرى وهي تحمل معها أعباء اقتصادية تصل ذروتها في شهر رمضان، إذ تضطر العائلات إلى شراء بعض الحاجات التي كانت تغض عنها البصر خلال الأيام العادية، فالصائم يحتاج إلى نوع طعام يسد رمقه ويبقي جسده في حال متوازنة خلال ساعات الصيام، فما الذي تغير من رمضان الماضي إلى اليوم؟ وهل أصبح بإمكان المواطنين شراء حاجاتهم أم ازداد الوضع سوءاً؟

رمضان بين الزلزال والاحتكار

حل رمضان هذا العام وكثير من السوريين قد ناءت بهم الأحمال، فمن الحرب وسفك الدماء والتهجير إلى الأزمات الاقتصادية الخانقة المتتالية، وصولاً إلى الزلزال الذي ترك عدد كبيراً منهم مشردين لا مأوى لهم ولا عمل، وما زاد الطين بلة أنه على رغم كمية المساعدات التي وصلت إلى سوريا إلا أن عدداً كبيراً من السوريين لم يحصلوا على ما يقيهم البرد والجوع أو يخفف عنهم لحظات الخوف التي لا يزالون يعيشونها إلى اليوم، إضافة إلى بقاء بعضهم في بيوتهم الآيلة إلى السقوط في أية لحظة، فعلى رغم قرارات الإخلاء إلا أن بعضهم آثر البقاء فيها لعدم وجود بديل لهم في ظل أوضاع اقتصادية متردية.

وفي حال من التناقض تشهد السوق السورية توافر مختلف المنتجات وبكثرة، فكل شيء متوافر لكن حركة البيع والشراء لا توازي كمية المعروضات، ويعزو كثير هذا الوضع إلى احتكار التجار البضاعة وطرحها في السوق بالسعر الذي يناسبهم، مما شكل حال استياء أخرى تضاف إلى سابقاتها.

الخضراوات شبه ثابتة

واعتاد السوريون بداية شهر رمضان قصد السوق قبل أيام والتبضع لأيام عدة، كنوع من الشعور بالبحبوحة وتأمين المستلزمات، لكن ما كان عادة قبل سنوات تحول إلى غاية صعبة الإدراك، فأسعار المواد وبخاصة الغذائية في ارتفاع مستمر، ليس من سنة لأخرى بل من يوم لآخر.

وبالعودة لأجواء رمضان الماضي فقد كان المواطنون يشتكون من ارتفاع الأسعار المفاجئ عن السنوات التي سبقتها، فمع دخول سنة 2022 ضربت الأسعار الحدود القصوى وآذنت بتضخم لم يسبق أن عاشته هذه البلاد، فكل شيء تضاعف سعره ثلاث أو أربع مرات، ومع دخول سنة 2023 ارتفعت الأسعار بنسبة 45 في المئة، ولا يزال الأمر مستمراً خلال الأيام الأولى لشهر رمضان، إذ يتوقع بعض الخبراء الاقتصاديين تراجع حدتها بعد مضي الأسبوع الأول.

ومن أهم المنتجات التي لا تزال تحتفظ بأسعارها من السنة الماضية بدرجة متفاوتة الخضراوات، إذ تسجل أسعاراً متقاربة مع بعض الاختلاف الذي يلحقها جراء ارتفاع أجور النقل والعاملين وكلفة زراعتها، والفرق الواضح كان في الخضراوات الورقية مثل الخس مثلاً الذي ارتفع هذه السنة ثلاثة أضعاف ما كان عليه سابقاً.

 

 

السُفرة في سوريا

أما أسعار المواد الغذائية مثل الحبوب والبقوليات التي تعتبر ركيزة أساساً على السفرة السورية، فقد ارتفعت أسعارها بشكل واضح وبطريقة جعلت شراءها واستهلاكها صعباً بالنسبة إلى عدد كبير من المواطنين، إذ ارتفع سعر كيلو الرز المصري من 3500 ليرة العام الفائت إلى 7500 ليرة هذا العام، وقد كان العام الماضي يعادل دولاراً واحداً واليوم لا يزال السعر نفسه تقريباً، إذ إن الدولار الواحد يعادل حوالى 7500 ليرة سورية.

وقفز سعر كيلوغرام البرغل الذي يعتبر وجوده من ركائز مائدة الطعام في سوريا من 2500 ليرة العام الماضي إلى 6 آلاف ليرة سورية اليوم، أما المفاجأة فكانت بأسعار البقوليات التي ارتفعت ورفعت معها الأكلات الشعبية، فقد قفز سعر كيلوغرام العدس من 5 آلاف ليرة سورية إلى 15 ألف ليرة هذا العام بما يعادل دولارين، وكذلك الحمص والفول، ويقول أحمد وهو أحد أصحاب المطاعم الشعبية "طبق التسقية المكون من الحمص والطحينة والليمون واللبن والمعد لخمسة أشخاص أصبح يكلف اليوم 25 ألف ليرة، أي ما يعادل ثلاثة دولارات ونصف الدولار، هذا من دون المخللات والبصل الذي أصبح الحصول عليه صعباً ومكلفاً".

وقالت سلمى وهي ربة منزل إنه "إذا أردت إعداد وجبة المقلوبة على الإفطار فإنني أحتاج إلى كيلوغرام واحد من الرز وثلاثة كيلوغرامات من الباذنجان وقارورة زيت قلي، وأهم ما في هذه الوجبة هو الدجاج واللحمة وقد اخترت الدجاج، وأنا أعد طبقاً لخمسة أشخاص من دون أن أحسب سعر اللبن ومستلزمات السلطة والشوربة التي تعد طبقاً أساساً في رمضان".

وتابعت سلمى، "لقد أصبحت هذه الوجبة تكلفني تقريباً 80 ألف ليرة سورية، ما يعادل تسعة دولارات، وراتب زوجي بمجموعه لا يتجاوز 200 ألف ليرة سورية (27 دولاراً)، لذلك نحن نعيش فارقاً حاداً بين الأسعار ودخل الفرد، وهذا ما يدفعنا لنعيش كل يوم بيومه".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

اللحامون ينتظرون زبوناً

وهناك لدى أهل الشام عادة تسمى "تبييض السفرة" في أول أيام رمضان، أي يصنعون طعامهم بلبن كأطباق "الشاكرية والرز" أو "الشيش برك" أو "الكبة بلبنية"، ومنهم من يصنعون الكوسة المحشية باللحم والرز باللبن، ومنهم من يحشي الكوسى فقط باللحم والبصل باللبن وتسمى الوجبة "أبلمة".

والملاحظ أن معظم هذه الأكلات يحتاج إلى مكون أساس وهو اللحمة الحمراء التي قفزت أسعارها بشكل أدى إلى تراجع الإقبال على شرائها، إذ قد يصل سعرها إلى 100 ألف ليرة سورية في بعض الأماكن أي ما يعادل 15 دولاراً، بينما كان في السنة الماضية نصف هذا السعر.

ويشتكي الجزارون من تراجع عملهم نتيجة ارتفاع الأسعار، وقال خالد، وهو أحد الجزارين، "إن الوضع مترد جداً مع عدم وجود حركة في السوق، فأنا كلحام اشتريت اليوم كيلوغرام لحم الغنم من دون تنظيفه وتقطيعه بـ 63 ألف ليرة سورية، أي ما يعادل ستة دولارات، وحركة البيع تضاءلت إلى أكثر من النصف".

وتابع، "الناس في حال اشتروا فشراؤهم يقتصر على كمية أقل من 200 غرام، ونحن لا نستطيع أن نردهم خائبين فهذه حال الجميع في ظل الغلاء الفاحش".

ويعزو بعضهم ارتفاع هذه الأسعار إلى عدم توافر رؤوس الماشية، إذ تصدر إلى الدول العربية بخاصة دول الخليج.

نصيحة ومحاولة مساعدة

وإزاء ارتفاع أسعار المواد الغذائية على اختلافها فقد جعل بعض المواطنين يتجهون لشراء مواد غذائية زهيدة الثمن من دون معرفة مصدرها أو حتى صلاحياتها، وهذا ما حذر منه القائمون على جمعية حماية المستهلك، إذ عزوا حالات الغش التي تحصل إلى محاولة التجار طرح مواد مخزنة يريدون التخلص منها بأسعار تعتبر مناسبة لنسبة جيدة من المواطنين، ولكنها تعتبر خطراً على صحتهم.

ووجهت الجمعية نصيحة للمواطنين بالابتعاد من كل ما هو جاهز للاستخدام، لأنه لا يمكن ضمان وجود بضائع جيدة أو مواد غذائية مصنعة بشكل صحي في الأسواق بسبب غلاء الأسعار التي تدفع المصنعين لاستبدال المواد بأخرى غير صالحة للاستهلاك أحياناً، كما يقوم بعضهم بتغيير تاريخ الإنتاج على العبوات، وهذا الغش لا يستطيع المواطن العادي كشفه وإنما تتم معرفته من خلال دوريات التموين، لكن يفترض بأي مادة أن تكون مغلفة وتحتوي على تاريخ الإنتاج والصلاحية ويجب الابتعاد من المعلبات ذات العبوة المنتفخة.

وكمحاولة لمساعدة العائلات قامت المؤسسة العامة السورية للتجارة (مؤسسة عامة) بطرح ما عرف بالسلة الغذائية في مختلف فروعها وصالاتها المنتشرة في البلاد بسعر أقل مما هو معروض في السوق، وتتضمن هذه السلة بعض الحبوب والزيت والشاي وغيرها من المواد الغذائية، وبحسب المؤسسة فقد بيعت خلال أول يوم من رمضان 800 سلة.

المزيد من تقارير