Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ثمن انتخاب رئيس جديد للحكومة الانتقالية في إقليم تيغراي

دعم أميركي ومطالبة داخلية أوصلا غيتاشو بعد خلافات بين قادة الجبهة إثر توقيع اتفاق السلام مع أديس أبابا

غيتاشو رضا لدى مشاركته في مؤتمر للحل في إقليم تيغراي، في 2 نوفمبر 2022 في بريتوريا (أ ف ب)

ملخص

يعد غيتاشو من الشخصيات البراغماتية في جبهة #التيغراي ، فهو مدني ولم يكن مقاتلاً في صفوف الجبهة أثناء #الكفاح_المسلح

بإعلان المكتب المركزي للجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، ترشيحه اسم غيتاشو رضا، رئيس الوفد المفاوض المتحدث السابق باسم الحكومة الإقليمية، كرئيس للحكومة الانتقالية في إقليم تيغراي، تكون الجبهة حسمت الجدل حول استمرار الرئيس المنتخب للإقليم والجبهة دبرصيون جبر ميكائيل، إلا أن اتفاق السلام الذي أنهى حرباً استمرت لعامين في الإقليم، اشترط تشكيل حكومة موقتة تشارك فيها القوى السياسية الناشطة كافة في الإقليم، وتحظى بمصادقة وتأييد المركز في العاصمة أديس أبابا، مما يعني أن الاتفاق يقضي على شرعية الانتخابات البرلمانية التي نظمت بشكل أحادي في الإقليم ومن دون العودة إلى الحكومة الفيدرالية. وهي الانتخابات التي كانت قد جددت الثقة في دبرصيون، كرئيس للإقليم قبل أن تخوض إدارته حرباً ضروس مع حكومة المركز (برئاسة آبي أحمد)، على خلفية تصاعد الخلافات وتجميد أديس أبابا الموازنة المخصصة للإقليم، الأمر الذي دفع حكومة مقلي (عاصمة تيغراي) إلى محاولة السيطرة على أحد أهم الوحدات العسكرية في البلاد، مما جر البلاد إلى حرب أهلية دامية.

شروط المنتصر تعزل دبرصيون 

على رغم الشعبية التي تمتع بها المقاتل السابق في "جبهة تحرير تيغراي" دبرصيون جبر ميكائيل، خلال فترة المواجهة السياسية بين الجبهة وإدارة آبي أحمد (2018-2020)، ثم المواجهة العسكرية التي استمرت لعامين، إلا أن خسارة الحرب واضطرار الجبهة لتوقيع "اتفاق برتوريا للسلام"، الذي تصفه بعض القوى السياسية التيغراوية بـ"وثيقة الاستسلام" قد وضع مستقبل الجبهة وزعيمها في مأزق سياسي، لا سيما وأن الأخير ظل يعد مؤيديه "بتحقيق النصر" في مواجهة وصفها بـ"المعركة المصيرية للشعب التيغراوي" من أجل إنفاذ "حق التيغراويين في تقرير مصيرهم". 

ولا شك في أن حسم الحرب لصالح الجيش النظامي الإثيوبي وحلفائه، قد وضع الجبهة وحلفاءها أمام "شروط المنتصر"، ولعل أهمها سحب الاعتراف من الحكومة القائمة في الإقليم، فضلاً عن بند تسليم العتاد العسكري، وإعادة دمج مقاتلي الجبهة في الجيش النظامي، إضافة إلى اشتراط حصول الحكومة الانتقالية المزمع تشكيلها لإدارة الإقليم على موافقة أديس أبابا. 

اللعب في الوقت الضائع

وخلال الأشهر الخمسة التي أعقبت توقيع الاتفاق، سعت الجبهة إلى محاولة "اللعب في الوقت الضائع"، لإعادة بناء الثقة سواء مع المركز أو مع شعبها، بما يتناسب واستعادة نفوذها السابق كأحد أقوى الأحزاب السياسية المؤثرة في الإقليم، حيث دعت - وفقاً لبنود اتفاق السلام - إلى تشكيل مجلس تأسيسي، تشارك فيه القوى السياسية كافة، بغرض انتخاب الحكومة الموقتة، من دون التخلي عن رغبتها في السيطرة على النصيب الأكبر من كعكة السلطة، مما دفع القوى المعارضة إلى الانسحاب من المجلس، والدعوة إلى مقاطعته، إلا أن الجبهة مضت في طريقها بانتخاب هيئة مصغرة يترأسها دبرصيون وعدد من العسكريين لتشكيل الحكومة الانتقالية. وأثارت الخطوة كثيراً من الشكوك والجدل، في الأوساط السياسية التيغراوية، مما دفع برئيس الوفد المفاوض غيتاشو رضا المقصى من الهيئة إلى انتقاد الخطوة، والإعلان أن تشكيل الحكومة الموقتة سيتطلب موافقة رئيس الوزراء آبي أحمد وفقاً للاتفاق، مما مثل أول ظهور للخلافات بين قادة تيغراي بعد توقيع الاتفاق. ورجح المراقبون أن يكون غيتاشو رضا قد تلقى الضوء الأخضر من أديس ابابا ورعاة السلام الدوليين، للظهور كقائد جديد للمرحلة المقبلة.

لقاء بلينكن في القصر 

ولعل أهم مؤشرات الوضع الجديد تمثلت في زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أديس أبابا، إذ التقى وفداً تيغراوياً بقيادة غيتاشو رضا، في القصر الجمهوري بالعاصمة الإثيوبية، وهي الإشارة التي أنهت الجدل حول تأييد واشنطن للزعيم الجديد، الذي حصل لاحقاً على موافقة روتينية من قبل المكتب المركزي للجبهة كرئيس للمرحلة الانتقالية بعد أقل من أسبوع من لقائه بلينكن.

ورجح الناشط التيغراوي محاري سلمون، "أن تأييد واشنطن لغيتاشو لم يكن وليد هذه اللحظة، بل إنه بدأ منذ فترة الحرب". وأضاف أن "رضا ظل يؤكد في تصريحاته كافة أثناء المواجهات العسكرية على الدور المحوري لواشنطن في إنهاء الأزمة القائمة". وأشار سلمون إلى حوار سابق لغيتاشو رضا، في وسائل الإعلام المحلية أكد فيه "أن واشنطن وحدها من تملك مفاتيح الحل، بما في ذلك إنهاء الحرب، ومستقبل إدارة آبي أحمد".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واعتبر المتحدث ذاته أن "واشنطن ظلت ترى ضرورة رحيل بعض الرموز المتسببة في الحرب"، مضيفاً أنه "على رغم أن غيتاشو أيضاً يعد من رموز هذه الحرب، إلا أنه ظل يحافظ على مساحة مواربة للسلام، كما أنه ظل المنسق الرئيس للعلاقات بين الجبهة والولايات المتحدة". وزاد أن "غيتاشو يعد من الشخصيات البراغماتية في الجبهة، فهو شخصية مدنية، لم يكن مقاتلاً في صفوف الجبهة أثناء الكفاح المسلح، مثلما هو حال دبرصيون ومعظم قيادات الحزب، بل انضم إلى الجبهة بعد وصولها إلى السلطة في أديس أبابا". كما تسمح له ثقافته العالية ودراسته للقانون بجامعة ألاباما في الولايات المتحدة، الفرصة لتفهم المطالب الأميركية، والتعاطي مع مصالحها ببراغماتية واضحة. وختم سلمون بالقول إنه "على رغم ذلك، لا ينبغي حصر الاختيار بإرادة الولايات المتحدة ودورها، فهناك أيضاً تأييد شبابي واسع في الإقليم لصالح غيتاشو، الذي يعد الأكثر تفاعلاً مع الشباب عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وقدرته على نقد تجربة الجبهة نفسها". 

القاسم المشترك بين التيغراي والامهرا 

من جهته رأى الباحث السياسي إبراهيم إدريس أن "غيتاشو رضا يعتبر من قيادات الصف التاني للجبهة، مما جعله في منأى عن إرث التناقضات التاريخية التي حدثت داخل هذا التنظيم المسلح". وأضاف "إنه يتمتع بحزمة من المرونة والقدرة على التعامل مع الواقع الجديد". ويدلل على ذلك بعدد من الأمثلة من بينها أنه "من قيادات تيار الإصلاح العميق الذي برز داخل الجبهة بعد رحيل الزعيم التاريخي ملس زيناوي، إذ قدم هذا التيار رؤى نقدية عميقة لتجربة الحزب في السلطة". كما مثل غيتاشو "الصوت الأكثر بروزاً في نقد أخطاء الجبهة، لا سيما في الاجتماعات التي تعقدها الجبهة لمنسوبيها في الخارج"، حيث بدا معارضاً للمسار أكثر من كونه أحد قياداته.

وتابع إدريس أن "الخلفية الأكاديمية وكذلك الخلفية الاجتماعية لرضا، تؤهله للعب أدوار مهمة في المرحلة المقبلة، لا سيما وأنه ينحدر من بلدة آلاماطة بمنطقة راية، بمحاذاة الحدود مع إقليم الأمهرا، مما يجعله كرتاً رابحاً في معالجة الأزمة القائمة بين الإقليمين والقوميتين، لا سيما وأنه يتمتع بعلاقات واسعة مع النخب الأمهراوية، بحكم دراسته هناك واحتكاكه مع القوى السياسية والفكرية الأمهراوية". 

الصقور والحمائم 

واستطرد إدريس "دبرصيون أيضاً يعد من قيادات الصف الثاني للجبهة، ولعب أدواراً مهمة في محاولة إصلاح البيت الداخلي للتنظيم، إلا أن بروز الأزمة السياسية في عام 2018 وخروج الجبهة من السلطة قد دفعه إلى التحالف مع الحرس القديم، والارتهان للرؤى التي يحملها تيار الصقور داخل التنظيم بقيادة جبري هيوت، وما نتج منها من مواقف وصولاً إلى الحرب التي اشتعلت في نوفمبر 2020".

ورجح إدريس أن "يكون الدور الخارجي، تحديداً دور الولايات المتحدة، ثانوياً أمام المطالب الداخلية التي تحمل دبرصيون مسؤولية اندلاع الحرب وكذلك مسؤولية خسارتها"، مضيفاً أنه "لا يمكن نفي الدور الأميركي لكن في تصوري يظل عاملاً مساعداً، وليس العامل الأوحد لتبوؤ غيتاشو منصب الرئيس في الحكومة الانتقالية التيغراوية، فهناك عوامل داخلية أكثر أهمية".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات