Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الدراما الإذاعية في تونس تقاوم الفناء

بدأت في عام 1938 وازدهرت في 1952 وأغلب عناصرها سيحالون قريباً على التقاعد من دون تجهيز كوادر بديلة

مجموعة من الممثلات في استوديو 7 بالإذاعة التونسية أثناء تسجيل مسلسل "رمضان صيافي" (اندبندنت عربية)

ملخص

لدى #تونس رصيد ضخم من الإنتاج الدرامي في #الإذاعة يتجاوز 20 ألف عمل بين #مسرحيات و #مسلسلات

استحوذت الدراما الإذاعية خلال بدايات القرن الماضي على اهتمام التونسيين، وجذبت إليها آلاف المتابعين، إذ استقطبت الإذاعة التي بدأت في عام 1938 نخبة مثقفة صنعت "ربيع الراديو"، في وقت لم يكن فيه التلفزيون قد ظهر بعد، حيث بدأ في ستينيات القرن الماضي (1966).

وعالجت الدراما الإذاعية قضايا اجتماعية شغلت بال التونسيين، وكانت وسيلة الترفيه الأكثر انتشاراً، إذ سطعت أسماء عديدة من الممثلين قبل أن ينتقلوا إلى التلفزيون. أما اليوم وفي خضم الإغراءات البصرية وتنوع المنصات الإلكترونية وتعدد القنوات التلفزيونية فهل تحتفظ الدراما الإذاعية ببريقها؟ وما مستقبلها؟

يقتصر الإنتاج الدرامي الإذاعي في تونس على مؤسسة الإذاعة التونسية، باعتبارها المؤسسة الإعلامية الوحيدة التي تملك فرقة للتمثيل وأخرى للموسيقى، بينما لا تبدي الإذاعات الخاصة اهتماماً للدراما الإذاعية لكلفتها، من حيث الاستوديوهات والميزانية.

وعلى رغم تقلص عدد الممثلين والموسيقيين في هاتين الفرقتين، فإن مؤسسة الإذاعة التونسية حريصة على الاستمرار في إنتاج المسلسلات الإذاعية التي توثق التراث اللامادي، حيث أنتجت مئات المسلسلات التاريخية والاجتماعية، لعل أبرزها "أبو الحسن الشاذلي"، الذي يروي قصة أحد أشهر أعلام الصوفية الذين عرفتهم تونس في القرن الـ13 ميلادياً.

كما أنتجت الإذاعة التونسية مسلسل "الدغباجي، حنين الجبال" وهو ملحمة تاريخية من أحداث ثورة الجنوب عام 1915، ويوثق المسلسل مقاومة المناضل التونسي محمد الدغباجي في مدينة "الحامة" التابعة لمحافظة قابس (جنوب) للاستعمار الفرنسي، متشبثاً براية المقاومة إلى حين القبض عليه وإعدامه في عام 1924.

وفي المجال الاجتماعي سلطت الدراما الإذاعية التونسية الضوء على قصص العشق من شمال تونس إلى جنوبها من خلال عديد المسلسلات كـ"الخطايا" ويهتم بقصص الحب بين البدو الرحل الذين يتنقلون من منطقة إلى أخرى بحثاً عن الكلأ لإبلهم ومواشيهم، كما يروي مسلسل "ريح الشهيلي" حياة أهل الجنوب التونسي، وتاريخ المقاومة التونسية الجزائرية للاستعمار الفرنسي.

بدايات القرن 19

يقول الممثل والمخرج الإذاعي محمد علي بالحارث لـ"اندبندنت عربية"، إن "الدراما الإذاعية في تونس بدأت في عام 1938، عندما كان أفراد العائلة يتحلقون حول (المذياع) لمتابعة الأخبار وللترفيه في غياب التلفزيون".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويضيف أن "الدراما وقتها كانت تعتمد النصوص بالعربية في مواضيع مختلفة، ويجسدها الممثلون في غياب المحسنات والمؤثرات الصوتية، من خلال تطويع الصوت وتغيير النبرات بحسب السياق، ثم لاحقاً تطورت الدراما الإذاعية، وتكونت النواة الأولى لفرقة الإذاعة للتمثيل قبل الاستقلال مع حمادي الجزيري، الذي كان مسؤولاً في فرقة بلدية تونس المسرحية، واختار مجموعة من الممثلين والممثلات، منهم عبدالعزيز العرفاوي والزهرة فائزة ودلندة عبدو ومحمد بن علي، وبدأت وقتها الدراما الإذاعية تنفتح على المؤثرات والموسيقى".

وتابع بالحارث "في عام 1952 ازدهرت الدراما بالتحاق مجموعة كبيرة من الممثلين المبدعين بفرقة الإذاعة، على غرار حسن الخلصي ومحمد بن علي والحبيب بالحارث وعز الدين بريكة والمختار حشيشة وجميلة العرابي، وغيرهم وهي أسماء بقيت راسخة في الذاكرة إلى اليوم".

آلاف الأعمال

لم يكن عمل فرقة الإذاعة للتمثيل مقتصراً على الإنتاج للإذاعة فحسب، بل كانت تنتج مسرحيات تنافس فرقة بلدية تونس، وكان العمل يومياً والإقبال كبيراً من التونسيين على إنتاج فرقة الإذاعة.

ويؤكد محمد علي بالحارث أن "الدراما الإذاعية كانت إلى حدود السبعينيات تحتكر حيزاً كبيراً من البرمجة اليومية في الإذاعة، عكس ما هو معمول به اليوم حين يتم برمجة الدراما فقط خلال شهر رمضان".

ويرى بالحارث أن "الإقبال لم يتراجع على الأعمال الدرامية الإذاعية"، لافتاً إلى أن "الرصيد ضخم من الإنتاج الدرامي في الإذاعة إذ يتجاوز 20 ألف عمل بين مسرحيات ومسلسلات"، داعياً إلى "استثمار هذا الرصيد بالشكل المطلوب".

بحسرة تحدث إلينا الممثل والمخرج الإذاعي علي بن سالم عن ماضي فرقة الدراما في الإذاعة التونسية، قائلاً "كانت كخلية نحل لأنها تنتج بشكل يومي المسلسلات الإذاعية والفقرات الخاصة في الشبكات البرامجية اليومية للإذاعة"، لكنه توقع اندثار مصلحة الدراما بحلول عام 2027، لأن أغلب عناصرها من الممثلين والمخرجين سيحالون قريباً على التقاعد من دون تجهيز كوادر بديلة.

وأضاف بن سالم أن "الإذاعة تبقى الرفيق الأقرب إلى وجدان التونسيين، على رغم وجود وسائل التواصل الاجتماعي، وتعدد القنوات التلفزيونية فإن للإذاعة سحراً خاصاً".

مواكبة العصر

في المقابل، يعتقد الصحافي المتخصص في النقد الثقافي، كمال الشيحاوي، أن "الدراما الإذاعية مدعوة إلى مواكبة التحولات المجتمعية، لأن المتلقي اليوم ليس نفسه في القرن الماضي، ومن الطبيعي أن تتطور الدراما من أجل أن تتموقع جيداً في المشهد الجديد".

ويعتبر الشيحاوي أن "المحامل الرقمية الجديدة والمنصات الاجتماعية تمثل أفقاً رحباً للدراما الإذاعية من أجل الترويج للأعمال ذات القيمة التاريخية والاجتماعية بشكل جديد ومختصر حتى تكون لها مقبولية عند الأجيال الجديدة".

وخلص إلى أن "ما يحدد مستقبل الدراما الإذاعية هو مدى جودتها وحبكتها الدرامية ومدى قدرتها على التموقع في المحامل الرقمية الجديدة".

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة