Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تحتضن "قمة الرياض" الحل بعد تمسك باريس بصيغة المقايضة في لبنان؟

الرئيس إيمانويل ماكرون والأمير محمد بن سلمان عبرا عن قلق مشترك حيال الوضع وكررا عزمهما على العمل معاً لإخراج لبنان من أزمته العميقة

لا تزال كرسي الرئاسة اللبنانية شاغرة منذ 31 أكتوبر 2022 (أ ف ب)

ملخص

لا يبدو أن الدول المعنية المتابعة لأزمة #لبنان تطرح صيغة بديلة، وتكتفي بالإلحاح على #الفرقاء_اللبنانيين الإسراع في #انتخاب_الرئيس

باستثناء الأفكار التي عرضتها فرنسا في 6 فبراير (شباط) الماضي في الاجتماع الخماسي الذي ضم إليها ممثلين عن الولايات المتحدة الأميركية والسعودية ومصر وقطر، في باريس، ثم في الاجتماع الثنائي مع الجانب السعودي في 16 مارس (آذار) لإخراج لبنان من مأزق الفراغ الرئاسي، لا يبدو أن الدول المعنية المتابعة لأزمة لبنان تطرح صيغة بديلة، وتكتفي بالإلحاح على الفرقاء اللبنانيين الإسراع في انتخاب الرئيس.

فالصيغة الفرنسية التي تتضمن معادلة انتخاب رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية رئيساً، مقابل تولي القاضي في محكمة العدل الدولية، السفير السابق نواف سلام رئاسة الحكومة، لم تلق قبولاً كما بات معروفاً، لدى القوى السياسية اللبنانية المعارضة لـ"حزب الله" " وحلفائه، وسط شبه إجماع الأحزاب المسيحية على رفضها، نظراً إلى التحالف الوثيق لفرنجية مع "الحزب".

في مقابل انسداد أفق أي تسوية يأمل بعض الأوساط السياسية أن يكون مطلع شهر رمضان المبارك فاتحة اتصالات تستمر بعيداً من الأضواء عربياً ودولياً حول الأزمة اللبنانية، لإحداث اختراق سريع من أجل تدارك مزيد من التدهور جراء شلل المؤسسات الدستورية بفعل الشغور الرئاسي. ومن المرجح أن يتحرك مصدر نيابي مع الفرقاء جميع لمحاولة إيجاد جوامع مشتركة بين الكتل النيابية للاتفاق على مرشح رئاسي يحظى بتوافق الأكثرية في البرلمان وأن يكون المأزق اللبناني على جدول أعمال القمة العربية التي تنعقد في الرياض في 19 مايو (أيار) المقبل.

اتصال ماكرون بولي العهد السعودي

فضلاً عما تسرب من معطيات بأن الجانب السعودي فضل عدم التورط في اقتراح أسماء للرئاسة، معتبراً الأمر شأن الفرقاء اللبنانيين ليتحملوا مسؤولية خياراتهم، وأن ما يهم الرياض هو رئيس يلتزم الإصلاح، وغير فاسد، يلتزم تحييد لبنان عن صراعات المنطقة، فإن ما فهمه أكثر من سياسي لبناني عن الموقف السعودي من المرشحين للرئاسة أن الرياض تربط أي مساعدات تقدمها للنهوض من الوضع الاقتصادي المزري، بالمواصفات التي تكررها، وبهوية الرئيس لجهة حرصه على تجنب اعتماد لبنان منصة للنشاطات المعادية لها ولدول الخليج.

ومع غياب أي معطيات عن أي اقتراحات أو صيغ لإنهاء الفراغ الرئاسي، تستمر التحركات والاتصالات في شأن أزمة لبنان في ضوء التباين بين فرنسا وبعض الدول المعنية حول الصيغة التي طرحتها.

أبرز التحركات التي تناولت الأزمة اللبنانية الاتصال الذي أجراه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والذي أعلنت عنه وكالة الأنباء السعودية، صباح الإثنين 27 مارس. وأوضحت الوكالة أنه تخلل الاتصال "استعراض العلاقات الثنائية وأوجه التعاون المشترك بين السعودية وفرنسا، إلى جانب بحث أبرز القضايا والمستجدات الإقليمية والدولية والجهود المبذولة تجاهها لتعزيز الأمن والاستقرار، كما جرى خلال الاتصال تبادل وجهات النظر حول عدد من المسائل ذات الاهتمام المشترك".

أما قصر الإليزيه فأشار إلى أن ماكرون والأمير محمد بن سلمان ناقشا، الأحد، "تعزيز تعاونهما في مجال الدفاع والطاقة"، وذكر أن الزعيمين "عبرا خلال الاتصال عن قلق مشترك حيال الوضع في لبنان وكررا عزمهما على العمل معاً للمساعدة في إخراج البلاد من الأزمة العميقة التي تمر بها".

وأوضح أنهما أشادا بـ"دينامية علاقتهما الثنائية"، ولا سيما لناحية "تعميق التعاون في مجالي الاقتصاد والثقافة". وأكدت الرئاسة الفرنسية أنهما بحثا في مجالات تعزيز التعاون، خصوصاً في قضايا الدفاع والطاقة، كما رحب ماكرون بقرار السعودية وإيران استئناف علاقاتهما الدبلوماسية، مشدداً على "أهميته للاستقرار الإقليمي".

تحرك بخاري و"العمق العربي" للحل

سبق هذا الاتصال وتبعه جولة اتصالات قام بها السفير السعودي في بيروت وليد بخاري في الأسبوعين الماضيين، شملت كلاً من رئيس البرلمان نبيه بري، ورئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط، ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، ورئيس حزب "الكتائب" سامي الجميل.

بخاري الذي حذر من عدم إجراء الانتخابات الرئاسية في لبنان لفت إلى أن "الاتفاق السعودي - الإيراني تضمن الرغبة المشتركة لدى الجانبين في حل الخلافات عبر التواصل والحوار بالطرق السلمية والأدوات الدبلوماسية"، مؤكداً أن "يد السعودية ممدودة دائماً للتعاون والتحاور مع دول المنطقة والعالم، في كل ما من شأنه حفظ أمن المنطقة واستقرارها، وتهدف إلى تأمين شبكة أمان دولية لمواجهة التحديات والمخاطر، صوناً لمبدأ العيش المشترك ورسالة لبنان في محيطه العربي والدولي".

ورأى السفير السعودي أن "لبنان عضو مؤسس في جامعة الدول العربية، وترتبط حماية شعبه وإنقاذ هويته بالأمن القومي العربي والسلام الإقليمي والدولي"، ووضع العمق العربي في الإطار الطبيعي لحل الأزمة اللبنانية.
وعلى رغم محدودية الأدوار التي تقوم بها الجامعة العربية في أزمات المنطقة، من المتوقع أن تقوم بدور في لبنان يرتكز على دعم من الدول الأساسية، وفي مقدمتها السعودية، لإشراكها في إخراج الحلول المطلوبة للبنان. وكان الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط قد كلف الأمين العام المساعد السفير حسام زكي بالحضور إلى لبنان من أجل المساهمة في جهود التوافق على إنهاء الفراغ الرئاسي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

باريس تتمسك بصيغتها وتنتظر بدائل

لكن المعطيات تضاربت حول استمرار تمسك الجانب الفرنسي بالصيغة التي طرحها، والتي ارتاح إليها "حزب الله" وبري وحلفاؤهما. إذ نقل نواب أن سفراء لدول فاعلة أبلغوا السفيرة الفرنسية اعتراضهم على صيغة المقايضة التي تقترحها الدوائر الفرنسية. وأوضح هؤلاء للسفيرة أنه مع إلحاح الفرقاء اللبنانيين على الدعم الخارجي للبنان، ليس مقبولاً أن تختار باريس اسم الرئيس وتسعى إلى ترجيح كفته، فأبدت تفهماً لهذا الموقف، لا سيما بعد أن اقترن الحديث عن أن خيار فرنجية مرتبط بمصالح استثمارية لفرنسا تعمل على ضمانها في لبنان وغيره من دول المنطقة، لكن حجة الجانب الفرنسي في اقتراحه صيغة المقايضة بين رئيس موال لتحالف "الثنائي الشيعي"، مقابل رئيس للحكومة يرضى عنه الفريق الآخر، أن ما من أكثرية لدى أي فريق في البرلمان تمكنه من ترجيح مرشحه. ونقل عن مسؤولين فرنسيين قولهم "المعترضون على فرنجية هل يستطيعون تأمين الأكثرية المطلوبة لإنجاح مرشح آخر، خصوصاً أن انتخاب قائد الجيش مثلاً جوزيف عون يحتاج إلى تعديل دستوري، بالتالي ثلثي أصوات البرلمان؟".

التحرك الأميركي: تباين مع فرنسا أم استطلاع؟

وشهدت بيروت أيضاً تحركاً أميركياً في اتجاهها، بزيارة مساعدة وزير الخارجية باربرا ليف في 23 و25 مارس، والتقت المسؤولين لحثهم على تسريع انتخاب الرئيس وإنجاز الإصلاحات المطلوبة من صندوق النقد الدولي. بعض الأوساط صنف الزيارة في خانة التحرك المستقل عن الجانب الفرنسي، ويذهب بعض السياسيين إلى الاستنتاج بأن واشنطن تتجه إلى سحب التكليف الذي منحته لفرنسا بمتابعة التفاصيل في لبنان.

ومع إبلاغ ليف من اجتمعت بهم أن واشنطن لا تنوي التدخل في اختيار اسم الرئيس، وتكرارها هذا الموقف في تصريحات أدلت بها قبيل مغادرتها، لفت أحد النواب الذين اجتمعت بهم المسؤولة الأميركية إلى أنها لم تحمل أي مبادرة، وكشف عن أنها شجعت النواب المستقلين و"التغييريين" على التواصل مع صندوق النقد الدولي بصرف النظر عن الاجتماعات الحكومية مع بعثته إلى لبنان، مما يوحي بعدم الثقة بنية الحكومة تحقيق المطلوب لإنجاز الاتفاق مع الصندوق لأنها "لم تكن شفافة"، خصوصاً أنه على أساس التزام بنود الاتفاق معه يحصل البلد على مساعدة مالية بقيمة ثلاثة مليارات دولار أميركي، تحفز سائر الدول المانحة على دعم لبنان.

واعتبرت ليف أن الاتفاق السعودي - الإيراني ينعكس إيجاباً على المنطقة ولبنان، لكنها لفتت إلى أن بين الدولتين كثيراً من القضايا الثنائية والملفات العالقة التي تتطلب معالجتها وقتاً، قد لا يتيح تناول الوضع اللبناني من الدولتين قريباً، ولذلك شددت على وجوب أن يأخذ اللبنانيون بزمام أمورهم وينتخبوا رئيساً، لكن اللافت أن المسؤولة الأميركية أشارت إلى أن هناك اهتماماً عربياً بأزمة لبنان وبدت أنها تعول عليه في دفع الحلول إلى الأمام. 

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي