ملخص
يكافح مصرف #كريدي_سويس لاستعادة ثقة العملاء والمستثمرين بعد سلسلة من النكسات بما في ذلك خسارة صافية قدرها 7.8 مليار دولار العام الماضي
في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أبدى رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي السعودي عمار الخضيري تفاؤلاً حيال استثمار أكبر بنك في السعودية في مصرف "كريدي سويس غروب" المتعثر الذي يتخذ من زيورخ مقراً له.
وقال الخضيري آنذاك خلال مقابلة مع تلفزيون "بلومبيرغ"، "نحن متفائلون بأن البنك سيحقق نمواً مثيراً للغاية من حيث القيمة في حال طبقوا خطة التحول، ونحن راضون عما وصلنا إليه عند 9.9 في المئة في هذه المرحلة، ولسنا مهتمين بالانتقال من مساهم تكتيكي إلى فئة مختلفة من حيث علاقتنا مع كريدي سويس".
وبعد ذلك، أعلن البنك الأهلي السعودي، أكبر البنوك السعودية، الانتهاء من الإجراءات المتعلقة بعملية زيادة رأسمال "كريدي سويس". مضيفاً في بيان صدر في التاسع من ديسمبر (كانون الثاني) 2022 أنه أصبح مالكاً لما نسبته 9.9 في المئة من أسهم "كريدي سويس".
وأضاف البنك الذي يعتبر واحداً من أكبر المساهمين في "كريدي سويس" أن كلفة مشاركته في عملية زيادة رأس المال بلغت 1.396 مليار فرنك (1.5 مليار دولار)، وتعد تلك الصفقة أول عملية استحواذ دولية كبرى للمقرض السعودي.
تضارب محتمل في المصالح
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، قال البنك الأهلي السعودي، في بيان، إنه لم يتلق أية معلومات قد تثير مخاوف في شأن حوكمة "كريدي سويس"، وإنه لا يزال يدعم خطة التحول التي أعلنها الأخير.
وجاء إعلان البنك السعودي بعد مخاوف أثارها مستثمران آخران في البنك السويسري حول تعامله مع أي تضارب محتمل في المصالح لعضو مجلس الإدارة السابق مايكل كلاين والمديرة بلايث ماسترز عندما بدأ في تنفيذ إصلاح شامل.
ولم يستغرق الأمر سوى أربعة أشهر ونصف الشهر من وقت إعلان الصفقة حتى تفاقمت أزمة المصرف السويسري بسبب مخاوف من انتقال عدوى انهيار مصرفين أميركيين، إضافة إلى تقريره السنوي الذي أشار إلى "نقاط ضعف جوهرية" في الضوابط الداخلية.
وكان رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي السعودي استبعد استثماراً إضافياً في البنك السويسري المنهار بعدما شهدت قيمة حيازاته تراجعاً، ورداً على سؤال عما إذا كان على استعداد لضخ الأموال في حال الدعوة إلى زيادة إضافية لرأسمال "كريدي سويس"، أفاد الخضيري تلفزيون "بلومبيرغ" بأن "الجواب قطعاً لا لأسباب عدة غير تلك المتعلقة بالأمور التنظيمية والقانونية".
أكبر تراجع وأعلى صعود
وعلى إثر ذلك تراجع سهم بنك "كريدي سويس" في بورصة "زيورخ" بأكبر قدر تاريخي وبنسبة 31 في المئة، قبل تقليص خسائره ليغلق منخفضاً بـ 23 في المئة.
وفي وقت يحمل فيه "الأهلي السعودي"، أحد أكبر الحصص في العملاق المصرفي السويسري المتعثر بنسبة 9.88 في المئة، خسائر دفترية غير محققة ناتجة من تراجع سعر السهم وكانت الأقل بين أكبر المساهمين الرئيسين، إذ وصلت إلى 684 مليون فرنك (742.1 مليون دولار)، إذ إن متوسط كلفة اقتناء السهم بلغت 3.38 فرنك (3.66 دولار) نظراً لحداثة استثماره في المصرف.
وكانت تصريحات الخضيري قد أثارت التساؤل من وراء ذلك. لكنه أشار في ما بعد خلال مقابلة مع قناة "العربية" إلى أن "تصريحاتي حول ’كريدي سويس‘ فسرت بشكل خاطئ".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوضح الخضيري أن سعر سهم "كريدي سويس" رخيص جداً حالياً إذا نجحت خطة البنك، وفي مقابل ذلك وعبر تجربة أفعوانية في سوق الأسهم، قفز سهم المصرف السويسري مرة أخرى بأعلى وتيرة صعود على الإطلاق بنسبة 40 في المئة بعد أن لجأ إلى البنك الوطني السويسري للحصول على 50 مليار فرنك (54 مليار دولار) وعرض إعادة شراء الديون، في محاولة لعكس اتجاه الانهيار في ثقة السوق، مما أعطى المستثمرين بعض الثقة في مستقبله.
وسيقترض البنك المتعثر عبر آلية تسهيلات السيولة، كما سيقدم مناقصة لإعادة شراء ما يصل إلى 3 مليارات فرنك (3.23 مليار دولار) من الديون المقومة بالدولار واليورو، وفقاً لبيان.
وتعد هذه التحركات غير المسبوقة في بنك سويسري كبير منذ الأزمة المالية لعام 2008 الأكبر حتى الآن لدعم مالياته، وبدوره تعهد الرئيس التنفيذي لشركة "كريدي سويس" أولريش كورنر بالمضي قدماً في خطة لتبسيط العمليات كجزء من خطة إعادة هيكلة رئيسة.
جانب استراتيجي
وفي مذكرة أصدرتها وحدة أبحاث "بلومبيرغ إنتليجنس" قبل اندلاع الأزمة، قالت ذراع التحليلات لدى "بلومبيرغ" إن رهان البنك الأهلي السعودي على شراء الحصة في "كريدي سويس" ليس استثمارياً فقط، إذ يتجاوز تحقيق العوائد ليحمل جانباً إستراتيجياً يهدف إلى تحسن جودة خدمات البنك السعودي وتطوير قدرات منتجاته في مجالات مثل الخدمات المصرفية الخاصة والاستثمارية.
وبحسب المذكرة فمن المرجح أن يكون أداء "كريدي سويس" خلال عامي 2023 و2024 اختباراً لقيادته.
ويكافح "كريدي سويس" لاستعادة ثقة العملاء والمستثمرين بعد سلسلة من النكسات، بما في ذلك خسارة صافية قدرها 7.3 مليار فرنك سويسري (7.8 مليار دولار) خلال العام الماضي، وهي أكبر خسارة سنوية له منذ الأزمة المالية عام 2008، وسط توقعات بتفاقم الخسائر أكثر خلال العام الحالي.
وخسر البنك السويسري الذي تعود جذوره لعام 1856 أكثر من 8 مليارات فرنك سويسري (8.68 مليار دولار) خلال الأزمة المالية العالمية قبل 15 عاماً، كما تعرض إلى صدمات على مدى السنوات الماضية نتيجة سلسلة من المشكلات والفضائح والإصلاحات على مستوى القيادة والقضايا القانونية، كما فشلت خطة التحول الإستراتيجية الثانية له خلال مسيرته الممتدة لسنوات عدة في جذب المستثمرين أو وقف هجرة عملائه إلى مؤسسات مالية أخرى.