Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خطوة مهمة برعاية الصين: نقلة تكتيكية أم استراتيجية؟

الواضح أن طهران لجأت أخيراً إلى المرونة لأسباب تتعلق بالوضع الاقتصادي الصعب في ظل العقوبات الأميركية

الخلاف بين الرياض وطهران ليس محصوراً في ملف العلاقات الثنائية بل يمتد إلى ملفات إقليمية عدة (أ ف ب)

ملخص

جاء #الاتفاق_السعودي_الإيراني الذي رعته #الصين في مرحلة اللايقين على المستويين الدولي والإقليمي

لا أحد أوحى أنه فوجئ بالاتفاق السعودي - الإيراني الذي رعته وضمنته الصين بمبادرة من الرئيس شي جينبينغ، لكن الذين فوجئوا بالفعل ليسوا قلة، فالخطوة التي قادت إليها محادثات دامت أربعة أيام خارج الأضواء في بكين بين وفد سعودي يقوده وزير الدولة مستشار الأمن الوطني مساعد العيبان، وآخر إيراني برئاسة أمين مجلس الأمن القومي الأدميرال علي شمخاني في حضور كبير الدبلوماسيين الصينيين وانغ غي، بدت أوسع بكثير من التوقعات التي رافقت ما دار من محادثات في عامي 2021 و2022 في بغداد وسلطنة عُمان، والانتقال من الإطار الأمني إلى الإطار السياسي كان أبعد من العودة لما قبل 2016، تبادل السفراء بعد الهجوم الذي تعرضت له السفارة السعودية في طهران والقنصلية في مشهد "وتفعيل الاتفاق الأمني لعام 2001 والاتفاقات الاقتصادية والثقافية" وسواها.

وأبرز الأسباب ثلاثة، أولاً لأن النص على "احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية" هو التزام يشكل نقلة كبيرة في ضمان الاستقرار والأمن في الإقليم إذا صار سياسة واقعية، وثانياً لأن وساطة بكين تسجل انطلاقة مهمة للدور الصيني في الشرق الأوسط إلى جانب دورها العالمي، إذ استطاعت الصين أن تفعل ما كان يصعب على روسيا أو فرنسا فعله، وما لا فرصة أمام أميركا لفعله، وثالثاً لأن الترحيب العربي والإقليمي والدولي السريع والإجماعي بالاتفاق إشارة إلى أنه جاء في عز الحاجة إليه في مرحلة اللايقين على المستوى الدولي بالنسبة إلى النظام العالمي الذي هزته حرب أوكرانيا، كما على المستوى الإقليمي في الشرق الأوسط.

ذلك أن الخلاف بين الرياض وطهران ليس محصوراً في ملف العلاقات الثنائية بل يمتد إلى ملفات إقليمية عدة، اليمن و العراق وسوريا ولبنان ومجلس التعاون الخليجي، فضلاً عن أخطار إيران النووية وإقامة ميليشيات تابعة للحرس الثوري الإيراني في أربع بلدان عربية، والإصرار على إخراج القوات الأميركية من المنطقة والتي هي جزء من التحالف الاستراتيجي الأميركي - السعودي لضمان الأمن في الخليج وبقية المناطق.

وإذا كان الامتحان الأول للاتفاق هو في اليمن ودعم طهران لانقلاب الحوثيين على الشرعية وإطلاقهم الصواريخ على المملكة، فإن الامتحان الأكبر هو في المشروع الإقليمي الإيراني.

والسؤال كان ولا يزال يحتاج إلى جواب إيجابي لا سلبي، هل تريد إيران أن تكون دولة طبيعية تهتم برفاه شعبها وتنمية اقتصاده أم تصر على أن تبقى ثورة مرشحة للتصدير إلى المنطقة بالقوة؟ الجواب حتى اليوم كان أنها تريد أن تكون دولة وثورة في آن، لا دولة عادية ولا ثورة ضمن حدودها، والسؤال الآخر هو هل تستمر طهران في اللعب خارج المواثيق الدولية أم تطبق بالفعل هذه المرة ما نص عليه الاتفاق من "التزام ميثاق الأمم المتحدة والقوانين الدولية"؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الواضح أن طهران لجأت أخيراً إلى المرونة بأمر من المرشد الأعلى علي خامنئي لأسباب تتعلق بالوضع الاقتصادي الصعب في ظل العقوبات الأميركية، والتحرك الشعبي تحت عنوان "إمرأة، حياة، حرية" بعد وفاة الشابة مهسا أميني في الاحتجاز وأحكام الإعدام في حق الناشطين والناشطات، والقمع الذي طاول الأدباء والفنانين والصحافيين والأقليات. هذا ما ظهر في الاتفاق مع المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي على زيادة المراقبة للنشاط النووي في منشأة فوردو وسواها وما بدا في الاتفاق مع السعودية، فهل هي خطوة تكتيكية لتقطيع مرحلة أم قرار إستراتيجي له مفاعيل مهمة بالنسبة إلى الاستقرار والعلاقات بين الدول في الإقليم؟

من الباكر تحديد الجواب، فالاتفاق له متابعة والسياسة تدار بموازين المصالح قبل موازين القوى، والمنطقة شبعت حروباً وحان الوقت للالتفات إلى مستقبل الناس بدل الأيديولوجيا.

وعلى طريقة المثل القائل "اطلب العلم ولو في الصين"، يقال اليوم "اطلب الضمان من الصين"، والانتظار لا يزال أفضل مستشار.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل