ملخص
أكد رئيس #هيئة_النزاهة الاتحادية أنه "لا #خطوط_حمراء تحول دون إنجاز التحقيق" مؤكداً أن التأخير المتعمد في ملفات الفساد هو جزء مكمل للظاهرة
واصلت هيئة النزاهة الاتحادية في العراق فتح ملفات فساد مهمة أضرت بالمال العام، وعلى رغم أن الفساد بتسمياته المختلفة شكل ظاهرة من ظواهر ما بعد 2003، فإن الهيئة تواصل وبجهود حثيثة العمل على استرجاع الأموال ومحاسبة المقصرين والفاسدين.
هذه المرة قامت هيئة النزاهة الاتحادية بفتح ملف هام عمره يقارب عقدين من الزمن، حيث أدخل بلاد الرافدين في حرب قانونية دولية مع شركة دنماركية.
وأعلنت الهيئة، في بيان، صدور أمر استقدام بحق وزير ثقافة أسبق ووكيل وزير، إضافة إلى أمر قبض على مدير مكتب الوزير، لارتكابهما عمداً ما يخالف واجباتهما الوظيفيـة في ما يتعلق بقضية "كنز النمرود".
اتفاق بغياب الدستور
ذكرت دائرة التحقيقات في الهيئة أن قاضي محكمة تحقيق الكرخ الثانية، بناء على تحقيقات مديرية تحقيق الهيئة في بغداد، أصدر أمر استقدام لوزير الثقافة الأسبق ووكيل وزارة، في حين أصدرت الدائرة أمر قبض وتحر ضد مدير مكتب الوزير، في موضوع قيام الوزارة بالتعاقد مع شركة دنماركية مفلسة لعرض "كنز النمرود" الأثري في المتاحف الأوروبية، مشددة على أن الشركة التي تم التعاقد معها غير رصينة ولا يمكنها توفير الحماية اللازمة للكنز الذهبي الذي يمثل إرثاً حضارياً للعراق، فضلاً عن عدم رعاية منظمة "اليونسكو" لهذا الاتفاق.
وأضافت الدائرة أن "الاتفاق أبرم خلال فترة عدم وجود دستور دائم أو نظام داخلي يسمح بإخراج الكنز من العراق"، لافتة إلى عدم وجود أي دور للمتخصصين في القانون بإبرامه، الأمر الذي أدى إلى تضمينه بنوداً لا تـصب في مصلحة الوزارة، لافتة إلى أن توقيع الوزير على الاتفاق يجعله مسؤولاً مسؤولية مباشرة عن ذلك.
وأضافت الدائرة أن "أوامر القبض والاستقدام صدرت عن محكمة تحقيق الكرخ الثانية، استناداً لأحكام المادة 331 ق. ع. ع".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبحسب وسائل إعلام عراقية، فإن المتهمين هما الوزير الأسبق مفيد الجزائري، ووكيل الوزارة سربست بامرني. إذ إن القضية تعود إلى العقد الأول من الألفية الجديدة، خلال فترة مجلس الحكم الذي شكل بعد سقوط النظام السابق في 2003، حيث كان الجزائري وزيراً للثقافة لدى إبرام عقد الشركة الدنماركية لعرض "كنز النمرود" في المتاحف العالمية.
بعد ذلك، تراجعت وزارة الثقافة عن الأمر، مما دفع بالشركة الدنماركية لرفع دعوة قضائية أمام التحكيم الدولي مطالبة بتعويض قدره 100 مليون دولار، لكن في عام 2015 تم حسم القضية لمصلحة العراق.
يشار إلى أن كنز النمرود يعود إلى خمسة آلاف عام، وتم اكتشافه خلال أعمال تنقيب بدأت في 1988 وانتهت 1992، وقد كان مخبأ قبل أن تعثر عليه لاحقاً القوات الأميركية خلال الحرب على العراق في 2003.
لا خطوط حمراء
في هذا السياق، أكد رئيس هيئة النزاهة الاتحادية القاضي حيدر حنون، أن إجراءات الهيئة في مكافحة الفساد وإحالة المتورطين في التعدي على المال العام إلى القضاء تخضع لمعايير المهنية والموضوعيـة ومقدار ما يصلها من معلومات وما تتوافر عليه من أدلة وإثباتات، مشدداً على أنه "لا خطوط حمراء تحول دون إنجاز أعمال التحقيق، فالتأخير المتعمد وغير المسوغ في إنجاز ملفات الفساد هو جزء مكمل للظاهرة".
حنون حذر، في كلمة له أثناء لقائه إدارة ومنتسبي مكتب تحقيق الهيئة في كربلاء، من أن الفساد خطر كبير يهدد مؤسسات الدولة، وآفة يمكن أن تفتك بالمؤسسات وتعوقها عن إنجاز المهام التي من أجلها وجدت، لا سيما تقديم الخدمات الفضلى للمواطنين، لافتاً إلى أن هذه الآفة السبب الرئيس في تلكؤ المشاريع وحرمان المواطنين من التمتع بخدماتها.
في الأثناء، وصف المتخصص في القانون علي التميمي، صدور أمر استقدام بحق وزير ثقافة أسبق ووكيل وزارة، إضافة إلى الأمر بالقبض على مدير مكتب الوزير، بـ"الخطوة الإيجابية"، مشيراً إلى أن هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم أو مضي المدة، فهي متعلقة بالحق العام وفق المادة 27 من الدستور العراقي المصوت عليه في 2005.
وأضاف التميمي أن "للأموال العامة حرمة تطبق عليها المادة 341 من قانون العقوبات، والتي تقضي بالسجن سبع سنوات لكل من أضر بمصلحة الجهة التي يعمل لديها أو الإضرار بالمصلحة العامة".
زمن الثروات المهدرة
يكشف الباحث السياسي صالح لفتة، أن الحق القانوني بمحاسبة المخالفين لا يسقط بالتقادم، وهو أمر طبيعي بل وقد يكون في مصلحة الأشخاص الذين تمت هذه القضايا إبان توليهم المسؤولية، لتبرئة ساحتهم من أية تهم قد تكون كيدية أو ملفقة أو لا يتحملون المسؤولية عنها.
وتابع لفتة "من حق النزاهة العراقية متابعة أي ملف، وهذه رسالة للجميع، خصوصاً من يتولى مسؤولية تتيح له التصرف بالمال العام والتعاقد مع جهات مختلفة، بأن أية مخالفة أو فساد مصيره المتابعة، ولن يترك من دون مطالبة، وحتماً سيأتي يوم تكشف تلك المخالفات".
وشدد على أن "العراق فقد كثيراً من ثرواته بسبب مخالفات أو اجتهادات شخصية أو عمولات تدفع لأفراد من شركات لا تمتلك خبرات أو تاريخ بأعمال مشابهة للحصول على عقود، وعلى الدولة العراقية أن تتابع كل مخالفة مهما كانت صغيرة، واسترجاع الأموال التي نهبت أو هربت عبر حسابات بنكية بالخارج، وكذلك تدويل ملف الفساد والاستعانة بكل دول العالم لكشف الحسابات البنكية السرية التابعة للفاسدين، فما ضاع حق وراءه مطالب".