Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الفساد يهدد بانفراط عقد القيادة الأوكرانية

استقالات "بالجملة" بين فريق زيلينسكي والفساد يطاول ما يقدمه الغرب من معونات عسكرية وإنسانية لكييف

أوساط أميركية تطالب بزيادة التقارير والسيطرة على المساعدات الأميركية لكييف (أ ف ب)

الفساد في #أوكرانيا قضية ليست بجديدة، فلطالما تفجرت قضاياه التي امتدت خيوطها لتصل إلى ما وراء البحار إبان سنوات حكم الرئيس السابق بيتر بوروشينكو، ولتطاول في بعض جوانبها الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن إبان سنوات عمله نائباً للرئيس الأسبق باراك أوباما، وكذلك ابنه هنتر بايدن المتهم بضلوعه في تمويل المختبرات البيولوجية في أوكرانيا.

وها هي وسائل الإعلام المحلية والعالمية تعود للقضايا ذاتها، ومنها ما يطاول الرئيس الأوكراني #فولوديمير_زيلينسكي وعدداً من شركائه السابقين والحاليين، وهو الذي كان رفع شعار #مكافحة_الفساد في صدر شعاراته الانتخابية منذ قرابة الأعوام الثلاثة.

ويذكر المراقبون أن مكافحة الفساد ومثول الرئيس السابق بوروشينكو وكثيرين من أعضاء فريقه أمام القضاء لم تسفر كلها عملياً عن نتائج تذكر، فضلاً عما يتفجر مع كل يوم جديد من وقائع ومنها ما أطاح بعدد من كبار رموز الفريق الحاكم بمن فيهم نائب مدير مكتب الرئيس كيريل تيموشينكو وغيره من كبار موظفي وزارة الدفاع وفي مقدمهم نائب الوزير المسؤول عن الإمداد والتموين للقوات الأوكرانية المسلحة فياتشيسلاف شابافالوف، فضلاً عن استقالة كبير مستشاري مكتب الرئيس زيلينسكي، ألكسي أريستوفيتش، في يناير (كانون الثاني) من العام الحالي، إضافة إلى نائب رئيس مكتب الرئاسة الأوكرانية كيريل تيموشينكو ونائب المدعي العام ألكسي سيمونينكو وغيرهم من كبار موظفي الدولة.

فوضى بدرجة خطرة

وهناك معلومات تتناول وزير الدفاع ألكسي ريزنيكوف الذي ترشحه وسائل الإعلام الأوكرانية والعالمية للرحيل عن منصبه، وإن كانت الأخبار الرسمية تقول باحتمالات توليه منصب وزير الصناعات الاستراتيجية، بينما يقول ريزنيكوف "إنه لم يُخطر بأي تغييرات وإنه سيرفض الوظيفة الجديدة في حال عرضها عليه"، وذلك يعني ضمناً وكما تقول الوكالات الغربية "مؤشراً علنياً حول شيوع فوضى بدرجة خطرة في القيادة الأوكرانية التي لطالما كانت متحدة في غضون ما يقرب من العام منذ بداية الهجوم العسكري الروسي الشامل".

وكانت الأخبار توالت سريعة منذ نهاية العام الماضي معلنة عن كثير من قضايا الفساد بين أعضاء النسق الأعلى للسلطة في أوكرانيا، في وقت كشف أوليغ سوسكين الذي سبق وعمل مستشاراً لاثنين من أهم رؤساء أوكرانيا السابقين، وهما ليونيد كوتشما وفيكتور يوشتشينكو خلال تسعينيات القرن الماضي، عن أن الدوائر الغربية المعنية طالبت الرئيس الحالي زيلينسكي بتشديد الرقابة على التدفقات المالية والعمل الجاد من أجل مكافحة الفساد، بل وقال سوسكين "إن زيلينسكي تلقى إنذاراً نهائياً وتم إطلاعه على مخططات سرقة الطعام في أوكرانيا ومخططات الفساد في وزارة الدفاع وفي مجلس الوزراء، وتم الكشف عن أسماء هؤلاء الأشخاص في مكتب الرئيس".

ولم تقتصر الأخبار عند هذا الحد إذ عادت المصادر الأوكرانية لتربط بين سيل الاستقالات والإقالات التي تدفقت مع نهاية العام الماضي ومطلع العام الحالي، وما يتعالى في الدوائر الغربية من أصوات تطالب بالرقابة المشددة على ما يجري تقديمه من دعم مالي وعسكري إلى أوكرانيا، فضلاً عن المطالبة بتشديد الرقابة من أجل الحيلولة دون مزيد من وقائع الفساد.

احتمال تراجع الدعم

وها هي سهام الاتهام تعود لتتطاير على مقربة من الرئيس زيلينسكي مواكبة لما يجري توجيهه إليه من اتهامات من جانب ممثلي الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، ممن يحذرون من تعقد الأوضاع واحتمالات تراجع الدعم، مما قد يحول ضمناً دون مطلب انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي.

وتناقلت المصادر الروسية ما يتعالى من اتهامات حول مسؤولية زيلينسكي المباشرة عن تدهور وتعقد الأوضاع في هذا الشأن جراء ما يتخذه من قرارات وإجراءات، ومنها ما أشار إليه "مركز مكافحة الفساد في أوكرانيا" حول إلغاء فولوديمير زيلينسكي المراقبة المالية للسياسيين مدى الحياة، وهو أحد المتطلبات السبعة لبدء المفاوضات في شأن انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي، فضلاً عما صدر عن هذا المركز من تعليقات تقول "إن هذا لا يتعارض فقط مع جميع قواعد الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، ولكنه يضع أيضاً العراقيل أمام منظومة مكافحة غسل الأموال بأكملها"، وذلك ما قد يفسر ما يتعالى من اتهامات تقول إن السلطات الأوكرانية على ما يبدو تخلت بالفعل عن أهدافها الرئيسة وهي الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، والآن يحاول السياسيون كسب المزيد فقط قبل مغادرة البلاد إلى الأبد".

كما أن هناك مؤشرات تقول إن كثيراً من أقوال الرئيس الأوكراني تبدو على طرفي نقيض من أفعاله، وإن السلطات الأوكرانية "تعيش بعضاً من واقعها الخاص" مما قد يحول دون أي تفسيرات منطقية لكل هذه التناقضات، ومن هذه التناقضات ما كشف عنه زيلينسكي في معرض خطابه الذي ألقاه عبر "الفيديو كونفرنس" خلال اجتماع الجمعية البرلمانية لحلف شمال الأطلسي في مدريد، وفيه دعا إلى قبول أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي في أقرب وقت ممكن.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكان زيلينسكي أكد في ذلك الخطاب أن الأوكرانيين يدافعون عن "القيم الأوروبية" وأوروبا من "تسلط الشرق"، في وقت تؤكد الشواهد اندثار وتراجع ما بقي من قيم أوروبية في أوكرانيا، ومنها انعدام المساواة بين الجنسين وتراجع حرية التعبير وانتهاك حقوق الإنسان، بما اتخذه زيلينسكي من إجراءات شملت اعتقال كثير من خصومه السياسيين، فضلاً عن جملة الاستقالات التي توالت من جانب رفاق الأمس في حزبه الحاكم "خادم الشعب"، ومن هؤلاء دميتري رازومكوف الرئيس السابق للحزب الحاكم والرئيس السابق لمجلس الرادا (البرلمان) الذي ثمة من يقول إنه من المرتقب أن يكون في صدارة المنافسين لزيلينسكي خلال الانتخابات الرئاسية المتوقعة في أوكرانيا العام المقبل.

وبهذه المناسبة أعلن ألكسي أريستوفيش الذي قدم خلال الأسابيع القليلة الماضية استقالته من منصبه في مكتب الرئيس الأوكراني عزمه خوض هذه الانتخابات الرئاسية.

تدفق أموال وأسلحة

ومن اللافت في هذا الشأن ما صار حديث العامة والخاصة داخل أوكرانيا وخارجها، وما يتعالى من استياء وسخط كثيرين من كبار الساسة الغربيين جراء ما يتسم به خطاب الرئيس الأوكراني وعدد من رفاقه من "غطرسة وصلافة"، على حد وصف بعضهم، لا سيما في ما يتعلق بما يوجهه زيلينسكي من انتقادات واتهامات لشركاء أوكرانيا بالتقاعس في تقديم ما تحتاجه معاركها ضد روسيا من دعم مالي وعسكري، في وقت يجري تسريب كثير من تفاصيل ووقائع الفساد، بما في ذلك بيع كميات هائلة من الأسلحة والذخيرة التي تقدمها الدول الغربية إلى أوكرانيا، في ظل تشديد الرقابة على رموز المعارضة ممن يحاولون نشر وقائع هذه الجرائم.

وننقل عن معلق الموقع الإلكتروني (Ukraina.ru) دميتري كوفاليفيتش ما كتبه حول أن الدوائر الغربية تعتبر أوكرانيا "دولة فاسدة"، وأن ما يتدفق من أموال وأسلحة ومعدات عسكرية بلا حساب، "يزيد شهية المسؤولين الأوكرانيين، إذ تجري تحت غطاء سري للغاية، أكبر السرقات وعلى نطاق واسع". كما أشار كوفاليفيتش إلى أن الضغوط التي تتعرض لها المعارضة السياسية في ظل ما تواجهه وسائل الإعلام من قيود تحد كثيراً من ملاحقة من وصفهم بـ "المسؤولين الفاسدين في النسق الأعلى للسلطة"، إلى جانب ما تتعرض له رموز المعارضة من ملاحقة واتهامات أبسطها أنهم "عملاء للكرملين".

وكان كثير من المعلقين داخل أوكرانيا وخارجها دأبوا خلال الفترة الأخيرة على نشر كثير من "فضائح الفساد المتعلقة بتجارة الأسلحة"، ومنها "أنها تسهم في تقويض أرباح المجمع الصناعي العسكري الأميركي مما يقلل القدرة على بيع الأسلحة إلى النقاط الساخنة نفسها".

وأشار هؤلاء الى ما يتعالى من انتقادات في الأوساط الأميركية، لا سيما بين "الجمهوريين"، ممن يطالبون بزيادة التقارير والسيطرة على المساعدات الأميركية لكييف، إلى جانب ما كشفت عنه الصحافة الأميركية من اتهامات أعلنتها عضو مجلس النواب عن الحزب الجمهوري فيكتوريا سبارتز في شأن تورط مكتب زيلينسكي ورئيسه أندريه يرماك في الفساد، بما قالته حول إنه "ليس لدينا الفرصة لإجراء تدقيق، ولا نعرف ما يحدث لدعمنا الأمني (أي الأسلحة) بعد عبورها الحدود"، لتخلص إلى ما قالته حول إن "الأمر قد ينتهي في سوريا أو روسيا".

حالات تورط

ومن التقارير التي جرى نشرها في الصحافة الغربية ما يقول إن الولايات المتحدة تنفق مليارات الدولارات على مكافحة الفساد في أوكرانيا، لكن هيئات مكافحة الفساد لا تعمل، وذلك إلى جانب اعترافات ممثل شرطة الاتحاد الأوروبي (يوروبول) يان أوب جين الذي كشف عن وجود "حالات تورط في تجارة الأسلحة النارية التي سبق وجرى توريدها إلى القوات المسلحة الأوكرانية".

كما أشارت الخبيرة السابقة في وزارة الدفاع الأميركية كارين كوياتكوسكي إلى أن حقائق بيع الأوكرانيين للأسلحة الغربية في السوق السوداء لم تكن مفاجأة للسلطات الأميركية، لأن أخباراً حول هذه الظواهر يُجرى تداولها على كل لسان.

من جانبه أشار الخبير السياسي الأوكراني أليكسي غولوبوتسكي إلى أن "الأميركيين واقعيون بشكل عام في إدراك البلاد التي يتعاملون معها ولديهم ما يقارنون به، فقد كان النظام في فيتنام الجنوبية أكثر فساداً بـ 10 مرات من أوكرانيا، وأفغانستان ليست مثالاً على الفضيلة".

كما نقلت المصادر الصحافية ما قاله الرئيس النيجيري محمد بخاري في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي حول أن الأسلحة من أوكرانيا تصل إلى الجماعات الإرهابية العاملة في منطقة بحيرة تشاد، ومنها واحدة من أكثر فصائل "بوكو حرام" وحشية.

وحتى المساعدات الإنسانية التي تقدمها المنظمات الدولية والمتبرعون من القطاع الخاص إلى أوكرانيا لم تنج من مثل هذه "العمليات غير المشروعة"، ومن التفاصيل التي وردت في تقرير الموقع الإلكتروني (Ukraina.ru) نشير إلى نتائج عمليات التفتيش للمسؤولين في زابوريجيا المتعلقة بالفساد في توزيع المساعدات الإنسانية في أغسطس (آب) وأكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، بما تضمنته من أسماء نحيل القارئ إلى الاطلاع عليها مما جاء في سياق ذلك التقرير بالغ الأهمية.

وفي السياق ذاته نقل هذا الموقع عن صحيفة "تلغراف" البريطانية ما كتبته حول أن الأدوية الخاصة بالمستشفيات "معروضة أيضاً للبيع في الصيدليات بنسبة 40 في المئة من قيمتها السوقية"، كما أشارت صحيفة "واشنطن بوست" في أغسطس الماضي إلى تجدد الصراعات بين الرئيس الأوكراني زيلينسكي ورؤساء بلديات المدن الكبرى.

أما عن جوهر تلك الصراعات فيتلخص بحسب قول الصحيفة في "أن مكتب الرئيس يحاول تنحية السلطات المحلية بعيداً من توزيع المساعدات الغربية المخصصة لاستعادة البنية التحتية المدمرة والمتضررة".

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات