Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

20 عاما خلت وعائلة راشيل كوري تبحث عن العدالة

حصري: بعد عقدين على مقتل ناشطة السلام في غزة، ما زال كل من سيندي وكريغ كوري عاجزين عن تحميل المسؤولية لأي شخص، ولكنهما لم يتخليا عن آمالهما في إحقاق السلام

كانت راشيل جزءاً من مجموعة من الناشطين الفلسطينيين والدوليين الذين سعوا إلى وقف تدمير الممتلكات الفلسطينية (غيتي / اندبندنت)

ملخص

20 عاماً انقضت على مقتل ناشطة السلام الأميركية #راشيل_كوري على يد #الجيش_الإسرائيلي في #غزة فهل تحققت العدالة لذويها؟ 

لم يكن هناك من طريقة جيدة لتلقي أخبار كهذه. تستذكر سيندي، والدة راشيل كوري، اتصال ابنتها الأخرى سارة وزوجها بها عبر الهاتف، وكان واضحاً أن خطباً ما قد حدث، وقيل لها أن "هناك أخباراً سيئة" متعلقة براشيل، الناشطة الشابة التي سافرت إلى غزة قبل شهرين في مسعى إلى حماية حياة الفلسطينيين ومنازلهم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هل ماتت؟ سألت الوالدة على الفور. تقول إنها طرحت السؤال بهذه الجرأة المباشرة على أمل أن تتمكن سريعاً من استبعاد الأسوأ، ولكن لم يكن من مهرب من مواجهة الحقيقة المرة. نعم، يعتقدان أنها لقيت حتفها فقد شاهدا ذلك على الأخبار.

حملت سيندي الهاتف اللاسلكي وأخذته إلى كريغ، والد راشيل، الذي كان يتولى الغسيل في غرفة أخرى منشغلاً بأكثر الأعمال رتابة على الإطلاق، ثم قاما بعدد من الاتصالات، خصوصاً بأفراد آخرين من عائلة راشيل إذ أرادا نقل الخبر شخصياً إليهم بدلاً من معرفة الأخبار من التلفزيون أيضاً، وتحدثا أيضاً مع وزارة الخارجية، واتصل كريغ بمديره. "لا أدري ما الذي حصل لحياتي"، قال له، "ولكنها تغيرت كلياً".

مر حوالى 20 عاماً على ذلك اليوم الرهيب في الـ 16 من مارس (آذار) 2003 عندما علما بمقتل ابنتهما جنوب غزة بعد أن تعرضت للسحق من قبل جرافة "دي-9" وزنها 60 طناً صنعتها شركة "كاتربيلار" Caterpillar Inc ويشغلها الجيش الإسرائيلي. كانت راشيل جزءاً من مجموعة من الناشطين الفلسطينيين والدوليين الذين سعوا إلى وقف تدمير الممتلكات الفلسطينية، وفي ذلك اليوم كانوا يلعبون دور دروع بشرية لوقف تدمير منزل في مخيم رفح للاجئين تقطنه عائلتا شقيقين هما خالد وسمير نصرالله.

 

يشعر والدا راشيل بالاشمئزاز من واقع أن آلاف الفلسطينيين لقوا حتفهم خلال العقدين الأخيرين منذ مقتل ابنتهما ومعظمهم، كما يقول الفلسطينيون، قتلوا على أيدي القوات الإسرائيلية من دون وجه حق.

يعي ذوو راشيل الانتقادات بأن الشعبية (الدعاية) التي أحاطت بمقتل ابنتهما كانت أكبر بكثير مما كان الأمر عليه عندما يقتل أي فلسطيني، وساعد هذا الأمر في تحفيزهما على الاستمرار في عملهما في المؤسسة التي أنشآها باسم ابنتهما.

خلال أيام معدودة أدركا بأن موت ابنتهما قد وضعهما على مسار مختلف لا سبيل للعودة منه، ولم يكن هناك من طريقة سحرية للسفر عبر الزمن واستعادة ابنتهما "الرائعة والمراعية" التي حلمت بأن تصبح شاعرة أو راقصة.

قُتلت ابنتهما ولكن تحتم عليهما إيجاد طريقة للاستمرار في العيش، بخاصة من أجل بقية أولادهما، فقد كان لراشيل أيضاً شقيق اسمه كريس [وشقيقة اسمها سارا]، ومن أجل السبب الذي ضحت راشيل بحياتها في سبيله.

 

شكلا جزءاً من ناد لا تحتاج عضويته إلى طلب للانضمام، نادٍ لأهل أو أقرباء شخص عزيز خسر حياته باكراً، سواء بسبب عنف الشرطة أو إطلاق نار في مدرسة أو في مرض نادر لا يعرف العالم كثيراً عنه، حتى في ذلك الوقت كانا حذرين من الحديث المتكرر عن "التوصل إلى الخواتيم".

لعل المساءلة تبدو عبارة ملائمة أكثر ولكنهما لا يزالان بعيدين كل البعد من إحقاق ذلك.

فيما يسعى هؤلاء الأفراد إلى الحصول على معنى ما من خلال القيام بالحملات للمطالبة بتشريعات أكبر تتعلق باستخدام السلاح أو إصلاح الشرطة، ركز آل كوري على محاولة الاستمرار في عمل ابنتهما ومن خلال سرد قصتها، ومن خلال القيام بذلك تصرفا بالطريقة التي طلبتها ابنتهما منهما بصراحة.

ففي الرسالة الإلكترونية الأخيرة التي أرسلتها لوالديها قبل أربعة أيام من مقتلها كتبت، "مرحباً أبي، شكراً لرسالتك. أشعر أحياناً أنني أقضي وقتاً طويلاً في التحدث مع أمي وافترضت أنها تنقل إليك أخباري ولهذا يتم تجاهلك. لا تقلق بشأني كثيراً فأنا حالياً أشعر بالقلق من أننا لسنا فعالين. لا أشعر أنني في خطر فعلي. بدت رفح أكثر هدوءاً أخيراً".

وأضافت، "شكراً لك أيضاً لأنك عززت عملك المناهض للحرب. أعلم أنه ليس بالأمر السهل وربما أكثر صعوبة من موقعك مما هو من موقعي".

بعد وفاتها تم جمع بعض كتابات كوري من قبل عائلتها ونشرت بعنوان "دعوني أقف لوحدي: مذكرات راشيل كوري" Let Me Stand Alone: The Journals of Rachel Corrie. (كما أن هذه الكتابات ستكون الركيزة لمسرحية بعنوان "اسمي راشيل كوري" My Name is Rachel Corrie من كتابة الصحافية في صحيفة ’غارديان‘ كاثرين فينر والممثل آلان ريكمان الذي أخرج المسرحية عندما تمت تأديتها في لندن)، وضمت إحدى الرسائل الإلكترونية ضمن المجموعة رسالة طويلة كتبتها إلى والدتها بتاريخ الـ 27 من فبراير (شباط) 2003 وجاء فيها، "أردت أن أكتب إلى أمي وأخبرها بأنني أشهد هذه الإبادة الجماعية المزمنة والغادرة وأنا خائفة فعلاً وأسائل إيماني الأساس في صلاح الطبيعة البشرية. يجب لهذا أن يتوقف. أعتقد أنها فكرة جيدة لجميعنا أن نترك كل شيء ونكرس حياتنا لجعل هذا يتوقف. لا أعتقد أن العمل على ذلك أمر متطرف".

 

يقول آل كوري أنهم التقوا عدداً من الأهالي الذين يواجهون مآس أخرى وأحياناً مشابهة، وفي هذا السياق يقول والد راشيل "أعتقد أن الأمر الأكثر إلحاحاً للعائلات وللناجين يتمثل في عدم السماح لأية عائلة أخرى أن تعاني هذا الألم".

تشعر العائلة أنها تخلصت من عبء وجوب اتخاذ قرار لأن ابنتهما طلبت منهما بشكل واضح تكريس نفسيهما لقضيتها ولأنهما في وضع مالي يسمح لهما بذلك، ولهذا الهدف قاما بإنشاء مؤسسة "راشيل كوري" كدافع لإتمام هذا العمل.

وأضاف قائلاً "ينطوي بعض من ذلك على الشعور بالخلاص. يتوجب عليك العمل على أمر ما فهو أفضل من عدم امتلاك معنى بعد خسارة كبيرة كهذه".

ولدت راشيل كوري في أبريل (نيسان) 1979 في أولمبيا، عاصمة ولاية واشنطن الغربية، وهي الابنة الصغرى من بين ثلاثة أولاد وكانت تعيش ما يصفه أهلها بمزايا أسلوب حياة الطبقة المتوسطة.

تلقت تعليمها في مدرسة رسمية، وللحصول على دراساتها العليا ارتادت جامعة "إيفرغرين" الحكومية وهي مؤسسة ليبرالية بوسع الطلاب فيها تصميم المواد والصفوف الخاصة بشهادتهم، وفي الجامعة اكتسبت ذلك الوعي السياسي وانضمت إلى منظمة "الأولمبيين من أجل السلام والتضامن" (Olympians for Peace and Solidarity) التابعة لحركة التضامن الدولية ISM، وهي منظمة ذات قيادة فلسطينية تبذل جهوداً غير عنفية لمواجهة تكتيكات الجيش الإسرائيلي.

خلال عامها الأخير في الجامعة أرادت راشيل رؤية غزة عن كثب، وفيما لم تحصل على أية علامات دراسية عن كتاباتها من هناك، وأثناء سفرها خلال الوقت الذي اختارته بنفسها، اعتبر أهلها بأنه امتداد لتحصيلها العلمي.

وقبل انطلاقها في ذلك كتبت "كلنا نولد ويوماً ما سنموت أيضاً كلنا. وعلى الأرجح إلى حد ما بمفردنا".

 

وأضافت، "ماذا لو لم تكن وحدتكم مأساة؟ ماذا لو أن وحدتنا هي التي تتيح لنا التحدث عن الحقيقة من دون أن نشعر بالخوف؟ وماذا لو أن وحدتنا هي التي تتيح لنا خوض المغامرة واكتشاف العالم كوجود ديناميكي وكأمر قابل للتغير والتفاعل"؟

اتفقت كوري ومتطوعون آخرون على لعب دور دروع بشرية ووضعوا أنفسهم في طريق الجرافات المدرعة التي استخدمها الجيش الإسرائيلي لإبعاد الفلسطينيين، وقد حصل ذلك على خلفية ما أصبح يعرف بـ "الانتفاضة الثانية"، وهي عبارة عن احتجاجات امتدت لسنوات عدة ضد ما اعتبره الفلسطينيون انتهاكات صارخة، وشملت تلك الانتفاضة تفجيرات انتحارية وهجمات صاروخية شنها الفلسطينيون وعمليات قتل وقصف جوي قام بها الجيش الإسرائيلي.

كان العالم بمعظمه يشيح بنظره عن ذلك، وفي أواخر مارس عام 2003، أي بعد أيام على وفاة كوري، أقدمت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على غزو العراق متذرعتين بالبحث عن أسلحة دمار شامل.

عندما قتلت كوري في الـ 16 من مارس 2003 شهد عدد من الأشخاص مقتلها بمن في ذلك عدد من نشطاء السلام الذين أدلوا بشهادتهم حول ما رأوه، وقال أحد الناشطين الأميركيين ويدعى غريغ شانبل لوسائل الإعلام بأن راشيل كانت ترتدي سترة برتقالية بلون مضيء، وبأنها كانت مرئية بكل وضوح لسائق الجرافة وكذلك للجنود على متن الدبابة.

وقال "فيما استمرت الأرض بالتحرك تحت أقدامنا جثت رايتش على ركبتيها واستمرت الجرافة في التقدم، بدأت راشيل تدفن تحت الحطام ومع ذلك لم تتوقف الجرافة".

وأضاف أنه عندما تراجعت الجرافة هرع مع نشطاء آخرين في محاولة للمساعدة، "ومن الواضح أنها كانت في حال يرثى لها. كانت شفتها العليا مشقوقة وكانت تنزف"، وأضاف أنهم اتصلوا بالإسعاف.

 

وتابع: "كانت تتنفس ولكنها كانت تفقد وعيها بسرعة، وخلال دقيقة لم تكن تستطيع أن تعطينا اسمها أو تتحدث. وتابعنا التحدث معها وتشجيعها والتنفس معها وإخبارها بأننا نحبها".

وبعد مرور 20 دقيقة أو أكثر لفظت راشيل كوري أنفاسها الأخيرة.

أجرى التشريح رئيس قسم الطب الشرعي يهودا هيس، ولم يصدر التقرير بشكل علني بل مررت منه نسخة لذوي كوري استنتج بأنها توفيت نتيجة "ضغط على الصدر" (الاختناق) مع إصابتها بكسور في الأضلاع وفقرات العمود الفقري عند منطقة الظهر والكتف وجروح تمزق في الرئة اليمنى مع نزف في التجويف الجنبي".

وسرعان ما ألقى أهل كوري وناشطون آخرون اللوم على الجيش الإسرائيلي، بيد أن إسرائيل نفت تلك المزاعم بالمسؤولية قائلة بأن ما حصل كان حادثة حتى أنها شككت في شهادات الشهود.

وفي أبريل 2003 صدر تقرير عن الجيش الإسرائيلي جاء فيه "خلافاً للمزاعم لم تقم جرافة بالمرور على الآنسة كوري، بل إن الأخيرة أصيبت بجروح نتيجة التربة والركام التي تساقطت عليها خلال عملية جرف، وفي وقت الحادثة كانت كوري تقف خلف تل من التربة وبالتالي لم تكن في مرمى رؤية طاقم الجرافة".

كما اتهم التقرير كوري وأفراداً آخرين من حركة التضامن الدولية "بالتصرف غير القانوني وغير المسؤول والخطر".

يتمثل جزء أساس ومضن من كفاح آل كوري في محاولة تأمين المساءلة، فهم يدركون أنه ليس بوسعهم استعادة ابنتهم ولكنهم يعتقدون بأن أحداً أو جهة ما وربما أشخاصاً عدة أو دولاً أو منظمات يجب أن تتحمل مسؤولية موت ابنتهم، وقد استخدموا القضاء في محاولة منهم لإلقاء اللوم على صانعي الجرافة والجيش الإسرائيلي على حد سواء، بيد أن جهودهم باءت بالفشل.

عام 2005 رفع أهل كوري إلى جانب أربعة عائلات فلسطينية قتل أنسباؤها أو أصيبوا دعوى مدنية ضد شركة "كاتربيلار" التي تتخذ من مدينة تكساس الأميركية مقراً لها، وقد زودت الشركة معدات مماثلة للجيش الإسرائيلي منذ عام 1967. واعتبر أهل كوري والمدعين المشاركين معهم بأن كلفة جرافات "كاتربيلار" تسدد من قبل دافعي الضرائب الأميركيين، وهي تزود لإسرائيل كجزء من مبلغ 3.3 مليار دولار تتلقاها إسرائيل من واشنطن سنوياً، كما اتهموا "كاتربيلار" بسلسلة من الجنايات بما فيها ارتكاب جرائم حرب والقتل خارج إطار القانون.

واعتبروا أنه بسبب معرفة "كاتربيلار" بأن المعدات ستستخدم بشكل غير شرعي، فالشركة تشكل بالتالي طرفاً في الجرائم التي استخدمت معداتها لارتكابها، وقامت محكمة الاستئناف برد القضية عام 2007 من دون التدقيق في الأساس، إذ اعتبرت المحكمة أنه لا يمكنها القيام بجلسات استماع من دون التساؤل في إذا ما كان يجوز للحكومة إرسال معدات كهذه إلى إسرائيل.

وقالت "ليس بوسع المحكمة أن تصدر حكماً لمصلحة المدعين من دون التشكيك ضمنياً، بل وإدانة السياسة الخارجية للولايات المتحدة تجاه إسرائيل، وفي هذا الإطار ندرك حق الإدراك إمكان التسبب في إحراج دولي إذا قامت محكمة فدرالية بتقويض قرارات السياسة الخارجية في السياق الحساس للصراع الإسرائيلي - الفلسطيني".

 

ولم تجب "كاتربيلار" على طلبات "اندبندنت" للتعليق على المسألة، كما أن الجيش الإسرائيلي ووزارة الخارجية الإسرائيلية لم يجيبا أيضاً. وقال متحدث باسم السفارة الإسرائيلية في واشنطن أنه سيصار إلى رفع أسئلة "اندبندنت" إلى المسؤولين في إسرائيل ليجيبوا عنها.

وقام ذوو كوري بالسفر خمس مرات إلى غزة لرؤية مكان مقتل ابنتهما والبقاء على تواصل ليس مع النشطاء الآخرين الذين عرفوا راشيل وحسب، بل أيضاً مع الأسرة التي كانت ابنتهما تحاول إنقاد منزلها من الهدم، ورأى الوالدان معدات "كاتربيلار" التي استخدمها الجيش الإسرائيلي.

وفي هذا الإطار تقول والدة كوري أنها تشعر اليوم "ببعض الإهانة" عندما ترى أي نوع من معدات "كاتربيلار" على الطرقات الأميركية مهما كانت تلك المعدات، مضيفة "أشعر بذلك بسبب كيفية نظرتي إلى استخدام معدات تلك الشركة التي سددت حكومتنا ثمنها. أتذكر دائماً بأن آلة ’كاتربيلار‘ هي التي استخدمت للقيام بذلك، وعلى مر السنوات قمنا مع أشخاص آخرين بمقاضاة شركة ’كاتربيلار‘ لأنها استمرت في القيام بعمليات البيع ولا تزال تقوم بذلك على الأرجح".

وفي إسرائيل وقف الحظ إلى جانب الوالدين بشكل أكبر بقليل، ففي عام 2010 قاما بمقاضاة الجيش الإسرائيلي ووزارة الدفاع الإسرائيلية في مسعى إلى الحصول على حكم وتعويض، وزعم سائق الجرافة الذي أمر القاضي بعدم الكشف علناً عن هويته وأدلى بشهادته من وراء الشاشة بأنه لم ير ابنتهما.

لكن في عام 2012 حكم القاضي أوديد جيرشون ضد الأهل وقام بتبرئة الجيش الإسرائيلي والسائق من أية ارتكابات، وقال بأن كوري كانت مسؤولة لأنها وضعت نفسها في موقف مهلك بخيارها الشخصي، وقال القاضي "لم تتنح جانباً كما كان أي شخص منطقي ليفعل، ولكنها اختارت وضع نفسها في قلب الخطر وبالتالي لقيت حتفها".

وقامت المحكمة العليا في البلاد في وقت لاحق بتأييد هذا الحكم.

وفي هذا الإطار قال والد كوري لشبكة "سي أن أن" في ذلك الوقت "نشعر بخيبة أمل كبيرة ولسنا متفاجئين من الحكم، فقد تم تجاهل القانون الإنساني الدولي في هذا الحكم كما هو الحال في المحاكم الأدنى".

وبالنظر اليوم إلى الحكم يقول آل كوري إنهما غير قادرين على إيجاد شخص يمكن تحميله مسؤولية موت ابنتهما أو لما اعتبراه "الاحتلال الإسرائيلي العنيف" للفلسطينيين. ويقولان إنهما عجزا عن التأثير في السياسة الأميركية تجاه إسرائيل والتي، مع استثناءات قليلة، هي عبارة عن الدعم المطلق من قبل كبار المسؤولين المنتخبين من كلا الحزبين في البلاد، وقال والد كوري "سيقول الناس إننا كنا نحاول إحقاق العدالة. لا أعرف ما الذي تعنيه هذه الكلمة بعد اليوم. أعتقد أن علينا النظر إلى جنوب أفريقيا بحثاً عن بعض الطرق التي تمكننا من إيجاد العدالة".

ولكنه يعبر عن شعوره أن العجز في العثور على المساءلة أرخى بثقله عليهما، مضيفاً "يتوجب الإقرار بكل هذه الأمور، ومن بين كل هذا العنف حالياً أعتقد أن ما نشهده هو قتل الأمل، والأمل هو الأمر الذي تملكه وتحتاجه للبقاء على قيد الحياة".

وتتزامن ذكرى وفاة كوري في وقت بلغت فيه العلاقات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية ذروة التوترات، وسبق لدونالد ترمب أن منح الأولوية لتعزيز اليد الطولى لإسرائيل على حساب مطالب الفلسطينيين، وأدت هذه الخطوة إلى إبرام "اتفاقات أبراهام"، وهي عبارة عن سلسلة من الاتفاقات الهادفة إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة والبحرين، وتم الترحيب بشكل كبير بهذه الاتفاقات التاريخية، ولكن يشعر الفلسطينيون أنه تم تجاهلهم وتهميش محمود عباس رئيس منظمة التحرير الفلسطينية.

استمر العنف بلا هوادة وبلغ مستويات غير مسبوقة منذ سنوات، ووقعت سلسلة من الهجمات العام الماضي نفذها فلسطينيون في وقت شنت إسرائيل عملية "كاسر الأمواج"، وهي حملة قمع كبيرة.

وفي يناير (كانون الثاني) الماضي شهد يوم واحد أكثر عملية دموية للجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة منذ عام 2005، فقد قتل الجيش تسعة فلسطينيين بمن فيهم رجال مسلحون وامرأة تبلغ من العمر 61 عاماً خلال غارة ضد مشتبه فيهم في مخيم للاجئين في جنين، فيما أُصيب العشرات بجروح.

وأدى العنف المستمر إلى وقوع أكبر عدد من الوفيات في الضفة الغربية منذ عام 2004، فقد قتل حوالى 150 فلسطينياً على يد القوات الإسرائيلية العام الماضي بحسب مجموعة حقوق الإنسان الإسرائيلية "بتسليم" B’Tselem، ومن بين هؤلاء الصحافية الإسرائيلية - الأميركية شيرين أبو عاقلة التي قتلت أيضاً داخل مخيم للاجئين في جنين.

ويقول المراقبون إن الوضع أصبح أسوأ منذ إعادة انتخاب بنيامين نتانياهو في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي رئيساً لوزراء إسرائيل على رأس حكومة ائتلافية يمينية.

 

ومن بين السياسيين الموجودين في تلك الحكومة والذين اعتبروا في ما مضى حتى خارج حدود السياسة الإسرائيلية المتطرفة، إيتمار بن غفير، فقد دعا بن غفير يوماً إلى طرد الفلسطينيين "غير الأوفياء" لإسرائيل، وهو عضو سابق في حزب "كاخ" الإسرائيلي المحظور الذي يعتبر منظمة إرهابية في البلاد.

وقام نتانياهو بتعيينه وزيراً للأمن الداخلي، وأثارت زيارته إلى المسجد الأقصى، أحد أكثر المواقع الدينية حساسية، موجة من الغضب، وهو الذي قاد حملات القمع الأخيرة في البلاد.

لم يفصح آل كوري عن المكان الذي دفنا فيه ابنتهما، ولكن هناك نصباً تذكارياً لها داخل جامعة "إيفرغرين" الحكومية، يتمحور حول قطعة ابتكرها الفنان العالمي وخريج جامعة "إيفرغرين" روس ماتيسون، ويحمل النصب عنوان "التفكير في السلام والعدالة"، وهي عبارة عن مجسم من الحديد البرونزي والمصقول يجسد يمامة على رأس هرم.

 

وعندما تم وضع النصب قالت والدة كوري للحاضرين بأنها أجلت الذهاب لرؤيته إلى حين الافتتاح العلني. وأضافت، "أردت أن أشارك أول لقاء لي مع النصب التذكاري في هذا المكان المميز معكم جميعاً، أنتم الذين أتيتم للاحتفاء بذكرى راشيل والتزامها بالسلام مع العدالة والسلام مع التعاطف، ولتكريس الدعوة إلى التوعية والتحرك الذي يتطلبه النصب التذكاري وطلبت راشيل منا القيام به".

يقيم آل كوري مناسبات للاحتفال بالذكرى السنوية لوفاة ابنتهم ويحاولون تضمين عناصر مختلفة في هذا الحدث، ومنهم عناصر لبناء المجتمع وأخرى لتثقيف الناس، ويدركون أن الذكرى الـ 20 ستضطلع بأهمية أكبر.

وتضيف الوالدة، "أعتقد أن الأمر مختلف لكل فرد من أفراد أسرتنا، فهناك نوع من الانعكاس الشخصي الذي نقوم به، وتقدم المناسبات التي تنظمها المؤسسة تركيزاً كبيراً".

وفي سياق متصل يقول والد كوري إنه على مر السنوات تعرفا "للأسف على عدد من العائلات" التي تأثرت بالصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، مضيفاً أن لديهما أصدقاء في أوساط الفلسطينيين الذين فقدوا أعزاء وأحباء لهم، وأصدقاء من بين الإسرائيليين الذين نكبوا بخسارة مماثلة.

وقال إن كل عائلة يعرفها تريد وقف وقوع مزيد من الوفيات، "إذا نظرتم إلى الشهر الماضي ترون أننا فشلنا كلنا في هذا المسعى لسوء الحظ، ولكن عليكم المحاولة وبذل كل ما بوسعكم. لا شك في أننا التقينا بأشخاص طيبين أثناء قيامنا بذلك، وأعتقد أن هذا ما جمعنا معاً".

© The Independent

المزيد من تحقيقات ومطولات