Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا نخشى على "خيمة القيم" من رياح الفن؟

"الثمن" و"أزمة منتصف العمر" يجددان الجدل حول "المسكوت عنه" وفنانون: "لسنا مجتمعاً مثالياً"

الناس تشعر بالفزع من رؤية مشكلة جريئة على الشاشة ويحاولون الإنكار مدعين أن كل شيء على ما يرام (مواقع التواصل)

ملخص

هل تعد #الأعمال_الفنية المقتبسة من الخارج بمثابة قنبلة موقوتة تهدد معايير وأخلاقيات #المجتمع_العربي

رجل يتزوج من فتاة أصغر منه عمراً، ثم يجد نفسه متورطاً في حب والدتها، لتكتمل المفاجأة بأن يقيم معها علاقة آثمة لتصبح الأم والابنة حبليين من الرجل نفسه.

تلك القصة التي تدور حولها حلقات مسلسل "أزمة منتصف العمر"، الذي أثار ضجة كبيرة وتسبب في سيل من الاتهامات بنشر أفكار تهدم المجتمع لدرجة المطالبة بوقف عرضه، وتردد أن المسلسل مقتبس من المسلسل التركي "العشق الممنوع".

جرائم وخيانات

كما تسببب مسلسل "الثمن"، المستوحى من المسلسل التركي "ويبقى الحب"، في إثارة حال من الجدل، حيث تدور قصته حول أرملة تضطر إلى إقامة علاقة محرمة مع مديرها في العمل في مقابل 200 ألف دولار حتى تجري جراحة عاجلة لابنها المريض بالسرطان، والمسلسل من بطولة باسل خياط ونيكولا معوض ورزان جمال.

هذان العملان وقبلهما مسلسل "ستليتو"، المقتبس من مسلسل تركي بعنوان "جرائم صغيرة"، ويدور حول مكائد تنفذها صديقات دراسة ببعضهن بعضاً، ومنها خيانات زوجية وجرائم تصل إلى درجة القتل، فتحت باب النقاش حول الأعمال المقتبسة، وهل هي بمثابة قنبلة موقوتة تهدد معايير وأخلاقيات المجتمع العربي؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولعل هذه الأعمال ليست بداية العهد بتقديم أعمال مثيرة للجدل والاتهام بمخالفة بعض القيم العربية، فهناك أفلام ومسلسلات درامية شهيرة مستوحاة من أعمال أجنبية، وتسببت كذلك في ردود فعل صاخبة من قبل، مثل مسلسل "لو" من بطولة نادين نسيب نجيم، ويوسف الخال، وعابد فهد، وتأليف بلال شحادات، وإخراج سامر البرقاوي.

والمسلسل مقتبس من الفيلم الأميركي الذي صدر عام 2002 ببطولة ريتشارد جير وديان لين بعنوان "Unfaithful". وتناول المسلسل قصة زوجة تشعر بفراغ عاطفي نتيجة انشغال زوجها الدائم فتتورط في علاقة غرامية مع أحد الفنانين التشكيليين، وعندما تشعر بتأنيب الضمير وتحاول التخلي عنه يهددها ويطاردها فتضطر إلى قتله.

كما قدمت الدراما العربية مسلسل "تشيللو"، بطولة تيم حسن ونادين نجيم ويوسف الخال، وتناول قصة سببت هجوماً كبيراً على العمل المستوحى من فيلم أميركي للنجم روبرت ريدفود وديمي مور بعنوان "Indecent Proposal".

يدور المسلسل حول ياسمين عازفة التشيللو والمتزوجة من زميلها عازف البيانو آدم، وتبدأ الأزمة عندما يقع رجل الأعمال الشهير تيمور في حب ياسمين ويعرض عليها مبلغاً من المال في مقابل إقامة علاقة وقضاء يوم معه، وأمام الاحتياج للمال يوافق الزوجان على العرض وتتعقد علاقتهما بعد ذلك.

دموية وإثارة

مسلسل "روبي" أيضاً كان واحداً من المسلسلات المقتبسة من مسلسل مكسيكي وأثار الجدل وقت عرضه، حيث تناول قصة فتاة فقيرة جداً لكنها جميلة وجريئة تحاول استغلال فتنتها وأنوثتها للاستيلاء على قلب خطيب صديقتها المقربة من أجل المال، بينما تتخلى عن خطيبها الطبيب الفقير. والمسلسل من بطولة سيرين عبدالنور ومكسيم خليل وأمير كرارة، ومن تأليف كلوديا مارشليان، وإخراج رامي حنا.

كما تم تحويل عمل صربي إلى مسلسل الجريمة والإثارة "عهد الدم"، الذي صدر موسمه الأول في 2020، وهوجم بشدة لنشره مفاهيم تعبر عن الدموية والانتقام وروح العصابات. ولعب بطولته باسل خياط ونادين تحسين بك وندى أبو فرحات.

 

وتسبب فيلم "أصحاب ولا أعز" في حدوث جدل هائل، واتهمه كثيرون بمخالفة قيم المجتمعات العربية، لما جاء فيه من تفاصيل وألفاظ لا تتناسب مع العادات العربية، مثل المثلية الجنسية والخيانة الزوجية، والفيلم مأخوذ عن الفيلم الإيطالي "Perfect Strangers".

ومن الأعمال التي أثارت عاصفة وتم إيقاف عرضها فيلم "حلاوة روح" لهيفاء وهبي، والمأخوذ عن الفيلم الإيطالي الشهير "ميلينا" بطولة مونيكا بيلوتشي، واتهم الفيلم بالترويج للإثارة لأن قصته تدور حول سيدة فاتنة يقع في حبها جميع أهل المنطقة، ويتعاطف معها صبي في بداية الشباب ويحاول مساعدتها.

الفيلم تم إنتاجه عام 2014، وشارك هيفاء وهبي بطولته باسم سمرة ومحمد لطفي وصلاح عبدالله، وهو من تأليف علي الجندي، وإخراج سامح عبدالعزيز.

اتهام مبالغ فيه

الناقد الفني جمال عبدالقادر يقول إن اتهام بعض الأعمال المقتبسة بتدمير القيم العربية مبالغ فيه جداً، وكل المشكلة أن الناس تشعر بخوف وفزع بمجرد أن يروا مشكلة جريئة على الشاشة، ويحاولون الإنكار مدعين أن كل شيء جيد ومثالي، وتلك الأخلاقيات مستوردة من الخارج عبر الدراما والفن، والحقيقة أن هناك كثيراً من المشكلات الحساسة موجودة وبكثرة في المجتمعات العربية، لكن الحياء يمنع تناولها، وعندما بدأنا في طرحها من خلال الفن علقوا المشانق واتهموا الاقتباس بأنه يصدر قيماً مغلوطة.

وأشار عبدالقادر إلى أنه لا ينكر أن نسبة المشكلات الحساسة لدى المجتمعات العربية أقل كثيراً من المجتمعات الغربية، لكنها موجودة بالفعل وقد يكون إخفاؤنا لها هو ما يوهمنا بأنها أقل من مثيلتها في الخارج، وعلينا في كل الأحوال أن نعرض كل أنواع المشكلات مهما كانت، لأن الفن يتمتع بحرية إبداعية تكفل له صلاحيات خاصة مثل القدرة على التعبير.

 واختتم بأن الدراما والسينما يحققان توازناً كبيراً في الموضوعات والأفكار، حيث تقدم أفكاراً بناءة جداً تخص المجتمع وشرائحه العريضة، وفي الوقت نفسه تحاول كسر الجمود والتابوهات بأعمال أخرى ذات أفكار جريئة ومميزة.

 

وعن مسلسل "أزمة منتصف العمر" وتشبيهه بالمسلسل التركي "العشق الممنوع" ووصفه بأنه "قنبلة ضد القيم المجتمعية الشرقية"، يقول مخرجه كريم العدل "فكرة أن العمل مقتبس من مسلسل تركي ليست مقصودة، لأنني لم أمن شاهدت المسلسل التركي ولا بطل العمل كريم فهمي، والموضوعان مختلفان، فبطل العشق الممنوع أحب زوجة عمه، أما بطل مسلسلنا فقد أحب والدة زوجته، وبالنسبة إلى ما يقال حول أن المسلسل يهدم قيم المجتمع فهذا غير حقيقي، لأننا لم نختلق شيئاً خيالياً بل على العكس، فهذه الحكايات موجودة بنسب مختلفة في مجتمعنا العربي، وقد يكون الهجوم علينا لا بسبب عدم وجودها، بل لأنها من المسكوت عنه، ولم تناقش قبل ذلك في عمل درامي.

وتابع العدل "مشكلتنا الحقيقية أننا نخشى مواجهة بعض الأمور، وبعضنا يحاول أن يدعي أن المجتمع شديد المثالية وهذا غير حقيقي، وعلينا كمبدعين أن نطرح المشكلات من دون خوف ونبحث عن حلول لها".

وأشار إلى أنه كان متخوفاً من ردود الأفعال بعد استقبال العمل، لكنه استشار فقهاء دين أثناء كتابته، ولم يمنعه أحد من استكمال المسلسل، بل تم تشجيعه على طرح المشكلة مع تخفيف الموضوع وتقديم حلول.

لسنا مثاليين

شاركت الممثلة والمخرجة اللبنانية نادين لبكي في بطولة فيلم "أصحاب ولا أعز" مع منى زكي وجورج خباز وعادل كرم وإياد نصار ومجموعة من النجوم، وأثار العمل كثيراً من الهجوم والجدل، واتهم بالترويج لأشياء مرفوضة في المجتمعات العربية مثل المساكنة والمثلية الجنسية.

تقول نادين "يجب ألا نخبئ عيوننا وراء أصابعنا، فنحن لسنا مجتمعات مثالية، ولدينا كثير من المشكلات والعيوب، وهناك واقع لا بد أن نعترف بعيوبه وقضاياه ونتطرق إليها".

وأشارت إلى أن "الاختباء لا يفيد، بالعكس فالمواجهة هي الحل لمناقشة شوائب حياتنا، ويجب ألا نخجل من عرضها في السينما كما هي من دون تجميل، وليس من مصلحتنا أن نظهر أنفسنا خالين من العيوب ومثاليين، ولا أفهم ما الحاجة إلى ادعاء كمال غير موجود".

واختتمت بأنها لم تتأثر سلباً بالجدل الذي دار، بل بالعكس كانت سعيدة بردود الفعل الواسعة حول الفيلم ومشكلاته.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة