في 31 مايو (أيار) 2023 تنتهي ولاية المجالس البلدية في #لبنان، في ظل غموض حول إمكانية إجراء #الانتخابات_البلدية والاختيارية مع استمرار #الشغور_الرئاسي، وعدم حماسة الأحزاب والقوى السياسية تجاهها، إضافة إلى عراقيل عديدة، منها التمويل، وعقد #جلسة_تشريعية.
وباتت التوافقات السياسية تتحكم بمواعيد الاستحقاقات في لبنان، متجاوزة النصوص الدستورية والقانونية التي هي عادة المرجع النهائي، إذ يستحيل إجراء أي استحقاق انتخابي في موعده من دون شبه إجماع بين القوى السياسية المؤثرة، وهذا ما تشهده البلاد حالياً في استحقاق انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتوقع انسحابه أيضاً من الانتخابات البلدية والاختيارية، والتي سبق أن تم تمديد ولايتها في مايو الماضي لسنة إضافية، نظراً لتزامنها مع الانتخابات النيابية، والتي جرت في 15 من الشهر في عام 2022 نفسه.
وبررت القوى السياسية حينها أهمية تمديد ولاية المجالس سنة إضافية، بأنها ستكون فرصة مواتية لإقرار قانون عصري للبلديات قائم على أساس النسبية، ويتضمن سلة واسعة من الإصلاحات من ضمنها انتخاب رئيس البلدية بشكل مباشر، إلا أن هذا الأمر لم يحصل، وانحصر في تقديم النائب رازي الحاج اقتراح قانون بقي في أدراج المجلس، ولم يتم عرضه للمناقشة.
وتنتظر 1055 بلدية في أنحاء البلاد، تضم 12474 عضواً، إجراء الانتخابات التي تبلغ كلفتها، بحسب مصادر وزارة الداخلية، 11 مليوناً و350 ألف دولار، إذ يؤكد متخصصون دستوريون أنه لا علاقة بين الفراغ الرئاسي وإجراء الانتخابات البلدية والاختيارية، موضحين أنه في مايو 2016 جرت الانتخابات البلدية في وضع مشابه، وقبل أشهر من انتخاب الرئيس السابق ميشال عون.
الأحزاب غير جاهزة
وفي وقت يؤكد فيه وزير الداخلية والبلديات بسام المولوي الجهوزية اللوجيستية لإجراء الانتخابات في موعدها، تشكك مصادر نيابية عديدة في إمكانية ذلك، إذ في رأيها "القوى السياسية غير جاهزة حالياً لهذا الاستحقاق، وكل الانشغالات تنصب حول الاستحقاق الرئاسي"، مشيرة إلى أن إجراء الانتخابات يتطلب جلسة لمجلس النواب لإقرار الموازنة العامة، ومن ضمنها نفقات الانتخابات، وهو أمر مستبعد حالياً.
وتشير إلى أنه لو جرى انتخاب رئيس للجمهورية في مارس (آذار) المقبل في أحسن الأحوال، سيحتاج تكليف رئيس وزراء، ومن ثم تشكيل حكومة جديدة إلى وقت، إضافة إلى العمل على البيان الوزاري والحصول على الثقة من مجلس النواب، بالتالي تكون مهلة إنجاز تلك الانتخابات غير منطقية.
وظيفة المختار
ويعتبر أمين عام الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات "لادي" روني أسعد أنه ليس هناك من أي مانع قانوني أو تشريعي يعوق إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية في موعدها، ووفق القانون الساري حتى الآن، والذي على أساسه أجريت في 2016، وأن اعتماد النظام النسبي في الانتخابات النيابية لا يتعارض مع النظام الأكثري القائم في قانون البلديات والمخاتير.
وطالب أسعد في تصريح له، وزير الداخلية، باحترام المهلة الزمنية المنصوص عليها بحسب المادة 11 من المرسوم الاشتراعي رقم 118 بتاريخ 1977، لدعوة الهيئات الناخبة، والقيام بكل ما يلزم لتأمين إجرائها في موعدها.
إلا أنه انتقد القانون الحالي الذي في رأيه لا يواكب تطور الحياة الديمقراطية، داعياً إلى تغيير القانون في المرحلة المقبلة، لا سيما لناحية تضمينه فصولاً خاصة بالإنفاق المالي والإعلام والإعلان الانتخابيين، وأيضاً فتح النقاش حول وظيفة "المختار" التي لم تعد قائمة في معظم دول العالم، ونقل صلاحياتها إلى المجالس البلدية.
طعن الدستور
بدوره، يوضح المدير التنفيذي للجمعية اللبنانية للشفافية جوليان كورسون، أنه يمكن أن يعاد النظر في القانون، لكن ليس الآن كي لا يكون ذريعة لتأجيل الانتخابات، مضيفاً، "يمكن العمل على موضوع اللامركزية الإدارية، كونه أحد أبرز بنود اتفاق الطائف، وأهميته على مستوى العيش لدى الناس والحياة ومكافحة الفساد"، مشترطاً اعتماد اللامركزية كشرط وحيد، ليكون التأجيل فاعلاً ومفيداً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار إلى أن عدم حصول الانتخابات في موعدها يشكل طعناً جديداً بالدستور، وضربة للمبادئ الديمقراطية واحترام المهل الزمنية وتداول السلطة، لافتاً إلى أن موقف المجلس الدستوري في قرارات سابقة له أمر معروف، وهي تجديد لوكالة لم تعد حائزة ثقة الناس، ومنعهم بالتالي من المحاسبة أولاً، ومن انتخاب هيئات جديدة تنظم شؤونهم الحياتية اليومية، وبخاصة أن عديداً من رؤساء البلديات أعلنوا عن عدم قدرتهم أو رغبتهم بالاستمرار في القيام بدورهم، كما أن عديداً من المجالس البلدية تم حلها، بالتالي غياب هذه المسؤولية كارثة على المجتمع في هذه المرحلة التي تمر بها البلاد. وطالب بتشكيل هيئة مستقلة بدلاً من وزارة الداخلية، للتنظيم والإشراف على العملية الانتخابية لها صلاحيات واضحة وقابلة لتطبيقها.
تمويل أوروبي
في حين يشكك المتخصص في الشأن الانتخابي كمال فغالي في إمكانية إجراء الانتخابات في موعدها، مشيراً إلى أن التمويل المرصود لها غير كافٍ، وحتى الآن لم تقر موازنة 2023، إضافة إلى عقبات أخرى مثل تأمين الكهرباء لأقلام الاقتراع والفرز ولجان القيد.
وكشف في تصريحات صحافية عن محاولات يقوم بها وزير الداخلية لتأمين تمويل من الاتحاد الأوروبي، والمنظمات والمؤسسات الدولية، وعندها تكتفي الحكومة بالاجتماع وإصدار مراسيم قبول الهبات الخارجية، لتجنب انتظار إقرار الموازنة.
وأوضح أن كلفة الانتخابات البلدية أكثر ثلاث مرات من كلفة الانتخابات النيابية، باعتبار أن الاستحقاق النيابي يجري في يوم واحد، أما الانتخابات البلدية فتجري على مدى أربعة أسابيع.
سلطة القائمقام
أما المتخصص القانوني والدستوري المحامي سعيد مالك فرأى عقبتين لوجيستية وقانونية تواجهان الاستحقاق، إذ تكمن الأولى في تأمين الاعتمادات المالية، وعدم إقرار موازنة 2023، وعدم إمكانية إقرارها في ظل استمرار الشغور الرئاسي، لأن هناك معارضة من شرائح سياسية كبيرة لعقد جلسة تشريعية قبل انتخاب الرئيس. أما العقبة الثانية فتكمن في أن الانتخابات البلدية تعتمد أصول انتخاب أعضاء المجلس النيابي نفسه، أي إنها يفترض أن تحصل وفق القانون النسبي، حيث إن المادتين 11 و16 من قانون البلديات الصادر عام 1977، تنصان على أن أصول انتخاب أعضاء المجلس النيابي تنطبق على الانتخابات البلدية، مما يقتضي إجراء الانتخابات وفق القانون النسبي الذي يستحيل تطبيقه قبل تعديل هاتين المادتين. وتخوف من أن يفشل البرلمان في الانعقاد لبت مصير الانتخابات، سواء لناحية التمديد، أو إقرار قانون جديد، بالتالي نصل إلى 31 مايو المقبل، موعد انتهاء ولاية جميع المجالس البلدية، من دون إجراء الانتخابات، ومن دون التمديد للمجالس البلدية، وحينها تحل هذه المجالس، وتتحول إلى تصريف الأعمال، وتصبح تحت سلطة القائمقام في كل قضاء من الأقضية اللبنانية.
الأول من أبريل
وفي مناسبات عدة أعلن وزير الداخلية أنه لن يطرح موضوع تأجيل الانتخابات البلدية على مجلس الوزراء، مشيراً إلى أن "القانون يجبرني أن أدعو إلى هذه الانتخابات في الأول من أبريل (نيسان) المقبل، وأن أجريها في شهر مايو، خصوصاً أن ولاية مجالس البلدية الحالية في كل لبنان تنتهي في 31 مايو المقبل، إلا إذا صدر من المجلس النيابي أي قانون بإرجائها، وليس أنا من سيقترح التأجيل".
وأكد المولوي أن الانتخابات البلدية لا تشكل عبئاً على الأمن، وهي تفرز دينامية جيدة، وتشكل عنصراً مساعداً لضخ الحياة والنشاط في السلطات المحلية، وأنه سيحاول إبعاد موضوع الانتخابات البلدية عن التجاذبات السياسية. إلا أنه في مقابل إصرار المولوي، برزت مؤشرات معاكسة من خلال سحب بند الانتخابات البلدية الذي كان مدرجاً على جدول أعمال الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء، بعدما رأى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن الأولوية لانتخاب رئيس للجمهورية، لا مجالس بلدية، بحسب ما أعلن وزير الإعلام زياد مكاري.