تتسم العلاقات العربية- الإيرانية بالتنوع ما بين تعاونية مع بعض الدول ومتحفظة مع بعضها الآخر ومصدر تهديد لمصالح فريق ثالث، ومن ثم فإن انفتاح بعض الدول على الحوار مع #إيران و#تطبيع العلاقات معها يدفع إلى التساؤل حول كيف يمكن بناء نظام آمن #شرق_أوسطي في ظل هذه المحددات ومع وجود كثير من المعوقات، إذ إن بناءه يعني وجود حوار وحل للخلافات وخفض للتصعيد.
وإذا كان هناك تطبيع في العلاقات بين إيران والإمارات وجولات حوار بين الرياض وطهران، فإن مصادر التصعيد وإن كانت معرضة للخفض في بعض المساحات، ما زالت حاضرة بقوة في مساحات أخرى، بما يعني أنها ستكون معوقات أمام محاولات بناء نظام أمني شرق أوسطي.
فمنذ سنوات كان منع إيران من حيازة أسلحة نووية ومن تفاقم حال عدم الاستقرار في الشرق الأوسط من الأهداف الرئيسة للولايات المتحدة ولكل دول المنطقة، ومن ثم كان هناك عمل على توفير آلية دبلوماسية قابلة للتطبيق لتقييد أنشطة إيران النووية، بالتالي كان إتمام الاتفاق النووي عام 2015. وبعد الانسحاب الأميركي من الاتفاق، لم تعد طهران اليوم أبعد ما تكون عن القنبلة النووية وتعقدت العلاقات بينها وواشنطن وتزايدت فرص نشوب صراع عسكري بينها وتل أبيب.
ومع ذلك لم يكن استمرار الاتفاق النووي والاحتفاظ به وتنفيذه بشكل فاعل نهاية الطريق الدبلوماسي مع إيران، فثمة كثير من الملفات التي ينبغي العمل عليها لتحقيق الاستقرار الإقليمي، ومنها مواجهة سلوك التهديد الإيراني من ترسانتها المتزايدة للصواريخ الباليستية، إلى استخدامها لوكلائها الإقليميين.
لذا فإن نجاح أي استراتيجية للتعامل مع إيران يعتمد إلى حد كبير على سلوك طهران، من جهة أخرى، يتطلب من الولايات المتحدة تبني استراتيجية شاملة ومتكاملة تجاهها، تجمع بين الترغيب والإكراه، حتى يمكن التركيز على كبح سلوك إيران المزعزع للاستقرار الإقليمي.
وفي ما يخص أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط، يجب أن يتم العمل على زيادة الكلف التي تتحملها طهران لدعمها وكلاءها من خلال مجموعة من الأنشطة العسكرية والاستخباراتية المباشرة التي تهدف إلى التصدي للأعمال الإيرانية وتطبيق العقوبات الاقتصادية وفي بعض الحالات إرسال عمليات نشر عسكرية أميركية لمواجهة الأهداف الإيرانية. من جهة أخرى يجب استكمال هذه الخطوات برغبة في إبقاء قنوات الحوار المتعددة مفتوحة وإيجاد آليات حل النزاع لمنع التصعيد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كما ينبغي اتخاذ خطوات من جانب القوى الدولية وتشجيع الوكالة الدولية للطاقة الذرية على مراقبة الأنشطة النووية الإيرانية بشكل كامل ودعمها في ذلك.
وفي حال عادت الولايات المتحدة للاتفاق النووي، فإنه يجب العمل مع الشركاء الدوليين على التخطيط المسبق لاستجابة منسقة ومتناسبة لمحاولات إيران امتلاك قدرات نووية بعد انتهاء مدة الاتفاق وإيجاد آلية لمحاسبتها حال تطوير قدرات نووية غير سلمية ومخالفة للقانون الدولي، مع استمرار الحفاظ على وجود عسكري قوي في الشرق الأوسط.
ومن جانبها ستعمل إسرائيل على اتخاذ خطوات عسكرية لضمان إبعاد الميليشيات المدعومة من إيران و"حزب الله" عن مرتفعات الجولان وجنوب غربي سوريا، ومنع أو الحد من التعزيزات العسكرية الإيرانية التقليدية في سوريا، ويعد هذا أهم عوامل استمرار التصعيد بين طهران وتل أبيب.
كما من غير المرجح ردع إيران أو إقناعها بتقليص استثماراتها الهائلة في شبكة وكلائها، لكن ربما العمل على الكشف عن الدعم الإيراني للجماعات المتطرفة مثل "طالبان" و"القاعدة" يضر بالحرس الثوري الإيراني في نظر المواطنين الإيرانيين الساخطين على النظام وفي المجتمع الدولي، بما يعزز الصورة الذهنية السلبية لإيران أمام العالم، مما يدفع نخبتها إلى التراجع.
كذلك قد تكون رغبة إيران في تطبيع علاقاتها مع دول الخليج والانفتاح الاقتصادي عليها ورقة يمكن لتلك الدول الاستفادة منها في تقويم سلوك طهران، فضلاً عن استثمار علاقاتها بالصين وروسيا أصدقاء إيران للضغط عليها لخفض سياستها الإقليمية الرجعية والعدوانية.