Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

دعوات إلى زيادة تدعيم الطحين بمواد تقي من عيوب خلقية

تشير تقديرات إلى أن المقترحات الحالية ستحول دون حدوث حوالى 200 عيب في الأنبوب العصبي سنوياً أي نحو 20 في المئة من المعدل السنوي الذي تسجله المملكة المتحدة من هذه التشوهات الخلقية

العام الماضي أعلنت الحكومة البريطانية أن حمض الفوليك سيضاف إلى دقيق القمح الأبيض غير الكامل (رويترز)

حذر أطباء بارزون في المملكة المتحدة من أن المقترحات الداعية إلى تدعيم بعض أنواع الطحين بفيتامين يقي الأطفال من الإصابة بحال صحية في العمود الفقري تتهدد حياتهم لا ترقى إلى المستوى المطلوب، موضحين أن الخدمة الصحية في البلاد تدفع 30 مليون جنيه استرليني لكل مولود يكابد عيباً في الأنبوب العصبي.

العام الماضي أعلنت الحكومة البريطانية أن حمض الفوليك folic acid سيضاف إلى دقيق القمح الأبيض غير الكامل [الذي يفقد بالمعالجة الصناعية كثيراً من مكوناته الغذائية والألياف والفيتامينات] في مختلف أنحاء المملكة المتحدة للمساعدة في الوقاية من إصابات الأنبوب العصبي لدى المواليد الجدد، ولكن في رأي العلماء لا بد من اتخاذ خطوات أكبر للحؤول دون الإصابة بهذه العيوب الخلقية، علماً أنها تشوهات في النمو تحدث في وقت باكر من الحمل.

ومعلوم أن عدم الحصول على كمية كافية من حمض الفوليك قبل فترة وجيزة من الحمل وفي المراحل الباكرة منه يقود إلى نشوء عيوب في الأنبوب العصبي، ويسفر عن إصابات في العمود الفقري لدى الجنين، من بينها "السنسنة المشقوقة" spina bifida [لا تنغلق عظام العمود الفقري (الفقرات) على الحبل الشوكي] أو انعدام الدماغ anencephaly [عدم وجود جزء كبير من الدماغ أو الجمجمة أو فروة الرأس].

حمض الفوليك شكل من الفولات من صنع الإنسان لا ينتجه الجسم بشكل طبيعي، ومن المأمول أن إضافة هذا الفيتامين إلى الطحين يسهم في حصول النساء اللاتي سيكتشفن حملهن قريباً أو النساء في المراحل الباكرة من الحمل على مستوى معين من الفيتامين عند تناول الخبز أو غيره من أطعمة مصنوعة من الدقيق.

وتشير تقديرات إلى أن المقترحات الحالية ستسهم في الوقاية من 200 عيب تقريباً في الأنبوب العصبي (NTDs) سنوياً، أي نحو 20 في المئة من الإجمالي السنوي الذي تسجله المملكة المتحدة من هذه الإصابات.

ولكن وجد عدد من الخبراء أن المقترحات بشكلها الحالي ليست كافية، وقالوا إن تدعيم دقيق القمح غير الكامل بـ 0.25 مليغرام لكل 100 غرام منه لن يعود بالنفع على من يعانون اضطرابات هضمية أو عدم تحمل الغلوتين، وكذلك الأمر بالنسبة إلى من يحصلون على حصتهم من الكربوهيدرات من الرز بشكل أساس.

وقال نيكولاس والد، بروفيسور في الطب الوقائي في كلية لندن الجامعية، إن إضافة نحو مليغرام واحد من حمض الفوليك إلى كل 100 غرام من الدقيق والرز سيمنع ربما نحو 800 حالة من عيوب الأنبوب العصبي سنوياً، أي حوالى 80 في المئة من إجمال الإصابات السنوية.

وقال إن الاكتفاء بتوجيه النصيحة إلى النساء بتناول حمض الفوليك قبل الحمل "لا يؤتي ثماره"، مضيفاً أن "البديل الوحيد هو إغناء المواد الغذائية الأساس بهذا الفيتامين، علماً أن حوالى 80 دولة حول العالم تطبق هذا الإجراء".

وأضاف السير نيكولاس أنه في ظل "التدعيم الكامل الفاعلية" للمواد الغذائية بحمض الفوليك ستنتفي حاجة النساء إلى تناول مكمل حمض الفوليك عندما يحاولن الحمل أو خلال الحمل، ورأى أنه في المستطاع "تدعيم كل منتجات الدقيق والرز وإضافة علامة تنبيه "غير مدعم" على الأنواع غير المدعمة.

"المطلوب التدعيم الكامل الفاعلية وليس التدعيم الفاعل وحسب"، بحسب كلام البروفيسور نيكولاس لـ "مركز العلوم الإعلامي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأكمل قائلاً "في العام الماضي اتخذت الحكومة البريطانية قراراً ساراً يقضي بالتدعيم الإلزامي لدقيق القمح وليس القمح الكامل في بريطانيا، ولكن اللجوء إلى تدعيم أعلى من المستوى المقترح سيبقى آمناً وسيدرأ كثيراً من العيوب عن الأنبوب العصبي".

أما نينا مودي، بروفيسورة في طب الأطفال حديثي الولادة في "إمبريال كوليدج لندن" والرئيسة المنتخبة لـ "الجمعية الأوروبية لطب الفترة المحيطة بالولادة"، فقالت إنها "عايشت شخصياً مأساة ولادة طفل مصاب بعيب في الأنبوب العصبي".

وأوضحت، "في المملكة المتحدة تنتشر لدينا حال العيب الخلقي في الأنبوب العصبي وتعتبر أعلى المعدلات في أوروبا"، مضيفة أن "عدداً كبيراً من تلك الحالات انتهى بالإجهاض الآن".

وأشارت البروفيسورة مودي "ولكن بالطبع يحتاج الأطفال المولودون أحياء إلى جراحة وإلى جراحات عدة غالباً، وتلزمهم دائماً رعاية صحية كبيرة مدى الحياة".

وتكمل، "إذاً نحن لسنا إزاء حال بسيطة، إنها حال خطرة وتترك تداعيات رئيسة كبيرة على الطفل المصاب وعلى أسرته تستمر مدى الحياة"، مشيرة "الوقاية أفضل كثيراً من هذه الحال الصحية المأسوية".

ليزلي ريغان، بروفيسورة في التوليد وأمراض النساء في مقر "مستشفى سانت ماري" في "إمبريال كوليدج" والمستشارة الفخرية في أمراض النساء في "إمبريال كوليدج" التابعة لـ "هيئة الخدمات الصحية الوطنية"، أشارت إلى وجود "أسباب علمية وطبية وأخلاقية واقتصادية وراء ضرورة إعطاء الجرعة الصحيحة [من الفوليك أسيد] للحصول على أقصى قدر من الوقاية"، وأضافت "من موقعي كأحد أعضاء "أن آتش أس ريزوليوشن" NHS Resolution [هيئة تقدم المشورة لخدمة الصحية الوطنية البريطانية] نرى الآن أن الأطفال الذين لحقت بهم عيوب جسدية أو ولدوا متضررين، سواء بسبب حادثة أثناء الحمل أو المخاض أو بسبب عيب في الأنبوب العصبي مثلاً، يضمن لهم محاموهم الحصول على تعويضات لبقية حياتهم، ولهم الحق في ذلك لأنني إذا كنت أماً أنجبت طفلاً مصاباً بعيب شديد في الأنبوب العصبي، كنت سأحتاج إلى المساعدة والدعم".

وتوضح البروفيسورة ريغان، "سيخوض هؤلاء الأطفال "فترات معقدة ومتعددة من الجراحة، وسيحتاجون أيضاً إلى تلقي العلاج في مرافق رعاية صحية لبقية حياتهم"، لذا "ستتطلب حال الطفل الواحد منهم على مدى حياته تعويضاً مالياً قدره 30 مليون جنيه استرليني (36 مليون دولار)".

وتكمل، "هذه الحال لا يمكن أن تستمر. كُلف التقاضي المتصلة بالتوليد، علماً أن بعضها لا يتعلق بالأنبوب العصبي، التقاضي الخاص بالمآسي التي تحدث خلال الولادة، تشكل ثاني أغلى بند في قائمة وزير الخزانة".

وأشارت إلى أن "80 دولة في العالم تبنت هذا النهج المعقول علمياً وطبياً ونحن متأخرون عنها، لذا علينا أن نشكر الحكومة وصانعي السياسات لأنهم وافقوا على تدعيم تلك المنتجات الغذائية بحمض الفوليك، ولكن دعونا نزودها بالجرعة الصحيحة لأنه ليس من المنطقي إنجاز هذا الأمر بطريقة خاطئة أو كيفما كان."

وقال السير نيكولاس إن "حجج الدولة الحاضنة صارت من الماضي"، وتتعلق المسألة المطروحة الآن بمستوى التدعيم المطلوب.

وسبق أن أثيرت مخاوف من أن المستويات المرتفعة من التدعيم ربما تؤدي إلى تفاقم النقص في الفيتامين "بي 12"، ولكنه قال إن ذلك القلق استند إلى "تحليل خاطئ"، وقد استبعدت تلك المخاوف الآن.

وفي بيان أصدرته، أعربت "الكلية الملكية لأطباء النساء والتوليد The Royal College of Obstetricians and Gynaecologists (RCOG) عن قلقها "في شأن المستويات المقترحة من التدعيم".

وأضافت، "فيما تنطلق المشاورات المفتوحة لتعديل القواعد التنظيمية الخاصة بالخبز والدقيق، تتنبأ النمذجة الحاسوبية بأن المستويات المقترحة لإغناء حمض الفوليك ستمنع حوالى 20 في المئة من عيوب الأنبوب العصبي، ونوصي بضبط تدعيم الدقيق عند مستوى كاف لمنع حوالى أربعة من كل خمسة عيوب في الأنبوب العصبي، أي مليغرام واحد من حمض الفوليك لكل 100 غرام من الدقيق".

وختمت، "نحث الحكومة على إعادة النظر في المستوى المقترح لتدعيم الدقيق بحمض الفوليك، و"أس أي سي أن"SACN  (اللجنة الاستشارية العلمية للتغذية) على مراجعة الأدلة في شأن النسبة الأعلى المسموح بها من حمض الفوليك".

المزيد من صحة