Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"جمهرة صوت الأرض" لماذا طلال مداح بالذات؟

استقبلت ليلة تكريم الفنان الراحل عدداً مفتوحاً من الفنانين والملحنين والشعراء بين المؤدين والجمهور

صورة شخصية موقعة لطلال مداح في بداياته (اندبندنت عربية)

بعد 22 عاماً من وفاته، طلال مداح ما زال نجماً، إذ تفاوت أداء الفنانين في ليلة ضمت عدداً غير مسبوق من المغنين، إلا أن الأغاني والمناسبة سرقت نجومية الليلة.

فقد مر على شريط الحفلة أسماء كبيرة، إلا أن اسماً واحداً رفض الهبوط من الذائقة المعاشة، إلى قاع الذاكرة.

وتجمع الوسط الفني العربي تحت شجرة "صوت الأرض" المتجذرة في أعماق تربتها وملحها، ليلة الأول من فبراير (شباط)، وهو من أجمع عليه رواد الفن والجمهور المتلقي بأنه الفنان الذي جمع موهبة الصوت العذب وعطاء غنائي وقدرات تلحينية شكلت حالاً ثابتة من عوامل البقاء القوي إلى اليوم.

الأمر الذي يطرح سؤالاً، لماذا طلال مداح بالذات هو من نجح في خلق هذه الجمهرة؟ وكيف يبقى الفنان أسطورة معاشة بعد عقدين من وفاته حتى يصير نجم ليلة اكتظت بالنجوم؟


 

لو تكون هاجر

يقول صديق طلال مداح، الفنان أحمد فتحي، لـ"اندبندنت عربية"، الذي غنى في الليلة "أحبك لو تكون حاضر"، إن التاريخ لابد أن يخلد اسم طلال مداح لصفات إبداعية وإنسانية كثيرة لا يقدر عليها إلا من توفرت لديه صفات لم تتوفر لغيره.

وأضاف "حضرنا من كل حدب وصوب نتسابق لنيل شرف تكريمه بشكل غير مسبوق، فقد ظل قادراً على الاستمرار الدائم كما ظل قادراً على تنفيذ قناعاته".

 

عن هذه القناعات يخلص إلى أن "كل خصال المداح جعلت منه قدوة فذة لزملائه وتلاميذه، علاوة على ذلك فهو إنسان عظيم يستحق التكريم ويستحق الاحتفاء به نظير هذه الصفات العظيمة التي ظل يتحلى بها وجعلت من اسمه منارة شامخة في سماء الغناء السعودي والعربي".

ويشير فتحي إلى طلال مداح بوصفه "الأستاذ الكبير"، فقد جاء في وقت "كان الغناء فيه محرماً في السعودية، ولهذا تعرض لكثير من المضايقات التي دفعته للتضحية بكثير سواء من صحته وراحته ووقته أو من العبء الأكبر المتمثل بتحمله كثيراً من الضغوط النفسية الصعبة التي كان يواجهها حينها". إلا أنه وعلى رغم ذلك "قدم أعمالاً مختلفة ومميزة عمن سبقه من الجيل الذي قبله بعد أن حمل صوته الجميل أعمالاً وألواناً جديدة شتى". 

مايسترو طلال مداح

علاوة على قدرات الصوت، يجمع زملاؤه الفنانون أن لدى الراحل المحتفى به ملكات فنية وموسيقية شكلت رافداً إضافياً لمسيرته.

يقول رفيقه، المايسترو عماد عاشور، وقائد فرقة طلال مداح الموسيقية لـ"اندبندنت عربية" إنه كان يملك "ذائقة عالية في اختيار النصوص والألحان التي يكملها بصوته، وملاحظاته القيمة على التوزيع والجمل الموسيقية حتى أخرج أعمالاً خالدة ما تزال الأجيال تتداولها بكل عشق وشجن وكأنها صدرت اليوم".

وحول اختياراته الموسيقية يؤكد عاشور "تفوق الحدس الموسيقي والملاحظة الفنية لدى صوت الأرض بما يضيف على العمل تغييراً نوعياً في شكله، باعتباره امتداداً نادراً للفنانين الكبار والنادرين جداً"، ولهذا لم يكن مستغرباً أن يجري تعاون دائم أقطابه العمالقة طلال والموسيقار محمد عبدالوهاب بأعمال عظيمة.

بعد إيه؟

يقول الروائي السعودي عبده خال في وصفه، وهو أحد أصدقائه "قدم كل شيء في عالمه المليء بالمتناقضات، إلا أنه ظل ثابتاً يقدم الروائع، استمر كذلك حتى وفاته، وظلت الإشاعات والهجوم يرافق سيرته إلى أن خطف تاريخاً فنياً عظيماً من الثقافة السعودية".

 

وأضاف "عرفت الفنان طلال مداح منذ طفولتي عندما تم إدخال التلفزيون إلى بيتنا، وأول أغنية سمعتها وشاهدتها كانت (عيني علينا علينا)، فعلقت بالبال ثم علقت أغنية أخرى عندما كنت صبياً هي (بعد إيه ترسل كتاب)، وفي مرحلة المراهقة توالت الأغاني التي تجذرت في حرث القلب".

ويشير خال "في إحدى المرات حضر طلال مداح إلى حينا، التففنا حوله صياحاً وتصفيقاً مما جعله يتراجع عن استكمال مشواره داخل حارة اكتظت بالصبية والشغب. عرفت تالياً أنه من سكان الهنداوية (حي بجدة) وإن كان على ضفاف الحارة في الشارع المقابل (عمارات الميرة)".

اللقاء الأول

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويروي عبده خال عن أول لقاء مع طلال مداح عندما كان مسؤولاً في صحيفة عكاظ "في زيارة صحافية للكاتب والناقد الفني إبراهيم العريس للسعودية، جاء خصيصاً لإجراء حوار مع صوت الأرض طلال مداح، تحركنا أنا والعريس بمعية الأخ علي فقندش للقائه، فكان اللقاء بصمة في تاريخ حياتي، إذ دخلنا إلى صالة الاستقبال وكان يوجد مع طلال مجموعة من الناس. بدأ علي فقندش بالتعريف بالضيف (إبراهيم العريس) كأهم الصحافيين العرب في الفن وكنت أنصت وأحدق في ذلك الهرم العظيم".

وريد الأرض

ويشير خال إلى الفترة التي أجرى فيها طلال عملية قلب مفتوح بلندن، "كتبت في الافتتاحية للملحق الفني بجريدة عكاظ مقالة بعنوان (وريد الأرض)، وكتبت ذات مرة أن عظمة طلال مداح كونه لا يعرف بأنه عظيم، وهذه ميزة راسخة عند العظماء لذلك يتصرف وفق طبيعته وعفويته من غير تحسب أو تحرز. يعيش الواحد منهم إنساناً لا يرى أية ميزة تميزه، وعندما يشاهد أو يلحظ التبجيل يزداد تواضعاً، هي ميزة العظماء ولا يستطيع أحد تمثيلها أو التظاهر بها". 

الوفاة

في ليلة 11 أغسطس (آب) 2000، تحرك طلال لإحياء ليلة على مسرح المفتاحة بأبها وتوفي عليه. 

 

كان خال مشرفاً على صفحة بريد القراء بجريدة عكاظ، ويقول عن ردود الأفعال "في اليوم الثاني من وفاة طلال أعلنت أن الجريدة تتقبل العزاء في طلال صوت الأرض. هل تتصورون أن أربعة هواتف أرضية لم تقف عن الرنين ولمدة ثلاثة أيام متوالية، معظمها كانت مستنكرة لائمة بأن تتحول صحيفة محترمة لتقبل العزاء في موت فنان على أرضية مسرح، مؤكدين أن تلك النهاية ما هي إلا سوء خاتمة؟ تصوروا!".

ديوان السعودية

صديقه الشاعر عبدالله الصيخان قال إن "صوت طلال حمل إلينا الديوان الشعري الأول لشعراء المملكة الكبار قبل أن يبدؤوا بإصدار دواوينهم، فقد كان يملك ذائقة عبقرية في اختيار ما يغني من شعر".

الناقد الفني يحيى مفرح زريقان هو صديق مقرب آخر، اعتبر أن الأغنية السعودية مدينة له " لأنه كان السبب في قبول المجتمع لثقافة الغناء، فهو عازف ملحن ومبتكر وخلاق، وأجمع عليه الوطن والإقليم العربي بأنه شخصية ملهمة ومبدع وشاعر".

 

أما الكاتب الفني عبدالرحمن الناصر، فيرى أن "بساطته منحته بريق الفنان المبدع العبثي الذي لا يهتم للمال ولا يلتزم بالمواعيد، ولكن كل ذلك في النهاية أثر فيه. تبذيره لم يوفر له كثيراً من المال، بلا شك بقاؤه وحيداً من دون مستشارين ربما جعله يفوت عليه كثيراً في حياته كما هي أغانية الجميلة، ربما ذلك جعل حضوره بالإعلام غير منظم، طلال مداح العملاق بكثير من الموهبة وقليل من الاهتمام".

وأضاف الناصر "لا أعتقد أن هناك شخصاً يعرف ماذا يمكن أن يصبح عليه طلال لو حصل على قدر أعلى من الاهتمام".

اقرأ المزيد

المزيد من فنون