Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المخيمات الفلسطينية فاقمت أزمات لبنان بسبب معاناتها

12 مخيماً رئيساً تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة الطبيعية

صورة من مخيم صبرا وشاتيلا بعد المجزرة التي وقعت العام 1982 أثناء الاحتلال الإسرائيلي لبيروت (أ ف ب)

في العام 2022 قدر عدد اللاجئين بنحو 83 مليون في أنحاء العالم، حوالى ربعهم تنقلوا داخل دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. تاريخ لبنان الحديث مع مخيمات اللاجئين يعود بشكل أساس إلى زمن "النكبة" حين دخلت إلى لبنان أعداد كبيرة من الفلسطينيين أجبرتهم ظروف الاحتلال الإسرائيلي على المغادرة، وخلفت مخيمات اللجوء أزمات سياسية واجتماعية عاناها على السواء الشعبان اللبناني والفلسطيني، فهذا البلد الصغير ناء بحمل أعداد كبيرة من اللاجئين في مخيمات على مساحة الوطن.

 

يبلغ عدد المخيمات الفلسطينية الرئيسة في لبنان 12 مخيماً، وتوجد مخيمات صغيرة بعضها قواعد عسكرية تعمل بالحد الأدنى بسبب الأوضاع السياسية والأمنية. والمخيمات الرئيسة هي "البداوي" و"البص" و"الرشيدية" و"البرج الشمالي"، وقرب مدينة صيدا يوجد مخيم "عين الحلوة" وهو أكبر مخيمات لبنان، ومخيم "الميه ميه"، أما في بيروت وضواحيها فيوجد "برج البراجنة" و"شاتيلا" و"ضبية" و"مار إلياس"، إضافة إلى مخيم "نهر البارد" قرب طرابلس في شمال لبنان، ومخيم "ويفل" قرب مدينة بعلبك، وكان في الأصل ثكنة عسكرية لجيش الانتداب الفرنسي.

"عين الحلوة" الأكبر في المعاناة والكثافة

بدأ ظهور مخيم "عين الحلوة" قرب مدينة صيدا في عام 1948 لإيواء اللاجئين من مدن وبلدات فلسطينية ومنها "عمقة" و"صفورية" و"شاب" و"تايتابا" و"المنشية" و"السميره" و"النهر" و"الصفصاف" و"حطين" و"راس الأحمر" و"الطيرة" و"ترشيحا" شمال فلسطين، وبدأت "أونروا" عملياتها في المخيم في العام 1952، وقد شرد عدد كبير من اللاجئين الفلسطينيين إلى مخيم "عين الحلوة" خلال الحرب الأهلية ليصبح المخيم الأكبر في لبنان.

ونتيجة للحروب التي طاولت المخيم خلال الاجتياح الإسرائيلي عام 1982، ثم في المعارك الداخلية بين الفصائل، تعرض مرات كثيرة إلى الدمار.

وبين البيوت التي تتشكل من تكدسها الأحياء تدور رحى حياة غريبة وقاسية، فالبيوت المتراكمة فوق بعضها لا يدخل إلى الطبقات الأرضية منها ضوء الشمس أو الهواء، فتتجمع في الزواريب التي تفصل بين هذه البيوت رائحة الرطوبة الخانقة وبقع مياه لم تجف، ولو كان بناء المنازل في مخيم "عين الحلوة" وإدخال مواد البناء إليه مسموحاً لكان المخيم اليوم مدينة من ناطحات السحاب بسبب الاكتظاظ السكاني وضيق المساحة.

البيت الواحد المؤلف من غرفتين تسكنه عائلات عدة من إخوة متزوجين وأولادهم ونسائهم وإخوتهم غير المتزوجين، ولم تترك في المخيم زاوية إلا واستغلت ولو لبناء غرفة واحدة، والإنجاب في المخيم لم ينخفض على رغم البؤس والاكتظاظ.

المدارس

يتوزع طلاب مخيم "عين الحلوة" على 11 مدرسة تنتشر في داخله وعلى أطرافه، ولكن هذا العدد الكبير من المدارس لا يعني أن الوضع التعليمي داخله في أحسن أحواله، فالمبنى الواحد يضم مدرستين بدوامين صباحي ومسائي، وهذا العدد الكبير من المدارس والثانويات في مساحة لا تتعدى الكيلومترين ليس مرده إلى ارتفاع عدد الطلاب الذين يؤمون هذه المدارس بقدر ما يعود لصغر الأبنية وضيق غرفها، إذ يصل عدد التلاميذ في غرفة واحدة الى 60 تلميذاً أحياناً، ويدرس هؤلاء التلاميذ في المنهاج التربوي اللبناني، وما يتعلق بفلسطين يدرسون ما يدرسه أي طالب لبناني خارج المخيم.

وتعاني مدارس المخيمات الفلسطينية في لبنان من تسرب الطلاب بعد المرحلة الابتدائية لإيجاد عمل في المشاغل والحرف بغية مساعدة أهلهم في تأمين كلف العائلة الكبيرة، ويزيد عدد العاطلين من العمل بسبب لائحة الأعمال الممنوعة على الفلسطينيين بحكم القوانين اللبنانية، وهناك ارتفاع في حالات الإصابة بالأمراض المزمنة إذ يعاني العديد من اللاجئين ارتفاع ضغط الدم والسرطان والسكري، وتحتاج البنية التحتية في "عين الحلوة" إلى إعادة تأهيل شاملة.

مخيم البص

بنت الحكومة الفرنسية "مخيم البص" قرب مدينة صور عام 1939 من أجل اللاجئين الأرمن، ثم بعد وصول الفلسطينيين من عكا إلى البص خلال خمسينيات القرن الماضي رُحل الأرمن إلى نواحي بيروت ليستقر فيه الفلسطينيون، وأعيد تأهيل أنظمة المياه والصرف الصحي وتصريف مياه الأمطار في هذا المخيم بين عامي 2007 و2008.

مخيمات الصليب الأحمر

قامت عصبة جمعيات الصليب الأحمر بتأسيس مخيم "برج البراجنة" عام 1948 من أجل إيواء اللاجئين الذين فروا من الجليل في شمال فلسطين، ويقع المخيم في الضواحي الجنوبية لبيروت قرب مطار بيروت الدولي، وقد عانى بشكل كبير خلال الحرب اللبنانية وتعرضت ممتلكات اللاجئين للضرر البالغ، فيما هُجر ما يقرب من ربع سكانه.

و"برج البراجنة" من أكثر المخيمات اكتظاظاً بالسكان في بيروت، وظروف الحياة فيه سيئة للغاية، فالطرقات ضيقة وغير معبدة ونظام الصرف الصحي قديم وتغمره مياه السيول في كل شتاء، وفي عام 2009 بدأت إعادة تأهيل المخيم بتمويل من الاتحاد الأوروبي لنظام مياه جديد واستبدال شبكة الصرف الصحي والتخلص من مياه الأمطار وإعادة تأهيل الأزقة والشوارع.

البرج الشمالي

مخيم البرج الشمالي الذي يبعد مسافة ثلاثة كيلومترات إلى الشرق من مدينة صور في جنوب لبنان سكنه في البداية لاجئو الحولة وطبرية في شمال فلسطين عام 1948، وبعد "حرب تموز" عام 2006 أعيد بناء أكثر مساكنه بالأسمنت لكن كثيراً منها لا تزال بأسقف من التنك، وموّلت شبكة تزويد المياه وشبكة الصرف الصحي وتصريف مياه الأمطار من قبل الاتحاد الأوروبي، وكغيره من المخيمات تشتد البطالة بشكل كبير ويعمل معظم الرجال كعمال موسميين في الزراعة وأعمال الإنشاءات والأعمال اليدوية، فيما تعمل النساء في الزراعة وعاملات تنظيف في المنازل.

 

البداوي

تحمل مخيم البداوي القريب من طرابلس شمال لبنان عبء الأزمة التي حدثت في مخيم "نهر البارد" عندما اندلع القتال بين الجيش اللبناني ومجموعة "فتح الإسلام" مما أجبر 27 ألف لاجئ على الفرار، فتضخم عدد سكان مخيم البداوي إلى الضعف بين ليلة وضحاها.

ولا تزال حوالى 6 آلاف عائلة مشردة من مخيم "نهر البارد" تعتمد بشكل كامل على مساعدات "أونروا" التي أخذت على عاتقها عملية إعادة إعمار المخيم المعقدة بالتعاون الوثيق مع الحكومة اللبنانية والدعم المالي من قبل المجتمع الدولي، وفي أبريل (نيسان) 2011 احتفلت الوكالة بإنجاز إعادة الإعمار وتسلمت أكثر من 300 عائلة مفاتيح بيوتها الجديدة، وتمكن بعض أصحاب المحال من العودة أيضاً. كما أُنجز بناء المدارس الثلاث الأولى في مجمع "أونروا" مما سمح بنقل 2400 طالب من المرحلة الابتدائية إلى الثانوية من مدارس موقتة ومكتظة، ولكن كل محاولات إعادة الأمور إلى ما كانت عليه لم تصحح سوى أقل من 10 في المئة من الأضرار التي تعرض لها اللاجئون الفلسطينيون في مخيمي "البارد" و"البداوي" في شمال لبنان.

الويفل

كان مخيم الويفل في الأصل ثكنة عسكرية فرنسية من 12 مبنى قرب مدينة بعلبك البقاعية، وقد وفرت المباني الملجأ للاجئين الفلسطينيين منذ عام 1948 وقبل أن تتسلمها وكالة "أونروا" عام 1952. وعلى رغم أن المخيم عانى أضراراً بنيوية أقل من أي مخيم آخر خلال سنوات الحرب الأهلية، إلا أن الظروف المعيشية فيه تحديداً تعاني القسوة الشديدة، ومساكنه ليست صحية إذ لا يزال اللاجئون يعيشون في المباني التي تعود لحقبة الجيش الفرنسي، وهي تفتقر إلى ضوء النهار والتهوئة والتدفئة في الشتاء القارس المعروف في المنطقة الداخلية من لبنان.

شاتيلا

يشتهر مخيم شاتيلا في معظم أنحاء العالم بسبب الأحداث الحربية الشنيعة التي جرت فيه بعيد الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، بسبب المجازر التي وقعت في المخيم وطاولت لبنانيين ولاجئين فلسطينيين من المدنيين العزل، وقد بدأ المخيم بالظهور جنوب بيروت عام 1949 بواسطة اللجنة الدولية للصليب الأحمر بهدف إيواء المئات من اللاجئين الذين تدفقوا إليه من قرى "أمكا" و"مجد الكروم" و"الياجور" في شمال فلسطين. وتعاني ظروف المخيم الصحية والبيئية سوءاً حاداً، فالمساكن رطبة ومكتظة والعديد منها تحتوي على قنوات تصريف مفتوحة، ونظام الصرف الصحي في حاجة إلى توسعة وكذلك نظام تصريف مياه الأمطار وشبكة المياه.

"أونروا" في التعريف والتمويل والنتائج

"أونروا" هي وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى، وتأسست عام 1949 وفوضتها الأمم المتحدة بمهمة تقديم المساعدة الإنسانية والحماية للاجئي فلسطين، وتعمل في الضفة الغربية التي تشمل القدس الشرقية وفي قطاع غزة والأردن ولبنان وسوريا، وهي تقوم بعملها منذ أكثر من 75 عاماً ومع ذلك فإن أوضاع اللاجئين الفلسطينيين لا تزال إلى تراجع منذ ذلك الحين، وتحديداً في لبنان وفي سوريا بعد تدمير مخيم "اليرموك" الفلسطيني قرب دمشق عام 2014 وتهجير سكانه.

وعلى رغم المهمة الكبيرة التي تقع على عاتق "وكالة أونروا" إلا أنها أطلقت نداء قبل أسابيع تطلب فيه 1.6 مليار دولار من أجل استكمال برامج وعمليات عام 2023. وقال المفوض العام لـ "أونروا" فيليب لازاريني إن "لاجئي فلسطين أكثر المجتمعات حرماناً في المنطقة ويواجهون تحديات غير مسبوقة ويعتمدون بشكل متزايد على ’أونروا‘ للحصول على الخدمات الأساس، وفي بعض الأحيان لمجرد البقاء على قيد الحياة".

أما مصادر تمويل "أونروا" المعتادة فهي من الدعم السخي للدول الأعضاء في الأمم المتحدة وعلى رأسها السعودية والاتحاد الأوروبي والكويت والإمارات العربية المتحدة واليابان وهولندا، وتمثل هذه المصادر أكثر من 94 في المئة من التبرعات المالية للوكالة.

كما تدخل "أونروا" أيضاً في شراكات مع المؤسسات والشركات التجارية ومع شركات التقنية المحلية الصغيرة ومع شركات كبيرة متعددة الجنسيات ومنظمات المجتمع المدني المحلي ومع المنظمات الدولية غير الحكومية، وعلى سبيل المثال فإن أكثر من نصف موازنة عام 2017 والبالغة 760 مليون دولار تم تخصيصها للتعليم، و15 في المئة منها تم تخصيصها لصحة اللاجئين وتخفيف مستوى انتشار الأمراض.

وفي عام 2021 تلقى أكثر من 1.7 مليون فلسطيني معونات إنسانية منقذة للحياة من "أونروا"، منهم نصف مليون لاجئ تضرروا من النزاع في سوريا يضافون إلى لاجئي لبنان الأشد تأثراً بالأزمة اللبنانية الحالية.

ومن بين حوالى 5.9 مليون لاجئ فلسطيني يتلقون مساعدة "أونروا" تشير أرقام الوكالة إلى أن 1.2 مليون منهم يعيشون في حال فقر مطلق، وأن 700 ألف يعيشون في حال فقر مدقع.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات