Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"أونروا" تغلق أبوابها أمام المحتاجين بضغط من الإضراب والتمويل

تل أبيب وواشنطن تعملان على إحباط مبادرة فلسطينية تهدف إلى تمويل أنشطة الوكالة من الموازنة الأممية

ناشدت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين قبل أيام الدول المانحة دعمها بـ 1.6 مليار دولار (اندبندنت عربية)

من أمام نافذة منزلها في مخيم العين للاجئين الفلسطينيين شمال الضفة الغربية، تراقب أم زهير الساحلي (66 سنة) بقلق المركز الصحي التابع لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) عله يفتح أبوابه المغلقة منذ الـ 23 من يناير (كانون الثاني) الحالي، لاستقبال الحالات الطارئة والاستثنائية.

أم زهير بحاجة ماسة إلى أدوية علاج مرض السكري التي تمدها بها عيادة المخيم منذ سنوات طويلة، لكن الموظفين والعاملين في وكالة الغوث ومؤسساتها بالضفة الغربية والبالغ عددهم 3700 قرروا خوض إضراب مفتوح عن العمل، ولذلك سيكون على أمثالها من المرضى الذين يعانون أمراضاً مزمنة ومستعصية شراء الأدوية على حسابهم الخاص إلى حين انتهاء الإضراب، بغض النظر عن حاجاتهم الملحة أو ظروفهم الاقتصادية الصعبة.

تصعيد مفتوح

وبحسب اتحاد الموظفين العرب في الوكالة فقد جاء الإضراب رفضاً لما سماه "سياسة التقليصات التي تفرضها ’أونروا‘ بحق اللاجئين الفلسطينيين، ومسها بالأمن الوظيفي للعاملين لديها ووقف عقوبات فرضتها على ممثليهم، كان آخرها إيقاف رئيس اتحاد العاملين فيها بالضفة الغربية عن العمل".

وقد حذر الاتحاد في بيان من أن "أي تصعيد وتعنت من إدارة الوكالة سيقابل بتصعيد آخر قد يصل إلى إضراب مفتوح يطاول كل الخدمات"، كما أعلن إغلاق مقر المكتب الإقليمي لـ "أونروا" في حي الشيخ جراح بمدينة القدس.

رئيس الاتحاد بالضفة جمال عبدالله يقول إنه "بعد حوارات ومفاوضات استمرت سبعة أشهر من دون جدوى، وتقديم الدراسات التي تثبت استحقاق الموظفين للزيادة التي لا تتعدى 200 دينار أردني (300 دولار) على الراتب لثلثي الموظفين، دخلنا مع إدارة الوكالة في نزاع عمل وأعطيناهم المدة القانونية لتصحيح الأمر وهي 21 يوماً، فكان الرد بالخروج عن قوانين الأمم المتحدة وفصل موظفين والحسم من رواتب أعضاء الهيئة الإدارية".

وأضاف، "بدلاً من نظام الموظفين المثبتين تنتهج الوكالة التوظيف على بند البطالة والعقود اليومية، إذ إن ثلث الموظفين يعملون بنظام المياومة، ولهذا لن يتراجع الاتحاد عن خطواته التصعيدية حتى الاستجابة لمطلب زيادة أجور العاملين وتصويب أوضاعهم والاعتراف بكل الاتفاقات المبرمة سابقاً، إذ في عام 2014 كان الاتفاق على زيادة الرواتب بنسبة تسعة في المئة (71 دولاراً)، وفي عام 2018 تم الاتفاق على زيادة خمسة في المئة، وفي عام 2019 وافقت إدارة الوكالة على علاوة لموظفي الضفة، لكن جميع هذه الاتفاقات لم تطبق ولم تحترم مما أدى إلى انفجار الوضع".

ضائقة مالية

من جهتها دعت "أونروا" العاملين فيها إلى "الحوار وعدم إغلاق مؤسساتها"، مشيرة إلى أنها "أمام عام مالي صعب وتحد كبير لاستمرار خدماتها، إذ وصل العجز في موازنة الوكالة خلال عام 2022 لنحو 70 مليون دولار"، وقالت الوكالة في بيان إن "التحديات المتضاعفة التي واجهتنا خلال العام الماضي بما في ذلك نقص التمويل والأزمات العالمية المتضاربة والتضخم المالي والتشويشات في سلسلة التوريد والتغيرات الجيوسياسية والارتفاع الهائل في مستويات الفقر والبطالة بين لاجئي فلسطين، فرضت جميعها ضغوطاً هائلة على ’أونروا‘".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

المستشار الإعلامي للوكالة عدنان أبو حسنة يقول إن "اللاجئين الفلسطينيين والفئات الأكثر هشاشة هم من سيدفعون ثمن هذا الإضراب، لأن ’أونروا‘ لا تملك مالاً أو موارد، وعلينا أن نكون في مركب واحد لأن العالم يتغير، إذ أصبحت الوكالة عرضة لتغيرات سياسة في العالم، ودول كثيرة خفضت مساعداتها كما تراجع الدعم العربي 90 في المئة".

وأضاف، "هذا العام هو من أصعب الأعوام مادياً على ’أونروا‘ التي بالكاد استطاعت دفع الرواتب وثمن الخدمات، وخرجت العام الماضي بدين هائل رحّلته إلى عام 2023". وأكد أبو حسنة أن "الوكالة قامت بعمل مسح للرواتب في الضفة الغربية وقطاع غزة تبين من خلاله أن رواتب معظم موظفيها أعلى من رواتب الدولة المضيفة، إلا في بعض التخصصات".

نداء استغاثة

ومع إغلاق العيادات الصحية وتعطل آلاف الطلاب عن الذهاب إلى المدارس وتكدس القمامة في الشوارع، ناشدت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين قبل أيام الدول المانحة دعمها بـ 1.6 مليار دولار، بعد أن حذر رئيسها من أنها تكافح من أجل القيام بمسؤولياتها خلال العام الحالي 2023، بسبب ارتفاع الكلف وتقلص الموارد.

وأوضحت الوكالة في نداء أطلقته مساء الثلاثاء أنه "سيخصص مبلغ 848 مليون دولار أميركي للخدمات الأساس التي تشمل الصحة والتعليم والإغاثة والخدمات الاجتماعية والحماية، و781.6 مليون دولار أخرى لعمليات الطوارئ في الأراضي الفلسطينية المحتلة والأردن وسوريا ولبنان".

وفي النداء الطارئ للأراضي الفلسطينية ناشدت "أونروا" للحصول على 344.9 مليون دولار موزعة على غزة بـ 311.4 مليون دولار والضفة الغربية بـ 32.9 مليون دولار".

 

وقال المفوض العام لـ "أونروا" فيليب لازاريني إنه "في جميع مناطق العمليات تواصل ’أونروا‘ لعب دور لا غنى عنه في حياة الملايين من لاجئي فلسطين، ونعمل من أجل المحافظة على تقديم الخدمات الأساس في سياق مالي وسياسي صعب للغاية"، مضيفاً أن "لاجئي فلسطين يواجهون تحديات غير مسبوقة ويعتمدون بشكل متزايد على ’أونروا‘ للحصول على الخدمات الأساس، وفي بعض الأحيان لمجرد البقاء على قيد الحياة".

ولفت لازاريني إلى أنه " معظم لاجئي فلسطين يعيشون الآن تحت خط الفقر، فيما يعتمد كثير منهم على المعونات الإنسانية التي تشمل المساعدات النقدية والغذاء التي تقدمها الوكالة".

اعتراضات إسرائيلية

وفي الوقت الذي تناشد فيه "أونروا" الدول المانحة لدعمها في تقديم خدماتها لقرابة ستة ملايين لاجئ فلسطيني يعيشون في الأردن وسوريا ولبنان والضفة الغربية وقطاع غزة، تتهم إسرائيل المنظمة بإدامة الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني من خلال توسيع صفة اللاجئ لتشمل ملايين أحفاد اللاجئين بدلاً من اللاجئين الأصليين فقط.

ووفقاً لصحيفة "يسرائيل هيوم" فإن "تل أبيب وواشنطن تعملان معاً لإحباط مبادرة فلسطينية لتغيير آلية تمويل ’أونروا‘ تنص على تمويل الأمم المتحدة لأنشطتها من الموازنة الأممية بشكل منتظم بدلاً من التبرعات التي يتم جمعها من دول العالم كما يحدث منذ إنشائها حتى الآن"، وتقدر كلفة عمليات "أونروا" بـ 1.5 مليار دولار سنوياً.

وقالت الصحيفة إن إدارة "الرئيس الأميركي جو بايدن لا تنوي اتخاذ إجراءات لإلغاء قرار إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب بإلغاء المساعدات الأميركية للوكالة عام 2018، لكنها ليست متحمسة له، وتقدم تمويلاً طارئاً لـ ’أونروا‘ في الوقت الحالي".

 

وأشارت الصحيفة قبل أسابيع عدة إلى أن ما يثير قلق الإسرائيليين إزاء المقترح الفلسطيني هو "خطورة الموافقة عليه من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة لوجود أغلبية ضد إسرائيل، وبالتالي فلن يكون ممكناً إعادة الوضع لما كان عليه في السابق".

وكانت وزارة الخارجية الإسرائيلية اعترضت مراراً على استئناف واشنطن مساعدتها لـ ’أونروا‘ والتي تشمل 150 مليون دولار من المساعدات الإنسانية، و75 مليون دولار مساعدات اقتصادية وتنموية في قطاع غزة والضفة الغربية.

وقالت بحسب قناة "كان" الرسمية إن "’أونروا‘ بشكلها الحالي ترسخ الصراع، واستئناف المساعدات يجب أن يكون مصحوباً بتغييرات في طبيعتها وأهدافها".

يذكر أن لجنة الموازنات التابعة للاتحاد الأوروبي أقرت شرطاً على موازنتها لعام 2022 يحجب بموجبه الأموال عن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) ما لم يتم إجراء مراجعات لمنهج الكتب المدرسية للسلطة الفلسطينية الذي تدرسه الوكالة في مدارسها في الضفة الغربية وقطاع غزة والبالغ عددها 374 مدرسة، والتي اتهمت في كثير من الأحيان بالتحريض على العنف. ويلزم التعديل "أونروا" باستخدام الكتب المدرسية التي "تعزز التعايش والتسامح مع اليهودي الإسرائيلي والآخر، وتعليم السلام مع إسرائيل بما يتماشى مع أهداف حل الدولتين"، فيما يرفض الفلسطينيون هذه الحجة قائلين إن المناهج تعبر عن الرواية الوطنية الفلسطينية.

المزيد من تقارير