أرقام وخسائر صادمة تكبدتها العملة الإيرانية خلال العقدين الأخيرين. ويرى المحللون أن الريال الإيراني سيظل يواجه خسائر جديدة في ظل استمرار العقوبات الغربية ووقف صادرات النفط الإيراني، إضافة إلى توسع الاحتجاجات الداخلية ضد النظام الإيراني، وهو ما يزيد من معدلات التضخم التي تقترب في الوقت الحالي من مستوى 50 في المئة.
الإحصاء الذي أعدته "اندبندنت عربية" يشير إلى أن الدولار الأميركي سجل ارتفاعاً بنسبة 5429 في المئة خلال الـ20 عاماً الأخيرة، حيث قفز سعر صرف الورقة الأميركية الخضراء من مستوى 8193 ريالاً في عام 2003 إلى نحو 453 ألف ريال في الوقت الحالي. ووفق هذه البيانات، فقد تضاعف سعر صرف الدولار في السوق الإيرانية بأكثر من 55.2 ضعف، كما يبلغ متوسط الزيادة السنوية في سعر صرف الدولار مستوى 271.4 في المئة.
وخلال الـ20 عاماً الماضية، وعلى رغم تعاقب أربعة رؤساء للنظام الإيراني، فإن العملة المحلية شهدت انهيارات حادة وعنيفة، أبرزها ما حدث عام 2003 عقب الاضطرابات في سوق الصرف الأجنبية وتشديد العقوبات على البنك المركزي الإيراني، إذ رفع البنك المركزي سعر الصرف الرسمي إلى مستوى حوالى ثمانية آلاف ريال وهو ما يُعرف بصدمة "التعادل".
لكن في ديسمبر (كانون الأول) 2016، أعلنت الحكومة الإيرانية عن تغيير العملة من الريال إلى التومان. وكانت هذه الخطوة تتطلب موافقة البرلمان الإيراني. وفي 2019، مرر وزراء الحكومة الإيرانية مشروع قانون لحذف أربعة أصفار، فضلاً عن إعادة تقييم سعر التومان ليعادل 100 پارسهات بدلاً من قيمته السابقة 10 ريالات.
وفي الرابع من أبريل (نيسان) 2020، صدق البرلمان الإيراني بالأغلبية على قانون لحذف أربعة أصفار من العملة الوطنية وتبديلها من الريال إلى التومان، على أن تكون قيمة التومان تعادل 10 آلاف ريال إيراني. وجاء ذلك خلال اجتماع البرلمان لمناقشة تعديل القانون النقدي والمصرفي، وصوت على تعديل المادة الأولى من هذا القانون الصادر في الثامن من يوليو (تموز) 1972.
كيف تطور سعر صرف الدولار في عهد أربعة رؤساء؟
خلال فترة الرئيس الإيراني محمد خاتمي الذي تولى رئاسة النظام الإيراني في الثالث من أغسطس (آب) من عام 1997 وحتى نهاية ولايته في الثالث من أغسطس من عام 2005، شهد سعر صرف الدولار مقابل العملة الإيرانية ارتفاعاً بنسبة 9.4 في المئة، وقفز سعر صرف الورقة الأميركية الخضراء من مستوى 8193 ريالاً في بداية عام 2003 إلى نحو 8964 ريالاً في عام 2005 ليربح الدولار الأميركي نحو 771 ريالاً إيرانياً.
أما خلال فترة الرئيس محمود أحمدي نجاد التي بدأت في الثالث من أغسطس 2005 وانتهت في الثالث من أغسطس 2013، فقد قفز سعر صرف الدولار الأميركي بنسبة 255 في المئة، وقفز سعر صرف الورقة الأميركية الخضراء من مستوى 8964 ريالاً في 2005 إلى مستوى 31839 ريالاً في عام 2013 ليربح الدولار الأميركي نحو 22875 ريالاً خلال فترة حكم الرئيس نجاد.
وخلال فترة الرئيس حسن روحاني التي بدأت في الثالث من أغسطس 2013 وانتهت في الثالث من أغسطس 2021، فقد سجل الدولار الأميركي مكاسب مقابل الريال الإيراني بنسبة 716.6 في المئة، وذلك بعدما قفز سعر صرف الورقة الأميركية الخضراء من مستوى 31839 ريالاً خلال عام 2013 إلى نحو 260 ألف ريال خلال عام 2013 لتربح الورقة الأميركية خلال ثماني سنوات من حكم الرئيس روحاني نحو 228161 ريالاً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن منذ تولي الرئيس الحالي إبراهيم رئيسي رئاسة النظام الإيراني في الثالث من أغسطس 2021 وحتى الآن، فقد سجل الدولار الأميركي مكاسب بلغت نسبتها 72.1 في المئة بعدما قفز سعر صرف الورقة الأميركية الخضراء من مستوى 260 ألف ريال في 2021 إلى نحو 453 ألف ريال في الوقت الحالي، ليربح الدولار الأميركي نحو 444 ألفاً و807 ريالات خلال أقل من عامين. وتشير التوقعات إلى استمرار ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي ليسجل مستوى 500 ألف ريال خلال الفترة المقبلة، لترتفع مكاسب الدولار الأميركي إلى نحو 92 في المئة خلال العامين الأخيرين.
البنك المركزي يتدخل بشكل مباشر في سوق الصرف
خلال الفترة الماضية، ومع استمرار خسائر الريال الإيراني مقابل الدولار الأميركي، فقد بدأ البنك المركزي الإيراني التدخل رسمياً في هذه السوق لتحديد الأسعار، وأعلن وزير الاقتصاد والشؤون المالية إحسان خاندوزي أن السعر الرئيس للعملة في الاقتصاد الإيراني سيكون حوالى 300 ألف ريال، في وقت أعلن محمد رضا فرزين رئيس البنك المركزي أن السعر الحقيقي هو 28 ألفاً و500 ريال إيراني.
واعتباراً من يوم الأربعاء، يُسمح لمكاتب الصرافة في إيران ببيع العملات الأجنبية حتى خمسة آلاف يورو سنوياً أو ما يعادلها بعملات أخرى بالسعر المنشور تحت عنوان "آخر سعر صرف" على موقع "إدارة سوق تداول العملات الأجنبية الإيراني". وذكر موقع "اقتصاد نيوز" الإيراني أن هذه الخطوة الحكومية لن تنجح في ضبط سوق الأسعار الأجنبية بسبب وجود نقص في احتياطي البلاد من العملات الأجنبية وتحديداً الدولار الأميركي.
كما أعلن محافظ البنك المركزي الإيراني أنه "ابتداء من اليوم (الأربعاء)، سيتخذ البنك المركزي ومكاتب الصرافة إجراءات مشتركة لإعادة الاستقرار الاقتصادي في البلاد"، مضيفاً "من الآن فصاعداً، سيدخل البنك المركزي السوق الحرة وسيكون صانع سعر". وفي وقت سابق، تمت تغطية احتياجات الناس من النقد الأجنبي في التبادلات على أساس المعاملات المتفق عليها بالدولار واليورو.
ومنذ نهاية يونيو (حزيران) الماضي، أطلق البنك المركزي سوق اتفاقية العرض والطلب على العملات وإمكانية إجراء معاملات اتفاقية العملة في البورصات وسوق العملات المنظمة، في وقت يتبنى المركزي الإيراني، في الوقت الحالي سياسة مختلفة ويسعى من خلال الاستراتيجية الجديدة إلى السيطرة على هذه السوق الجامحة من خلال تحديد سعر الصرف.
ويتوقع الخبراء أنه إذا وافق مجلس أوروبا المعني بحقوق الإنسان على قرار برلمان الاتحاد الأوروبي ضد الحرس الثوري ووضعه على لائحة الإرهاب، فإن سعر الدولار سيرتفع بشكل حاد إلى 500 ألف ريال. وبالفعل، وصل سعر صرف الدولار إلى 453 ألف ريال في الفترة الأخيرة، في وقت أعلن البنك المركزي الإيراني إطلاق سوق صرف العملات والذهب خلال الأسبوعين المقبلين للسيطرة على هذا الوضع. وذكر المحافظ أنه من خلال نظام "إلكتروني" سيتم الكشف عنه قريباً، سيتم تسليم العملات الأجنبية للمتقدمين بناء على المستندات والوثائق التي يقدمونها.