أصدر رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي قراراً جديداً بإلزام الوزارات والجهات الاقتصادية، باستثناء بعض الجهات والوزارات الحيوية، بترشيد الإنفاق الداخلي حتى نهاية العام المالي الحالي، في وقت تعمل فيه الحكومة على مواجهة أزمة نقص العملات الأجنبية.
وبموجب الإجراءات الجديدة، التي نشرتها الجريدة الرسمية، سيتعين على الوزارات خفض النفقات التشغيلية والحد من الإنفاق على بعض المشاريع القومية، التي لم تدخل حيز التنفيذ بعد، التي لها مكون دولاري، حتى نهاية العام المالي 2023 - 2022، الذي ينتهي في يونيو (حزيران) المقبل.
وينص القرار أيضاً على تأجيل أي مشاريع جديدة لم تدخل حيز التنفيذ، ولها مكون دولاري واضح. وسيتطلب التعامل بالنقد الأجنبي الحصول على موافقة وزارة المالية، بحسب القرار. فيما استثنى المجلس بعض الوزارات والجهات التابعة لها، وهي وزارات الصحة والداخلية والدفاع والخارجية من الضوابط الجديدة، وكذلك الجهات المسؤولة عن تأمين إمدادات الغذاء والطاقة. وسيكون أمام الوزارات والجهات ذات الصلة 21 يوماً لتقديم موازنات الإنفاق الداخلي المعدلة وفقاً للضوابط الجديدة.
الضغوط تحاصر الموازنة
تأتي الضوابط الجديدة التي أقرتها الحكومة المصرية في إطار مواجهة الأزمات الناجمة عن الارتفاعات المتتالية في أسعار صرف الدولار في مقابل الجنيه المصري، إذ من المرجح أن تتسبب هذه الارتفاعات في زيادة الضغط على المالية العامة مع استمرار الاعتماد على الاستيراد في توفير عدد كبير من السلع، مما يزيد حجم الضغوط على الموازنة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتستبعد الضوابط الجديدة تأجيل الصرف على أي احتياجات لا تحمل طابع "الضرورة القصوى". وتضمن القرار تأجيل أنشطة مثل أعمال السفر للخارج والأنشطة الترفيهية وحضور المؤتمرات والحفلات. كما يحظر الصرف على المنح والبرامج التدريبية ومكافآت التدريب والمنح الدراسية في الداخل والخارج.
أيضاً هناك مزيد من التخفيضات على الجانب التشغيلي، حيث يتضمن القرار ترشيد نفقات التشغيل الدورية بنسبة 10 في المئة على الأقل، مع تجميد جزء من تلك الموازنة للفترة المتبقية من العام. وتلزم الضوابط الجديدة أيضاً المؤسسات المنوطة بخفض النفقات الأخرى المتعلقة بتعويضات العمال، على رغم عدم وضوح النفقات التي يشير إليها القرار، بنسبة 2.5 في المئة على الأقل.
لكن ليس من الواضح حجم الأموال التي تخطط الحكومة لترشيدها من مخصصات الموازنة، ولا المشاريع الخاضعة للقرار. كانت الحكومة خططت في الأصل لإنفاق 2.07 تريليون جنيه (75.272 مليار دولار) في موازنة العام المالي 2023 - 2022.
حظر الصرف على الجوائز والأوسمة
وفق الضوابط الجديدة وفي ما يخص ترشيد الإنفاق في باب الأجور وتعويضات العاملين نص القرار على ترشيد الإنفاق بمعدل 2.5 في المئة من المخصصات. كما نص على خفض بدل حضور الجلسات واللجان بنسبة 50 في المئة، مع حظر زيادة عدد الاجتماعات أو حضور الجلسات عما تم خلال العام المالي الماضي. وتبلغ مخصصات الأجور خلال العام المالي الحالي نحو 400 مليار جنيه (14.545 مليار دولار) في مقابل نحو 357 مليار جنيه (13.510 مليار دولار) خلال العام المالي الماضي، بزيادة تبلغ 12 في المئة.
وفي ما يتعلق بترشيد الإنفاق على الباب الثاني في الموازنة، وهو شراء السلع والخدمات، قرر رئيس الوزراء المصري حظر الصرف على تكاليف البرامج التدريبية ونفقات النشر والإعلان والدعاية والحفلات والاستقبالات والشؤون والعلاقات العامة، والاعتمادات المخصصة للعلاقات الثقافية في الخارج ومستلزمات الألعاب الرياضية، وحظر الصرف على الاشتراك في المؤتمرات في الداخل والخارج من دون الحصول على موافقة مسبقة، كما حظر الصرف على بدل انتقال للسفر بالخارج.
وفي ما يتعلق بترشيد الإنفاق في باب الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية، قرر رئيس الوزراء حظر الصرف على الخدمات الاجتماعية والرياضية لغير العاملين، والإعانات لمراكز الشباب، وذلك بخلاف الإعانات الاجتماعية والمعاشات الضمانية، وحظر الصرف على الجوائز والأوسمة. وتمثل مخصصات الأبواب الثلاثة السابقة نحو 43.9 في المئة من إجمالي الإنفاق الحكومي خلال العام المالي الحالي.
وفي ما يتعلق بالتعامل بالنقد الأجنبي، تضمنت الإجراءات تأجيل تنفيذ أي مشاريع جديدة لم يتم البدء في تنفيذها، ولها مكون دولاري واضح، وتأجيل الصرف على أي احتياجات لا تحمل طابع الضرورة القصوى، وترشيد السفر خارج البلاد إلا للضرورة القصوى، وبعد موافقة رئيس مجلس الوزراء، أو في حال تحمل الجهة الداعية لكل تكاليف السفر، وبعد موافقة السلطة المختصة.
الحديث يتجدد عن السعر العادل للدولار
على صعيد خسائر الجنيه المصري في مقابل الدولار، فقد انخفض الجنيه اثنين في المئة تقريباً في مقابل الدولار في تعاملات أمس. في أول جلسة تداول بعد عطلة نهاية الأسبوع الطويلة، ليصل سعر الصرف الرسمي للجنيه في مقابل الدولار إلى 27.63 من 27.11 يوم الخميس الماضي. وتراجع الجنيه حتى الآن 11.4 في المئة منذ الرابع من يناير (كانون الثاني)، عندما سمح البنك المركزي المصري له بالتحرك أكثر في مقابل الدولار، وهبط 43 في المئة من 15.78 جنيه، قبل الخفض الأول للعملة في مارس (آذار) من العام الماضي.
ومجدداً عاد الحديث عن السعر العادل للدولار في السوق المصرية، على رغم تراجع وتيرة المضاربات وتراجع أسعار صرف الدولار في السوق السوداء من مستوى 38 جنيهاً خلال الأسبوع الأخير من العام الماضي، إلى مستوى 30 جنيهاً في الوقت الحالي.
وفي مذكرة بحثية حديثة قالت وكالة "بلومبيرغ" إن السوق الموازية لا تزال تتداول الدولار عند مستوى 31 جنيهاً، وفق ما نقلته الوكالة عن محللين في "غولدمان ساكس"، وهو ما يشير إلى أنه لا يزال هناك حجم كبير من الطلب على العملة الأجنبية، الذي لم يجر تلبيته بعد بالسوق المحلية.
وعلى العكس مما كانت عليه في 2015 و2016، فإن السوق الموازية اليوم لا تعد مؤشراً مهماً، نظراً إلى صغر حجمها، كما أنه لا يتعامل فيها سوى الأفراد (بفضل حدود الإيداع على النقد)، كما أن التسعير بها غير شفاف وغير متسق.
في غضون ذلك تواصل الإقبال الكبير على شهادات الادخار ذات العائد القياسي البالغ 25 في المئة. ووفق البيانات، فقد ضخ المودعون قرابة 155 مليار جنيه (5.636 مليار دولار) في الشهادات الجديدة. وتهدف شهادات الادخار الجديدة إلى تشجيع المواطنين على التخلص من الدولار، إلى جانب سحب السيولة من السوق بهدف الحد من ارتفاع التضخم.