Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"ميد بيد" العلاج المعجزة بالطاقة... حقيقة أم وهم؟

يزعم بعضهم أن الرئيس الأميركي الأسبق جون كينيدي ما زال حياً وشاباً بفضله

هناك من يعتقد أن العلاج بـ"الأسِرَّة الطبية" أو "ميد بيد" يُشفي المصابين بالسرطان في مراحل متأخرة (Pixabay)

تصاعدت خلال الأشهر الأخيرة الأحاديث على مواقع التواصل الاجتماعي وشبكة الإنترنت حول ما يوصف بالأجهزة المعجزة التي يمكنها علاج أي مرض تقريباً تفكر فيه باستخدام قوة طاقة حيوية غامضة. وتزايدت أعداد من يعتقدون بأن العلاج بطاقة الحياة أو ما يعرف في الولايات المتحدة "بالأسِرّة الطبية" أو "ميد بيد"، يشفي المصابين بالسرطان في مراحل متقدمة وأن هذه التكنولوجيا جعلت الرئيس جون كينيدي الذي قتل عام 1963 حياً وشاباً حتى الآن. فما طبيعة هذا العلاج؟ وهل نجح حقيقة في علاج حالات مستعصية أم أنه مجرد وهم يلجأ إليه اليائسون؟

ما هو "ميد بيد"؟

يعد تعبير "ميد بيد" اختصاراً لكلمة سرير طبي أو سرير تأمل وهو نوع من العلاج الطبي الذي يتضمن سريراً مشبعاً بطاقة علاجية يفترض أنه يمد المرضى بـ"طاقة قوة الحياة". وأصبحت أجهزة هذه "الأسرة الطبية" معروضة للبيع على الإنترنت وشاعت أخبارها أخيراً على مواقع الـ"سوشيال ميديا" بل بعض وسائل الإعلام، مما دفع عدداً من المهتمين والمحققين الصحافيين إلى تتبع مسار هذه العلاجات للوقوف على حقيقتها وفاعلية العلاجات التي توفرها.

وعلى سبيل المثال نشر موقع "فوكس فايف" قبل أسابيع تقريراً ترويجياً وصف فيه هذه التكنولوجيا التي يشار إلى أنها تنتمي لعصر الفضاء حيث يستلقي الشخص ويعالج من أي نوع من الأمراض، بأنها بعيدة المنال، إلا أن الموقع اعتبر في الوقت ذاته أن عدداً من العلماء وشركات التكنولوجيا يصنعون منتجات تستخدم طاقة الكم (الكمومية) والأشعة تحت الحمراء وأيضاً الأنظمة القائمة على "البلازما" لتحسين الصحة الفعلية للمرضى.

ويدخل الموقع أكثر في شرح تقنية البلازما كنموذج من هذه التقنيات المستحدثة على أنها عبارة عن غاز يتم استهدافه بطاقة كافية لتعطيل دوران الإلكترونات حول الذرة، بالتالي تصبح الذرات والإلكترونات بمثابة خليط من المواد، وعندما يصل الغاز إلى هذه النقطة يصبح بلازما، وأن العلماء نجحوا في إنشاء منتجات تعتمد على مجالات طاقة البلازما للمساعدة في المشكلات المتعلقة بالصحة العامة ومنها استهداف خلايا "باركنسون" و"ألزهايمر"، وتحول الأمر إلى توفير هذه التكنولوجيا للمنازل والعيادات الصحية في جميع أنحاء الولايات المتحدة وحول العالم.

وبحسب رئيس "ميد بيد" في الولايات المتحدة شون كالاهان، فإن منتجات مثل مولدات مجال طاقة البلازما تستخدم في مساعدة جميع أجزاء الجسم بما في ذلك القلب والرئتين والدماغ والركبتين وغيرها وأن عدداً من الأشخاص يشترون أجهزة طاقة تردد البلازما بكلفة تبدأ من نحو 3000 دولار التي تعد من أقل منتجات تقنية البلازما كلفة في السوق.

غموض وأسرار

لكن على أرض الواقع تتوافر لدى الناس أفكار كثيرة مختلفة جداً عن حقيقة "ميد بيد". فوفقاً لموقع "ديلي بيست"، ترى المجموعات التي تؤمن بقوة الطب البديل وبنظرية المؤامرة من اليمين المتطرف الأميركي مثل مجموعة "كيو أنون" المكونة من 36000 عضو على منصة الدردشة "تيليغرام"، أن تكنولوجيا "ميد بيد" سرية يخفيها المليارديرات وما يسمونه "الدولة العميقة" عن الجمهور وأنها تكنولوجيا أحضرتها كائنات فضائية كأداة طبية أسطورية تفعل كل شيء من عكس الشيخوخة إلى إعادة نمو الأطراف المفقودة.

بل وصل الأمر ببعض أعضاء المجموعة إلى الاعتقاد بأن الرئيس الأميركي الأسبق جون كينيدي الذي لقي حتفه بإطلاق نار عام 1963 لا يزال على قيد الحياة ويتمتع بشبابه وينسبون طول عمره إلى القدرات العلاجية للأسرة الطبية (ميد بيد). كما يعتقد بعض أصحاب نظرية المؤامرة بأن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب على علم بتكنولوجيا "ميد بيد" وأنه يحتفظ بعدد من هذه الأجهزة ويمكنه الإفراج عنها للجمهور، لكنه يفضل أن تكون للحالات الأكثر خطورة وللأعضاء العسكريين.

وانتشرت شعبية "ميد بيد" أيضاً خارج الولايات المتحدة، فقد تعهدت رومانا ديدولو التي تدعي أنها "الملكة" الشرعية لكندا بتوفير أجهزة "ميد بيد" مجاناً لجميع الكنديين فور نجاح انتفاضتها. وفي اليابان تشبث أتباع حركة "ياماتو"، وهي فرع حركة "كيو أنون" في اليابان، بنظريات علاجات "ميد بيد"، حتى إنهم صنعوا نسختهم الخاصة من الجهاز بأسلاك نحاسية.

ترويج "ميد بيد"

ووسط هذه الأجواء الشعبوية استفادت الشركات التي تنتج أجهزة "ميد بيد" بشكل واسع، بحيث زعمت امرأة تدعى "جولي" أن زوجها استخدم مولدين لطاقة "ميد بيد" وأن هذه التكنولوجيا التي كلفتها 22 ألف دولار كانت داعمة في علاجه من ورم سرطاني نشط للغاية في الغدة الكنفية "اللعابية" قبل أن يتضح في ما بعد أن "جولي" تسوق لشركة "تيسلا بيو هيلينغ"، وهي إحدى الشركات المتعددة التي تبيع أسرة "ميد بيد" بأسعار تصل إلى 20 ألف دولار ولا علاقة لها بشركة "تيسلا" للسيارات التي يمتلكها الملياردير إيلون ماسك.

وتوصي الشركة بمنتجاتها لمجموعة من الحالات، تتراوح من الحالات الخفيفة مثل الربو والتوحد إلى الحالات الشديدة بما في ذلك السرطانات في مراحلها النهائية، إذ يقول الرئيس التنفيذي للشركة جيمس ليو لموقع "ديلي بيست" إن الأجهزة توفر طاقة قوة الحياة للمرضى لأنه عندما لا يعالج أي شخص يعاني حال خطرة مثل السرطانات وشلل السكتة الدماغية لمدة ستة أشهر، فلن يكون لديه كثير من طاقة الحياة ومن الصعب عليه التحسن، واستشهد بدراسات لم تنشرها "تيسلا بيو هيلينغ" بعد تشير إلى فوائد استخدام منتجاتها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

غير أن شركات "ميد بيد" الأخرى تقدم ادعاءات أعلى حول تقنياتها، إذ تقول شركة سويسرية تدعى 90.10 التي سجلت تحت عنوان إلكتروني هو "ميد بيد دوت كوم" إنها تسمح للمستخدمين بالوصول إلى طاقة غير محدودة وإعادة برمجة الحمض النووي الخاص بهم من دون آثار جانبية وتهدف إلى تحويل أسرة المستخدمين العادية إلى أسرة طبية أسطورية بسرعة تفوق الضوء من أجل النقل الفوري وإرسال الطاقة الكمومية والترددات إلى جسم الإنسان من دون تأخير زمني.

وبغض النظر عن هذه الادعاءات التي يبدو أنها تنتهك قواعد الفيزياء المقبولة تقليدياً، تروج الشركة لشهادات من العملاء الذين يزعمون أن أحدهم ينام في سريره وقد تمكن من إعادة تنظيم العمود الفقري وتنظيف الجيوب الأنفية وعلاج آلام المفاصل، وساعد في الكشف عن هدف الشخص في الحياة، حسبما يشير موقع "ديلي بيست".

إخلاء المسؤولية

لكن على رغم أن شركتي "تيسلا بيو هيلينغ" و"90.10" تشيران إلى شهادات إيجابية من آلاف العملاء وأن الفوائد الصحية لا تقدر بثمن، وعلى رغم الادعاء البارز على موقع شركة 90.10 بأنها تقدم طب التردد الكمي بإثبات علمي، إلا أن الرئيس التنفيذي للشركة أوليفر شالك أوضح لموقع "ديلي بيست" أن منتجهم ليس منتجاً طبياً ولم يكن المقصود منه أبداً أن يكون كذلك.

وتقول محللة التضليل في مركز مكافحة التطرف التابع لرابطة مكافحة التشهير سارة أنيانو إن هناك سبباً وجيهاً لمحاولة هذه الشركات التهرب من المسؤولية وهو أنه من الصعب إثبات شيء غير موجود، وتشير في هذا الإطار إلى أن الشركات تدرج في موقعها على الإنترنت بخط رفيع جداً في الأسفل أن "ميد بيد" ليس المقصود منه علاج أو تشخيص الأمراض، وهو إجراء يستهدف إخلاء المسؤولية القانونية وتعلنه كل شركة تقريباً تقدم منتجاً يتعلق بـ"ميد بيد" بحيث تعترف بأن منتجاتها لا تهدف إلى استبدال العلاجات من قبل طبيب مؤهل.

ولا تعد شركة "تيسلا بيو هيلينغ" استثناء في هذا الصدد، إذ ينص الجزء العلوي من موقع الشركة على الويب بوضوح، على أن الشركة لا تدعي بأن منتجات أو خدمات "تيسلا بيو هيلينغ" هي تشخيص لوجود أو عدم وجود أي حالات طبية، وليست هناك أي ادعاءات بأن منتجاتها هي علاج لأي حال طبية أو مرضية.

وفي حين لا يجيب الطبيب أو أي شخص آخر في "تيسلا بيو هيلينغ" عن أية أسئلة تتعلق بما تحتويه العلب الطبية التي تستخدم في عملية المعالجة البيولوجية، أخذ بعض العملاء المغامرين على عاتقهم محاولة اكتشاف ذلك، إذ يظهر مقطع فيديو منشور على "تيك توك" مقامراً غاضباً وقد فتح علبة ليعثر فقط على مادة تشبه الخرسانة، الأمر الذي يثير تساؤلات حول كيفية السماح لشركات "ميد بيد" بتقديم منتجاتها والتلميح إلى الآثار المعجزة ولكن مع الإفلات من أي إشراف تنظيمي؟

مسؤولية السلطات

يقول ستيفن باريت، وهو طبيب نفسي متقاعد كان يحقق في الادعاءات المشكوك فيها منذ عقود إن الجهة المنظمة للرعاية الصحية في الولايات المتحدة وهي إدارة الغذاء والدواء (أف دي إي)، تتحمل المسؤولية جزئياً عن ذلك، إذ يشير إلى أن التسجيل في إدارة الغذاء والدواء الأميركية مطلوب من قبل أي مصنع يريد تسويق منتجات طبية أو صحية ولكن هذا يعني فقط إبلاغ إدارة الغذاء والدواء بأن هذا المصنع موجود.

وفي حين أن مقر شركة "90.10" ليس في الولايات المتحدة ولم تقيم منتجاتها من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية، إلا أن شركة "تيسلا بيو هيلينغ" تعلن عن أسرتها على أنها أجهزة طبية مسجلة لدى إدارة الغذاء والدواء، ومع ذلك فإن التسجيل يتم من دون أن يكون لذلك أي معنى لأن سجلات إدارة الغذاء والدواء لا تشير إلى أي شيء حول ما إذا كان الجهاز مفيداً أو لا، كما أنه عندما يتعلق الأمر بتقديم ادعاءات غامضة حول الصحة العامة أو تصريحات غير قابلة للإثبات حول زيادة الطاقة، فإن السلطات "لا تفعل شيئاً حيال ذلك"، بحسب قول الطبيب باريت.

وما يزيد من الشكوك حول أداء هذه الشركات ومدى التزامها المعايير والقواعد الطبية المعمول بها، أن شركة "تيسلا بيو هيلينغ" على سبيل المثال ومقرها ولاية ديلاوير، تنسب تقنيتها إلى طبيب اتهمته قبل أعوام لجنة التجارة الفيدرالية بالإعلانات المضللة لعلاج الربو. وأصدر مجلس إدارة الشركة السابق قراراً يتهمه بالتخريب والتزوير وإرسال أموال الشركة إلى صديقة له عبر الإنترنت، الأمر الذي ينزع جزءاً كبيراً من الثقة بمنتجات الشركة.

اقرأ المزيد

المزيد من صحة