Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل انتهت موجة الذعر الغربية بعد هبوط أسعار الغاز؟

الطقس الدافئ يقلص من حدة الأزمة ومعدل التضخم يتراجع في 19 دولة

دأبت أوروبا خلال الصيف الماضي على ملء مخزون الغاز رغم تراجع الواردات من روسيا (أ ف ب)

تراجعت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا والولايات المتحدة إلى مستويات شوهدت لآخر مرة قبل أن تثير روسيا أزمة طاقة عالمية بحربها على أوكرانيا، بحيث تشير البيانات إلى أن أسعار الغاز انخفضت بالجملة في أوروبا، وفقاً لقياس العقود الآجلة الهولندية القياسية، بنسبة 48 في المئة تقريباً منذ منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، لتتداول عند 71 يورو (74 دولاراً) لكل ميغاواط/ ساعة، الجمعة السادس من كانون الثاني (يناير) الحالي، وهي الأسعار نفسها تقريباً في 15 فبراير (شباط) من العام الماضي، أي قبل أسبوع من الحرب.

لكن الأسعار الآن أقل بنسبة 80 في المئة تقريباً من أعلى مستوى لها في أغسطس (آب) الماضي والبالغة 346 يورو (364 دولاراً) لكل ميغاواط/ ساعة.

في الولايات المتحدة انخفضت كلفة الغاز المتدفق عبر خط أنابيب "هنري هوب" الذي يعمل كمعيار لسعر البلاد بنسبة 50 في المئة إلى 3.68 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية منذ أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عائداً إلى المستويات التي شوهدت آخر مرة في ديسمبر 2021.

هدايا الطقس الدافئ

في مذكرة بحثية حديثة قال نائب رئيس أبحاث الغاز والغاز الطبيعي المسال في "وود ماكنزي" ماسيمو دي أودواردو إنه بعد فترة من البرد القارس التي اجتاحت الولايات المتحدة الشهر الماضي، ساعدت عودة الطقس الأكثر دفئاً في يناير الحالي على إعادة التوازن إلى مخازن الغاز، مما أدى إلى انخفاض الأسعار.

ويمكن لأوروبا أيضاً أن تشكر موجة الطقس الدافئ التي حطمت الرقم القياسي، فضلاً عن جهودها الخاصة في الصيف الماضي لملء مخزون الغاز، على رغم تراجع الواردات من روسيا، أكبر مورد لها قبل الحرب.

يرى مدير الطاقة والمناخ والموارد في مجموعة "أوراسيا" هينينغ غلويستين أنه "لم يعد هناك ذعر بعد الآن"، مشيراً إلى المخاوف التي سادت العام الماضي من أن أوروبا قد تضطر إلى تقنين الغاز خلال الشتاء، لكنها أخبار مشجعة لملايين الأسر والشركات في جميع أنحاء القارة الذين كافحوا لدفع فواتير الطاقة الباهظة، لكن المحللين قالوا إنهم لا ينبغي أن يتوقعوا ارتياحاً فورياً.

فقد ساعد هبوط أسعار الطاقة في خفض التضخم عبر 19 دولة تشترك في عملة اليورو وتراجع مؤشر أسعار المستهلكين إلى 9.2 في المئة خلال ديسمبر الماضي من 10.1 في المئة خلال الشهر السابق له.

مع ذلك لا تزال أسعار الغاز الأوروبية مرتفعة تاريخياً ويمكن أن تقفز مرة أخرى هذا العام إذا انتعش الطلب من الصين أو تعطلت الإمدادات. كما سيستغرق الأمر بعض الوقت حتى تصل أسعار الجملة المنخفضة إلى فواتير المستهلكين، بالنظر إلى أن بعض البلدان حددت الأسعار للأشهر القليلة المقبلة.

يقول دي أودواردو "مع ذلك، فإن المنطقة في وضع أفضل بكثير مقارنة بما كان يخشاه الناس قبل شهرين فقط". ووفقاً لشركة "غاز إنفراستركتشر يوروب"، فإن مرافق التخزين في القارة ممتلئة حالياً بنسبة 83 في المئة وهذا أعلى بكثير من متوسط ​​69 في المئة الذي بلغه الاتحاد الأوروبي في هذه المرحلة خلال السنوات الخمس حتى عام 2021.

استهلاك الأسر يتراجع

ساعدت الجهود التي تبذلها الأسر والشركات الأوروبية لاستخدام كميات أقل من الغاز على تشجيع التخفيض الطوعي بنسبة 15 في المئة التي حددها الاتحاد الأوروبي. وقدر دي أودواردو أن الطلب السكني على الغاز هوى بمقدار الخمس في نوفمبر وقال إن تحركات المستهلكين الصناعيين لتبديل الوقود وإيجاد الكفاءات قد أتت ثمارها، مما أدى إلى خفض الطلب بنسبة 20 في المئة في النصف الأخير من عام 2022، مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

البيانات تشير إلى أن أوروبا تعلمت بسرعة العيش من دون الغاز الروسي بعد أن خفضت موسكو صادراتها من خطوط الأنابيب العام الماضي، وعزز الاتحاد الواردات من النرويج وإمدادات الغاز الطبيعي المسال، وهو شكل سائل مبرد من الغاز يمكن نقله عبر ناقلات بحرية، في الغالب من الولايات المتحدة وقطر.

كما تسابقت القارة أيضاً لبناء المنشآت اللازمة لاستقبال الغاز الطبيعي المسال عبر السفن وتحويله إلى غاز يمكن نقله عبر خطوط الأنابيب. يقول غلويستين إن ألمانيا، وهي أكبر مستهلك للغاز في الكتلة، افتتحت أخيراً محطتين لإعادة تحويل الغاز المسال وتخطط لجلب محطتين أخريين عبر الإنترنت في الأيام المقبلة.

وبينما تتطلع القارة إلى ملء مخازنها قبل الشتاء المقبل بكمية قليلة جداً من الغاز الروسي، فقد تنشأ مشكلات. ووفقاً لـغلويستين فإن المهمة "ستكلف كثيراً من المال" نظراً إلى مدى ضعف الكتلة أمام ارتفاع الأسعار في سوق الغاز الطبيعي المسال الضيق. وربما يؤدي انقطاع خط الأنابيب في النرويج، أو انخفاض الصادرات الأميركية بسبب الطقس القاسي، إلى صعود الأسعار بشكل عملي.

لكن يمكن أن يتسبب تعافي الطلب في الصين التي تخلت أخيراً عن سياستها الصارمة في شأن عدم وجود فيروس كورونا، في ارتفاع الأسعار مرة أخرى، وفقاً لتحليل "دويتشه بنك" الصادر خلال الشهر الماضي.

الحكومات مجبرة على زيادة الإعانات

على رغم الانخفاض الحاد الأخير، فإن أسعار الغاز في أوروبا لا تزال أعلى بأربع مرات مقارنة بالمتوسط ​​على مدى العقد الماضي، وفق ما ذكره محلل السياسات في مركز السياسة الأوروبية فيليب لاوسبرغ. وكانت أسعار الجملة تصعد بالفعل في الأشهر التي سبقت الحرب مع إعادة فتح الاقتصادات بعد عمليات الإغلاق الوبائي. بعد ذلك، أدى ارتفاع الأسعار في أعقاب حرب موسكو إلى زيادة فواتير المستهلكين بشكل أكبر وأجبر الحكومات على رفع الإعانات الضخمة.

وفقاً لتحليل حديث أجرته "بروجيل" وهي مؤسسة فكرية مقرها بروكسل، التزمت الحكومات الأوروبية، بما في ذلك المملكة المتحدة، بنحو 705 مليارات يورو (739 مليار دولار) بين سبتمبر (أيلول) 2021 ونوفمبر الماضي للمساعدة في حماية المستهلكين من الزيادات المؤلمة في فواتيرهم.

يرى محلل الأبحاث في "بروجيل" جيوفاني سغارافاتي أن الأمر قد يستغرق ما يصل إلى خمسة أشهر حتى يرى المستهلكون فواتيرهم تتراجع، وأضاف "سوف يتطلب الأمر بعض الوقت حتى يتدفق انخفاض أسعار البيع بالجملة للغاز الطبيعي في أسعار التجزئة. نحن لم نخرج بالفعل من الغابة".

يعود ذلك جزئياً إلى الطريقة التي تنظم بها الدول سعر الطاقة. ويرى مراقبون أن بعض الدول مثل المملكة المتحدة وألمانيا، إما تحدد الأسعار أو تحدد سقفها لفترة زمنية معينة، مما يعني أن المستهلكين سيدفعون فواتير أعلى لفترة أطول. وقد انخفضت العقود الآجلة لبيع الغاز بالجملة في المملكة المتحدة للربع الثاني من هذا العام بنسبة 66 في المئة منذ سبتمبر، وفقاً لما ذكره "إتش أس بي سي غلوبال ريسيرتش".

ويمكن أن تبدأ فواتير المنازل في المملكة المتحدة بالتراجع اعتباراً من يوليو (تموز)، إذا نزلت أسعار السوق إلى ما دون الحد الأقصى السنوي للحكومة البالغ 3000 جنيه استرليني (3573 دولاراً). وربما تشعر الشركات في البلاد بتأثير انخفاض أسعار الجملة في وقت أقرب، عندما تسحب الحكومة دعمها في أبريل (نيسان).

يقول لاوسبرغ "نظراً إلى أن موردي الطاقة يشترون الغاز والكهرباء مسبقاً لإصلاح بعض كلفهم، فإن نزول أسعار الجملة لا يتم تمريره على الفور إلى المستهلكين"، وأضاف "إذا ظل سعر الجملة منخفضاً، يمكن للمستهلكين الاستفادة من فواتير الطاقة الأرخص في غضون بضعة أشهر". علاوة على ذلك، ستحتاج بعض شركات الطاقة إلى تمرير كلف البنية التحتية الجديدة للغاز الطبيعي المسال، بحسب ما قال غلويستين مضيفاً "كل شيء يتم تجميعه هو كوكتيل مكلف للغاية".

وسيبقي ذلك أوروبا في وضع تنافسي غير موات مع الولايات المتحدة، حيث أسعار الغاز أقل بنحو خمس مرات. يقول سغارافاتي "بالنسبة إلى الشركات التي لديها نموذج أعمال تمثل فيه الطاقة جزءاً كبيراً من كلفتها، يمكن تحفيزها للانتقال إلى الولايات المتحدة. لذا فإن هذا يدعو إلى القلق بعض الشيء".

المزيد من البترول والغاز