Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

 الرسام المصري صبري منصور ابتكر لغة بصرية فريدة

يستعين بالتاريخ والأساطير ليشكل ملامح خيالية لحاضر مُلتبس

لوحة للرسام صبري منصور في معرضه القاهري (خدمة المعرض)

عالم الرسام المصري صبري منصور، هو عالم أسطوري صيغت عناصره بدرجات لونية من الأخضر والأزرق والرماديات. هنا أجساد بشرية اختُزلت ملامحها وتفاصيلها فباتت أشبه بالظلال. هم بشر يتأرجحون بين السعادة والبؤس، وما بين الحلم والحقيقة يتحركون فى مواكب ملحمية مُحاطين بهالة من الرهبة والأسى.

إنه عالم صبري منصور كما يتجلى في لوحاته المعروضة في غاليري بيكاسو للفنون في القاهرة حتى الحادي عشر من يناير( كانون الثاني) تحت عنوان "مختارات". تغطي هذه الأعمال التي يضمها المعرض أكثر من خمسة وأربعين عاماً من مسيرة الفنان الإبداعية، وهي فرصة حقيقية للتأمل في ملامح هذه التجربة عن كثب؛ هذه التجربة التي تعد واحدة من التجارب التصويرية التي ستظل محفورة في ذاكرة الإبداع المصري لفترة طويلة. ويُعد صبري منصور من الفنانين الفاعلين على الساحة الفنية المصرية، فإلى جانب تجربته الإبداعية المتميزة، يستند منصور كذلك إلى تجربة أكاديمية مهمة ولها تأثيرها على العديد من دارسي الفن في مصر. منذ تخرجه في الفنون الجميلة عام 1964 تدرج صبري منصور فى الوظائف الأكاديمية، فكان رئيساً لقسم التصوير، ثم عميداً للكلية حتى عام 1992 . وله عدة أبحاث ودراسات منشورة في عدد من الدوريات والصحف المصرية والعربية، كما أشرف خلال مسيرته الفنية على العديد من رسائل الماجستير والدكتوراه.

الطيف الأسطوري

تتتبع الأعمال التي  يضمها المعرض ذلك الطيف الأسطوري المُهيمن على تجربة الفنان التصويرية، منذ انطلاق رحلته الشيقة مع  الرسم في ستينيات القرن الماضي، ومحاولاته المُبكرة للبحث عن هوية بصرية خاصة تميز أعماله. خلال هذه المسيرة الفنية استطاع صبري منصور أن يبتكر أسلوبه الخاص في رسم الشخصيات والعناصر المحيطة بها، وينسج مفردات لغة بصرية لا تخطئها العين.

يبدو عالم صبري منصور خيالياً في هيئته وبنائه وتكوين عناصره، هذه العناصر التي يتم استدعاؤها غالباً من وحي الأساطير الشعبية لتشكل إطاراً عاماً لتجربته. ومع ذلك، وعلى الرغم من هذه الهالة الأسطورية التي تميز هذه الأعمال، إلا أنها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالواقع عبر هذه الدلالات والمعاني التي لا تخلو منها.

في هذه الأعمال ثمة تصور عام لمكان خيالي تتحرك خلاله العناصر المرسومة، والتي تُشكل المعنى العام لكل عمل. المعاني والدلالات التي تنطوي عليها تلك الأعمال،  ليست مُباشرة لكنها كثيفة وموجزة إلى حد كبير. إلى جانب العنصر البشري، الذي يمثل محوراً بصرياً للأعمال، ثمة عناصر أخرى تتكرر من حين لآخر، مثل الشجرة والقمر والطائر والأجواء الليلية المُخيمة على المشهد، إلى جانب الحضور اللافت  للجسد الأنثوي. وهي عناصر بصرية تمثل مفردات للغة دلالية خاصة تتبدل وتشتبك معاً على مساحة الرسم لتؤدي المعنى. فالطائر هنا مثلاً له صلة مباشرة بالقدر حين ينقض أو يحوم أو ينشر جناحيه، وهو نذير شؤم، أو حامل للخير والسعادة، بينما تحمل صورة المرأة في أغلب الأحيان جانباً أسطورياً وغامضاً ومتعدد التأويلات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ينتمي الفنان صبري منصور إلى مسيرة ممتدة من الفنانين الكبار الذين أثروا الساحة الإبداعية المصرية منذ بداية القرن الماضي حتى اليوم، من أمثال محمود سعيد وتحية حليم وحامد ندا وعبد الهادي الجزار، وهي مسيرة تتلمس ملامح مصرية خالصة في معالجاتها التصويرية. في سبيله إلى ذلك اتجه صبري منصور إلى القرية مستلهماً أجواءها الأسطوريه، غير أن القرية عنده هنا قد تكون مقابلاً للعالم بأسره أو الوطن، وقد تتقلص دلالتها لتصبح مرادفاً لأفكاره وتصوراته الذاتية. هي قرية خيالية تمتد جذورها عميقاً في التاريخ، وترتبط بالحاضر المنكفىء وطبيعته المُلتبسة والمترنحة تحت وطأة اللحظة الراهنة. 

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة