Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يفجر "داعش سوريا" المصالحة التركية بـ"هجمات النفط"؟

التنظيم يلفت الأنظار إليه كورقة لا يمكن اجتثاثها بسهولة وحملة عسكرية جديدة لملاحقة فلوله

تواجه المصالحة بين دمشق وأنقرة تهديدات جمة لا سيما مع وجود فصائل "داعش" والكرد والتحالف الدولي (اندبندنت عربية)

ليست ببعيدة عنهم منابع وآبار تنضح بـ"الذهب الأسود" شمال شرقي سوريا، حقيقة جاذبة لما تبقى من فلول تنظيم "داعش" الآخذة بالانتشار مجدداً من وسط بادية مترامية الأطراف تتشاطر رمالها في جميع المحافظات باستثناء الساحل السوري.

لم تكن أهداف التنظيم المتشدد بمنأى عن ضربات عمدت إليها مجموعات متناثرة خلال عام مضى، وكان أشدها وطأة هجوم الـ30 من ديسمبر (كانون الأول) الذي أسفر عن سقوط ضحايا بين كوادر عاملة بحقول النفط شرق البلاد.

سلاح البترول

يبدو أن معركة حقول البترول راقت لقادة "داعش" بعد استغلالهم حالة الطقس والضباب الكثيف للعمل تحت غطائه، إذ نفذت المجموعات هجوماً بصواريخ ورشاشات ضد ثلاث حافلات، ما أسفر عن مصرع 12 عاملاً بعد عودتهم من حقل "التيم" (ينتج 2500 برميل يومياً) الواقع في ريف دير الزور الغربي، وأتى الهجوم "أثناء تبديل ورديات العمال" بحسب بيان وزارة النفط.

في ذات يوم الهجوم على حافلات نقل الفنيين في الحقل، استهدف مجهولون يعتقد أنهم من تنظيم "داعش" قاعدة أميركية في حقل "العمر" النفطي في ريف دير الزور.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في المقابل علمت "اندبندنت عربية" بتجهيز الجيش النظامي والقوات الرديفة له وأبرزها فصائل "لواء القدس" الذي ينشط شرق ووسط البلاد لملاحقة أفراد التنظيم المتشدد، حملة تهدف إلى تمشيط أرجاء البادية بحثاً عن خلايا مقاتلة هناك.

في هذه الأثناء وصلت ناقلة نفط إيرانية تحمل في جوفها نحو مليون برميل من النفط إلى ميناء "مصفاة بانياس" السوري، وأفرغت حمولتها وسط حال من نقص مصادر الطاقة المشغلة كالمازوت والبنزين.

المصالح و"المصالحة"

وسط هذه التطورات يلفت الباحث الأكاديمي في الاقتصاد السياسي محمد حاج عثمان إلى طبيعة الهجمات التي ركز عليها "داعش" بالتوازي مع تطورات سياسية ولوجيستية متسارعة كالتقارب التركي- السوري من جهة، وما تعيشه دمشق من ضائقة بالحصول على مصادر الطاقة من جهة ثانية، "وكـأن التنظيم أراد القول من هذا الاستهداف إننا ما زلنا في ساحة الميدان، وهي رسالة للأطراف الدولية جميعها".

في المقابل تواجه المصالحة بين دمشق وأنقرة تهديدات جمة، لا سيما مع وجود فصائل "داعش" والكرد والتحالف الدولي، وما اللقاء الثلاثي في موسكو بين وزراء الدفاع ورؤساء الاستخبارات إلا بداية مشوار الألف ميل، على الرغم من صياغة اتفاق نهائي تعطي فيه تركيا الأراضي التي تسيطر عليها في الشمال للحكومة السورية.

يرى عثمان أن "المصالح تدفع بكل الأطراف نحو المصالحة، لكن هذا لا يعني عودة التبادل التجاري وكسب السوق السورية المتعطشة لانفتاح اقتصادي، وزيادة حجم التبادل التجاري إلى حدود ما قبل القطيعة".

ويضيف "لقد حقق التبادل بين البلدين قفزات شاسعة بين عامي 2004 و2010، إذ وصل حجم عام 2006 إلى نحو 800 مليون دولار، ومع حلول عام 2010 سجل 2.5 مليار دولار، ويتضمن اتفاق المصالحة الجديد مكاسب سيقطفها الأتراك عبر تدفق كثيف للبضائع التركية إلى دول مجلس التعاون الخليجي بعد مصالحة تركية - خليجية خلال هذا العام، إلى جانب مكاسب دمشق التي أعادت سيطرتها وضبطتها للساحة السورية بدعم روسي بعد أن فقدت 70 في المئة منها مع بداية الحراك الشعبي عام 2011، الأمر الذي يضعها وجهاً لوجه أمام الفصائل الكردية، التي تعتبرها أنقرة خطراً يتهدد حدودها الجنوبية وتحدياً لأمنها القومي، علاوة على كسب الرئيس التركي الشارع المعارض قبل انتخابات عام 2023، حيث وضع ضمن أولوياته إعادة اللاجئين السوريين".

خسائر وهواجس

في غضون ذلك نكأ هجوم "داعش" أوجاع القطاع النفطي الذي يعيش أسوأ أحواله بعد صراع مسلح دار بين المعارضة والسلطة والقوى الدولية الحليفة عبر عقد من الزمن، وأخرج الحقول والآبار من الخدمة، وبلغت الخسائر ما يقارب 112 مليار دولار أميركي، كما أفلتت آبار من يد حكومة دمشق وتقع اليوم تحت سيطرة الإدارة الذاتية، الأمر الذي أصاب أنقرة بالذعر بعد تمدد الفصائل الكردية التي وجدت أنها في الطريق لصناعة دولة فيدرالية لنفسها.

ورفعت الخارجية السورية شكوى إلى منظمة الأمم المتحدة تتهم الولايات المتحدة بسرقة نفط أراضيها وقدرت الخسائر بـ20 مليار دولار طوال سنوات الحرب، فضلاً عن خسائر الاعتداءات الأميركية على الأراضي السورية التي بلغت 25.9 مليار دولار، وأضرار ناجمة عن قصف قوات التحالف الدولي للمنشآت النفطية والغازية بخسارة تقدر بـ2.9 مليار دولار.

وكانت واشنطن رفعت في فبراير (شباط) 2021 يدها عن حماية آبار النفط، معلنة أنها جاءت لمكافحة خطر "داعش". وحينها قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية جون كيربي في تصريح للصحافيين، إن "موظفي وزارة الدفاع ومقاوليها من الباطن ليسوا مخولين بمد يد المساعدة إلى شركة خاصة لاستغلال موارد نفطية في سوريا".

لكن بارود "داعش" ينصب الآن على آبار النفط والعاملين بها ليلفت الأنظار مجدداً إلى التنظيم كورقة لا يمكن اجتثاثها بسهولة كما يظن "الكرملين" عراب المصالحة.

في هذه الأثناء تعلو أصوات المعارضين السوريين في الشمال السوري بتظاهرات تندد بالاتفاق، فضلاً عن بيانات من مجالس وهيئات معارضة تدعو للتمسك بالأرض وعدم تسليمها إلى العاصمة بهذه البساطة، الأمر الذي سيجعل من مشوار المصالحة طويلاً ومتعثراً.

المزيد من تقارير