Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل سينجح ويل سميث في العودة ومحو آثار صفعة الأوسكار؟

بدأ هذا الشهر عرض فيلمه الجديد "تحرر" وهو الأول له منذ أن صفع كريس روك على خشبة المسرح في حفل توزيع جوائز الأوسكار في مارس (آذار). يرى جيفري ماكناب أنه مع قوة نجومية سميث الجاذبة، لن يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى يستعيد ثقة الجمهور

الزمن سيحسم ما إذا كانت قوة نجومية سميث قد فقدت بريقها إلى الأبد (آبل تي في+)

في الظروف العادية، كان فيلم المخرج أنطوان فوكوا بعنوان "تحرر" Emancipation ليحقق زخماً كبيراً وسريعاً في عدد الجوائز الذي يحصده. هذه الدراما الجديدة التي كلف إنتاجها 130 مليون دولار (106.43 مليون جنيه استرليني)، هي من بطولة وإنتاج ويل سميث الحائز جائزة الأوسكار ومحبوب شباك التذاكر، في أحد أكثر أدواره تحدياً كعبد في ستينيات القرن التاسع عشر في لويزيانا. ومع تلك الملحمة البطولية التاريخية الكاملة فإن "آبل"، التي أصبحت أول منصة لخدمة البث التدفقي تفوز بجائزة أوسكار أفضل فيلم في وقت سابق من هذا العام مع فيلم "كودا" Coda، جذبت أكبر قدر من الاهتمام حتى اللحظة.

بيد أن هذه الظروف ليست طبيعية إذ إن فيلم "تحرر" هو أول إصدار لسميث "بعد الصفعة". مرت تسعة أشهر منذ أن سار النجم الغاضب على خشبة المسرح وضرب الممثل الكوميدي كريس روك على وجهه. وبمجرد قيامه بذلك، انهالت عليه موجة من اللوم والاحتقار. فتحول أحد أبناء "هوليوود" المفضلين في لحظة إلى شبه منبوذ. واستقال من أكاديمية الفنون والعلوم السينمائية بعد فترة وجيزة من الحادثة، ومنع من حضور حفل توزيع جوائز الأوسكار لمدة 10 سنوات.

والأسئلة المطروحة الآن هي متى سيسامحه العالم، وكيف ينظر إليه زملاؤه العاملون في مجال السينما حالياً، وما إذا كانت الأفلام التي يظهر فيها لديها أي فرصة لتحقيق النجاح في نظر النقاد أو على المستوى التجاري. وفي الواقع، تشير الدلائل المبكرة إلى أن فيلم "تحرر" قد دخل في الحلقة المفرغة من موجات الغضب المستمرة ضد سميث.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

"أعتقد أنه في عالم آخر، وفي وقت آخر، وفي مكان آخر لم تحدث فيه الصفعة، كان ليتم ترشيحه [سميث لجائزة الأوسكار] عن هذا الفيلم"، وفق ما قالته آن طومسون، المحررة المتعددة المهام في موقع "إندي واير"Indiewire الإلكتروني المتخصص في مجال السينما وصناعة الأفلام. وتابعت، "أنا أعتقد أنه أداء قوي جداً في فيلم جيد جداً... كان من الممكن أن يحدث ذلك لولا الصفعة."

في الحقيقة، لم يبق ناقد واحد كتب عن الفيلم الجديد إلا وذكر اللحظة المصيرية في حفل هذا العام عندما أظهر سميث رد فعل عنيفاً على دعابة روك عن شريكته جادا بينكيت سميث. وتلقى الفيلم نفسه آراء متباينة. فالمراجعة التي منحت الفيلم نجمتين في "اندبندنت"، وصفته بأنه "فيلم يهتم بشكل أساس بالبطولة الفردية إلى حد شبه أسطوري" وتساءلت، "كيف يمكن أن يكون هذا مقبولاً وتلك المحنة التاريخية [العبودية] لا تزال تجري في عروق أميركا؟"

في المقابل، انتقد آخرون استخدام فوكوا لأساليب سرد لا تمتزج وتنسجم معاً بشكل جيد دوماً. ويعد هذا العمل في الوقت نفسه دراما تاريخية جدية تتناول صدمة العبودية، وفيلم أكشن من النوع الرديء مع شخصيات وحوادث مألوفة من عدد لا يحصى من أفلام الإثارة والويسترن الثأرية.

في الفيلم، يلعب سميث دور بيتر، وهو عبد في فترة الحرب الأهلية الأميركية. وفي المشاهد الافتتاحية الوحشية، يتم جره تحت تهديد السلاح من المزرعة التي يعيش فيها مع عائلته، للعمل في سكة حديد كونفدرالية تبنى في عمق المستنقعات.

إنه فيلم سوداوي ومروع، تم تصويره بالأبيض والأسود، ولكن مع ومضات من اللون الأحمر الذي يتسلل إلى الشاشة أثناء عدد من مشاهد العنف الدامي. ويعامل الكونفدراليون العبيد أسوأ من الحيوانات. عندما يهرب بيتر وآخرون من المخيم ويفرون عبر المستنقع، يلاحقهم صياد العبيد العنيد، "فاسيل" الذي يؤدي دوره بن فوستر ويبدو أكثر لؤماً من لي فان كليف في سباغيتي ويسترن.

يكشف فيلم "تحرر" عن أهوال العنصرية البيضاء، وهو مستوحى من قصة واقعية عن حياة العبد الهارب "بيتر المجلود" Whipped Peter الذي التقطت صورة له في عام 1863 تعرض الجروح المروعة والكدمات على ظهره. لكنه في الوقت نفسه فيلم مطاردة ويحتوي على عناصر من أفلام الإثارة التي يسعى فيها الأبطال إلى البقاء على قيد الحياة. بيتر الذي يؤدي دوره سميث، يتفادى الرصاص، ويتغلب على الثعابين، ويختبئ في الأشجار، ويصارع التماسيح، ويواجه أسراباً من النحل، ويغطي جسمه بالوحل وقشر البصل لتضليل الكلاب التي تتبع رائحته. إذا تمكن بيتر من الوصول إلى باتون روج والعثور على جيش الاتحادي، سيكون في أمان. وبالاسترجاع، كان الرئيس لينكولن قد أصدر بالفعل "إعلان تحرير العبيد" عام 1863 الذي ينص على أن أولئك المحتجزين كعبيد "هم أحرار، وسيكونون أحراراً إلى الأبد".

واستطراداً، يمثل هذا العمل القصص القوطية الجنوبية على أوسع نطاق. ويخلق فوكوا عالماً جهنمياً وكابوسياً يكمن فيه الخطر في كل مكان. فالمستنقعات مميتة وكذلك المزارع. وفي أحد أكثر مشاهد الفيلم إزعاجاً، يتسلل بيتر إلى قصر ويعثر على جثث وأطفال مصابين بجروح خطيرة في غرفة الرسم، بجوار القيثارات والبيانو.

وتجدر الإشارة إلى أن سميث يبرع في أدائه. فهو في هذا الفيلم لا يظهر بشخصية نجم "هوليوود" المميز الساحر والممازح التي يعرفها المشاهدون من أفلام "رجال في زي أسود" Men in Black  أو "فرش برينس أوف بيل إير" Fresh Prince of Bel Air، أو من فيلم "كينغ ريتشارد" King Richard في عام 2021 الذي لعب فيه بشكل لا ينسى دور الوالد الغريب الأطوار ومدرب التنس المندفع، لبطلتي التنس فينوس وسيرينا ويليامز. وقد فاز عن ذلك الدور بجائزة أوسكار أفضل ممثل. عوضاً عن ذلك، هو يظهر الآن بشخصية متجهمة، مجروحة، كئيبة، وعلى رغم مسيحيتها، لديها ميل انتقامي. ويلقي فوكوا أعباء ثقيلة عليه، فهو يتعرض للجلد والضرب والسجن والتكبيل والتوبيخ إلى ما لا نهاية.

عموماً، يحب المصوتون على الجوائز عروضاً من هذا النوع يواجه الممثلون المشهورون فيها معاناة جسدية شديدة ويتعين عليهم تحمل صدمة نفسية عميقة. كما أنهم يحبون حكايات التكفير عن الذنوب التي يتغلب فيها محبوبو الجماهير الملطخة سمعتهم على النكسات في حياتهم الشخصية أو المهنية ويقدمون أداءً هائلاً في الأفلام ذات المواضيع الثقيلة. لذا، يجب أن يكون النجم مرشحاً مضموناً للفوز بجوائز أوسكار وربما جائزة أفضل ممثل للمرة الثانية على التوالي. وعلى رغم ذلك، لم يكن سميث قادراً على تخطي "فضيحة الصفعة" بالسرعة التي كان يتمناها هو أو موزعوه. ومع استمرار الفضيحة المتعلقة بسلوكه ليلة الأوسكار، ليس من المضمون أنه سيحصل حتى على الترشيح الذي يستحقه هذه المرة.

والجدير بالذكر أن المصور السينمائي الماهر روبرت ريتشاردسون، الذي اشتهر بعمله مع كوينتين تارانتينو ومارتن سكورسيزي، هو من صور فيلم "تحرر" بدرجات اللون البني الداكن نفسه الطاغي على الصور الفوتوغرافية الملتقطة خلال حقبة الحرب الأهلية. وتستحضر المعركة المروعة المندلعة في وقت لاحق ذكريات من مشهد شاطئ أوماها في فيلم "إنقاذ الجندي راين" Saving Private Ryan، وبشكل غير مريح لحظات من فيلم دايفيد وارك غريفيث الملحمي الصامت العنصري بعنوان "ولادة أمة"(1915) Birth Of a Nation، التي تدور أحداثها أيضاً خلال الحرب الأهلية الأميركية.

حتماً، أجريت مقارنة بشكل سلبي بين لحظة اقتراب سميث من التمساح وتشابك ليوناردو دي كابريو الوثيق مع الدب في فيلم "ذا ريفينانت" [العائد من الموت] Revenant قد ينجح في التملص من تلك المقارنة، ولكن بعيداً من الشاشة، على رغم أدائه القوي، لا يستطيع سميث التخلص من فضيحة ليلة الأوسكار. كان في حالة مزاجية تأملية خلال العرض الأول للفيلم قبل بضعة أيام واعترف بأن معاونيه قد تعرضوا لانتقادات شديدة أيضاً.

وفي ذلك الإطار، قال النجم لوكالة "أسوشيتد برس" "خوفي الأكبر هو أن يعاقَب فريقي بسبب أفعالي". ولكن هذا بالضبط ما يحدث. مع استمرار رد الفعل العنيف ضد الممثل، لا أحد يولي اهتماماً كبيراً للتصوير السينمائي الرائع الذي أنجزه ريتشاردسون، أو إخراج فوكوا البارع والجريء، لو حتى بشكل نسبي، أو في الواقع لأداء سميث. إذاً، فالخلاص [التكفير عن الذنوب] أمر بعيد المنال بالنسبة إلى سميث.

في الفترة التي سبقت إطلاق الفيلم، قام بما يسمى "جولة اعتذار" موسعة، متكلماً بنبرة النادم التائب في المقابلات والبرامج الحوارية وفي لقاءات السجادة الحمراء مع وسائل الإعلام. قال للصحافة: "إذا كان هناك أحد غير جاهز بعد، فسأحترم ذلك تماماً، من دون أن أتعدى على مساحته وحريته الشخصية بألا يكون جاهزاً"، موضحاً أنه سيفهم إذا تجنب المشاهدون فيلم "تحرر".

بالتالي بالكاد شكل الأمر مفاجأة أن مبيعات التذاكر كانت بطيئة عقب إطلاق الفيلم في عدد محدود من دور السينما في الولايات المتحدة الأسبوع الماضي. لا تنشر شركة "آبل" تفاصيل مبيعات التذاكر، لكن مجلة "هوليوود ريبورت" Hollywood Reporter كتبت عن "إقبال خافت" على شباك التذاكر.

على رغم ذلك، فحتى منتقدوه يعترفون بأن هذا فيلم قوي ناجح ويتناول موضوعاً مهماً لم تكن "هوليوود" مستعدة للتطرق إليه في الماضي. لم ينتج عدد كبير من أفلام الحرب الأهلية الأخرى من وجهة نظر العبيد. وكانت أحداث كل من فيلمي "12 سنة عبداً"  Twelve Years a Slaveفي عام 2013 لستيف ماكوين، و"جانغو طليقاً"Django Unchained  في عام 2012 لكوينتين تارانتينو، تدور قبل بدء الحرب. وسواء مع كلارك غيبل وفيفيان لي في فيلم "ذهب مع الريح" Gone with the Wind، أو جود لو ونيكول كيدمان في فيلم "الجبل البارد" Cold Mountain، غالباً ما يستخدم الصراع كخلفية للرومانسية البيضاء. لن تجد أياً من ذلك في فيلم "تحرر". بيتر عازم على رؤية زوجته الحبيبة (شارمين بينغوا) وعائلته مرة أخرى، لكن لا توجد هنا مظاهر للشهامة الجنوبية القديمة على غرار شخصية بريت بتلر [شخصية من فيلم "ذهب مع الريح"].

قد تكون هذه فرصة سانحة لسميث، للهروب من نمطه القديم من الكوميديا وأفلام الحركة، وإعادة ابتكار نفسه. كان قد أصبح بالفعل أكثر ميلاً إلى المجازفة في اختياره للأفلام. ووفق ما تشير إليه طومسون من موقع "إندي واير"، فقد جازف في فيلم كينغ ريتشارد، وهو "فيلم غير مكلف على الإطلاق" للمخرج المستقل رينالدو ماركوس غرين، لم يحقق نجاحاً تجارياً بعد.

هناك غضب مكبوت في أدائه لشخصية بيتر، يوحي بأن سميث قد يلعب دور شرير مرعب لو رغب بذلك يوماً ما. في الحقيقة، لقد أثبت براعته كممثل في شخصيات مختلفة ومتنوعة. والآن، هو في وضع يمكنه من التعامل مع أدوار أكثر تعقيداً وغير مألوفة. ولكن للأسف، من غير المحتمل أن يحدث هذا. بحسب ما تتوقعه طومسون "لا أعتقد أنه سيجازف بالتمثيل في أفلام صغيرة مستقلة أو يذهب للعمل مع بول توماس أندرسون أو أي شيء من هذا القبيل".

لكن لم لا؟ سميث ليس مجرد ممثل سينمائي، بل هو اسم معروف. وفقاً لموقع "بوكس أوفيس موجو"Box Office Mojo، حققت أفلامه أكثر من أربعة مليارات دولار (3.27 مليار جنيه سترليني) في أميركا الشمالية وحدها. هو محاط بالوكلاء والمديرين والمحامين والمستشارين، وجميعهم لديهم مصلحة في رؤيته مرة أخرى في الأعمال التجارية الضخمة. ولدى سميث عدد من المشاريع المربحة للغاية قيد التطوير، من بينها إعادة إنتاج فيلم من عام 1987 بعنوان "طائرات وقطارات وسيارات"Planes, Trains and Automobiles، من المقرر أن يتولى هو وكيفن هارت فيه دوري ستيف مارتن وجون كاندي، إضافة إلى فيلم آخر من سلسلة أفلام "باد بويز" Bad Boys لا أحد يريد تعريض هذه الأعمال للخطر.

"تحرر" ليس أفضل فيلم لاختبار ما إذا كانت جاذبية النجم قد تضاءلت بشكل لا رجعة فيه، بعد الصفعة. فهو ليس فيلماً رائجاً ومحبوباً بوضوح من الجمهور ولن يعرض إلا لفترة وجيزة في دور السينما على أي حال. لكن ما يوضحه الفيلم هو أن قوى سميث كممثل لم تتضاءل على الإطلاق. والجدير بالذكر أنه يظهر في الفيلم أيضاً صلابة شخصيته نفسها التي لا تقهر. إذا تجاهل المصوتون على الأوسكار فيلم "تحرر"، كما يتوقع كثيرون، فسيحفز ذلك سميث على العمل بجهد أكبر لاستعادة ثقة الجمهور، وهي عملية لن تستغرق وقتاً طويلاً على الأرجح.

وتقول طومسون "أعتقد أنه ما زال يملك عدداً كبيراً من المتابعين وسيكون على ما يرام، كما أنه ما زال يعد نجماً سينمائياً شعبياً ضخماً يتمتع بقوة جذب كبيرة، أي القدرة على استقطاب الناس إلى دور السينما".

لطالما كان هذا الأمر هو الأكثر أهمية في "هوليوود". ربما لا تزال الصفعة في أذهان الجميع الآن، ولكن ما دامت الجماهير راغبة في شراء تذاكر لمشاهدة سميث على الشاشة، فسوف ينسى تأثيرها قريباً.

يعرض فيلم "تحرر" في دور السينما وعلى "آبل تي في بلس"

نُشر في اندبندنت بتاريخ 9 ديسمبر 2022

© The Independent

المزيد من سينما