Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما التالي بعد "كوب 27" بالنسبة إلى مواجهة أزمة المناخ؟

في ما يلي استعراض للخطوات التي يمكن اتخاذها للبناء على إيجابيات القمة الأخيرة في مصر – والمساعدة في التخفيف من أوجه القصور فيها

يدعو الاتفاق إلى البحث عن "مصادر تمويل مبتكرة" (غيتي)

لا يزال كوكبنا في العناية المركزة – تلك كانت الملاحظة الأخيرة للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في نهاية الدورة الـ27 من "مؤتمر الأطراف في اتفاق الأمم المتحدة الإطاري بشأن تغير المناخ" (كوب 27) التي عقدت في مصر. فبعد ترحيبه بالاتفاق التاريخي بشأن إنشاء صندوق لتعويض الدول المتضررة من أزمة المناخ، أبى غوتيريش إلا أن يختتم أعمال القمة بالتحذير من المخاطر التي تحدق بالأرض جراء فشل الدول المشاركة في تلبية الحاجة إلى خفض الانبعاثات.

فقال: "لا شك بأن صندوق الخسائر والأضرار ضروري - ولكنه لا يقدم إجابة لأزمة المناخ إذا ما أزالت دولة جزرية صغيرة عن بكرة أبيها - أو حولت بلداً أفريقياً بأكمله إلى صحراء". وعلى حد تعبير أحد المعلقين: لربما يكون العالم قد اتفق في "كوب 27" على صيغة أولية لعلاج أعراض أزمة التغير المناخي، ولكن ما فعله لا يكفي لاجتثاث جذور هذه الأزمة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إذاً ماذا سيحدث الآن؟

فيما تقيم الوفود نتائج قمة شرم الشيخ وفيما تنطلق مفاوضات جديدة لتوفير حماية أفضل للنظم البيئية في العالم في "مؤتمر الأمم المتحدة للتنوع البيئي" في كندا، ارتأت صحيفة  "اندبندنت" إماطة اللثام عما يجب أن يحدث للبناء على نجاحات مؤتمر "كوب 27" والتخفيف من أوجه القصور فيه.

ويتمثل نجاح قمة "شرم" الأكبر في إقرار اتفاق يقضي بإنشاء صندوق خاص لتعويض الأضرار التي تتكبدها الدول الفقيرة جراء الطقس القاسي الناتج من تغير المناخ والتأثيرات البطيئة الظهور، مثل ارتفاع مستوى سطح البحر.

فمنذ ثلاثة عقود والبلدان النامية تطالب من دون كلل أو ملل بتعويضها عن الخسائر الناجمة عن وقوفها في الخطوط الأمامية للأزمة المناخية على رغم أنها ليست مسؤولة سوى عن نسبة ضئيلة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية.

لكن الدول الغنية كانت مترددة في الموافقة على مطلبها خوفاً من أن تعتبر المسؤولة قانوناً عن الأضرار المهولة التي تسببت بها سنوات طويلة من حرق الوقود الأحفوري.

والآن وقد أقر الاتفاق، يبدأ العمل الصعب ألا وهو تحديد الأطراف الواجب أن تساهم في الصندوق ومقدار مساهمة كل واحد منها والبلدان المرتقب تعويضها.

فـ"الصندوق في الوقت الراهن عبارة عن دلو فارغ ولا بد لنا أن نملأ هذا الدلو إذا ما أردناه أن يكون فعالاً بكل ما للكلمة من معنى"، أوضح محمد أدو، مدير مركز أبحاث "باور شيفت أفريقيا" الذي يهدف إلى تعزيز العمل المناخي في القارة المظلمة.

وكانت الدول المشاركة في "كوب 27" قد وافقت على تشكيل لجنة انتقالية تضم ممثلين من 24 دولة وتكون مهمتها تقديم توصيات بشأن كيفية تنظيم عمل الصندوق خلال الدورة الـ28 المزمع عقدها في الإمارات العربية المتحدة العام المقبل.

وعلى ضوء هذه التوصيات، سيكون على الدول الأطراف الاتفاق في ما بينها على كيفية تشغيل الصندوق في ظل تطلع الدول الجزرية الصغيرة إلى بدء العمل بموجبه بحلول نهاية العام المقبل.

والوقت هو جوهر المسألة. فبحلول 2030، يتوقع للخسائر والأضرار أن تكلف البلدان النامية ما بين 290 مليار دولار (ما يعادل 250 مليار جنيه إسترليني) و580 مليار دولار في السنة، على أن يرتفع هذا المبلغ إلى 1.74 مليار دولار بحلول منتصف القرن.

وتعد اسكتلندا أول دولة تقدم تمويلاً للخسائر والأضرار في قمة "كوب 26" في غلاسكو العام الماضي. وبفضل جهودها، تمكنت قيادتها من حث الدول الأخرى على إعلان حزم تمويل صغيرة في مصر. فهل سيضفي اتفاق إنشاء الصندوق طابعاً رسمياً على تعويض الخسائر والأضرار وتيسر الوصول إلى الأموال وتوفر مزيد من الدعم المستمر كما يأمل الناشطون والدول الفقيرة؟

"ما لا يلزمنا هو بقايا تمويل من جهات متفرقة لها قواعدها المختلفة بشأن كيفية الوصول إلى الأموال والدول المؤهلة للحصول عليها"، جزم أدو.

من هنا ضرورة تسوية عديد من المسائل المهمة ذات الصلة، وفي طليعتها مساهمة أو عدم مساهمة الدول السريعة النمو، على غرار الصين، التي تنبعث منها اليوم كميات كبيرة من غازات الدفيئة، في صندوق الخسائر والأضرار إلى جانب البلدان ذات الانبعاثات العالية تاريخياً.

كذلك، يدعو الاتفاق إلى البحث عن "مصادر تمويل مبتكرة". ونذكر من بين الأفكار المطروحة في هذا الاتجاه: فرض ضرائب غير متوقعة على أرباح شركات النفط والغاز ورسوم على الشحن الدولي، بانتظار اجتماع غوتيريش برؤساء الهيئات المالية الدولية لتحديد سبل معالجة الخسائر والأضرار وتمويلها.

وقد تقتصر هذه السبل، بحسب أليكس سكوت، رئيسة برنامج دبلوماسية المناخ والجغرافيا السياسية لدى مركز "الجيل الثالث للبيئيين" (E3G) الناشط في مجال الأبحاث المناخية، على تحرير عمليات تمويل إضافية بمعدلات فائدة مخفضة - أو تجميد سداد الديون بشكل موقت لمساعدة البلدان في التعافي من الكوارث عند وقوعها.  

لكن كونرود هانت، سفير أنتيغوا وبربودا لدى الأمم المتحدة وكبير مفاوضي المناخ في "تحالف الدول الجزرية الصغيرة" (AOSIS)، لا يأبه لمصدر الأموال.

وبرأيه، "هناك مسؤولية تاريخية تقع على عاتق المتسببين في التلوث وآمل أن تكرس هذه المسؤولية في قرار"، مع العلم أن أي أموال أخرى سواء أمن الدول أو من القطاع الخاص "ستساعد بالتأكيد".

التكيف مع أكثر الظروف قساوة

في غلاسكو، وافقت الدول المتقدمة على أن تضاعف المبلغ الذي حشدته عام 2019 لمساعدة البلدان الأكثر فقراً في التكيف مع تأثيرات المناخ بحلول عام 2025.

وقد يشمل التكيف مع التغير المناخي رفع مستوى الطرق والسكك الحديدية لحمايتها من ارتفاع منسوب البحار، وإعادة تصميم البنى التحتية لتلائم الحر الشديد على نحو أفضل، وإصلاح الأراضي الرطبة والشعاب المرجانية لصد الأعاصير.

وينص الاتفاق المنبثق عن الدورة الـ27 لمؤتمر الأطراف على ضرورة إصدار تقرير يساعد في الكشف عن الثغرات، مع بذل مزيد من الجهود في سبيل تحقيق ما يعرف بالهدف العالمي للتكيف.

وكان هذا الهدف قد وضع ليكون نظيراً للهدف الذي تمخض عن "مؤتمر باريس للمناخ" عام 2015 والقاضي بإبقاء ارتفاع درجات الحرارة العالمية "أقل بكثير من درجتين مئويتين" – وصولاً إلى 1.5 درجة مئوية – فوق مستويات ما قبل عصر الصناعة بحلول نهاية هذا القرن. لكن على ما يبدو أن الهدف بشأن التكيف أكثر تعقيداً من سابقه، إذ لا يزال من غير المفهوم إلى الحين ما ستكون عليه تفاصيله.

ومن الممكن جداً أن ينتهي به الأمر نسخة طبق الأصل عن أهداف التنمية المستدامة لناحية طرحه عديداً من المقاييس لقياس التقدم المحرز، ألمح ديفيد واسكو، مدير مبادرة المناخ الدولية في "معهد الموارد العالمية" للأبحاث البيئية والتنموية.

الالتزام بحصر الاحترار في حدود 1.5 درجة

إذا كانت الخسائر والأضرار هي الإنجاز الأكبر لـ"كوب 27"، فإنه من المقبول على نطاق واسع أن تكون الدول المشاركة فيه قد فشلت في تحقيق تقدم ملموس نحو تقليل الانبعاثات.

وصحيح أن نص الاتفاق الجديد أعاد التأكيد على محتوى ميثاق باريس بالحد من الاحتباس الحراري، إلا أنه لم يضف شيئاً إلى تعهدات غلاسكو باعتقاد كثيرين. كما أنه لم يقدم توضيحات كافية بخصوص كيفية تخفيض الانبعاثات، على رغم وصف القمة التي تمخض عنها بقمة "التنفيذ".

وفي هذا الصدد، قالت تينا ستيج، مبعوثة المناخ لجمهورية جزر مارشال، في إطار حلقة نقاش استضافتها "اندبندنت" الأسبوع الماضي: "لقد تمسكنا بمواقفنا في غلاسكو لاحتياجنا إلى المضي قدماً. كنت قلقة للغاية من ألا نقوى على استكمال ما بدأناه في غلاسكو."

وأردفت ستيج أن الفشل النسبي لإحدى القمم قد يترجم نجاحاً في القمة التالية، متوقعة إلى جانب عديد من الموفدين الآخرين تجدد التركيز على خفض الانبعاثات في "كوب 28" المرتقب في الإمارات.

فمن جهة، يتوقع لأول ملخص شامل عن تقدم العالم نحو الحد من الاحتباس الحراري أن يبصر النور قبل ذلك المؤتمر. وإذا ما حدث ذلك فعلاً، فستكون مهمته الرئيسة مناقشة نتائج هذا الملخص والاتفاق على أبرز التوصيات المستقبلية.

وعن هذه النقطة بالتحديد، علق واسكو بالقول إنه لطالما اعتبر الدورتين 27 و28 من مؤتمر الأطراف "حلقتين لسلسلة واحدة"، مع تمحور القمة المصرية حول الخسائر والأضرار والقمة الإماراتية حول خفض الانبعاثات.

وأضاف: "أظن أن هذا الأمر سيعود إلى الواجهة من جديد".

على ما يبدو أن الخبراء بشكل خاص يعتقدون بأن دعوة الدول إلى التقليل التدريجي - أو التخلص التدريجي - من أنواع الوقود الأحفوري كافة، بوصفها المسبب الرئيس للاحترار العالمي، ستكون على رأس جدول أعمال "كوب 28". وما يعزز اعتقادهم هذا إقدام الهند، بدعم من الاتحاد الأوروبي وعشرات الدول، على حث الدول على الموافقة على التخلص التدريجي من جميع أنواع الوقود الأحفوري في "كوب 27"، لكن مبادرتها هذه لم تدرج في النص النهائي.

"من الواضح الآن أنه لن يكون بالإمكان تجنب هذه المسألة وأظن أن عديداً من البلدان الطموحة والتقدمية ستكافح من أجل طرحها على طاولة الحوار وتحويلها إلى نتيجة لمؤتمر الأطراف الـ28"، أكد توم إيفانز، مستشار السياسة لدى "الجيل الثالث للبيئيين" في حلقة نقاشنا الأسبوع الماضي.

ومن جهته، أشار السيد هانت، سفير أنتيغوا وبربودا، إلى إنه سيبقى متنبهاً للمصطلحات الغامضة من قبيل "الطاقة منخفضة الانبعاثات" التي يمكن تفسيرها على أنها غاز.

ففي الوقت الحاضر، يتفق كثيرون على أنه ما من إرادة سياسية كافية لخفض الانبعاثات وما من رأسمال كاف لمساعدة الدول في التحول نحو اقتصادات تعمل بالوقود المتجدد.

وتتمثل إحدى الطرق الناجعة لسد "فجوة التمويل" هذه في وفاء الدول الغنية بالتعهدات التي لا تزال معلقة، ذكر السيد أدو.

وأضاف: "إن جائحة كوفيد والحرب في أوكرانيا خير دليل على أن العالم الغني قادر على حشد مليارات إذا ما أراد ذلك. ونحن بأمس الحاجة اليوم إلى رؤية تحول مماثل في التفكير الذي يتعامل مع أزمة المناخ الطارئة وإنفاق الأموال على إزالة الكربون بسرعة."

ووفاء الدول الغنية بتعهداتها ليست الطريقة الوحيدة لجمع الأموال؛ ووفقاً لسكوت، ثمة طريقة ثانية تكمن في قيام مصارف التنمية متعددة الأطراف بإصلاح إقراضها حتى تتمكن من تحمل مزيد من المخاطر، وطريقة ثالثة تعتمد على زيادة التمويل المخصوم من الدول الغنية إلى العالم النامي، وطريقة رابعة قوامها خفض مدفوعات الديون من الدول النامية في مقابل الإنفاق على التحولات المناخية الخاصة بها.

وإضافة إلى الطرق المذكورة، تبرز اقتراحات أخرى، بما في ذلك دعوة رئيسة وزراء باربادوس ميا موتلي البلدان النامية إلى تعزيز قدرتها على اقتراض الأموال بكلفة أقل وإنشاء "صندوق تخفيف استئماني" يسمح للدول النامية بالاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة.

وإدراكاً لهذا السياق، وجد تقرير حديث، أعد بتكليف من حكومتي مصر والمملكة المتحدة، أنه قد يصار إلى ضخ نحو تريليون دولار من التمويل الأجنبي في المناخ واستثماره في العالم النامي سنوياً بحلول 2030.

خطة لإنقاذ الطبيعة

ترتبط محاولات حماية النظم البيئية في العالم ارتباطاً وثيقاً بمعالجة تغير المناخ التي يتطرق إليها حالياً "مؤتمر الأمم المتحدة للتنوع البيئي" (كوب 15)، في مونتريال                                                                                                                              كندا.

ومن بين الأهداف التي تعمل عليها الدول المشاركة وعددها 200 تقريباً، وضع اللمسات الأخيرة على اتفاق لحماية 30 في المئة من المناطق البرية والبحرية العالمية بحلول عام 2030.

لكن ما ينتظره دعاة حماية البيئة من هذه القمة هو اتفاق واسع النطاق بشأن الطبيعة يوازي بأهميته اتفاق باريس. فهل يكون لهم ذلك؟

الوضع الراهن

بوجه عام وعلى رغم الاتفاق التاريخي الذي نتج من مؤتمر "كوب 27"، لا تزال الحاجة ملحة إلى إحراز مزيد من التقدم بشأن الخسائر والأضرار والتكيف وحصر الاحترار العالمي في حدود 1.5 درجة مئوية.

وإذا كان هناك من افتقار إلى الطموح بشأن الحد من الانبعاثات، فمرد ذلك جزئياً إلى انهيار الثقة بين البلدان النامية والمتقدمة بشأن التعويض عن الخسائر والأضرار المتأتية من أزمة المناخ، كما كشفت عنه السيدة سكوت من مركز الأبحاث المناخية "الجيل الثالث للبيئيين".

ومن أجل إعادة بناء تلك الثقة والتصدي للتحديات الأخرى، شددت السيدة سكوت على ضرورة "السيطرة" على التعويضات المناخية وإسكات تساؤلات بعض حيال فعالية مؤتمرات الأطراف ككل والنابعة من عدم إحراز الدورة الـ27 منها أي تقدم باتجاه الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري.

ومع ذلك، لا يزال يعتبر كثيرون أن القمم - على رغم ما يشوبها من عيوب – هي الآلية الأفضل حاضراً لمعالجة الأزمة. والسيد أدو من "باور شيفت إفريقيا" هو واحد من هؤلاء حيث يقول: "تغير المناخ هو مشكلة عالمية تتطلب حلاً عالمياً".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من بيئة