هل سيتنحى إيلون ماسك عن منصب الرئيس التنفيذي لموقع التواصل الاجتماعي "تويتر"؟ لا أدري. ربما يكون قد أقدم على هذه الخطوة بحلول وقت نشر هذه المقالة، وربما لا. لعله سيمنع حينها استخدام الحرف "أ" a على هذه المنصة، أو يحظر على مزدوجي الميول الجنسية استخدام التطبيق كلياً. من يدري.
على حسابه على "تويتر"، نشر ماسك تغريدة على شكل استطلاع للرأي يسأل فيه المستخدمين عما إذا كانوا يعتقدون أنه عليه أن يتنحى عن منصبه، وهؤلاء المستخدمون، من بينهم كاتب العمود الذي تقرأ مقالته، أخبروه في وقت كتابة هذه السطور، أن يذهب إلى الجحيم حرفياً. لم يتضح بعد ما إذا كان أي شيء سيتغير.
الأكيد، من ناحية أخرى، أن الفوضى ستستمر بشكل أو بآخر في المستقبل المنظور. في حقبة إيلون ماسك، لن يمر أسبوع من دون أن يعج بأخبار "تويتر".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يعيد ذلك إلى الأذهان أيام ليز تراس، الـ45 يوماً كلها التي أمضتها في رئاسة الحكومة البريطانية. في كل صباح، كنت تستيقظ وتطلع على الأخبار وتشعر فعلاً أن الحكومة ربما تسقط بحلول المساء. في الغالب، نجت الحكومة وعاشت لتقاتل يوماً آخر، ولكن في الحقيقة، كل جرح زادها ضعفاً. لقد تعثرت وتعثرت، ثم انهارت.
بطريقة ما لن يكف "تويتر" عن التخبط لفترة أطول، ولكن أي كان ما يحدث الآن لا يبدو مستداماً في الأجل الطويل. خسرت تراس، وفي الوقت المناسب، سيخسر ماسك أيضاً.
القاسم المشترك الآخر بينهما أنهما لن يحققا النجاح أبداً. لطالما كان واضحاً أنهما سيخفقان؛ كانت عيوبهما موجودة على مرأى عيون الجميع، منذ اليوم الأول. أحد لا يمكنه أن يدعي أن إدارة دولة أو واحدة من أكبر شركات وسائل التواصل الاجتماعي في العالم عملاً سهلاً، ولكنهما لم يكونا مناسبين للمهمة المطروحة.
في الحقيقة، لا يختلف الكلام بالنسبة إلى سلف تراس. أي شخص بنصف عقل واهتمام بسيط بالسياسة البريطانية ما كان ليتعذّر عليه أن يتوقع الفشل المحرج لرئاسة وزراء بوريس جونسون، قبل وقت طويل من دخوله "داونينغ ستريت". ليس عليك أن تكون خبيراً أو تروتسكياً- كانت عيوبه الشخصية واضحة وضوح الشمس.
ولكن مع ذلك، رحنا نشاهدها تتكشف. كان علينا أن نجلس ونرى بوريس جونسون يصرف عنه أعضاء حزبه البرلماني كلهم واحداً تلو الآخر، ثم يغرق في عدد من فضائح متتالية من صنيعته. جلسنا مكرهين نتابع انتخاب ليز تراس زعيمة لحزب المحافظين، وإعلانها سلسلة سياسات كارثية تتهدد بتدمير اقتصاد البلاد، ثم القضاء عليها نتيجة غطرستها.
الآن، ترانا جالسين نتفرج على إيلون ماسك يقود موقعاً إلكترونياً نحو الحضيض شيئاً فشيئاً، لأن غروره لا يتسع المكان ولأنه يتأثر بسهولة إلى حد أنه يعجز عن إنجاز عمل متوسط المهارة. إنه أمر مرهق. هذا ما هو عليه، أليس كذلك؟ مرهق.
وفي نهاية ذلك كله، لا تجد حتى بعض الشعور بالتشفي والرضا. ليس في مقدورك أن تغمز وتتبسم وتقول إنك كنت تدرك أننا سنصل إلى هنا، شأن الراكب الذي رصد جبل الجليد من بعيد ولم يعتد بنفسه إذ أخذت " تايتنك" تغرق فعلاً. ما دمت في المركب، فأنت في المركب.
إننا جميعاً في المركب منذ فترة الآن. كانت "بريكست" الجبل الجليدي الأول. كان واضحاً أنها لن تسير على نحو جيد. لا تنفي هذا الحقيقة أننا أمضينا ما يزيد على ست سنوات نتفرج على الأمور كافة تتكشف على نحو ما كانت ستؤول إليه دائماً.
لست متأكداً من سبل الخروج من هذه الحلقة. جلي أن ثمة أشخاصاً أعماهم تفاؤلهم الحزبي إلى حد أن شيئاً لن يقنعهم بأنهم على خطأ، ولكن ليس قبل فوات الأوان أقله. آمل بأن ينضجوا قريباً، أو أن يصبحوا أقلية صغيرة بما يكفي لتجاهلهم. أنا منهكة.
© The Independent