Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فيتنام الرابح الأكبر من الحرب التجارية

ارتفاع صادرات هانوي إلى 7.3% خلال الستة أشهر الأولى من 2019

اقتصاد فيتنام استفاد بما يعادل 2.00% زيادة في النمو السنوي خلال الحرب التجارية بين أميركا والصين (رويترز)

قبل 30 عاما كانت فيتنام دولة فقيرة وخارجة من أتون حرب أهلية، في العام 1975 كانت ضمن أفقر الدول في العالم، العشر سنوات الأولى كان تعتمد على التخطيط المركزي للاقتصاد حتى العام 1986، ثم بدأ الانفتاح والتغيير بعد اعتماد إصلاحات عميقة في الاقتصاد والقوانين والاقتراب من اقتصاد السوق بخطة تعرف بـ"Doi Moi"، تملّك المواطنون الأراضي، وبدأت نهضة زراعية، وبدأت مؤشرات الاقتصاد تتحسن، ومعدل الفقر يتراجع، وترتفع الصادرات، وتنخفض معدلات البطالة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هذه السياسات الجديدة كانت نقطة التحول في مسار اقتصاد الدولة الجنوب آسيوية، ومع ذلك استمرت حرب باردة بينها وبين الولايات المتحدة الأميركية التي فرضت عليها حظرا اقتصاديا رُفع في بداية تسعينيات القرن الماضي، وعادت العلاقات التجارية بين واشنطن وهانوي في 1995 في عهد الرئيس بيل كلينتون، وتشهد علاقتها مع الصين توترا مستمرا بسبب النزاع حول جزر الصخور البركانية في بحر الصين الجنوبي.

الاقتصاد ينمو والصادرات ترتفع  

حسب التقرير الصادر من المكتب العام للإحصاء بهانوي ارتفعت الصادرات إلى 7.3٪ خلال الست أشهر الأولى من 2019 مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي، وبلغت 123 مليار دولار خلال أول أربعة أشهر من العام، وارتفعت صادراتها إلى واشنطن بـ40٪ وهبطت الواردات الأميركية خلال نفس الفترة بـ13٪.

وسجل الاقتصاد نموا بلغ 7.1٪ في 2018 مدفوعا بارتفاع الطلب المحلي والخارجي خلال النصف الأول من 2019، وبلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي 6.8٪ للفصل الأول و6.7٪ للفصل الثاني، وتعد معدلات النمو هذه أعلى من نمو الاقتصاد الصيني في 2018 خلال الفصل الثاني من 2019، وكان القطاع الصناعي الأفضل، ورفد الـGDP بنمو بلغ 9.1٪، بينما كان إسهام قطاع الخدمات 6.8٪ والقطاع الزراعي سجل نموا بـ2.1٪ (بعد الحرب كانت فيتنام تعتمد على الزراعة).

 من الواضح أن القطاع الصناعي هو قاطرة النمو في فيتنام الآن. وحسب تقديرات بنك التنمية الآسيوي ستكون استفادة الاقتصاد الفيتنامي بما يعادل 2.00٪ زيادة في النمو السنوي في حال استمرار الحرب التجارية بين أميركا والصين، والأداء الجيد للقطاع الصناعي الفيتنامي هو تأكيد لهذه التوقعات.

القطاع الصناعي قاطرة النمو

استمر القطاع الصناعي ينمو بمعدل يتجاوز الـ10٪ خلال الثماني سنوات الماضية بما يطلق عليه الـ double digits، وبلغ متوسط نمو هذا القطاع 10.6٪ خلال الفترة بين 2011-2019، وفي 2010 قررت شركة أنتل افتتاح مصنع للرقائق الإلكترونية chips في فيتنام، واستثمرت ما يعادل مليار دولار في هوشي منه، شركة إل جي LG استثمرت حوالي 1.5 مليار لإنشاء مصنع للهواتف الذكية، سامسونغ الكورية أيضا استثمرت 2.5 مليار دولار لتصنيع الهواتف الذكية، ''واحد من كل 10 هواتف في العالم يتم تصنيعه في فيتنام''، هذا التحول إلى فيتنام سبق الحرب التجارية، هذه الشركات تبحث عن المميزات التفضيلية للصناعة بشأن القوانين واللوجستيك وسوق العمل، المجتمع الفيتنامي أكثر من نصفه تحت سن الـ35 من إجمالي 97 مليون نسمة، أيضا انخفاض الأجور يقلل تكلفة الإنتاج لهذه الشركات حيث يتراوح الحد الأدني للأجور بين 125-180 دولارا مقارنة بـ143-340 دولارا في الصين، والأجور في شمال فيتنام أقل بكثير من هذه الأرقام.

عامل إضافي مهم تستفيد منه الشركات الصناعية، وهو توقيع فيتنام على اتفاقيات تجارة حرة، وهي جزء من تكتلات تجارية دولية مثلا فيتنام، عضو في رابطة دول جنوب شرق آسيا "آسيان" ASEAN، وتضم هذه الرابطة 10 دول ومن أهدافها تسريع النمو والتجارة الحرة، أيضا ترتبط فيتنام باتفاقية تجارة حرة مع الاتحاد الأوروبي "EVFTA" إضافة إلى عضويتها في الشراكة عبر المحيط الهادئ TPP وتمثل 14٪ من حجم الاقتصاد العالمي، ويضم الاتفاق 11 دولة، وينص على رفع الحواجز الجمركية، هذه الاتفاقيات جعلت من فيتنام جاذبة للاستثمار، وحفزت كثيراً من الشركات الصينية والأجنبية لنقل أنشطتها الصناعية الي فيتنام، مثلا شركتى نايكي Nike وأديداس Adidas نقلتا أغلب التصنيع من الصين إلى فيتنام في السابق حتى قبل أن تبدأ الحرب التجارية.

الاستثمارات تتدفق على هانوي

أعلنت وزارة التخطيط والاستثمار ارتفاع الاستثمارات الخارجية المباشرة FDI في أول خمسة أشهر من 2019 إلى 69.1٪، وهو المعدل الأعلى منذ 2015، حسب البيان الصادر من وكالة الاستثمار الأجنبي تم استخراج أكثر من 1300 رخصة بإجمالي استثمارات بلغت 6.4 مليار دولار خلال الفترة بين يناير (كانون الثاني) ومايو (أيار) من 2019، القطاع الصناعي كان له النصيب الأكبر من هذه التدفقات إذ استحوذ على 10.5 مليار دولار تمثل 72٪ ثم 1.1 مليار ذهبت للقطاع العقاري، و30٪ من هذه الاستثمارات مصدرها هونغ كونغ التي ضخت 5.08 مليار دولار، وكوريا الجنوبية ثانيا وسنغافورة ثالثا ثم الصين واليابان، هذا يعني أن فيتنام أصبحت وجهة استثمارية مفضلة لرؤوس الأموال الآسيوية.

في 2018 كانت اليابان في المرتبة الأولى باستثمارات تبلغ 8.5 مليار دولار. وتعادل 24.2٪ من جملة الاستثمارات الخارجية المباشرة، حتى منتصف 2019 بلغ عدد مشروعات الاستثمارات الخارجية المباشرة المسجلة 28.600 مشروع بقيمة استثمارات إجمالية بلغت 350 مليار دولار. وهناك عدة عوامل قادت إلى هذا النجاح في مجال الاستثمارات الخارجية المباشرة، أولا: بعد رفع الحظر الأميركي والانفتاح عملت هانوي بتركيز على الاستفادة من اتفاقيات التجارة المختلفة، وأصبحت عضواً في الآسيان في 1995 ثم وقعت اتفاقية تجارية مع الولايات المتحدة الأميركية في 2001، وأصبحت عضوا في منظمة التجارة العالمية في 2007، وعضو في الشراكة عبر المحيط الهادي وأخيراً وقعت اتفاقية تجارة حرة مع الاتحاد الأوروبي في 30 يونيو (حزيران) 2019، هذا الاندماج السريع فرض عليها تطوير الأنظمة والقوانين لتستفيد من هذه الاتفاقيات، العامل الثاني: هو ديناميكية الاقتصاد الفيتنامي وتعدد قطاعات الإنتاج هذا مسنود بطبقة وسطى تمثل 13٪ ويتوقع البنك الدولي أن تمثل 26٪ في 2026 و70٪ من السكان في سن العمل والإنتاج وأعمارهم أقل من 35 عاما. ثالثا الاستقرار السياسي الذي تشهده فيتنام أيضا ساعد في جعلها جاذبة الاستثمارات.

فيتنام والحرب التجارية

80 % من الواردات الأميركية عبارة عن سلع تعادل 2.6 تريليون دولار في العام 2019، بينما واشنطن لديها عجز في ميزانها التجاري الخارجي مع هانوي يبلغ 39.5 مليار دولار في 2018، واستفادت فيتنام من الحرب التجارية بين أميركا والصين، لتشابه منتجاتها مع المنتجات الصينية الواقعة تحت الرسوم الجمركية الأميركية، إضافة إلى تنافسية هانوي واستفادتها من الاتفاقيات التجارية التي تربطها بواشنطن.

ما يقلق صناع القرار في البيت الأبيض الآن هو أن بعض الشركات الصينية تتخذ من فيتنام طريقاً لتفادي الرسوم الجمركية، وعبّر الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن سخطه بشأن العلاقة التجارية مع فيتنام، وقال في مقابلة تلفزيونية في 26 يونيو (حزيران) 2019 ''أن كثيرا من الشركات الصينية نقلت أعمالها لفيتنام، وهانوي تفعل أسوأ ما فعلته الصين بنا''، وبعدها فرضت وزارة التجارة الأميركية رسوما جمركية على منتجات الصلب المستوردة من فيتنام في بداية شهر يوليو (تموز) 2019 وتحديدا تستهدف بعض منتجات الصلب القادمة من كوريا الجنوبية وتايوان وعبر فيتنام يعاد التصدير إلى السوق الأميركية، أرقام التبادل التجاري بين الصين وفيتنام أيضا تثير قلق واشنطن حيث ارتفعت واردات هانوي خلال أول 120 يوما من هذا العام بحوالي 81٪ من الحواسب الآلية والإلكترونيات، وارتفعت الصادرات الفيتنامية لأميركا من نفس هذه السلع بـ71٪  خلال نفس الفترة.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد