الحكومة في ورطة (مرة أخرى) في شأن خططها لتشجيع مزيد من بناء البيوت. يحدد مشروع قانون تحقيق المساواة الذي أعدته مستهدفات للمجالس المحلية لبناء مزيد من البيوت ويفرض عقوبات عليها إذا لم تفعل. ويعارض ما يقرب من 50 نائباً محافظاً أي تحديد للمستهدفات، ويزعمون أن المجالس المحلية والسكان المحليين يجب أن تكون لهم الكلمة النهائية.
لقد عدنا إلى الحجة القديمة في رفض البناء الجديد: ينظر إلى مصالح أصحاب البيوت الجميلة في مناطق غنية مرغوبة باعتبارها في تضاد مع مصالح الذين لا يستطيعون أن يتحملوا تكاليف شراء منزل أول ولو متواضع أو الانتقال إلى منزل أكبر لاستيعاب عائلتهم المتزايدة. وسيقاتل الفريق الأول بشراسة لوقف بناء عقار غير ساحر في الحقول الخضراء القريبة. ويحتاج الفريق الثاني إلى مكان، مكان من المفضل أن يكون لطيفاً وملائماً، ليعيش فيه.
يملك حزب المحافظين موطئ قدم عقائدياً في كل من المعسكرين ويعاني لإرضائهما معاً. وأفزعه انتصار الحزب الديمقراطي الليبرالي في انتخابات تشيشام أند أميرشام الفرعية الصيف الماضي، حيث أصبحت خطط المحافظين للتخفيف من قواعد التخطيط العمراني على مستوى البلاد سبباً في خسارة الأصوات الخاصة بمقعد كان مضموناً حتى ذلك الوقت. لكن عدم توفير مزيد من المنازل يعد عاملاً مساعداً في دفع الأسعار إلى الارتفاع وإبقاء الناس الأصغر سناً خارج السوق. كذلك يكلف عدم القيام بأي شيء – أو ليس بالكثير – الحزب خسارة أصوات، ناهيك عن، ربما، الأساس الذي تستند إليه شعبيته في المستقبل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وهكذا يوضع الريف في مقابل المدينة، وأولئك الذين يملكون منازلهم الخاصة في مقابل من ليسوا كذلك، والأشخاص الأصغر سناً في مقابل الأشخاص الأكبر سناً، ويصبح الغياب الظاهر للقدرة على امتلاك منزل سلاحاً مسموماً أكثر من أي وقت مضى في الحرب المستمرة بين الأجيال.
وما بدأ كاستياء بسيط من "جيل الوفرة" [من بلغوا سن الرشد في ستينيات القرن العشرين] بسبب تمكنهم المفترض من أن يشتروا منازل رخيصة إلى حد عبثي وهم لا يزالون في العقد الثالث من أعمارهم وأن يجمعوا نتيجة لذلك كميات كبيرة من الثروات غير المكتسبة بعرق الجبين، يصبح الآن أشبه بجوقة ملحة محملة بالحسد تصر على وجوب أن يتوقف الأشخاص الأكبر سناً عن العيش في قصورهم الفاخرة وإفساح المجال أمام سكن عائلات مستحقة فوراً. أو يقال لهم، إذا استعملنا المصطلح، أن "يقللوا من حجم منزلهم" [أن يستبدلوا بمنزلهم منزلاً أصغر].
وإذ يحدث ذلك، أنا لا أختلف مع الشعور العام. ليس من المنطقي للأكبر سناً أن يقيموا في بيوت كبيرة، ولا سيما إذا كانت، كما هي الحال في الأغلب مع بيوت هذا البلد، مهربة للهواء، وتتضمن كثيراً من السلالم، وتتطلب صيانة مكلفة. لكن إذا كان لهذا أن يحدث فلا بد من أن يحدث كثير من الأمور الأخرى أيضاً. أتساءل أحياناً كم عدد مناصري التقليل من حجم المنزل – "لصالحكم"، بالطبع – الذين حاولوا بالفعل القيام بهذا الانتقال أو ساعدوا شخصاً آخر في القيام به.
صحيح أن المسنين عازفون عن ترك المنازل الأسرية القديمة لأسباب عاطفية، أو ربما لم تعد لديهم ببساطة الطاقة اللازمة للشروع في العمل كله الذي يترتب على أي انتقال. لكن الحقيقة المحزنة هي أنهم حتى لو كانوا قد فكروا في الانتقال في وقت مبكر لواجهوا صعوبة كبيرة في العثور على مكان ينتقلون إليه.
أمي الراحلة "قللت حجم منزلها" مرتين. حصل ذلك مرة من بيت أكبر إلى بيت ريفي بعد وفاة والدي، ثم، بعدما نصحها الطبيب بأن صعود السلالم ربما لم يعد مناسباً لسنها، إلى شقة في الطابق الأرضي في مبنى صغير مجاور. وذهبت الجهود كلها الرامية إلى العثور على أي شكل من أشكال البيوت الصالحة لإقامة المسنين في قرية ديربيشر الكبيرة أو أي قرية أخرى مجاورة هباء؛ لم يكن هناك أي منها.
ولم تتوفر أي بيوت صغيرة أو شقق مبنية مع وضع احتياجات الأكبر سناً في الحسبان، مثل عدم وجود أدراج، أو وجود مصعد (ليس مصعد "المعوقين") إلى ما وراء الطابق الأرضي، أو وجود أبواب أوسع تصلح لهؤلاء الذين قد يحتاجون إلى مشاية أو كرسي متحرك. ويصدق هذا اليوم كما كان يصدق آنذاك، قبل أكثر من 20 سنة. ولا يبدو أن هناك أي معيار للبناء يتطلب إتاحة الوصول إلى البيوت الجديدة أو المعدلة حديثاً كلها، وهو ما من شأنه أن يمنح الأكبر سناً والأقل قدرة على التنقل مجموعة أوسع كثيراً من الأماكن التي يمكن أن يعيشوا فيها. ولم لا؟
صحيح أن إحدى الشركات التي تبني "القرى" التقاعدية كانت في ذلك الوقت تقريباً تفاوض على موقع يبعد أقل من 20 ميلاً (32 كيلومتراً) (اكتمل الآن). هناك (قليل) من هذه "القرى" والمجمعات الآن، وإن كان عددها أقل كثيراً مقارنة بالعديد من البلدان الأخرى.
لكن هناك عيوباً هنا أيضاً. الأول مالي. يكلف أي انتقال المال، وعندما يحتسبه حتى أكثر المتحمسين لتقليل حجم المنزل، قد يتبين لهم أن الأرقام غير منطقية. ذلك أن سعر الشقة التقاعدية الصغيرة نفسها من الممكن أن يضاهي العوائد المحتملة من البيت أو أن يتجاوزها. في المناطق ذات الأسعار المرتفعة، قد تكون هناك ضريبة دمغة يجب دفعها، وأي شقة تقاعدية جديدة ستحمل رسوم خدمة ضخمة. قارنوا بين المساحة والموقع، وقد يقرر الراغبون في الانتقال أن من الأفضل البقاء في المكان الذي هم فيه.
وهناك صعوبات أخرى. الأولى، التي لن تنشأ إلا إذا حاول هؤلاء أو ورثتهم البيع، هي أن التخلص من هذه الأماكن بأي ثمن تقريباً قد يكون صعباً. وقد يشعر الشخص الراغب في تقليل حجم منزله والذي يدرك هذه الحقيقة أنه يبخس ورثته حقهم، أو أن الصفقة ليست جيدة فحسب.
ومن بين الأشياء الأخرى أن المجمعات التقاعدية تميل إلى القيام على أراض أرخص، قد يكون موقعها أقل ملاءمة أو متمتعاً بمناظر أقل. قد لا يناسب هذا الوضع شخصاً كان جزءاً من مجتمع محلي راسخ وقد يصعب زيارته وخروجه. أحد الأسباب التي تجعل مجمعات كهذه أقل عدداً من الممكن هو أن السلطات المحلية غير مستعدة دائماً لمنح الإذن بالتخطيط، خشية وصول مزيد من الناس الذين يحتاجون إلى الرعاية الاجتماعية أو الخدمات الأخرى التي تمولها ميزانية المجلس المحلي.
وعلى هذا فحتى في ظل أفضل إرادة في العالم، ليس تقليل حجم المنزل بالبساطة نفسها التي قد يبدو عليها المشروع. لكن من المنطقي على رغم ذلك في المخطط العام للأشياء ألا يعيش الأكبر سناً في بيوت كبيرة، ولاسيما إذا كانوا يفضلون عدم الإقامة هناك. وهذا من شأنه أيضاً أن يزيد من صعوبة "زيادة حجم المنزل"، ولهذا السبب أتساءل ما إذا كانت هذه الحكومة، مثلها في ذلك كمثل العديد من الحكومات من قبلها، توجه مساعدات الإسكان إلى العنوان الخطأ.
صحيح أن حكومة محافظة ستشجع ملكية المساكن، صحيح أن أي حكومة ستريد سكناً لائقاً للعائلات، وصحيح، في الوضع المثالي، أن قيام مزيد من الأكبر سناً بـ"تقليل حجم المنزل" سيساعد في ذلك. لكن منذ وقت بعيد توجه الحوافز كلها نحو المشترين للمرة الأولى والأصغر سناً. وفي شكل غير مفاجئ، كان الأثر عبارة عن تضخيم للأسعار لمختلف أنواع المنازل.
لماذا لا توجه الحوافز بدلاً من ذلك نحو تقليل حجم المنزل من خلال تشجيع الشركات على ألا تبني منازل للمبتدئين بل منازل تقاعدية؟ سيزيد ذلك المنافسة والخيار وربما يقلص الأسعار. ماذا عن تشجيع المجالس المحلية على اعتبار المجمعات التقاعدية ذات المواقع الجيدة أحد الأصول بدلاً من استنزاف مواردها؟ وإذا رغبت الحكومة حقاً في تعزيز "تقليل حجم المنزل" يمكنها أن تزيل بعض المثبطات الكبرى، مثل ضريبة الدمغة.
تتلخص الفكرة في أن تحرير هذا الطرف من السوق سيمكن مزيداً من العائلات القادرة على أن تستبدل بمنازلها منازل أغلى ثمناً، ومن ثم يتمكن مزيد من المشترين للمرة الأولى من الشراء. وحين تكون الحوافز كلها موجهة نحو مساعدة جيل الشباب على تسلق ذلك "السلم" الأسطوري ربما، قد تطرأ اختناقات في مستويات أعلى.
ساعدوا بدلاً من ذلك الراغبين في تقليل حجم المنزل، وقد تتراجع الحاجة إلى سد مزيد حتى من سهول فيض المياه بـ"منازل للمبتدئين" جديدة والاستيلاء على مزيد من الحقول الخضراء بعقارات ضخمة. قد تسنح الفرصة آنذاك لمصالحة المدينة والريف، ومن يملكون المنازل ومن لا يملكونها، وجيل الشباب وكبار السن، والشروع في وضع قضية مشتركة.
© The Independent