أرغمت السلطات الإسرائيلية الفلسطيني نايف عباس على وقف إقامة منزله في خربة قلقس شرق الخليل بسبب البناء خارج حدود التجمع السكاني في ريف الضفة الغربية.
ومع أن عباس أوقف استكمال إقامة منزله، لكنه يعيش فيه مع عائلته في ظل خوف يومي من قيام جرافات الجيش الإسرائيلي بالهدم إثر تلقيه إخطاراً بذلك بدعوى بناء المنزل من دون ترخيص إسرائيلي. وأوكل عباس لمحام فلسطيني مهمة الاستئناف على قرار الطعن.
بقيت حدود القرى الفلسطينية في الضفة الغربية على حالها مع تغييرات طفيفة منذ وضع الإدارة البريطانية هيكلها التنظيمي خلال أربعينيات القرن الماضي، ورفضت إسرائيل المخططات الهيلكية الجديدة لأسباب عدة رغم حاجة الفلسطينيين الكبيرة لها بسبب التوسع العمراني نتيجة الزيادة السكانية.
شروط صعبة
وتضع إسرائيل عبر ضباط الإدارة المدنية التابعة لوزارة الدفاع شروطاً صعبة للموافقة على المخططات الجديدة كأن "تكون متوافقة مع المستوطنات الإسرائيلية، وأن تعترف إسرائيل بتسجيل تلك الأراضي للفلسطينيين".
وتصنف معظم أراضي مناطق (ج) والبالغ مساحتها أكثر من 60 في المئة من الضفة الغربية أراضي دولة تتحكم إسرائيل فيها منذ احتلالها الضفة الغربية عام 1967.
وصادقت تل أبيب على مخططات تغطي أقل من واحد في المئة من مناطق (ج)، ولذلك تحظى المباني الواقعة فيها بالحماية من الهدم، بحسب منظمة الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة (أوتشا).
وترفض الإدارة المدنية (الذراع المدنية لوزارة الدفاع الإسرائيلية في الضفة الغربية) الغالبية العظمى من طلبات ترخيص المنازل الفسطينية بحجة أن "المنطقة المعنية لا يشملها التنظيم لأغراض البناء".
ووافقت هذه الإدارة في مطلع التسعينيات من القرن الماضي على 400 "مخطط هيكلي جزئي خاص" للتجمعات السكانية في مختلف أنحاء الضفة الغربية.
لكن تلك المخططات لا تشمل سوى جزء من المناطق المأهولة من التجمعات السكانية الواقعة في المنطقة (ج)، وهو ما يمنع من التوسع العمراني فيها ويعرض المباني القائمة لخطر الهدم الدائم لـ"بنائها خارج المخطط الهيكلي".
في المقابل صادقت إسرائيل على المخططات الهيكلية للمستوطنات لما لا يقل عن 8.5 في المئة من مساحة المنطقة (ج) وفق "أوتشا".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي عام 2013 قدمت السلطة الفلسطينية بطلب من الاتحاد الأوروبي 120 مخططاً هيكلياً جديداً لتوسيع القرى والبلدات في مناطق (ج) بالضفة الغربية. لكن تل أبيب لم توافق سوى على ستة منها رغم اجتماعات اللجنة المشتركة مع السلطة الفلسطينية والضغوط الأوروبية.
ضغط أوروبي
وقال وزير الحكم المحلي الفلسطيني، إن الاتحاد الأوروبي "يواصل الضغط على إسرائيل للإسراع بالموافقة عليها"، إلا أنه أشار إلى أن تل أبيب "لا تبدي اهتماماً بها".
وأوضح مجدي الصالح أن تلك المخططات الهيكلية بالغة التكاليف المالية ستؤدي في حال وافقت إسرائيل عليها إلى "وقف إصدار آلاف أوامر الهدم لمنازل الفلسطينيين في المناطق التي تشملها تلك المخططات".
مدير وحدة مراقبة الاستيطان في معهد أريج، سهيل خليلية، قال إن إسرائيل "تشترط الموافقة على المخططات الهيكلية للفلسطينيين بأن تكون ضمن مخطط أوسع يشمل المستوطنات الإسرائيلية والبنى التحتية الخاصة بها من شبكة طرق ومياه وكهرباء".
وتابع بأن إقامة البنى التحتية يتطلب موافقة إسرائيلية أيضاً قبل تنفيذها. كما تشمل الشروط الإسرائيلية، بحسب خليلية، إثبات ملكيات الأراضي للمواطنين الفلسطينيين صادرة عن دوائر إسرائيلية وليس فلسطينية.
وقال خليلية، إن المخططات الهيكلية للقرى الفلسطينية تعود إلى أيام الحكم البريطاني مع تعديل طفيف في ظل الحكم الأردني، مشيراً إلى أن "معظمها محدود جداً ولا يتوافق مع الزيادة السكانية للفلسطينيين، التي حصلت منذ عشرات السنين".
وأوضح خليلية أن الإدارة المدنية الإسرائيلية "تتعامل مع أراضي الضفة الغربية بخاصة المناطق (ج) باعتبارها المسؤولة عنها ولها الحق في منح التراخيص للبناء والموافقة على توسيع حدود القرى والبلدات".
هذا وكشف مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة "أوتشا" عن حصيلة المباني الفلسطينية التي هدمها الجيش الإسرائيلي منذ عام 2009 وحتى أغسطس (آب) الماضي.
وبحسب التقرير، فإن عدد المباني التي هدمها الجيش الإسرائيلي بلغ نحو 8750 مبنى فلسطينياً، مع تهجير أكثر من 13 ألف فلسطيني منها.
وأوضح التقرير أن عمليات الهدم "تُنفذ عادة بسبب عدم وجود تصاريح بناء إسرائيلية، التي يكاد يكون من المستحيل الحصول عليها أو قد تكون لأسباب عقابية، والتي يتم تنفيذها كجزء من الأنشطة العسكرية، بهدف ردع مقاومين محتملين".
هذا وقال مسؤول في مكتب الأمم الأمم المتحدة إن "القيود الإسرائيلية تهدف إلى حماية وتوفير مساحة لنمو المستوطنات وضمها التدريجي إلى إسرائيل، بعضها بحكم القانون، كما في القدس الشرقية، والبعض الآخر بحكم الأمر الواقع (كما في المنطقة ج)، بما يتعارض مع القانون الدولي".