في أنحاء العالم كافة وفي الأوقات الطبيعية، يمر نصف مليون شخص عبر نقاط التفتيش الأمنية كل ساعة. يقول عدد من المسافرين جواً إنه الجزء الأسوأ من الرحلة، وفي الأخص عندما يتعلق الأمر بالحاجة إلى تقليص حجم السوائل وعبوات الرش والمواد الهلامية (جل) إلى مستوعبات صغيرة وإزالتها من الحقائب التي يتم إدخالها إلى مقصورة الطائرة.
تم إدخال هذه القواعد على وجه السرعة عام 2006 كتدبير موقت. وعلى رغم الوعود المتكررة إلا أنها بقيت كما هي منذ ذلك الوقت.
عام 2019، تعهد بوريس جونسون بتخفيف هذه القواعد في المطارات الرئيسة في المملكة المتحدة بحلول الأول من ديسمبر (كانون الأول) 2022، مما سيسمح بإدخال كميات أكبر وإزالة الحاجة إلى إخضاع السوائل للمسح بشكل منفصل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
قبل أسبوع من هذا الموعد، لا يبدو أن أي شيء سيتغير. ولكن هل يمكن تخفيف هذا الضغط بحلول عام 2024؟ بوسع سايمون كالدر، مسؤول الأمن السابق في مطار غاتويك ومراسل شؤون السفر الحالي في "اندبندنت" أن يساعد في الإجابة عن أسئلتكم.
ما هي القواعد التي تطبق على الحقائب المسموح إدخالها إلى المقصورة؟
شهدت القواعد المتعلقة بما يمكنك حزمه في حقيبتك المحمولة تطوراً على مر العقود كرد فعل على الهجمات - الناجحة وغير الناجحة. بالتالي، لا يمكن حمل الأسلحة، سواء كانت أسلحة نارية أو سكاكين أو متفجرات على متن الطائرة. ولكن هناك أيضاً قواعد صارمة تتعلق بالسوائل وعبوات الرش والمواد الهلامية والمعجون والكريمات ومستحضرات التجميل حتى إنها شملت اللبن والجبنة الطرية.
كيف أبصرت قاعدة السوائل النور؟
في أغسطس (آب) 2006، استيقظ قطاع الطيران والركاب الحائرون ليجدوا أنه تم تشديد القواعد الأمنية المطبقة على الركاب بين ليلة وضحاها حرفياً. وأعلنت الحكومة أنها كشفت مخططاً إرهابياً لتفجير طائرات عابرة للأطلسي من هيثرو إلى أميركا الشمالية.
وهدف المعتدون إلى استخدام المكونات من أجهزة متفجرة مرتجلة ويدوية الصنع التي تكون على متن عدد من الطائرات. وكان من المفترض تغليف المكونات المستخلصة من بيروكسيد الهيدروجين بعبوات المشروبات الغازية. وكان الإرهابيون يأملون في جمع القنابل على متن الطائرة قبل تفجيرها وتدميرها، وتمت في ما بعد إدانتهم بارتكاب جرائم تشمل التآمر على القتل والتسبب بتفجيرات.
وتم الاتصال بمديري الخطوط الجوية في بريطانيا في ساعات الفجر الأولى من يوم 10 أغسطس 2006 لإبلاغهم أنه سيتم منع ركابهم من حمل أي شيء معهم على متن مقصورة الطائرة باستثناء حافظة نقود. حتى الأقلام كانت محظورة على الرحلات العابرة للأطلسي باعتبار الحبر الذي تحتويه مادة سائلة.
وجرى تطبيق استثناء واحد للنساء المرضعات: بوسعهن اصطحاب الحليب للطفل عبر نقاط التفتيش شرط أن يتم تذوقه أولاً للتأكد بأنه حليب حقيقي.
نتيجة لهذه الإجراءات، لم تتمكن أنظمة الأمتعة من التكيف مع عدد من الحقائب يفوق مرتين أو ثلاث مرات العدد الإجمالي، وشهد مطار هيثرو حالاً من شبه الركود كما تأثرت شبكات الطيران في أماكن أخرى بالمملكة المتحدة وأوروبا.
ماذا بعد؟
بعد مرور ثلاثة أشهر، تم تخفيف القواعد ولكن مع قيود صارمة لا تزال تطبق حتى اليوم. لا يمكن لسعة أي عبوة أن تتخطى 100 ملل ويجب نقلها داخل كيس بلاستيكي شفاف مغلق بإحكام بحجم لا يتجاوز ليتراً واحداً.
كما أن القواعد التي شهدت تخفيفاً متواضعاً جداً يلحظ السماح بحمل المشروبات التي يتم شراؤها من المطار وتمريرها عبر نقاط التفتيش في "كيس مختوم ذات محتوى مرئي" (Steb) تأخر تطبيقها هي أيضاً.
ولا يزال عدد من المسافرين يضبطون وفي حوزتهم سوائل ويخسرون مشترياتهم الباهظة التي ابتاعوها من المطار لأن المشروبات ممنوعة في المطار الذي يبدلون فيه بين طائرة وأخرى.
وتم إدخال القيود "كتدبير موقت" في ما يتعلق بتكنولوجيا أمن المطار. بيد أن التقدم كان بطيئاً بشكل مؤلم.
هل هناك حل تكنولوجي؟
نعم، وهو مستخدم فعلاً في مطارات على غرار مطار شانون في غرب إيرلندا حيث يسمح بتمرير "السوائل والمواد الهلامية والمعجون والكريمات ومستحضرات التجميل في عبوات مهما كان حجمها" عبر نقاط الأمن.
وتستخدم أجهزة المسح الباهظة الثمن تقنية التصوير المقطعي (CT) كما هي الحال في أجهزة المسح الطبية. وبوسع تلك الآلات تحليل التركيبة الجزيئية لمحتويات حقيبة المسافر ورصد أي تهديد محتمل ومنح مسؤولي الأمن صورة ثلاثية الأبعاد.
لماذا ننتظر؟
كان التقدم نحو تحسين التكنولوجيا المستخدمة في المطار بطيئاً للغاية. عام 2019، أبلغت الحكومة كل المطارات البارزة في المملكة المتحدة بضرورة الحصول على أجهزة مسح، بخاصية التصوير المقطعي المتطور في نقاط التفتيش الأمنية بحلول 1 ديسمبر 2022.
وأعلن بوريس جونسون في ذلك الوقت، "من خلال جعل الرحلات عبر مطارات المملكة المتحدة أسهل مما مضى، من شأن هذه التجهيزات الجديدة المساعدة في تطوير الدور الحيوي الذي تلعبه مطاراتنا في تعزيز موقع المملكة المتحدة كمركز دولي للتجارة والسياحة والاستثمار".
بيد أن ذلك لم يحصل: فقد تكبدت المطارات خلال تفشي جائحة كورونا خسائر كارثية مع تراجع أعداد المسافرين بشكل كبير ولم يفرض عليها القيام بالاستثمارات المطلوبة التي تتخطى قيمتها ملايين عدة من الجنيهات الاسترلينية.
ما الذي يحصل حالياً؟
يعمل مطار لندن هيثرو وهو المطار الأكثر اكتظاظاً في المملكة المتحدة على تركيب الأجهزة المطلوبة. وقال الرئيس التنفيذي للمطار جون هولاند- كاي لصحيفة "تايمز" إنه تم منح هيثرو مهلة حتى منتصف عام 2024 من قبل وزارة النقل. وأضاف "بحلول ذلك الوقت، ستسري القواعد العادية على الركاب وهي أن تبقى السوائل في أكياس".
وفي حال سرت توجيهات وزارة النقل – التي لم تتأكد بعد – على مطارات كبيرة أخرى، سيطبق الأمر نفسه على غاتويك ومانشستر وستانستيد ولوتون وإدنبره وبرمنغهام وغلاسكو وبريستول وبلفاست الدولي ونيوكاسل وليفربول وليدز برادفورد وإيست ميدلاندز ومدينة لندن وأبيردين ومدينة بلفاست وساوثهامبتون وجيرسي وكارديف وساوثيند (وهي المطارات التي استقبلت أكثر من مليون مسافر سنوياً عام 2019).
الأمور على ما يرام الآن إذاً؟
ليس بالضرورة، لأن ارتباك المسافرين هي مشكلة دائمة بالنسبة إلى أمن الطيران. لم يتغير أي شيء بعد، مع أن بعض الركاب قد يقولون العكس.
ورداً على التقرير الوارد في مجلة "تايمز"، قال متحدث باسم وزارة النقل لـ"اندبندنت"، "لا يجدر بالركاب في مطارات المملكة المتحدة حمل عبوات تحتوي على سوائل بسعة تتخطى 100 ملل عبر نقاط التفتيش، ويجب إخراج السوائل والأجهزة الإلكترونية من الحقائب المسموح اصطحابها على متن الطائرة عند نقاط التفتيش الأمنية".
ولكن هذا الأمر غير صحيح بالكامل، لأن بعض المطارات الاسكتلندية الصغيرة، بما فيها بارا وكامبلتاون وتيري لا تملك نقاط تفتيش أمنية منذ عام 2017.
أما في أنحاء العالم، فيشكل النقص في الامتثال مسألة أساسية لمسؤولي أمن الطيران والركاب على حد سواء.
في عدد من المطارات، تكون السوائل محدودة ولكن بالوسع تركها داخل حقيبة المسافر. بينما يطلب إزالة الحواسيب والأجهزة اللوحية كالـ"آيباد" في المملكة المتحدة وكثير من البلدان الأخرى فيما لا يسري الأمر في بعض الدول الأخرى.
ففي إسرائيل مثلاً، الإجراءات مختلفة للغاية. وتقول السلطات إن "الركاب يجب أن يصلوا قبل ثلاث ساعات من موعد الإقلاع لإتمام إجراءات التفتيش الأمني". وفي بعض الأحيان يطرح المسؤولون كثيراً من الأسئلة، كما يجب إخراج الحواسيب من حقيبة المقصورة، في وقت تبقى السوائل مسموحة من دون قيود.
خلاصة القول: يجدر بالمسافرين عدم توقع أن تكون إجراءات أمن الطيران نفسها في أنحاء العالم كافة (أو حتى في أنحاء المملكة المتحدة كافة). في بعض المطارات الإسكتلندية الصغيرة، بما في ذلك بارّا Barra وكامبل تاون Campbeltown وتيريي Tiree، لم تكن هناك عمليات تفتيش أمنية منذ عام 2017.
هل سيكلفني هذا أكثر؟
ستسعى المطارات التي تستثمر بشكل جماعي مئات الملايين من الجنيهات الإسترلينية للحصول على عائد - وقد يشمل ذلك زيادة الرسوم. لكن التكنولوجيا الجديدة يجب أن تخفض تكاليف التوظيف، مما يمثل وفورات للمطارات.
قال ويلي والش، المدير العام لاتحاد النقل الجوي الدولي (أياتا) IATA، الذي يمثل شركات الطيران في جميع أنحاء العالم "لا ينبغي أن يأتي تطبيق هذه التكنولوجيا بفاتورة كبيرة. في الواقع، يجب أن تحقق العمليات المبسطة وفورات كبيرة".
وأضاف "يجب أن يكون التطبيق السريع ممكناً. لقد تم بالفعل استخدام التكنولوجيا بنجاح ولفترة طويلة في مطارات مختلفة في جميع أنحاء العالم مع تحسينات ملموسة لتجربة الركاب".
هل سيبقى أمن الطيران معاناة دائمة؟
كلا، ففي عام 2019، وصف اتحاد النقل الجوي الدولي (IATA) الوضع الأمني السائد بأنه "لم يعد مستداماً". وكان يعمل مع المطارات على مدى أكثر من عقد على مشروع بعنوان "الأمن الذكي" Smart Security.
في نهاية المطاف، يجب إلغاء المرور عبر أجهزة الكشف عن المعادن والتفتيش الأمني لعدد من الركاب مع قيام التكنولوجيا بتقييم التهديدات المحتملة ورصدها بشكل أكثر فاعلية من الأشخاص الذين يشاهدون الشاشات أمامهم.
كما يتوجب أن يتمكن المسافر من المرور من دون عوائق على طول ممر محاط بأجهزة الكشف وهو بالكاد يعلم إن كان يتم فحص تلك الأجهزة.
ستظل نقاط التفتيش مزودة بالموظفين، ولكن سيحظى أفراد الأمن بالحرية للقيام بأفضل ما يجيده الأشخاص وهو دراسة سلوك الركاب وتحديد "الأشخاص المثيرين للشبهات" لإجراء مزيد من التحقيق.
© The Independent