Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"تاكسي البحر" قوارب جديدة للهجرة تؤرق إيطاليا

جهود لتجديد الاتفاقات والتفاهمات مع دول الجوار منعاً لوصول المسافرين غير الشرعيين

إيطاليا تفكك شبكة مختصة في تهريب المهاجرين غير الشرعيين من السواحل التونسية (أ ف ب)

أعلنت السلطات الإيطالية في مقاطعة صقلية تفكيك شبكة متخصصة في تهريب المهاجرين غير النظاميين من السواحل التونسية، في خطوة فاقمت التكهنات حول توجه روما نحو التشدد أكثر في التصدي للمهاجرين، بخاصة بعد وصول اليمين المتطرف إلى الحكم.

وجاء إعلان السلطات في وقت يتصاعد الجدل في شأن رفض استقبال ورسو سفن المهاجرين غير النظاميين في السواحل الإيطالية، بأوامر صادرة عن وزير الداخلية الإيطالي ماتيو بيانتيدوسي.

ويأتي هذا بعد كشف السلطات في روما عن تسجيل وصول أكثر من 86 ألف مهاجر غير نظامي منذ الأول من يناير (كانون الثاني) الماضي وحتى الثاني من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، في وقت تستمر قوارب الهجرة بنقل هؤلاء من السواحل التونسية والليبية على حد السواء نحو إيطاليا.

"تاكسي البحر"

وقالت السلطات في مقاطعة صقلية إن الشبكة المتخصصة في تهريب المهاجرين غير النظاميين تتألف من 18 عضواً من بينهم تونسيون، وهي شبكة تنجح في إيصال المهاجرين في وقت قياسي وبضمانات لهم بالوصول سالمين ومن دون التعرض لتضييقات من قوات خفر السواحل الإيطالية.

وقال النائب في البرلمان التونسي المنحل مجدي الكرباعي إن "السلطات الإيطالية كما الرأي العام الإعلامي اعتبرا القوارب التي تعتمدها هذه الشبكة بمثابة تاكسي البحر، بحيث يخرجون من ميناء في صقلية ويذهبون إلى دار علوش في محافظة نابل التونسية، ومن هناك تنطلق عمليات الهجرة نحو إيطاليا".

وتابع الكرباعي المقيم في إيطاليا في تصريح خاص إلى "اندبندنت عربية"، أنه "لديهم بحسب التقارير الأمنية أدلة تؤكد أنهم بصدد تهريب المهاجرين بطريقة سريعة جداً تصل إلى أربع ساعات للسفرة عوضاً عن 17 ساعة".

واستدرك، "لكن هذه تعتبر هجرة نوعية، ففي الرحلة الواحدة تتقاضى هذه الشبكة حوالى 70 ألف يورو لنقل 25 شخصاً، وهذه طبعاً غير شعبية فهي مخصصة لفئات بعينها، إذ لا يتم المرور بمراكز الإيواء أو غيرها، وهي هجرة مضمونة باختصار".

وأوضح الكرباعي أنه "تم توقيف 12 مهرباً في هذه الشبكة بينهم من يخضعون للتحقيق وفيهم من يخضع للإقامة الجبرية، ولأن ثمن الرحلة للشخص الواحد قد يصل أحياناً إلى 5 آلاف يورو، يرجح بعضهم أن يكون هناك تواطؤ من قبل السلطات الأمنية الإيطالية، ولكن الأبحاث لا تزال مستمرة الآن في إيطاليا لمعرفة من يقف خلف المهربين"، لافتاً إلى أن "السلطات الإيطالية لديها أدلة وفيديوهات تظهر خروج القوارب وقوة معداتها التي تقدر بـ 200 حصان، فيما تصل قوة القوارب العادية إلى 70 حصاناً فقط".

تشدد مرتقب

ويأتي هذا التطور الذي بدا لافتاً في توقيته، في ظل استمرار السجالات بين السلطات وبعض السكان في تونس بعد غرق مركب للمهاجرين غير النظاميين في مدينة جرجيس التابعة لمحافظة مدنين جنوب البلاد في وقت سابق.

وحاول محتجون العبور إلى جزيرة جربة بالتزامن مع انعقاد القمة الفرنكوفونية من أجل المطالبة بكشف مصير المهاجرين الذين لقوا حتفهم، لكن عناصر الأمن تصدت لهم وتم منعهم من الوصول إلى الجزيرة في تطور رد عليه الرئيس قيس سعيد بالتعهد بكشف حقيقة الهجرة غير النظامية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال الكرباعي إن "التشدد سيتصدر المرحلة المقبلة، وهناك مسارات في ما يخص المهاجرين غير النظاميين الذين تم احتجازهم أخيراً حين منع القضاء ترحيل تونسي استناداً إلى تقرير لمنظمة ’هيومن رايتس ووتش‘ حول حال الطوارئ التي أعلنت عام 2015 في تونس، ووجود بعض حالات تعذيب في السجون التونسية".

وشدد على أن "هناك محاولات لإبطال عمليات ترحيل التونسيين استناداً إلى هذا التقرير، لكن وزير الخارجية الإيطالي تحرك وقال إن تونس بلد آمن، وهناك تعاون ثنائي لمحاربة الهجرة غير النظامية ومواصلة الترحيل القسري، وهو أمر تكتمت عليه تونس". ولدى سؤاله حول حقيقة تكتم تونس، رفض مدير الدبلوماسية العامة والإعلام في وزارة الخارجية التونسية محمد الطرابلسي الرد على هذه الاتهامات، مشيراً إلى أنه لا يوجد مصطلح ترحيل قسري، وأن "التونسيين الذين وضعيتهم غير قانونية يتم ترحيلهم واستقبالهم في تونس".

العين على ليبيا

وفي الواقع فإن تركيز إيطاليا على قضية الهجرة غير النظامية لا يقتصر على تونس وحسب، إذ تبذل روما كذلك جهوداً اكتسبت أخيراً زخماً واضحاً تجاه ليبيا التي تستضيف مئات آلاف اللاجئين والمهاجرين الذين يراودهم حلم العبور إلى الضفة الأخرى من المتوسط.

وأثار إعلان البرلمان الإيطالي في وقت سابق المصادقة على تجديد مذكرة التفاهم التي وقعتها روما مع حكومة "الوفاق الوطني" السابقة في ليبيا برئاسة فايز السراج عام 2017، مخاوف وانتقادات حقوقية سواء في إيطاليا أو ليبيا، لا سيما في ظل وجود تقارير تتهم خفر السواحل الليبية والميليشيات التي تهيمن على المشهد في البلاد إثر سقوطها في الفوضى الأمنية والسياسية منذ 2011، بالقيام بانتهاكات ضد المهاجرين.

وقال الدبلوماسي الليبي الأسبق عثمان البدري إن "إيطاليا تسعى اليوم كما في السابق إلى منع وصول المهاجرين غير النظاميين إليها من السواحل الليبية، لذلك تقوم ببذل جهود لتجديد الاتفاقات الكفيلة بتحقيق هذا الهدف".

القانون الدولي الإنساني

وأكد البدري أن "إيطاليا لديها انزعاج من المهاجرين غير النظاميين، وفي المقابل فإن حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا برئاسة عبدالحميد الدبيبة تسعى إلى الحصول على مكسب سياسي من خلال الموافقة على تجديد الاتفاق مع روما، وهو ما قامت به مع عواصم ودول أخرى على غرار تركيا".

وكانت الأمم المتحدة دعت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي السلطات الإيطالية إلى مراجعة سياسة الهجرة غير النظامية التي تنتهجها، وذلك في أول تعليق لها على مقترح القيام بحصار بحري تقدمت به رئيسة الوزراء الإيطالية الجديدة جورجيا ميلوني.

وحث المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوغاريك جميع دول العالم، بخاصة إيطاليا، على إلقاء نظرة على الوضع في ليبيا والتأكد من احترام القانون الدولي الإنساني لحقوق المهاجرين في البلد.

وفكرة إنشاء حصار بحري يمنع رسو أي سفينة إنقاذ للمهاجرين في السواحل الإيطالية تطرحها ميلوني باستمرار حتى قبيل وصول حزبها "إخوة إيطاليا" إلى الحكم خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة، التي مكنتها من الصعود إلى رئاسة الوزراء.

ومن غير الواضح ما إذا كانت إيطاليا ستذهب نحو هذا الخيار كملاذ لتحصين البلاد من وصول المهاجرين غير النظاميين، لكن المرجح أن تتجه روما إلى مزيد من التشدد خلال المرحلة المقبلة في ظل الأنباء عن تفكيك شبكات لتهريب المهاجرين.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير