عندما كان أحدهم يتطرق إلى انقطاع الطمث، أو مرحلة ما قبل سن اليأس بتعبير أدق، كنت دائماً غير مبالية بالموضوع.
لم أعان من نوبات الحرارة أو التعرق الليلي ولم أشتك من عدم الصفاء الذهني ولم أختبر أياً من تلك الأعراض.
في الواقع كنت متيقنة من عدم معاناتي منها لدرجة أنني تبرعت لإحدى الجمعيات الخيرية بنسخة كنت أمتلكها من كتاب ’سن اليأس: خريطة طريق متفائلة لربيعك الثاني‘ للكاتبة دافينا ماكول، لعل سيدة أخرى تستفيد منه.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بالتأكيد أنا على دراية بالأعراض التي تصيب النساء وهناك نوبات الحرارة والتعرق الليلي، هذا صحيح، ولكن ثمة أيضاً فقدان الثقة بالنفس وتساقط الشعر والشعور بالتنميل وهشاشة الأظافر وجفاف المهبل وسلس البول والإحساس بحرقة في اللسان.
كل هذه الأعراض أدت إلى إقدام سيدة من بين كل 10 نساء في المملكة المتحدة على الاستقالة من عملها، بحسب استطلاع جديد.
أنا مطلعة على التطورات أيضاً، ففي عام 2002 ساءت سمعة العلاج الهرموني التعويضي بسبب دراسة حذرت منه لأنه يرفع خطر الإصابة بسرطان الثدي، مما أدى إلى توقف العديد من النساء عن استخدام العلاج. استغرقت إعادة تحليل البيانات حوالى 10 سنوات حتى اتضح أن هناك عيوباً في تلك الدراسة، وأخيراً كان هناك أيضاً نقص على مستوى البلاد في العلاج الهرموني التعويضي الذي توفره هيئة الخدمات الصحية الوطنية مما أدى إلى شعور النساء بالإحباط.
في لقاء أجرته ماكول حديثاً مع برنامج ’صانداي مورنينغ‘ على قناة "بي بي سي"، قالت إن النقص لو كان في مادة الأنسولين أو أي دواء آخر فستتم "معالجته على الفور"، وعلاوة على ذلك وفي ظل أزمة كلف المعيشة، تعارض ناشطات مثل مقدمة البرامج هولي ويلابي، بشدة تحمل النساء كلف العلاج الهرموني التعويضي الذي يصفه أطباء هيئة الخدمات الصحية الوطنية، إذ تكلف الكمية التي تكفي لثلاثة أشهر حوالى 10 جنيهات استرلينية لكل دواء.
لكن هل يناسب العلاج الهرموني التعويضي الجميع؟ وما هو بالضبط وهل هو آمن؟
يشبه سن اليأس طقوس العبور القبلية بين مراحل الحياة التي ينبغي على النساء المرور بها، فلماذا أهتم للأمر أساساً؟ ثم بدأت أستيقظ من نومي عند الثالثة فجراً. راحت قلة النوم تشعرني بالرعب نظراً إلى مسؤولياتي تجاه طفلي الصغيرين ووظيفتي، ولم أعان في السابق أبداً من الأرق حتى في المراحل التي كان تفكيري منشغلاً أكثر بكثير من الآن. مضى على معاناتي أسبوع عندما قالت لي إحدى الصديقات "قومي بفحص هرموناتك". ماذا؟ هرموناتي؟
يحدث سن اليأس في المملكة المتحدة للنساء في سن 51 عاماً بالمتوسط، ويعرف بأنه غياب الحيض لمدة 12 شهراً، لكن فترة التقلبات الهرمونية التي تسبق ذلك تسمى مرحلة ما قبل سن اليأس وقد تمتد لسنوات عدة.
لم يخطر ببالي أنني كنت أعاني من أعراض مرحلة ما قبل سن اليأس، أو لا قدّر الله انقطاع الطمث بحد ذاته، وأنا لم أبلغ الـ 45 إلا مؤخراً.
كنت أبكي عندما اتصلت بالطبيبة الممارسة العامة التي أستشيرها عادة. صحيح أن دورتي الشهرية اضطربت بعد فطام صغيري عن الرضاعة الطبيعية أواخر عام 2019، لكن في ظل غياب أي أعراض أخرى لانقطاع الطمث كنت أعزو ذلك إلى اختلال جسدي بعد خضوعه للتلقيح الاصطناعي المرهق لسنوات.
تمكنت من حجز موعد مستعجل مع الطبيبة، لكن نظراً لتجاوزي سن الـ 45 لم يحق لي إجراء تحليل دم لقياس مستويات الهرمونات، فمن الإجراءات المعتادة التي يتخذها الأطباء الممارسون الجيدون وصف علاج تعويضي هرموني قياسي بمجرد بدء أعراض انقطاع الطمث لدى المرأة، وبما أن دورتي الشهرية كانت متوقفة لأكثر من 12 شهراً، اعتبر إجراء أي فحوص غير ضروري.
وصفت الطبيبة هرمون "استراديول" على هيئة جل أدهنه على منطقة الفخذ يومياً، و100 ميليغرام من هرمون الـ "بروجسترون" أتناولها من طريق الفم ليلاً، وشعرت أن الوصفة بأكملها عشوائية نوعاً ما.
واقترحت الطبيبة أخذ دواء "نايتول" أيضاً لمساعدتي في النوم، كما وجهت بإجراء تحاليل الدم التي تغطي هيئة الخدمات الصحية الوطنية نفقاتها وتشمل وظائف الكلى والكوليسترول ومستويات الحديد واختباراً بسيطاً لكفاءة الغدة الدرقية، واستغرقت زيارتي عيادة الطبيبة خمس دقائق.
بعد التحدث إلى صديقاتي وجدت أن العديد منهن يتناولن هرمونات متطابقة بيولوجياً مصدرها مركبات نباتية لكنها تمتلك التركيب الكيماوي نفسه لهرموناتنا الطبيعية، وبالتالي يتقبلها الجسم بشكل جيد، وكن يستخدمن بشكل متكرر أوصافاً مثل "أكثر أماناً" ومصنوعة من "نبات اليام والمستخلصات النباتية".
قالت لي أخريات إن عليّ التعامل مع الهرمونات المتطابقة بيولوجياً بشيء من الحذر، إذ يمكن الحصول عليها عبر الإنترنت، لكن كيف يمكن ضمان جودتها؟
إذاً، ما هو الفرق بين نوعي العلاج التعويضي الهرموني، الاصطناعي والمتطابق بيولوجياً؟
قررت معرفة الإجابة وبدا من المستحسن أن أفحص مستويات الهرمونات لدي على الأقل، ولم أجلب الدواء الموصوف لي من طريق هيئة الخدمات الصحية الوطنية ولجأت إلى محرك البحث "غوغل" لمعرفة المزيد عن الهرمونات المتطابقة بيولوجياً، فوجدت أن أنجلينا جولي وأوبرا وينفري من أنصارها.
توجهت إلى عيادة ماريون غلاك الرائدة في المملكة المتحدة في إعادة ضبط الهرمونات التي كانت سباقة في استخدام الهرمونات المتطابقة بيولوجياً في البلاد قبل 25 عاماً، إذ توفر العيادة أيضاً علاجاً لسن اليأس الذكوري أو انقطاع الذكورة باستخدام العلاج ببدائل الـ "تستوستيرون" للحد من الأعراض التي تشمل انخفاض الرغبة الجنسية والإرهاق.
بدأت تجربتي باستشارة أولية عبر تطبيق "زوم" مع الدكتورة غزالة عزيز سكوت "ملكة" الهرمونات المتطابقة بيولوجياً والطبيبة العيادية الرئيسة، وهي عالمة أعصاب وطبيبة حاصلة على تدريبها من جامعة أوكسبريدج وعملت في السابق طبيبة ممارسة عامة في هيئة الخدمات الصحية الوطنية لمدة 25 عاماً، وقد عهدت إليها مؤسِسة العيادة الدكتورة ماريون غلاك بمواصلة العمل الرائد للعيادة إلى جانب فريق مكون من تسعة أطباء آخرين لهم باع طويل في هذا المجال.
تسلك الدكتورة سكوت وفريقها نهجاً شاملاً لعلاج المرضى، وتستغرق الجلسة 45 دقيقة وتكلف 320 جنيهاً استرلينياً.
سألتني عن تاريخي الصحي والأعراض التي أعانيها وكذلك عن حياتي ككل، ثم طلبت مني إجراء مجموعة كاملة من تحاليل الدم التي تكلف 305 جنيهات استرلينية.
سحبت كمية دم من ذراعي كافية لملء سبعة أنابيب اختبار وحصلت على نتائج 67 اختباراً بعد وقت قصير.
أجريت كذلك فحص ’نورديك داتش+‘ Nordic Dutch Plus
الذي يكلف 319 جنيهاً استرلينياً للتحقق من اضطراب الغدة الكظرية وتقييم طريقة استقلاب جسمي للهرمونات وبخاصة هرمون "الأستروجين"، وبحسب الدكتورة سكوت يحدد هذا الاختبار ما إذا كان جسمي ينتج مستقلبات الـ "أستروجين" السامة أكثر من اللازم والتي قد تزيد خطر الإصابة بسرطان الثدي وتؤثر في تناولي العلاج التعويضي الهرموني بشكل آمن لمدة طويلة، في حال كنت بحاجة إليه.
أجريت الاختبار في المنزل على مدى يوم، إذ أخذت عينات من اللعاب والبول وتم إرسالها إلى الولايات المتحدة لتحديد مستوى العلاج التالي بدقة.
عرفت أولاً أنني أعاني قصور الغدة الدرقية، أي لدي غدة درقية خاملة، وتشمل الأعراض الشائعة لقصور الغدة الدرقية التعب وزيادة في الوزن والاكتئاب، وتم وصف جرعة يومية بعيار 25 ميليغراماً من هرمونات "ليفوثيروكسين" البديلة أتناولها من طريق الفم لرفع مستويات الهرمون الذي لا تفرزه الغدة بكميات كافية.
ونتيجة لتشخيصي بقصور الغدة الدرقية يمكنني الآن الحصول مجاناً ومدى الحياة على جميع العلاجات التي توصف لي من طريق هيئة الخدمات الصحية المجانية، بحسب ما أخبرتني الدكتورة سكوت.
تغطي فحوص هيئة الخدمات الصحية الوطنية عادة هرمون تحفيز الغدة الدرقية فقط مثل الاختبار الذي أجريته أنا، وإذا كان المستوى غير طبيعي فيتم قياس هرمون الـ "ثيروكسين".
كان مستوى الهرمون الأول لدي في ذلك اليوم (3.97) أي ضمن الحدود التي تعتبرها الهيئة الطبية الوطنية طبيعية، لكن كما تقول الدكتورة سكوت "يمكن أن تتقلب مستويات هرمون تحفيز الغدة الدرقية بحسب وقت إجراء التحليل خلال اليوم".
بلغ مستوى هذا الهرمون في التحليل الذي أجريته بعد أسبوع واحد في العيادة الخاصة مستوى مرتفعاً جداً هو (5.39).
وتضيف الدكتورة سكوت "نحن بحاجة أيضاً إلى فحص مستويات هرمون ’ثيروكسين‘ وهرمون ’ثلاثي يودوثيرونين‘ كي تكون لدينا صورة شاملة لوظيفة الغدة الدرقية، ونحن نفضل أن يكون مستوى هرمون تحفيز الغدة الدرقية أقل من اثنين، مما يدل على وجود توازن مثالي، لكن الحدود التي تعتمدها هيئة الخدمات الصحية الوطنية أعلى من ذلك".
لاحظت الدكتورة أيضاً ارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم، وهذا ما أشارت إليه الطبيبة الممارسة العامة، لكن النسبة كانت آخذة في الارتفاع الآن ويمكن أن تؤثر الغدة الدرقية الخاملة على استقلاب الكوليسترول، لذلك فعندما يتم تنظيم عمل غدتي الدرقية قد تصبح مستويات الكوليسترول طبيعية.
وصلتني من طريق البريد الإلكتروني أنظمة غذائية من معهد الطب الوظيفي لإرشادي نحو تحسين حال الأيض لدي.
وماذا عن هرموناتي الأنثوية؟ حسناً، أنا أمر بمرحلة ما قبل سن اليأس، ومستويات الـ "بروجسترون" لدي منخفضة للغاية، ويعتبر هذا الهرمون مهدئاً ومخففاً للتوتر، لذلك يفسر انخفاضه سرعة الانفعال والقلق والأرق لدي، كما أن نسب هرمون الـ "أستروجين" في دمي متقلبة، وقد تنتج من نقصه نوبات الحرارة وآلام وأوجاع عامة، ويؤثر الـ "أستروجين" كذلك في إنتاج الـ "كولاجين" الذي ينعكس بدوره على صحة الجلد والشعر.
كانت نسبة هرمون "ديهيدرو إيبي أندروستيرون" لدي جيدة جداً إذ بلغت (9.2)، وتتوقع الدكتورة عادة أن يكون مستواه حوالى ثلاثة، ولذلك تعتقد أن ارتفاع هذا الهرمون لدي هو سبب عدم ظهور أعراض مرحلة ما قبل سن اليأس لدي حتى الآن، لأن هذا الهرمون يعد الطور الباكر للهرمونات الجنسية ويعمل بمثابة خزان لها، كما أن مستوى هرمون الـ "تستوستيرون" في دمي كان جيداً أيضاً.
وصفت لي الدكتورة سكوت الـ "أستروجين" والـ "بروجسترون" على شكل كريمات أدهنها على الجلد إلى أن يحين موعد جلستنا التالية بعد ثمانية أسابيع، إذ ستعيد فحص نتائج تحاليل الدم وستكون نتيجة اختبار "نورديك داتش+" قد وصلتنا، ثم سيتم دمج جميع الهرمونات التي أحتاجها في عبوة كريم واحدة لسهولة الاستخدام، إذ أستعمل كمية صغيرة جداً من الكريم الذي يمتصه الجلد بسهولة بدلاً من كمية الجل الأكبر بكثير المحتوية على الـ "أستروجين" فقط التي كنت أدهنها على فخذي وحبوب الـ "بروجسترون" الفموية الموصوفة من طريق هيئة الخدمات الصحية الوطنية.
لكن ما هو الفرق بالضبط بين الهرمونات المتطابقة بيولوجياً والعلاج التعويضي الهرموني الذي توصي به هيئة الخدمات الصحية الوطنية؟
اتضح في النهاية أن الفرق ليس كبيراً، وبينما لا تزال الهيئة تصف العلاج التعويضي بالهرمونات الاصطناعية لبعض النساء، تحولت الهيئة إلى حد كبير نحو استخدام هرمونات مطابقة لهرمونات الجسم كتلك التي وصفتها الطبيبة الممارسة العامة، كما أنها من مصدر نباتي تماماً مثل الهرمونات المتطابقة بيولوجيا، لكن الاختلاف الكبير هو أنني أحصل على خدمة مصممة لي شخصياً.
إذا كانت لديك القدرة على تحمل الكلف فهذه طريقة رائعة لمراقبة مستويات الهرمونات المتغيرة باستمرار والحصول على علاج تعويضي هرموني مصمم لك خصيصاً بدلاً من علاج موحد يوصف للجميع.
كنت متحمسة للخطوة التالية وأتساءل متى سأشعر بالتحسن، وقيل لي إن النتائج قد تكون سريعة وتحدث ما بين 24 و48 ساعة، ووصفت إحدى المريضات التي تتلقى العلاج على يد الدكتورة سكوت بأنه يشبه "إنارة أضواء شجرة عيد الميلاد".
تقول الدكتورة سكوت عن لقائها المريضات بعد ثمانية أسابيع من الاستشارة الأولية عندما يكون العلاج أخذ مفعوله، "أشعر وكأن مريضاتي زهرات تتفتح عندما أسقيها".
وصلت وصفتي الدوائية عبر خدمة البريد الخاص، وبالتالي لم أحتج إلى الذهاب إلى الصيدلية لإحضارها، وكان ذلك في يوم الخميس، وتناولت أول حبة من هرمون ليفوثيروكسين لعلاج قصور الغدة الدرقية ثم أمسكت علبة "كريمات الهرمونات المصممة خصيصاً لي". بدأت بالـ بروجسترون" فعصرت كمية صغيرة أسفل ذراعي وفركتها بذراعي الأخرى، انتقلت بعدها إلى الـ "استراديول" إذ عليّ استعمال عصرة واحدة يومياً لمدة أسبوع ثم زيادة الجرعة لمرتين يومياً إلى أن تقوم الدكتورة بجمع العلاجين في عبوة واحدة عندما تتأكد من أن الجرعة مناسبة لي.
بحلول يوم السبت شعرت بشيء من الخفة ولم يقتصر الأمر على صفاء ذهني وحدة تفكيري، لكنني شعرت أن وزني أخف كما لو أنني أتخلص من انتفاخ، وبدأ احتباس السوائل يخف ونومي يتحسن، وبحسب ما تقول الدكتورة سكوت يعود الفضل في هذا لكمية هرمون الـ "بروجسترون" الإضافية التي أتناولها ما يساعد في تخفيف احتباس السوائل.
كما اقترحت أخذ مكملات غذائية تحوي الـ "مغنيسيوم" لمساعدتي في النوم وتهدئة جهازي العصبي.
من اللافت أن العلاج التعويضي الهرموني المركب المتطابق بيولوجياً مثل العلاج الذي أتلقاه من طريق عيادة ماريون غلاك، غير مرخص، فما سبب ذلك إذا كان مماثلاً للعلاج التعويضي بالهرمونات المطابقة للجسم الذي تصفه هيئة الخدمات الصحية الوطنية؟
في حين تنصح هيئة ’جمعية سن اليأس البريطانية‘ الأطباء أن يأخذوا في عين الاعتبار الأشكال البديلة للعلاج التعويضي الهرموني للنساء اللواتي لا يستطعن الحصول على الكميات التي يحتجنها عادة من أجل الـ "أستروجين" عندما يكون هناك نقص، مثل وصف جل "ساندرينا" أو "بخاخ لينزيتو" بدلاً منه، لا تزال الهيئة لا تدعم استخدام "الهرمونات المركبة المتطابقة بيولوجياً"، وقد توجهت إلى الهيئة للاستفسار عن ذلك.
أرسلت لي جمعية "سن اليأس البريطانية" تقريراً يشرح سبب عدم ترخيص الهرمونات المركبة المتطابقة بيولوجياً، وتشمل الأسباب أنها ليست مرفقة بنشرات تحذيرية وأنها متوافرة في الأسواق كمنتجات مرخصة بشكل مفرد، لذا فإن الجمع بينها غير مبرر. لكن وفقاً للدكتورة سكوت يرجع السبب أكثر إلى الكلفة، وتقول إن جميع المنتجات التي توافرها الصيدلية المتخصصة في عيادة ماريون غلاك تحوي نشرات تحذيرية.
مضيفة، "يكون الـ ’أستروجين‘ والـ ’بروجسترون‘ والـ ’تستوستيرون‘ هرمونات متطابقة بيولوجياً مرخصة عندما تكون بمفردها، لكن نظراً إلى كون العلاج التعويضي بالهرمونات المركبة مصمم لكل مريضة على حدة فيصنف على أنه غير مرخص، ولكونها منتجات طبيعية ذات فرصة تسجيل محدودة فليس هناك حافز لدى شركات الأدوية الكبرى لتمويل التجارب السريرية العشوائية واسعة النطاق الخاضعة للرقابة لتقييم ذلك، إذ إن مجال الربح محدود من المنتجات غير المسجلة"، وتستطيع شركات الأدوية الكبرى فقط تحمل الكلف الخيالية لترخيص الدواء.
وتتابع الدكتورة أن "العلاج الذي تقدمه هيئة الخدمات الصحية الوطنية يعتمد على تعداد السكان، ويجب أن يكون فعالاً من حيث الكلفة ومدفوعاً بالإرشادات ونافعاً للصالح العام، فالمركبات الدوائية المصممة للأفراد مكلفة".
إذاً ما هي الخلاصة التي توصلت إليها؟ الجيد في الأمر أن الطبيبة الممارسة العامة وصفت لي بالفعل العلاج التعويضي الهرموني المناسب، فهو مستخلص من مصدر نباتي ومتطابق ببيولوجياً مع أن الدكتورة سكوت وصفت لي في البداية ثلث تلك الجرعة وراحت تزيدها تدريجياً، لكن غالباً ما يكون الأمر مسألة حظ على ما يبدو عند تلقي العلاج من هيئة الخدمات الصحية الوطنية.
وتقول الدكتورة سكوت "إذا كانت نسبة هرمون الـ ’أستروجين‘ لديك هي الطاغية ولم يتم تقييم حالتك بشكل صحيح لأن عمركِ يزيد على 45 عاماً، ستشعرين بأن حالتك أسوأ عند تناول العلاج التعويضي الهرموني المحتوي على كميات إضافية من الـ ’أستروجين‘ وربما تستنتجين أن العلاج التعويضي الهرموني ليس مناسباً لك".
لا يزال بعض الأطباء الممارسين العامين يصفون العلاج التعويضي بالهرمونات الاصطناعية من طريق الفم على حساب هيئة الخدمات الصحية الوطنية، لكن الدكتورة سكوت تقول "نعلم أنه يجب إعطاء هرمون الـ ’أستروجين‘ عبر الجلد لتقليل أخطار حدوث تخثرات الدم أو الجلطات، لكن مستحضرات الـ ’أستروجين‘ لا تزال تعطى للمريضات من طريق الفم، بينما تحوي بعض لصقات العلاج التعويضي الهرموني المختلطة الـ ’بروجسترون‘ الاصطناعي المرتبط أكثر بخطر الإصابة بسرطان الثدي".
قد تصبح كلفة العلاج الخاص باهظة، إذ يتم فحص مستويات الهرمون بانتظام لمدة تتراوح بين ثلاثة وستة أشهر، ويتم ربطها بالأعراض من أجل ضبط الجرعة عند أفضل مستوى والتحقق من فعاليتها، إذ تكلف المراجعة 160 جنيهاً استرلينياً، وبعد ذلك تكون هناك حاجة إلى إجراء تحاليل دم سنوية بكلفة تتراوح بين 200 و250 جنيهاً استرلينياً.
ميزة العلاج التعويضي بالهرمونات المتطابقة بيولوجياً هي أننا "نستطيع تعديل مستويات الهرمونات ونوع التركيبة لتناسب الفرد"، كما تقول الدكتورة سكوت، لأن العلاج مصمم خصيصاً ويتم تركيبه في الصيدلية المتخصصة في العيادة.
وبالنسبة إلى بعض النساء فتعتبر الأماكن الشبيهة بعيادة ماريون غلاك ملاذاً أخيراً.
في تقرير بعنوان "سن اليأس ومكان العمل" أجرته جمعية "فاوست سوسايتي" الخيرية الساعية إلى تحقيق المساواة بين الجنسين، تبين أن 39 في المئة فقط من النساء اللواتي تحدثن إلى مهني طبي في عيادة الطب العام المسجلات فيها قلن إنهن تلقين العلاج التعويضي الهرموني بمجرد تشخيصهن بانقطاع الطمث.
وتوضح الدكتورة سكوت، "منتجاتنا المركبة متوافرة دائماً وليس لدينا أية مشكلات في التوريد. عرضت مشكلات التوريد في هيئة الخدمات الصحية الوطنية النساء لضغط كبير، وغالباً ما اضطررن إلى التغيير بين أنواع المنتجات التي قد تكون قدرة الجلد على امتصاصها مختلفة مما يؤثر ربما في السيطرة على الأعراض، وفي بعض الأحيان توصف المستحضرات الاصطناعية التي يتم تناولها من طريق الفم للنساء نتيجة لذلك".
قد لا يكون الجميع قادرين على تحمل الكلف الخاصة لعلاج انقطاع الطمث. بحلول موعد المراجعة بعد ثمانية أسابيع كنت أنفقت 1104 جنيهات استرلينية، ما عدا رسوم الوصفات الطبية الخاصة، إذ تكلف كمية الكريم الهرموني المركب التي تكفي لمدة ثلاثة أشهر تقريباً 100 جنيه استرليني (يمكن أن تدوم العبوات 80 يوماً إذا كنت بحاجة إلى جرعتين في اليوم).
وتكلف إضافة هرمون جديد في حال الحاجة إليه 10 جنيهات استرلينية لكل هرمون، وقد تستخدم مادة مضادة للحساسية كمكون أساس للكريم، وإذا كنت لا تتحملين تناول العلاج عبر الجلد فيمكن تحويله إلى سكاكر قابلة للمص أو حتى قطرات ذات منشأ نباتي توضع تحت اللسان، وسيقوم الطبيب الهرموني نفسه المتوافر بتقييم حالتك باستمرار وتقديم الرعاية المتواصلة، كما يمكن الاتصال بممرضة مخولة بتكرار الوصفات الدوائية في حالات الطوارئ.
كما يصف الفريق هرمونات مضبوطة مطابقة للجسم بكلفة 10 جنيهات استرلينية لكنها تتميز بأنها مصحوبة بمراقبة متعمقة، ويمكن إضافة هرمونات أخرى مثل هرمون الـ ’تستوستيرون المركب‘ و’ديهيدرو إيبي أندروستيرون‘ الذي لا توافره هيئة الخدمات الصحية الوطنية، وتقول الدكتورة سكوت "تصب النتيجة في مصلحة المريضة في كل الأحوال".
وإذا لم يكن المال عائقاً فسأواصل العلاج بالتأكيد مع الدكتورة سكوت لأن المراقبة مطمئنة للغاية وهي تجمع العلاج التعويضي الهرموني في كريم واحد مصمم خصيصاً لي، لكن بما أنني أتلقى حالياً علاجاً مجانياً على حساب هيئة الخدمات الصحية الوطنية نظراً لقصور الغدة الدرقية فأفكر في تناول الهرمونات المطابقة للجسم وأخذ الـ ’بروجسترون‘ من طريق الفم الذي تقول الدكتورة سكوت إنه آمن.
هل أشعر بتحسن؟ نعم، أنا أنام جيداً وفقدت بعض الوزن، وأشعر بالانشراح من جديد فأنا لست في حال من الغضب والأرق، وربما لم ألمس كل الفوائد بعد لكنني أحس وكأن أبواب عالم جديد قد فتحت أمامي، ولحسن الحظ فلن أعاني يوماً ما من نوبات الحرارة أو ما هو أسوأ منها لأن علاجي الهرموني في متناول يدي على هيئة كريم عالي الجودة في عبوة واحدة.
وخلال ثمانينيات القرن الماضي كان يروج للعلاج التعويضي بالهرمونات الاصطناعية على أنه "ينبوع الشباب"، لكنه الآن اندثر إلى حد كبير، ومنذ عام 2019 تعتبر "جمعية سن اليأس البريطانية" أن العلاج التعويضي بالهرمونات المطابقة للجسم هو الأمثل وليس العلاج التعويضي بالهرمونات الاصطناعية، وفي حين تمر بعض النساء في مرحلة انقطاع الطمث بسلاسة، فإن تجربة كثيرات منهن ليست كذلك ويبدو أنني تداركت الأمر قبل أن يسوء.
تقول الدكتورة سكوت "طالما أن استخدام العلاج التعويضي بالهرمونات المتطابقة بيولوجياً أو المطابقة للجسم يتم، فبإمكان المرأة تلقي العلاج لفترة طويلة، إنه يساعد في أعراض مرحلة ما قبل سن اليأس وانقطاع الطمث على المدى القصير، لكن له فوائد صحية طويلة المدى أيضاً، مثل الوقاية من هشاشة العظام وأمراض القلب والأوعية الدموية والوقاية من أمراض الدماغ التنكسية مثل مرض ألزهايمر، والمرأة المولودة اليوم قد تعيش حتى تبلغ 100 سنة، لذا علينا ضمان تمتعها بحال صحية جيدة إضافة إلى العمر المديد".
تكلف الاستشارة الأولية في عيادة "ماريون غلاك" 320 جنيهاً استرلينياً.
© The Independent