Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

زخم اكتتابات عامة مرتقب في الخليج خلال 2023

مدعومة بارتفاع أسعار النفط وتدفقات المستثمرين

كانت المنطقة استحوذت على 70 في المئة من عائدات سوق الاكتتابات في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا حتى مطلع يوليو (أ ف ب)

تشهد منطقة الخليج عاماً مزدهراً خلال عمليات الطروحات الأولية في ظل موجة نادرة من النشاط على إثر تسارع مزيد من الشركات نحو الإدراج، لتبقى أسواق المنطقة نقطة مضيئة وسط تباطؤ سوق الإدراج العالمي.

وتوقع متخصصون ومحللون ماليون في تصريحات إلى "اندبندنت عربية" استمرار حال الزخم في سوق الاكتتابات الأولية في الخليج خلال العام المقبل، مدعومة بارتفاع أسعار النفط وقوة الطلب من قبل المستثمرين الدوليين، لا سيما من كبار البنوك العالمية والإقليمية.

ومع جمع 16.6 مليار دولار حتى الآن، فمن المقرر أن تسجل الاكتتابات العامة الأولية في الشرق الأوسط أفضل عام لها على الإطلاق بعد عام 2019، والذي شهد طرح "أرامكو السعودية" الضخم بقيمة 29.4 مليار دولار، في تناقض حاد مع انخفاض مبيعات الأسهم في الأسواق المتقدمة التي تتصارع مع ارتفاع معدلات التضخم والبنوك المركزية المتشددة وتهديد الركود.

وتقتنص منطقة الخليج النصيب الأكبر من عائدات الاكتتابات الأولية عالمياً منذ بداية العام 2022، وكانت المنطقة استحوذت على 70 في المئة من عائدات سوق الاكتتابات في جميع أنحاء أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، وذلك حتى مطلع يوليو (تموز) الماضي، وفقاً لبيانات جمعتها وكالة "بلومبيرغ" في وقت سابق.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وشهدت بداية الأسبوع الحالي استعداد شركة "أمريكانا" للمطاعم العالمية لطرح حصة 30 في المئة من الشركة للاكتتاب في سوقي السعودية والإمارات اعتبارا من الـ 14 وحتى الـ 22 من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، في أول اكتتاب مزدوج من نوعه يشمل طرح 2.53 مليار سهم من أسهم الشركة، وقد يجمع ملياري دولار، وفقاً لوكالة "بلومبيرغ"، مما يجعله أكبر طرح عام أولي في السعودية لهذا العام.

وشهدت السعودية أكبر عدد من الإدراجات مقارنة مع منافسيها الخليجيين، واستقبلت سوق الأسهم السعودية البورصة الأكبر من حيث القيمة السوقية عربياً نحو 22 من إجمال 33 إدراجاً لأسهم في المنطقة خلال العام الحالي، وجذب كثير منها مليارات الدولارات، وكان أحدثها شركة "مرافق" التي جذبت اكتتاباً بقيمة 52.5 مليار دولار على حصة تمثل 29.24 في المئة من رأس المال المصدر للاكتتاب العام قيمتها 897 مليون دولار.

وفتحت شركة "إمباور" للتبريد التي تتخذ من دبي مقراً دفاتر الاكتتاب، في حين أعلنت شركة "تعليم" القابضة التابعة للمدارس الخاصة ومجموعة الرياض للكابلات اكتتابات عامة أولية.

وفي أحدث عرض للطلب القوي من المستثمرين، تمت تغطية الاكتتاب العام الأولي لشركة "بيانات" في سوق أبوظبي البالغ 171 مليون دولار بمعدل 90 ضعفاً، وكان الإدراج مدعوماً من قبل شركة الأسهم الخاصة "سيلفرليك" وشركة "العالمية القابضة" الأكثر قيمة سوقية في الإمارات.

وسجل سهم "بيانات" ارتفاعاً بنسبة 273 في المئة فوق سعر إدراجه في أولى جلسات تداوله في السوق الإثنين الماضي، وهو أفضل أداء في اليوم الأول على مستوى العالم لطرح عام أولي جمع 100 مليون دولار على الأقل هذا العام، وفقاً لبيانات جمعتها "بلومبيرغ"، فيما يعتبر إدراج التكنولوجيا أمراً غير معتاد في منطقة الشرق الأوسط الغنية بالطاقة.

وتسعى دول الخليج إلى تنويع اقتصاداتها بعيداً من عوائد النفط، وتأمل بأن تتحول إلى مراكز مالية رائدة، وكجزء من هذا التحول الاقتصادي فإن كبرى الشركات في المنطقة بدأت تسعى إلى البحث عن التمويل المحلي، وتعد الصفقات المرتقبة علامة على أن الشركات التي تسيطر عليها الحكومة تبحث بشكل متزايد عن طرق للاستفادة من ارتفاع طلب المستثمرين على الطروحات الجديدة، مع جمع الأموال للمساعدة في تمويل خطط لتنويع الاقتصاد.

ومن المنتظر إجراء عدد من الاكتتابات بمليارات الدولارات خلال الأشهر الباقية من العام الحالي، بحسب المحللين، خصوصاً في السعودية، أكبر سوق للاكتتاب العام في الشرق الأوسط، في حين تستعد دبي وأبوظبي لمواصلة فورة الطروحات.

اهتمام عالمي

وجذبت السوق السعودية اهتماماً عالمياً متزايداً من جانب المستثمرين الذين ارتفعت ملكيتهم لأسهم في السعودية هذا العام بنسبة 30 في المئة، وقدمت البورصة عروضاً ترويجية في العالم مستهدفة مدناً مثل لندن ونيويورك وسنغافورة بتسليط الضوء على مزايا السوق السعودية.

وبحسب تصريحات الرئيس التنفيذي لشركة "تداول" السعودية محمد الرميح، فإن عمليات الطرح الأولي للاكتتاب العام التي جعلت سوق السعودية واحدة من أنشط الأسواق من حيث إدراج الأسهم هذا العام لن تتباطأ على الأرجح، مضيفاً لوكالة "بلومبيرغ" أن "ما رأيناه حتى الآن هو مؤشرات عظيمة على أن تلك العمليات لن تتباطأ من حيث تدفقها".

وقال الرميح إن 18 إدراجاً "جرت الموافقة عليها وستنفذ خلال الأشهر الثلاثة المقبلة"، علاوة على أكثر من 70 طلباً لإدراج الأسهم تجري مراجعتها حالياً من البورصة والهيئة التنظيمية.

زيادة شهية المخاطرة

ويرى عضو المجلس الاستشاري الوطني في معهد "تشارترد" للأوراق المالية والاستثمار في الإمارات وضاح الطه أن الأداء القوي لسوق الطروحات الخليجية التي معظمها كيانات حكومية، جاء بشكل رئيس من الرصانة المالية التي تمتلكها تلك الشركات وتوزيعات الأرباح السنوية ونصف السنوية المجزية التي خلفت حالاً من زيادة شهية المخاطرة لدى الأفراد والمؤسسات، مدعومة بارتفاع أسعار النفط الذي عزز الإنفاق الحكومي في دول الخليج، موضحاً أن تلك الطروحات كان لها دور كبير في زيادة الشعور الإيجابي وتقليل حال القلق لدى المستثمرين التي كانت تسيطر عليهم منذ عام 2020 خلال جائحة كورونا.

وأكد أن الزخم الكبير الذي تشهده الاكتتابات العامة الأولية في الخليج يعود في الأساس للاهتمام الكبير من المستثمرين العالميين والإقليميين بالعروض الأخيرة والمخطط لها مستقبلاً، في حين يتجه إلى تحقيق أفضل نصف أول لها على الإطلاق، في ظل أسعار النفط المرتفعة والتدفقات الأجنبية التي تحمي المنطقة من تقلبات الأسواق العالمية.

ولفت الطه إلى أن تلك الطروحات أسهمت في امتصاص تأثير العوامل السلبية الخارجية، وبشكل خاص من ارتفاع الفائدة الذي لم يؤثر سلباً في الأسواق الإقليمية فقط، بل في أداء أسواق الأسهم الأميركية التي شهدت انخفاضات ملحوظة خلال الفترة الأخيرة.

استثمار مناسب

وأشار المدير العام لشركة "سولت" للاستشارات المالية طارق قاقيش إلى أن الطروحات الأولية هي أحد المنافذ الرئيسة التي تستوعب فائض السيولة لدى القطاع العام والخاص، وهو ما يعد بديلاً عنها في ظل عدم وجود وسيلة استثمار مناسبة في الخارج وسط الظرف الجيوسياسي في معظم الدول العالمية وبخاصة الأوروبية.

وأكد أن من الطبيعي أن تتوجه دول الخليج في أسواقها المالية لزيادة الطروحات الأولية بهدف زيادة التنويع الاقتصادي، إذ إن البورصات تعد مرآة للاقتصادات المحلية، مشيراً إلى أن الفترة الحالية مناسبة لزيادة الطروحات الأولية بسبب ارتفاع أسعار النفط والمنتجات المرتبطة بقطاع البتروكيماويات.

طروحات ضخمة

وقال المحلل المالي لدى شركة "بي إتش مباشر" للخدمات المالية جمال عجاج إن أسواق الخليج بعامة وأسواق الإمارات بخاصة شهدت أكبر كميه طروحات أولية خلال العامين الأخيرين، وتعتبر الأضخم على الإطلاق من ناحية عدد الشركات ورؤوس الأموال والمبالغ التي تلقتها هذه الاكتتابات منذ عامي 1997 و1998، موضحاً أن تلك الاكتتابات تصدرها اكتتاب "إعمار العقارية" وشركات الدار ومصرف أبوظبي الإسلامي، وبعدها تراجعت هذه الطروحات بشكل ملحوظ.

قوة مالية

وقال محلل أسواق الأسهم محمود عطا إن الإقبال الملحوظ من الأجانب يعد طبيعياً على الطروحات بأسواق الخليج، إذ يؤكد القوة المالية الجاذبة لمستثمري الأسهم مع ارتفاع أسعار النفط وزيادة الفوائض المالية لدول المنطقة، مؤكداً أن الطروحات من العمليات التي تسهم بشكل رئيس في تقوية المراكز المالية، ومن ثم التمكن من مواجهة التحديات وتداعيات الأزمة العالمية الحالية.

وأكد عطا أن تلك الطفرة الكبرى المرتقبة بالطروحات الأولية ببورصتي السعودية والإمارات وأسواق المنطقة بصفة عامة تؤكد الاهتمام القوي من قبل المستثمرين والمؤسسات العالمية باقتناص الفرص من المنطقة التي أصبحت مليئة بالمزايا الجيدة والمستقرة، وبمنأى عن التداعيات الاقتصادية للأزمة الأوكرانية.

سيولة جديدة

وقال المحلل المالي مينا رفيق إن الطروحات الأولية تعزز جذب سيولة جديدة للبورصات الخليجية وتسهم في تنشيط الأسواق المالية بالمنطقة، موضحاً أن من بين تلك العوامل التي تؤدي إلى نجاحها هو أن كون تلك الطروحات لشركات عملاقة تشهد ملاءة مالية قوية وكفاءة في الإدارة قادرة على تعظيم الأرباح ومواجهة التحديات والأزمات العالمية، وفي قطاعات حيوية جاذبة للمستثمرين، ويكون تسعيرها جذاباً ويراعي الأحداث والتوترات العالمية. وتوقع استئناف بورصات الخليج هذه الطروحات في العام المقبل مستفيدة من قدرة الاقتصاد في المنطقة على تحقيق معدلات نمو إيجابية على رغم التحديات والتوقعات بتباطؤ النمو العالمي.

اختيار التوقيت

ورجح المحلل الاقتصادي والرئيس التنفيذي لشركة "مايند كرافت للاستشارات" فادي الغطيس استمرار الخطط لإدراج الشركات الحكومية مع العمل على اختيار التوقيت الأمثل للإعلان عنها، وما يعزز فرضية استمرار الحكومات في طرح شركاتها التابعة هو الهدف من طرح هذه الشركات، والذي لا يقتصر على الحصول على مردود مالي مرتفع فقط بل يتعداه إلى تحقيق أهداف استراتيجية مهمة، أبرزها تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص وزيادة عمق البورصات وتنويع تركيبتها القطاعية، انطلاقاً من أن هذه التركيبة لا تعكس حالياً طبيعة الاقتصادات الخليجية والتغييرات المتواصلة التي تمر بها.

وأضاف الغطيس أن معظم الشركات التي تنوي إدراج أسهمها تتخذ جميع الخطوات اللازمة لذلك، بما فيها الإجراءات القانونية، على أن يتم الإعلان عن الاكتتاب وفقاً لتزامن الأحداث الاقتصادية أو الجيوسياسية، لا سيما وأنه يمكن للشركة الحصول على موافقة الجهات الناظمة على طرح أسهمها والاحتفاظ بهذه الموافقة مدة تصل إلى عامين.

اقرأ المزيد

المزيد من أسهم وبورصة