Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا ينتظرنا بعد شراء إيلون ماسك "تويتر"

وعد الملياردير الأميركي بإجراء تغييرات كبيرة على المنصة كجزء من هدفه المتمثل في جعلها "تطبيقاً لكل شيء" لكن خبراء التكنولوجيا يقولون إن المهمة التي تنتظره ستكون بالغة الصعوبة

أبرم إيلون ماسك صفقة بقيمة 44 مليار دولار لجعل "تويتر" شركة خاصة (غيتي/ أ ف ب)

تمت أخيراً عملية استحواذ إيلون ماسك على "تويتر" في صفقة بلغت قيمتها 44 مليار دولار، ومن المرجح أن تؤدي إلى أكبر تغييرات تشهدها شركة وسائل التواصل الاجتماعي منذ إطلاقها عام 2006.

وبعد ستة أشهر من السجال القانوني، أبرم ماسك الصفقة قبل الموعد النهائي والمحدد بالساعة الخامسة مساء من يوم الجمعة (28 أكتوبر)، وتجنب مواجهة محفوفة بكثير من الأخطار في محكمة ديلاوير تشانسري.

وأفيد في وقت متقدم من يوم الخميس، بأنه أقال كبار المسؤولين التنفيذيين، بما في ذلك الرئيس التنفيذي باراغ أغراوال.

ثم أكد ماسك الجمعة صباحاً إتمام الصفقة، [معلناً] في تغريدة موجزة مؤلفة من خمس كلمات "دع الأوقات الطيبة تنطلق".

ووعد ماسك، 51 سنة، بإجراء تغييرات عميقة وفورية في طريقة إدارة "تويتر"، في سياق طموحاته الكبرى من أجل مضاعفة عدد المستخدمين النشطين على المنصة بواقع أربعة أضعاف ليصل إلى مليار مستخدم، وتحويل المنصة المتخصصة التي يفضلها الصحافيون والسياسيون إلى ساحة رقمية عالمية للجميع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتشتمل الخطط الأخرى على تخفيف الضوابط التي تضمن اعتدال المحتوى وإنهاء الحسابات الآلية والسماح بعودة حسابات محظورة وإزالة ما يصفه بتحيز "تويتر" إلى "اليسار المتطرف".

وهذه هي فقط الإجراءات الأولية. وتوجه ماسك إلى المستثمرين في تغريدات ورسائل نصية بالقول إنه يريد لـ"تويتر" أن تصبح "تطبيقاً لكل شيء"، بحيث يلجأ إليها المستخدمون من أجل إكمال مهماتهم اليومية كلها بواسطتها من الرسائل المشفرة، إلى مدفوعات من نظير إلى نظير (P2P) ومشتريات التجارة الإلكترونية، فالتواصل [مع آخرين] عن طريق الشبكات الاجتماعية.

ويتوقع جيسون موزر، وهو محلل بارز لدى شركة الاستشارات المالية "ذي موتلي فول"The Motley Fool  ويتابع عن كثب قطاع التكنولوجيا، أن يتسبب الاستحواذ في إدخال تغييرات جذرية على تجربة المستخدم سترضي على الأرجح بعضهم وتثير غضب بعضهم الآخر.

وقال موزر في مقابلة أجرتها معه "اندبندنت" هذا الأسبوع، "إنه يشتري هذا من أجل إحداث كثير من التغيير، مما يتطلب قدراً كبيراً من العمل. من المؤمل أن يكون ملتزماً هذا الشيء، إذ يمكنه [عادة] أن يكون متقلباً ومزاجياً إلى حد ما. ربما يكون ماضياً في قضم أكثر مما يستطيع مضغه على المدى القريب، فليس الأمر كما لو أن كل شيء في تويتر يعمل على نحو جيد وبانسجام".

وتفيد بعض التقديرات بأن القيمة السوقية لـ"تويتر" تبلغ نحو نصف المبلغ الذي عرضه ماسك وزملاؤه من المستثمرين ثمناً للسهم الواحد وهو 54.20 دولار. لقد باع سلفاً [عدداً] من أسهم "تيسلا" بلغت قيمتها مليارات الدولارات وتنازل عن إجراءات العناية الواجبة [الفحص النافي للجهالة] قبل الموافقة على إبرام الصفقة.

ويرى موزر أنه "نظراً إلى الثمن الذي يدفعه، سيتعين عليه أن يعرف كيف يجعل المنصة تدر عليه الربح بشكل أكثر فاعلية"، لافتاً "هو في بعض الأحيان يطلق النار أولاً ثم يقوم بالتصويب، وربما يكون قد جلب لنفسه بعض المتاعب هنا".

"مكان سام"

قال ماسك إنه "مؤمن إيماناً مطلقاً بحرية التعبير" (على رغم حظره لعدد من منتقديه على المنصة)، واقترح أنه يجب على "تويتر" أن تسمح بنشر أي محتوى لا يخالف قوانين التعبير المحلية.

وكتب في تغريدة له في 9 مايو (أيار) "أفضل أن ألتزم قوانين البلدان التي يعمل فيها تويتر"، مضيفاً "إذا كان المواطنون يريدون حظر شيء ما، عليهم تمرير قانون في هذا الشأن، وإلا فيجب السماح به".

وبغرض التوسع في الحديث عما قصده بهذا التصريح، قال ماسك خلال حدث أقيم في مايو إن أي خطاب "مدمر للعالم" أو "خاطئ وسيئ" يمكن أن يتعرض لعقوبات.

وحاول المشرفون على المحتوى كبح جماح العنصرية والمعلومات المضللة والنقد اللاذع على الموقع. ويحذر خبراء من أن ماسك قد يغامر بإبعاد الوافدين الجدد إلى "تويتر" من خلال فتح الباب على مصراعيه [لكل راغب في الدخول].

ويعرب موزر عن اعتقاده بأن ماسك سيحذو على الأرجح حذو شركات مثل "غوغل" و"فيسبوك" من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي لتعديل المحتوى الضار.

ويرى أن "كل واحد يحب أن يردد شعار حرية التعبير، ولكن [استغلال سلباً] هذه الحرية يجب أن تكون له عواقب". ويضيف "أعتقد بأن تويتر يتمتع بسمعة سيئة في الوقت الحالي لكونه مكاناً ساماً إلى حد ما، إذا ذهبت عكس التيار، فسوف يعاقبك الناس على ذلك".

واشتكى ماسك من عدد الحسابات الآلية، أو الحسابات العشوائية، على "تويتر" أثناء محاولته عرقلة عملية الاستحواذ ووعد بتنظيف الموقع من المواد الزائفة.

من ناحيته يقول موزر "أعتقد بأن موقع تويتر مليء، للأسف، بهذه الأشياء".

وهو يتوقع أن يستغرق القضاء على الحسابات الزائفة وقتاً طويلاً لجعلها منصة أكثر جاذبية.

كما أشار ماسك إلى أنه سيجعل الخوارزمية متاحة علناً للمستخدمين لمشاهدتها واقتراح التغييرات عليها.

عودة ترمب

وذكر ماسك أنه إلى جانب تخفيف القيود عما يقال على المنصة، سيسمح أيضاً بعودة الرئيس السابق دونالد ترمب وآخرين تم حظرهم بشكل دائم من "تويتر".

وكان ترمب استخدم خلال ولايته التطبيق بشكل متكرر لإقالة شخصيات سياسية معينة واستفزاز قادة العالم ونشر معلومات مضللة.

وبعدما استخدم ترمب "تويتر" لتحريض مثيري الشغب في 6 يناير (كانون الثاني) [2021]، تم تجميد حسابه وحظره في نهاية المطاف بسبب خرقه المعايير المحددة.

وأعرب ماسك في "مؤتمر مستقبل السيارات" الذي نظمته صحيفة "فايننشال تايمز" في مايو عن رأيه بأن "منع ترمب من تويتر لم يسكت صوت ترمب، بل سيضخمه في أوساط اليمين وهذا هو السبب الذي يجعله خطأ أخلاقياً وغبياً تماماً".

من جانبه، قال ترمب إنه لن يعود إلى "تويتر" حتى لو سمح له بالعودة.

وأوضح الرئيس السابق "شعرت بخيبة أمل كبيرة من الطريقة التي عوملت بها من قبل تويتر. لن أعود إلى تويتر"، كما قال لشبكة "سي إن بي سي" في أبريل (نيسان).

وبموجب إرشادات "تويتر" السابقة، جرى منع التهديدات وتمجيد العنف والإساءة المستهدفة والمضايقات والسلوك المسيء على أساس العرق والدين والجنس.

يقول موزر إن القواعد لم تطبق باستمرار بشكل منسجم. ربما يكون السماح للرئيس السابق بالعودة إلى تويتر أمراً إيجابياً لمصلحة [ماسك]، ولكن فقط إذا أوضحت منصة تويتر الضوابط بالتحديد".

ويردف "إذا سمحت لهم بالعودة وفق سياسة واضحة وموجزة للغاية، ستتمكن من العمل من تلك اللحظة فصاعداً".

ومن الأشخاص الآخرين الذين تم حظرهم بشكل دائم من المنصة المحرض اليميني المتطرف مايلو يانوبولوس وروجر ستون (مرتان عام 2017 ومرة ثالثة بعدما أعلن ماسك عن شرائه المنصة عام 2022) وأليكس جونز مروج الكراهية من موقع "إنفو وورز" Infowars الإلكتروني وديفيد ديوك أحد دعاة تفوق العرق الأبيض ومارجوري تايلور غرين [سياسية يمينية متطرفة عضو الكونغرس عن الحزب الجمهوري وداعمة لنظرية المؤامرة].

"تطبيق لكل شيء"

كتب ماسك في تغريدة له نشرها في أوائل أكتوبر (تشرين الأول) معتبراً أن "شراء تويتر هو عامل تسريع لإنشاء ’X‘، تطبيق لكل شيء".

إن "التطبيقات لكل شيء" هي أنماط حياة في آسيا، وحاول مطورو التكنولوجيا تقليدها في أجزاء أخرى من العالم.

يعتبر "وي تشات" WeChat الذي يستخدمه أكثر من مليار شخص وفقاً لبعض التقديرات، هو المعيار.

وقد أوضح ماسك خلال جلسة سؤال وجواب مع موظفي "تويتر" في يونيو (حزيران) "أنت تعيش وتعتمد بشكل أساسي على وي تشات في الصين".

وأبلغ الموظفين أن الانتقال إلى [توفير] الرسائل المشفرة وخدمة النقل المشترك وخدمات الدفع، كانا جزءين من استراتيجية لزيادة عدد مستخدمي تويتر من حوالى 237 مليوناً إلى "مليار في الأقل".

ويشير موزر، الخبير التقني في "موتلي فوول"، إلى أنه لا يزال "مرتاباً بشدة" في أن ماسك سيكون قادراً على تحقيق ذلك.

وأضاف "نحن نعلم أن لدى الصين وي تشات وهذا يناسبها. لكن في العالم الغربي، لا يريد الناس أن تكون كل هذه الأمور تحت سقف واحد". وتابع "من جانب المستهلك، أنت تضع كل بيضنا في سلة واحدة. إذا تعطل تويتر، فلن يكون لديك أي طريقة لكي أنجز أعمالي".

وقال إن "فيسبوك" حاول جعل نفسه تطبيقاً لكل شيء، وانتهى به الأمر إلى تقليص رقعة انتشاره بحيث صارت محدودة للغاية. وأوضح "لا أعتقد بأن هذا ما يريده معظم الناس من تويتر".

"مجرد بيادق في لعبة يلعبها المليارديرات"

كشفت صحيفة "واشنطن بوست" أخيراً عن أن ماسك خطط لتسريح 75 في المئة من موظفي "تويتر"، مما سيقلل عدد العاملين في الشركة التي يقع مقرها في سان فرانسيسكو من 7500 إلى 2000 شخص فقط.

ورداً على ذلك، وجه موظفو "تويتر" رسالة إلى رئيسهم الجديد حصلت على نسخة منها مجلة "تايم" أعربوا فيها عن مخاوفهم في شأن "تهديدات التسريح التي تنم عن الإهمال".

وكتبوا أن الخطة ستلحق الضرر بقدرة "تويتر" على توفير "خدمة المحادثة العامة".

واعتبروا أن "تهديداً بهذا الحجم هو تصرف متهور، ويقوض ثقة مستخدمينا وعملائنا بمنصتنا، وهو عمل يبدو بوضوح أنه لتخويف الموظفين".

واختتمت الرسالة بالمطالبة بالاحترام والحماية للموظفين الذين يجب "ألا يعاملوا على أنهم مجرد بيادق في لعبة يلعبها المليارديرات".

ويلفت موزر إلى أنه من المحتمل أن يتسبب التهديد في "نزوح جماعي للمواهب" من "تويتر"، وسيكون الاحتفاظ بأفضل وأذكى الموظفين وجذب المواهب الجديدة أمراً بالغ الأهمية لتحسين المنصة.

تعزيز السلطة

أضاف ماسك منصة التواصل الاجتماعي تلك إلى محفظة أصول مزدهرة تحت سيطرته.

ومن بين هذه الأصول شركة "تيسلا" لصناعة السيارات الإلكترونية وشركة "سبايس إكس" للصناعات الفضائية و"ستارلينك" مزود خدمة الإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية وشركة "نيورالينك" Neuralink الرائدة في مجال شرائح الدماغ والشركة الخاصة في مجال بناء الأنفاق والبنى التحتية "ذا بورنغ كومباني"  The Boring Company.

واستخدم ماسك منصته في الأشهر الأخيرة من أجل مهاجمة الرئيس الأميركي جو بايدن شخصياً والتعهد بالولاء للحزب الجمهوري وتقديم اقتراحات غير مرغوب فيها حول كيفية إنهاء الحرب في أوكرانيا واقترح السماح للصين بالسيطرة على أجزاء من تايوان.

وزعم تقرير حديث صادر عن "بلومبيرغ" أن إدارة بايدن كانت تفكر في إخضاع مشاريع ماسك التجارية إلى المراجعة من قبل الأمن القومي، وهي تهمة أنكرها البيت الأبيض بشكل قاطع.

ونظراً إلى جهود ماسك في مجال الدبلوماسية المستقلة وقدرته على قطع الإنترنت عن مناطق النزاع وقدرته على إملاء الخطاب السياسي، لا تزال هناك مخاوف من وجود كثير من القوة والمال والتأثير الجيوسياسي تتمركز كلها في يد شخص واحد.

في هذا السياق، يقول موزر "عندما يكون لديك شخص يدير كثيراً من الأمور الموجهة نحو المستقبل، فإن تعزيز القوة أمر بالغ الخطورة"، ويضيف "إيلون شخصية رائعة، بعض الناس اقتنعوا به تماماً وبكل ما يفعله، ولا يشككون في أي شيء. [اقتناعهم به] يكاد يشبه الإيمان الديني إلى حد ما. أتمنى له كل التوفيق، إنه رجل مدهش ولديه ما يكفي من المشاغل".

© The Independent

المزيد من علوم