Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بدو المغرب يواجهون التغير المناخي بـ"إرث الترحال"

اختفت حيوانات وغطت الرمال الآبار والمناطق الخضراء

لا تخلو جلسات بدو الصحراء الليلية من أمسيات شعرية وأكواب شاي (اندبندنت عربية)

تمتد الصحراء جنوب المغرب آلاف الكيلومترات حتى موريتانيا، ويعبر بدو الصحراء هذه المسافة مع إبلهم منذ عقود للوصول إلى المراعي الصيفية، لكن التغيرات المناخية أثرت في نمط عيشهم المتوارث من أجدادهم.

تبدأ رحلة البدو من مدينة العيون جنوب المغرب ليعبروا الصحراء، حيث يوجد بضع آبار تحدد مسار رحلتهم، فهم بحاجة إلى تزويد قطيعهم من الماعز والإبل بالماء، ليصلوا إلى وجهتهم.

الناقة رمز الحياة

بالنسبة إلى بدو الصحراء تعد الناقة رمزاً للحياة وتحظى بقدسية دينية. وفي هذا الصدد يقول ولد طالب "نحن البدو لا تناسبنا حياة المدينة، لقد اعتدنا الحياة مع الإبل، إنها شيء جميل بالنسبة إلينا". ويتكفل ولد طالب بترويض الإبل وحراستها في الرحلة.

ولا تخلو جلسات بدو الصحراء الليلية من أمسيات شعرية وأكواب الشاي، يمدحون سحر الطبيعة، ويجلسون في خيامهم ليلاً يراقبون النجوم، ويتحدثون عن تجاربهم في الصحراء وعن ذكريات الطفولة.

خبرتهم المتوارثة من الأجداد تجعلهم يقطعون آلاف الكيلومترات في الصحراء من دون خوف أو قلق من الضياع، ولديهم معرفة بأماكن وجود الماء، وأيضاً بالتحولات المناخية التي أثرت في حياتهم.

 

 

"الصحراء قدمت لنا كثيراً"

يواجه البدو تغيرات المناخ واختفاء عدد من النباتات والحيوانات في العقود الأخيرة. وتعد النباتات مورد طعام مهماً للإبل وعنصراً ضرورياً لاستمرار نمط عيشهم.

وينتمي مولاي إلى بدو الصحراء، وهو يخوض بشكل موسمي رحلة يقطع خلالها آلاف الكيلومترات في الصحراء. إنه في هذه الرحلة استطاع أن يزود إبله بالماء والطعام ويبيع الحليب للتجار، كما أن رحلته تزامنت مع موعد ولادة الناقة.

وبحسب مولاي فإن الصحراء كان لديها كثير لتقدمه لهم، مضيفاً "كانت تحتوي على كثير من النباتات والحيوانات، مثل الغزلان والظباء والأرانب والضباع والذئاب والثعالب، وكانت هناك أنواع مختلفة من الطيور والقطط البرية، لكن كل هذه الحيوانات اختفت، لم نعد نلمحها في الصحراء".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

"كل شيء اختفى"

يتابع "لقد كان في الصحراء دائماً ما يكفي لتأكله، لكن كل شيء اختفى"، لقد أثرت التغيرات المناخية على الحياة البرية في الصحراء، وعلى حياة البدو أيضاً.

ويشعر البدو بالقلق من قطع منطقة في الصحراء بات يعرف أنها خالية من الماء والطعام، وهم دوماً يبحثون كيفية عبورها بأقل ضرر ممكن، لذا هم يفضلون اجتيازها في الليل.

اضطر بدو الصحراء على التأقلم مع التغيرات المناخية والظروف البيئية الجديدة، يقول مولاي "فلا يمكن للحيوانات النجاة إذا عبرت الطريق نهاراً بسبب الحرارة، كما أن النباتات توقفت عن النمو في هذه المنطقة".

يعتمد بدو الصحراء في رحلتهم على معرفتهم وخبراتهم المتوارثة من الأجداد لديهم دراية بجميع المناطق في الصحراء. بالنسبة إليهم كل منطقة في الصحراء لديها نباتاتها الخاصة، ومن خلالها يتأكدون من وجهتهم، كما تلعب النجوم دوراً مهماً في إرشادهم في رحلتهم.

 

 

"تقاليدنا نحن البدو مهددة بالاختفاء"

يسهم زحف الرمال في اختفاء المناطق الخضراء، فحسب مولاي، "كانت هناك آبار اعتمدها أجدادنا لشرب الماء، لكن الرمال غطتها، لقد غطت الرمال كل شيء، حتى تقاليدنا نحن البدو مهددة بالاختفاء، سيتراجع عدد الأشخاص الذين يحافظون على هذا النمط من الحياة، وأعتقد أنه بعد عقد أو عقدين سيختفي نمط عيشنا".

تنتقل الكثبان الرملية عبر الصحارى مثل الأمواج ملتوية ومتموجة ومتدحرجة، وتسهم الرياح في زحفها المتعرج، إذ تقوم بنحتها على شكل أهرامات شاهقة أو تلال لتغطي المناطق الخضراء.

ولمواجهة التغيرات المناخية وقع المغرب ودول الاتحاد الأوروبي اتفاق "الشراكة الخضراء"، بهدف إيجاد حلول لمكافحة تغيرات المناخ.

ويشير بيان اتفاق "الشراكة الخضراء" إلى "السعي لتعزيز الانتقال إلى صناعة خالية من الكربون من خلال الاستثمارات في التكنولوجيا الخضراء وإنتاج الطاقة المتجددة والإنتاج الصناعي النظيف"، بحسب البيان.

ويأمل بدو الصحراء في المغرب أن تعود الحياة إلى سابق عهدها وأن يستمر نمط عيشهم المرتبط بالصحراء لمواصلة ممارسة طقوسهم والحفاظ على هويتهم، وأيضاً نقلها إلى الجيل الجديد من الشباب.

اقرأ المزيد

المزيد من بيئة