لم يتوقف الجيش الإسرائيلي على مدى الأشهر التسعة الماضية عن استهداف مقاتلي مجموعة "عرين الأسود" في نابلس، حيث قتل ما يزيد على 10 من أبزر قادتها، واعتقل آخرين، فيما سلم آخرون أنفسهم إلى الأمن الفلسطيني الذي اعتقل أيضاً عدداً من قيادات المجموعة الناشئة.
وكشف محافظ نابلس إبراهيم رمضان لـ"اندبندنت عربية" عن إلقاء 10 مقاتلين من المجموعة أسلحتهم وتسليم أنفسهم للأمن الفلسطيني "بهدف حمايتهم من الجيش الإسرائيلي".
وقال رمضان إن السلطة الفلسطينية "ستبذل كل ما في استطاعتها لحماية هؤلاء المسلحين،" مشيراً إلى أن الأعضاء الباقين من المجموعة بإمكانهم تسليم أنفسهم للأمن الفلسطيني.
سقوط القائد
والثلاثاء الماضي تمكن الجيش الإسرائيلي من اغتيال قائد مجموعة "عرين الأسود" وديع الحوح ومقاتلين اثنين من المجموعة خلال هجومه على منزل يتحصنون فيه في البلدة القديمة بمدينة نابلس.
وبعد مصادقة وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس على عملية الاغتيال أشرف رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي ورئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) رونين بار من غرفة قيادة عمليات الجهاز على العملية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولم تمض ساعات على ذلك الهجوم حتى اقتحم الجيش الإسرائيلي مرة أخرى مدينة نابلس واعتقل ثلاثة من أعضاء المجموعة بينهم محمد النابلسي شقيق إبراهيم النابلسي أحد قادة المجموعة الذي اغتاله إسرائيل في شهر أغسطس (آب) الماضي.
والأربعاء الماضي، بادر 10 من أعضاء المجموعة بتسليم أنفسهم إلى الأمن الفلسطيني، بعد أشهر على رفضهم عرضاً من السلطة الفلسطينية لإلقاء أسلحتهم وتسليم أنفسهم لتوفير الحماية لهم"، بحسب محافظ نابلس، لكن إسرائيل رفضت العفو عن مقاتلي "مجموعة الأسود"، وتوعدت بملاحقتهم "أياً كانوا، وأينما وجدوا" في إشارة إلى إمكانية اقتحام مقار الأمن الفلسطينية التي يوجدون فيها.
وبعد أكثر من أسبوعين على حصاره مدينة نابلس أعلن الجيش الإسرائيلي تخفيف الحصار، و"تغيير طريقة تقييد الحركة في نابلس" في ظل القضاء على غالبية أعضاء "العرين" أو اعتقالهم أو تسليم أنفسهم.
"العرين" لن ينتهي
لكن المجموعة شددت في بيان لها على أنه "واهم من يظن أن العرين ينتهي"، مشيرة إلى أن مقاتليها انقسموا إلى ثلاثة أقسام، "قسم قتلى وقسم جرحى وقسم ينتظر. هم جنود الله لا يعلمهم إلا هو".
وأوضحت المجموعة أنها "لم تطلب من أي جهة رسمية أو أمنية أن تتسلم أياً من مقاتليها"، قائلة إن من "يسلم نفسه من المقاتلين فهذا قراره وخياره لا نناقشه به".
وتلك المجموعة التي تعد عابرة للفصائل وإن غلب عليها مسلحو حركة "فتح"، شنت عشرات الهجمات ضد الجيش الإسرائيلي والمستوطنين، وشكلت تعكيراً لصفو الهدوء النسبي للإسرائيليين في الضفة الغربية.
فحركة "فتح" تتنتهج منذ سنوات المقاومة الشعبية السلمية ضد إسرائيل، فيما تلتزم حركة "حماس" الهدوء بسبب رغبتها باستمرار حكمها لقطاع غزة من دون تهديد إسرائيلي، بحسب ما يجمع مراقبون.
ومن رحم تلك الظروف ولدت "عرين الأسود" من عشرات الشبان في العشرينيات من أعمارهم.
وكشف عن المجموعة في فبراير (شباط) الماضي بعد اغتيال الجيش الإسرائيلي الشبان الثلاثة أدهم مبروكة ومحمد الدخيل وأشرف المبسط، فيما نجا من محاولة الاغتيال العضو الرابع في المجموعة إبراهيم النابلسي.
درس الحرب الشعبية
لكن المجموعة توسعت، وفي الـ24 من يوليو (تموز) الماضي، قتل العضوان البارزان فيها محمد العزيزي وعبدالرحمن صبح في اشتباك مع الجيش الإسرائيلي، نجا منه إبراهيم النابلسي ومصعب أشتية.
ورجح الكاتب والمحلل السياسي جهاد حرب انتهاء مجموعة "عرين الأسود" بسبب تضافر عوامل ذاتية وخارجية موضوعية، لكنه أشار إلى إمكانية ولادة مجموعات مسلحة أخرى.
وأوضح حرب أن "قلة الدعم المالي للمجموعة، وانحصارها في البلدة القديمة بنابلس أسهم في انحسارها على رغم الدعم الشعبي الهائل لها".
وبحسب حرب فإن المجموعة "على طريق انقراضها بسبب عمليات القتل الإسرائيلية لمقاتليها والعقوبات الجماعية لإسرائيل على نابلس"، إضافة إلى "محاولات السلطة الفلسطينية إنهاء تلك الظاهرة، وعدم تحمس الفصائل الفلسطينية لها بسبب سحب المجموعة مكانة تلك الفصائل في الشارع الفلسطيني"، لكن حرب شدد على أن مجموعة "(عرين الأسود) نثرت بذور وحدة العمل المقاوم العابر للفصائلية، وغرست في أذهان الأجيال القادمة درساً في الحرب الشعبية كوسيلة ناجعة، والكفاح المسلح كأسلوب موجع لدولة إسرائيل".