Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السلطة الفلسطينية تحاول تفكيكك "عرين الأسود"

مفاوضات مع أعضاء المجموعة في نابلس لتسليم أنفسهم والمحافظ: "لحمايتهم من إسرائيل"

قال محافظ نابلس "إنهم يذهبون إلى الانتحار ولن نسمح لهم بإشعال الفوضى" (اندبندنت عربية)

لم تعد مشاهد المسلحين الفلسطينيين المتشحين بالسواد، المغطاة وجوههم ويحملون بنادق (أم 16) غريبة عن شوارع مدينة نابلس وأزقة بلدتها القديمة في شمال الضفة الغربية، لكن هؤلاء المسلحين المنتمين إلى مجموعة "عرين الأسود" لا يظهرون إلا في الليل، استعداداً لمواجهة أو اشتباك مع الجيش الإسرائيلي في مدينة نابلس ومحيطها.

ومنذ أكثر من سنة بدأت مجموعات مسلحة بعيدة من حركتي "فتح" و"حماس" بالتشكل، جاذبة الشبان غير المنتمين إلى الفصائل الفلسطينية والذين ولدوا بعد الانتفاضة الثانية عام 2000.

ودفع غياب مسلحي حركة "فتح" عن مواجهة الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية وملاحقة الأمن الفلسطيني عناصر "حماس" شباناً فلسطينيين إلى تشكيل تلك المجموعات واستهداف الإسرائيليين، في ظل تصاعد العنف وتلاشي أي أفق سياسي يحقق طموحات الفلسطينيين.

وتتهم حركة "حماس" السلطة الفلسطينية بـ"ملاحقة الناشطين المدافعين عن أرضهم ومقدساتهم في مواجهة مشاريع الاستيطان والتهويد"، ودعت على لسان الناطق باسمها حازم قاسم إلى وقف هذه الممارسات، باعتبارها "جريمة وسلوكاً منافياً لكل الأعراف والقيم الوطنية".

وطالب قاسم بالسماح للفلسطينيين "بالدفاع عن النفس والأرض والمقدسات بكل الوسائل المتاحة".

يأتي ذلك مع اشتداد عملية "كاسر الأمواج" العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية، وتسجيل أعلى عدد قتلى فلسطينيين منذ سنوات برصاص الجيش الإسرائيلي، حيث سقط أكثر من 110 منذ بداية العام الحالي.

وجاءت تلك العملية رداً على هجمات مسلحة فلسطينية في شهر مارس (آذار) الماضي داخل إسرائيل قتل خلالها نحو 15 إسرائيلياً.

وعلى غرار "كتيبة جنين" في محافظة جنين شكل شبان فلسطينيون في العشرينيات من أعمارهم مجموعة "عرين الأسود" في البلدة القديمة لمدينة نابلس، وبأعداد لا تزيد على عدد أصابع اليد، أسست المجموعة قبل أن تتسع وتضم عشرات الشبان المتحمسين لحمل السلاح ضد إسرائيل.

توجهات المجموعة

وتمكنت "اندبندنت عربية" من معرفة توجهات المجموعة وأهدافها وعلاقتها بالفصائل الفلسطينية الأخرى خلال التواصل مع عدد من قادتها في البلدة القديمة لنابلس. وعن دوافع تشكيل المجموعة أوضح أحد قادتها -رافضاً الكشف عن اسمه لدواع أمنية- أنه جاء بعد الاقتناع بأن "المقاومة في إطار فصائلي لن تنجح في ظل انقسام مزق الوطن، وتنازع على السلطة، ونسيان للعدو الرئيس".

 

وأوضح القيادي أن المجموعة استنتجت أن "كل الفصائل أصبحت مرتبطة ومقيدة"، مشيراً إلى أن مجموعته ترغب بأن "يكون قرارها نابعاً من مصالح أبناء الشعب الفلسطيني".

وأوضح القيادي في المجموعة وهو مقنع الوجه "أعطينا السياسة ولم تجلب لنا سوى مزيد من المستوطنات والتهويد"، مضيفاً أن المجموعة تشكلت "لإعادة البوصلة إلى وجهتها الصحيحة بعد أن اعتقد أهل المدن الفلسطينية أنهم يعيشون في باريس، ونسوا أننا شعب محتل".

وأشار إلى أن "العمل المسلح وسيلة وليس غاية وكفلها القانون الدولي لكل شعب محتل... والقتل ليس في برنامجنا من أجل القتل". وعن مناطق عمل "عرين الأسود" قال إن لها "خلايا نائمة في كل مكان في مدينة نابلس"، كاشفاً عن أنها ستعمل في الضفة الغربية كلها في المرحلة المقبلة.

وحول جهود السلطة الفلسطينية لتفكيك المجموعة المسلحة، شدد على أن "لا أحد في العالم يستطيع أن يضغط علينا"، لكنه رفض المواجهة المسلحة مع الأجهزة الأمنية الفلسطينية، قائلاً "لا نريد صداماً مع أحد ولا يشغلنا سوى الاحتلال".

وخلال الأيام الماضية تزايد نشاط المجموعة المسلحة باستهداف مواقع عسكرية للجيش الإسرائيلي في محيط نابلس والمستوطنات فيها. واضطر الجيش الإسرائيلي قبل يومين إلى إلغاء اقتحام المستوطنين "قبر يوسف" في نابلس بسبب تهديد المجموعة باستهدافهم.

وقتل الجيش الإسرائيلي أكثر من عضو في المجموعة أبرزهم محمد الدخيل وأشرف مبسلط وأدهم مبروكة في فبراير (شباط)، قبل أن يصفي إبراهيم النابلسي في أغسطس (آب) الماضي.

وقبل ذلك قتل الجيش الإسرائيلي محمد العزيزي، وعبد الرحمن صبح في يوليو (تموز) الماضي في البلدة القديمة لنابلس، فيما لم تعلن المجموعة منذ إنشائها عن قتل أي مستوطن أو جندي إسرائيلي.

وسلم عناصر من المجموعة، الثلاثاء الماضي، ثلاثة أطفال إسرائيليين مع والدتهم إلى الأمن الفلسطيني عقب دخولهم بالخطأ إلى مدينة نابلس، لكنها توعدت باستهداف المستوطنين الإسرائيليين في شوارع الضفة الغربية.

وتعتبر إسرائيل أن ما يجري في شمال الضفة الغربية "هو نتيجة لضعف السلطة الفلسطينية وأجهزتها" بحسب رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد.

لكن لبيد أشار إلى وجود "تعاون جيد مع السلطة الفلسطينية ومع قوات الأمن يمكن اليهود والفلسطينيين من العيش بسلام؛ ومن مصلحتنا أن يستمر هذا". وشدد على أن إسرائيل "لن تتردد في العمل في كل مكان لا تفرض فيه السلطة الفلسطينية النظام".

نقاشات متواصلة

وكشف محافظ نابلس إبراهيم رمضان لـ"اندبندنت عربية" عن وجود نقاشات متواصلة مع مجموعة "عرين الأسود" لتسليم أنفسهم إلى الأمن الفلسطيني بهدف "حمايتهم"، مشيراً إلى أن إسرائيل "أهدرت دماء أعضاء المجموعة بالكامل، ويجب على الشباب أن يفوتوا الفرصة عليها".

وأعلن رمضان أن اجتماع محافظي الضفة الغربية وقادة الأجهزة الأمنية قبل أيام مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس شدد على "ضرورة محاربة التطرف وحفظ الأمن والسلم الأهلي" في الأراضي الفلسطينية.

ولدى سؤاله عما يعنيه بالتطرف، أوضح محافظ نابلس أن "نشاط حركتي (حماس) و(الجهاد الإسلامي) في الضفة الغربية ممنوع".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

السعي إلى الانتحار

"هم يذهبون إلى الانتحار"، قال محافظ نابلس الذي ينفذ سياسة الرئيس عباس المحافظة، مشدداً على أن الأمن الفلسطيني "لن يسمح بالفوضى والاعتداءات على الممتلكات العامة والخاصة"، في إشارة إلى ما حصل قبل أسبوعين.

وحينها قتل فلسطيني وأصيب العشرات بجروح خلال اشتباكات غير مسبوقة بين الأمن الفلسطيني ومسلحين في مدينة نابلس خلال اعتقال الأمن الفلسطيني القيادي في مجموعة "عرين الأسود" مصعب أشتية، المحسوب على حركة "حماس".

محافظ نابلس أعلن أن المحاكم الفلسطينية تحاكم 12 فلسطينياً بتهمة الاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة.

ولا يزال الأمن الفلسطيني يحتجز مصعب في أريحا على الرغم من صدور قرار من محكمة فلسطينية بالإفراج عنه.

وأوضح رمضان أن الجيش الإسرائيلي "يصفي هؤلاء الشبان من دون وجه حق"، مضيفاً أنهم لن "يسجنوا أكثر من سنتين إذا ما حاكمتهم محكمة إسرائيلية".

وأشار رمضان إلى أن أعضاء المجموعة "شباب مندفعون تحركهم اعتداءات المستوطنين والجيش الإسرائيلي المتواصلة ضد الفلسطينيين"، مضيفاً أن "الضغوط ضد الفلسطينيين كافية للانفجار".

وأضاف أن استمرار الأوضاع كما هي في "ظل القتل اليومي للجيش الإسرائيلي مع عدم وجود أفق سياسي سيؤدي إلى استمرار العنف"، مشيراً إلى أن "الممارسات الإسرائيلية تزيد من وجود من وصفهم بالمتطرفين".

ومع أن رمضان أشار إلى أن إسرائيل تريد من الفلسطينيين التزام الصمت رداً على اعتداءاتها، فإنه شدد على "حق الفلسطينيين في الدفاع عن أنفسهم".

نعم للمقاومة السلمية

محافظ نابلس أشار إلى أن القيادة الفلسطينية تسعى إلى "إذكاء شعلة المقاومة السلمية كسبيل لمواجهة إسرائيل".

ورفض أمين سر حركة "فتح" بمدينة نابلس محمد حمدان التعليق على أسباب ولادة المجموعة، وموقف الحركة منها، لكن منسق الفصائل الوطنية الفلسطينية في نابلس نصر أبو جيش أشار إلى أن خيار العمل المسلح الذي تنتهجه "عرين الأسود" لا تتبناه حالياً الفصائل الوطنية وأبرزها "فتح".

 وأرجع أبو جيش سبب ولادة "عرين الأسود" إلى "تصاعد عمليات الاستيطان الإسرائيلي واعتداءات المستوطنين والجيش الإسرائيلي على الفلسطينيين"، مشيراً إلى أن ذلك "يولد ضغطاً كبيراً على الشبان".

وأضاف أبو جيش أن حركتي "فتح" و"حماس" تحاولان احتواء المجموعة بهدف التحكم فيها والسيطرة عليها.

وقال الباحث السياسي سليمان بشارات إن ولادة مجموعة "عرين الأسود" استلهمت تجربة مخيم جنين بتشكيل مجموعات عابرة للفصائل الفلسطينية في محافظة نابلس التي كانت نموذجاً للمقاومة خلال الانتفاضتين الأولى والثانية.

وأشار بشارات إلى أن "الفراغ السياسي والفصائلي وعدم تبني حركة (فتح) الكفاح المسلح وتداعيات الانقسام الذي أسهم في حظر السلطة الفلسطينية نشاط حركة (حماس) دفع الشبان الغاضبين إلى تشكيل المجموعة في البلدة القديمة بنابلس".

وأوضح بشارات أن تشكيل المجموعة يعبر عن "اعتزاز أعضائها بمدينتهم، وحرصهم على التصدي للجيش الإسرائيلي".

وقال إن السلطة الفلسطينية تعمل على احتواء المجموعة بأكثر من طريقة سواء عبر الاعتقالات في صفوفها، أو دمجهم في الأمن الفلسطيني.

 لكن بشارات أشار إلى وجود محاولات من حركة "فتح" للاستفادة منهم ومن شعبيتهم بين الفلسطينيين من باب المناكفة السياسية مع حركة "حماس".

واستبعد بشارات "نجاح السلطة الفلسطينية في السيطرة على المجموعة أو تفكيكها طالما بقيت الاعتداءات الإسرائيلية"، مشيراً إلى أن سقوط القتلى بين أعضائها يشجع على استمرارها، لكنه رجح أيضاً إمكان اختراق المجموعة بسبب انفتاحها على الجميع ومحدودية خبرة الأعضاء.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير