Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

دراما العائلات الملكية الأوروبية رهان رابح للمنصات والقنوات

نجاح "ذي كراون" مهد لحقبة مستمرة من مسلسلات البلاط الملكي وقصر باكنغهام الأكثر إقبالاً

الموسم الدرامي الخريفي يتوج هذه السنة بالجزء الخامس من مسلسل "التاج" الحائز أكثر من ثلاثين جائزة (نتفليكس)

الحياة في البلاط الملكي فرصة لم تتح سوى لفئة محدودة للغاية من الأفراد في العالم أجمع، حيث المعاملة الاستثنائية والذوق الرفيع، وحشود كبيرة من المساعدين، وكذلك التقاليد الصارمة للغاية، والكواليس التي تشبه الكوابيس، وربما تسبب التعاسة أكثر مما تدعو إلى الفرح، إنه الواقع الذي يغذي الدراما بكل ما أوتي من أسى وإبهار أيضاً.

لذا، يرتفع سقف الفضول بلا مدى حينما يتعلق الأمر بسيرة أسرة من تلك التي يحدد لها البروتوكول الحازم تفاصيل يومها، هو خيط التقطه صناع الفن منذ زمن، لكنه أخيراً بات ظاهرة مكتملة الجوانب، بخاصة فيما يتعلق بالإنتاجات التلفزيونية، فبعيداً من الحلقات الوثائقية، تأتي السيناريوهات الدرامية لتكمل قطع الأحجية الناقصة فيما يتعلق بتلك العائلات، سواء عن أمانة تاريخية أو حتى بمحض خيال، فلم يعد يمر عام إلا ونشاهد فيه مسلسلاً جديداً، يحكي قصة مملكة من الممالك الأوروبية، ويستعرض الحقب التي مرت عليها منذ عشرات السنوات، وربما قرون.

على ما يبدو فإن مسلسل "ذي كراون" الذي تعرض "نتفليكس" موسمه الخامس قريباً قد فتح شهية المنصات لتستغل هذا النجاح "التجاري - الفني"، ونجد تاريخ العائلات الملكية في القارة العجوز مستعرضاً في عناوين مشوقة عبر الشاشات والتطبيقات، في محاولة مجاراة الرغبة في متابعة الأسرار، وربما الفضائح من قبل المشاهد المتعطش للدخول موقتاً إلى هذا العالم الحصري تماماً.

أسرار حياة ملوك النمسا والسويد

الموسم الدرامي الخريفي يتوج هذه السنة بالجزء الخامس من مسلسل "التاج" الحائز أكثر من ثلاثين جائزة، والذي يستعرض حقبة حرجة للغاية في تاريخ العائلة الملكية الإنجليزية، حيث الخلافات المتأججة بين تشارلز وديانا واتهامات الخيانة، والمآسي التي ستظل عالقة بالأذهان دوماً.

العمل الذي كتبه بيتر مورغان بات أيقونة مسلسلات العائلات الملكية الأوروبية في العصر الحديث، ورغم الانتقادات الحادة التي تلقاها الموسم الجديد حتى قبيل عرضه، وأبرزها من الممثلة جودي دنش التي وصفته بأنه يقدم إثارة فجة، وكذلك من بعض السياسيين، فإن كل هذا لا يوازي شعبيته وتميزه فنياً، وإسهامه الحقيقي في تغيير نظرة الجماهير للعائلة الملكية البريطانية، فيما فاجأت "نتفليكس" متابعيها للمرة الأولى، واستجابت أخيراً للمطالبات التي انطلقت منذ سنوات لوضع تنويه يشير إلى أن أحداث المسلسل ليست حقيقية، فقد وضعت عبارة "روائي يستند إلى وقائع حقيقية" في محاولة لإرضاء الغاضبين.

 

وإذا كان أغلب أفراد قصر باكنغهام يرفضون ما جاء في المسلسل، فإن نظراءهم في السويد لا يختلفون كثيراً، فقبل أسابيع بدأ تصوير ما يطلق عليه النسخة السويدية من مسلسل "التاج"، حيث تقوم "نتفليكس" حالياً بالعمل على الموسم الأول من العمل الذي يحمل عنوان "Monarki" المكون من ست حلقات، ويستعرض حياة الملك كارل السادس عشر غوستاف وأسرته، ويقترب في أحداثه من التفاصيل الخفية التي تثير الفضول دوماً.

وبحسب التقارير المنشورة فإن العائلة الملكية السويدية "لا ترحب أبداً" بهذا المشروع، بينهم الأميرة فيكتوريا ولية العهد التي أبدت علانية ضيقها من فكرة المسلسل، رافضة أن يجسد أحد شخصيتها، ومؤكدة أنها لن تسعى إلى مشاهدة المسلسل بالمرة.

أخيراً أيضاً عرضت المنصة ذاتها مسلسلاً قصيراً ناطقاً بالألمانية بعنوان "The Empress"، عن حياة الدوقة إليزابيث "سيسي" زوجة إمبراطور النمسا فرانز، حيث يعود المسلسل إلى القرن الـ19 مستعرضاً المؤامرات التي كانت تنسج من الداخل وتشعلها صراعات الأجنحة في الحكومة من خلال تأييد كل منهم طرفي النزاع على الحكم، وكذلك الخطط التي كان يحيكها قادة الحركات الاحتجاجية من عامة الشعب، الذين كانوا يرغبون في التخلص من الحكم الديكتاتوري.

والعمل على رغم أنه بدا مقتضباً، ويعرض من القصة الحقيقية القشور، فإن تركيزه على المناكفة بين سيدتي القصر "الأم الهادئة الرزينة وعروس الابن المتمردة" كان خلطة مضمونة النجاح، بالتالي حقق مشاهدات جعلته يظهر قوائم الأكثر مشاهدة خلال أكتوبر (تشرين الأول)، أكثر من مرة.

محاولات لإرضاء فضول الجماهير

الإقبال الكبير من قبل المشاهدين على ملاحقة ما يجري في أروقة القلاع والقصور، الذي يترجم في نقاشات عبر السوشيال ميديا، سواء في مجموعات خاصة، أو من خلال التدوينات وصفحات محبي الدراما، ويترجم أيضاً خلال أرقام إحصائية لا تكذب، بينها نحو 30 مليون شخص شاهدوا الموسم الرابع من مسلسل "ذي كراون" مثلاً خلال أول أسبوع من طرحه قبل عامين، وكذلك الارتفاع غير المسبوق في المشاهدات عقب وفاة الملكة إليزابيث الثانية، حيث زاد بنسبة 800 في المئة عقب أيام قليلة من رحيل الملكة.

فسواء كان الأمر مجرد استغلال تجاري لأجواء اكتشفت جهات الإنتاج شغف الجمهور الكبير بها، ومن ثم تحقيق عائد من الاشتراكات والإعلانات، أو محاولة للخروج عن المألوف بالتعرض لعوالم بعيدة كل البعد عن متناول الشخص العادي، فإن النتيجة أن هناك نجاحاً ملموساً، بل ومطالبات بمزيد.

 

لذا، كان طبيعياً أن الرغبة في المجاراة تفرز تفاوتاً في المستوى الفني، حيث انقسمت الآراء حول مسلسل "آخر القياصرة ـ The Last Czars"، الذي يتناول الصراعات في البلاط الروسي أوائل القرن الـ20، ويشهد نهاية وجود سلالة رومانوف على العرش، حيث عرضته "نتفليكس" عام 2019 في موسم واحد، ولقى إشادة واسعة فيما يتعلق بصدقية الملابس، لكنه لم يحقق الشعبية المتوقعة.

كذلك أثار مسلسل "Versailles" جدلاً كبيراً بسبب مشاهده الجريئة للغاية، وقد استعرض العمل الإنجليزي الذي طرح عبر تلفزيون "بي بي سي" من خلال ثلاثة مواسم سيرة حياة لويس الرابع عشر ملك فرنسا خلال القرن الـ17، وركز على نزواته وتصرفاته الطائشة، وأيضاً قصة سعيه إلى بناء قصر فرساي الشهير من دون أن يخلو الأمر بالطبع من نظرة على الشؤون السياسية المعقدة خلال تلك الفترة.

فيما يبدو مسلسل "فيكتوريا" أفضل حالاً، وهو مسلسل بريطاني أيضاً عرضته قناة ITV على ثلاثة مواسم بين عامي 2016 وحتى 2019، وهو يدور حول سيرة لملكة فيكتوريا التي حكمت إنجلترا بداية من سنة 1837 وحتى وفاتها في 1876، وعلى مدار 25 حلقة نشاهد صراعات ومواءمات ومحاولات مستميتة للحفاظ على التقاليد العتيدة، مع أجواء الحياة في القرن الـ19 بما تحمله من هدوء وأناقة وقسوة وشراسة كذلك.

الخيال التاريخي يستقطب المشاهدين أيضاً

وكما هو واضح فإن سيرة العائلة الملكية الإنجليزية تستحوذ على الاهتمام الأكبر، ولها نصيب الأسد في الإنتاجات، نظراً إلى الدراما المتصاعدة دوماً بين أفرادها والأزمات والإشاعات التي تلاحق أمراءها وملوكها من كل الأجيال، فحتى الخيال البحت المتعلق بملوك بريطانيا يجد صداه، وهو ما تحقق في مسلسل "بريدجيرتون" الذي تدور أحداثه في إطار رومانسي خيالي تماماً حول حفلات التعارف الراقصة في لندن خلال القرن الـ19.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتبدو الحياة في هذا العمل مبسطة وبلا تعقيدات، كما أن هوية الملكة في تلك الحقبة تخالف كل الحقائق التاريخية، حيث تظهر على أنها من ذوي البشرة السمراء، والعمل بشكل عام يبدو متوائماً في فكرته التقدمية مع أفكار الصوابية السياسية التي تسيطر على المجال الفني عالمياً الآن، فخلال الموسمين الأولين شاهد الجمهور قصص حب عاصفة، حيث كان طرفا كل حكاية عادة أحدهما من العرق الأبيض والآخر من ذوي البشرة السمراء فيما موسميه الثالث والرابع على الطريق، وقد حقق المسلسل المركز الأول في المشاهدة على "نتفليكس" قبل عامين في أكثر من 75 دولة، وكان من أكثر أعمال المنصة مشاهدة خلال السنوات الأخيرة، حيث يأخذ الجمهور في رحلة إلى الرفاهية والأرستقراطية، وعلى رغم أن شخصيات العمل تقتات على النميمة في المجتمع المخملي، لكنه يقدم لمحات مميزة من التعايش بسلاسة بين مختلف الأعراق ويظهر قوة وتأثير المرأة في مجريات الأمور.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة