Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

شتاء قارس ينتظر الأوكرانيين مع اشتداد الهجمات على منشآت الطاقة

40 في المئة من البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا متضررة أو مدمّرة

ميكانيكيون يقومون بتلحيم مدافئ موقتة في كييف استعداداً لشتاء قارس من دون كهرباء (بيل ترو)

سخانات الماء المرمية، وجرات غاز البروبان الفارغة، وقطع قضبان التسليح الفولاذية المتبقية هي العناصر المهمة اللازمة للتصدي لليالي البرد القارسة والمعتمة التي ستغرق فيها أوكرانيا في وقت قريب.

هذا هو ما قاله لنا إيفغيني، البالغ من العمر 35 سنة، وهو عضو سابق في قوات الدفاع الإقليمي، كان قد عاد منذ وقت قريب إلى كراجه الخاص للدرجات النارية في كييف، ليتعافى من إصابات تعرض لها أثناء الحرب.

وينهمك المهندس الجريح مع فريق عمله المؤلف من ثلاثة عمال ميكانيكيين، في ورشة صغيرة تقع في شارع خلفي، بتلحيم مدافئ موقتة من النوع المنتفخ في الوسط تحت غيمة من الشرر الذي يبدو كالضباب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إن هذه الأشياء التافهة المتسخة قد تساعد في البقاء على قيد الحياة. وقد حذر الرئيس فولوديمير زيلينسكي خلال عطلة نهاية هذا الأسبوع من أنه ستكون هناك انقطاعات متتالية للتيار الكهربائي في أنحاء البلاد كافة، وذلك بعد ما قدر مسؤولون أن 40 في المئة من البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا قد تضررت أو تم تدميرها بسبب القصف الروسي الذي بدأ قبل أسبوعين بواسطة الطائرات المسيرة والصواريخ.

وقال مسؤولون من DTek، وهي أكبر الشركات التي تستثمر في قطاع الطاقة الأوكراني، وتسيطر على العديد من المحطات في أنحاء البلاد، لصحيفة "اندبندنت" إن الهجمات يمكن أن تتسبب في "أكبر كارثة إنسانية منذ عام 1945" وحذر هؤلاء من أن المدنيين سيموتون حتماً نتيجة لذلك.

وعندما تبدأ درجات الحرارة في الانخفاض إلى ما دون الصفر بكثير، فإن الطريقة الوحيدة للتدفئة والإنارة وحتى للطبخ قد تكون باستعمال هذه الأدوات المحلية الصنع. ويقول إيفغيني "إذا ذهبت إلى محلات السوبرماركت الكبيرة مثل إيبيسنتر، ستجد أن كل المدافئ التي تعمل على الحطب باهظة الثمن وأنها قد نفدت". وأوضح أنهم يصنعون هذه السخانات المحمولة الخفيفة ذات التكلفة القليلة، بشكل متقن للجنود المرابطين بالقرب من الخطوط الأمامية.

وتابع "من السهل جداً صناعة هذه المدافئ، فكل ما تحتاجه هو سخان ماء قديم أو أسطوانات غاز بروبان فارغة وهي أثقل وزناً لكنها تولد حرارة تدوم مدة أطول. وتكلف صناعة كل من هذه المدافئ 35 دولاراً (نحو 30.90 جنيه استرليني) وهذا كل شيء".

ويعدّ الأوكرانيون أنفسهم في أنحاء البلاد كلها من أجل شتاء قارس من دون تدفئة أو ماء أو كهرباء، كما يقول مسؤولون إن روسيا شنت منذ أوائل أكتوبر (تشرين الأول)، هجمات "بالغة العنف" على البنية التحتية للطاقة في أنحاء البلاد كلها، الأمر الذي أدى إلى إلحاق الضرر بـ40 في المئة من المنشآت أو تدميرها، بما في ذلك نصف قدرة الطاقة الحرارية في البلاد.

 

واستولت روسيا والقوات التي تدعمها على بعض المرافق الرئيسة، بما في ذلك منشأة زابوريجيا للطاقة بالإضافة إلى عدد من محطات الطاقة الحرارية، ما سبب الهلع وأشاع الفوضى في الشبكة.

وأكدت وزارة الدفاع الروسية خلال نهاية الأسبوع أن قواتها تواصل شنّ هجمات ضد البنية التحتية للطاقة و [للاستخدامات] العسكرية. وكشف كيريلو بودانوف رئيس جهاز الاستخبارات الأوكراني يوم الاثنين، أن القوات الأوكرانية قد أسقطت 70 في المئة تقريباً من 330 طائرة مسيرة من طراز شاهد أطلقتها روسيا حتى الآن.

إلا أن المزيد من هذه الطائرات آت. وادعى بودانوف أن الجيش الروسي قد طلب [تزويده] حوالى 1700 طائرة مسيرة من أنواع مختلفة، وتتم حالياً صناعة دفعة ثانية مؤلفة من 300 طائرة مسيرة من نوع "شاهد-136" (طائرات من دون طيار)، مصنوعة من قبل إيران، ويتم الآن توزيعها [بغرض البدء باستعمالها]. (نفت طهران بشدة أنها تزود روسيا الأسلحة).

تمخض الهجوم المتزايد حدة بواسطة الطائرات المسيرة عن حرمان ما يصل إلى 4000 بلدة وقرية ومدينة في أنحاء أوكرانيا من الكهرباء خلال الأسابيع القليلة الماضية.

وهكذا كان إيفغيني وفريقه يعملون على صناعة نماذجهم من المدافئ الموقتة بإتقان، إذ كانوا ينتجون الأنماط الخفيفة الوزن المحمولة من أجل [استعمالها من قبل] الجنود أثناء تنقلهم، إضافة إلى نماذج ثابتة وأثقل وذات كفاءة حرارية للمنازل.

ولقد قاموا بتدريب المجتمعات المحلية على كيفية صناعة هذه المدافئ من أجل الناس الموجودين في المناطق التي تم تحريرها أخيراً، وحتى أنهم نشروا مقاطع فيديو في حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي لشرح كيف يمكن للناس أن يصنعوها في بيوتهم، وهي مقاطع حصدت عشرات الآلاف من المشاهدات في بضعة أسابيع قليلة.

وتابع إيفغيني موضحاً أن "المجتمعات تستطيع أن تطلب من عامل لحام محلي ليساعدها أو أن تستعين بخدمات عدد من الناس من أجل لِحام [الأجزاء المكونة للمدفأة] والتي لا تكلف صناعتها الكثير من المال". وقال إن فريقه قد حصل على ثلاثة مستودعات مليئة بسخانات المياه المهملة، وهذه هي "المادة المثالية" من أجل الأنماط المحمولة التي يصنعونها من أجل الجيش.

إن هذه الحلول الموقتة يمكن أن تكون بمثابة شريان حياة. وبينما تمت استعادة إمدادات الكهرباء من الناحية النظرية إلى البلاد، فقد وجه خلال عطلة نهاية الأسبوع الرئيس زيلينسكي نداء شخصياً إلى السكان ناشدهم فيه بالحدّ من استعمالهم للأجهزة الكهربائية والانتباه إلى البرنامج الذي وُضع موضع التطبيق حديثاً من أجل قطع التيار الكهربائي، وتم تصميمه لتحقيق الاستقرار في النظام الكهربائي المحاصر.

في هذه الأثناء، قال مسؤولون في وزارة الدفاع إن روسيا تتعمد مهاجمة منشآت الطاقة باعتبارها "المستوى التالي من عملية الإبادة الجماعية" وستواصل عمليات القصف.

وقال يوري ساك، وهو مستشار لوزارة الدفاع، لصحيفة "اندبندنت" موضحاً "باعتبار أن روسيا لم تكن قادرة على إلحاق الهزيمة بنا في ميدان المعركة، فهي تفعل كل ما في وسعها لجعلنا نموت ببطء".

وحذرت أنتونيا أنتوشا، وهي من شركة Dtek، من أن "الوضع يتحول إلى حالة حرجة". ولفتت إلى أن خمساً من أصل ست محطات طاقة حرارية (TPPS) تابعة لـ Dtek، قد تعرضت للهجوم منذ 10 أكتوبر، وأسفرت الضربات عن مقتل أحد العاملين فيها وجرح عشرة آخرين. وأن اثنتين من محطاتها للطاقة الحرارية في لوغانسك وزابوريجيا هي حالياً تحت سيطرة القوات المدعومة من الروس.

وذكرت أن أوكرانيا كانت حتى بداية الهجمات، تصدر الكهرباء إلى دول الاتحاد الأوروبي وذلك لمساعدة هذه الدول على تعويض موارد الطاقة الروسية. وقد توقف ذلك الآن.

 

وأضافت "والآن يجري تدمير منشآت الطاقة في أوكرانيا، ما يتمخض عن ترك ملايين الأوكرانيين من دون إضاءة أو دفء. قد تكون هذه أكبر كارثة إنسانية منذ عام 1945".

بالعودة إلى الكراج في كييف، قال إيفغيني إن هذا هو سبب لجوء المدنيين إلى أدوات موقته من أجل البقاء دافئين في أمان. وقد نفد مخزون الشموع والسخانات والمصابيح الكهربائية أو تكاد من محلات السوبرماركت في أنحاء البلاد كلها.

وأبلغت عائلات صحيفة "اندبندنت" كيف أنها كانت تخزّن الحطب والفحم والوقود، على سبيل الاستعداد للأسوأ. وقال إيفغيني عن مشروعهم "لدينا ثلاثة مستودعات مليئة بالإمدادات الآن ونخطط للتوسع".

وأضاف "مشكلتنا الرئيسة تكمن في أننا نمول هذا المشروع من جيبنا وبتبرعاتنا. إذا كان باستطاعة أحد ما أن يستثمر [في مشروعنا] سيكون بوسعنا أن نرفع طاقته [الإنتاجية]. إن أوكرانيا تحتاجه".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير