Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المعارضة الإيرانية المشرذمة تبدأ بالتوحد دعما لحركة الاحتجاجات

يدور النقاش حول تشكيل حكومة انتقالية فيما يواجه نظام طهران أكبر تحد له منذ سنوات

سيدة تشارك في التظاهرة الضخمة ببرلين (حقوق النشر لسنة 2022، وكالة أسوشيتد برس. جميع الحقوق محفوظة)

بدأت المعارضة الإيرانية المشرذمة والمشتتة منذ زمن بعيد توحيد صفوفها في مواجهة حكم رجال الدين في طهران ووضع رؤية للبلاد وسط أسابيع من الاحتجاجات المناوئة للحكومة التي اندلعت في أعقاب وفاة شابة تبلغ من العمر 22 سنة أثناء احتجازها بتهمة انتهاك قوانين الاحتشام الإسلامية التي تتبعها البلاد.

يوم السبت 22 أكتوبر (تشرين الأول) تجمع نحو مئة ألف إيراني ينتمون إلى مختلف التوجهات السياسية والأصول العرقية بوسط برلين في مشهد نادر من الوحدة ضد النظام الحاكم في طهران الذي يمسك بزمام الأمور منذ 43 عاماً. وأتت التظاهرة في أعقاب مؤتمر صحافي عقده رضا بهلوي النجل الأكبر لآخر ملك حكم إيران يوم 20 أكتوبر في واشنطن، ودعا فيه إلى التوحد ووضع خطة لاستبدال الجمهورية الإسلامية بحكومة انتقالية. وقبل ذلك أصدرت مجموعة من الناشطين في إيران مقترح ميثاق من شأنه توجيه إيران نحو الانتخابات في حال سقوط النظام الحالي.

"كلنا نحلم. وفي أحلامنا، لا يحكم على السجناء بالإعدام في محاكمات لا تتخطى مدتها ثلاث دقائق"، هذا ما قاله حامد إسماعیلیون، الناشط الإيراني - الكندي الذي نظم فعالية برلين، في خطاب ألقاه يوم السبت.

"وفي هذا الحلم، لا يضع الطغاة أغلالاً حول أعناق الكتاب والشعراء. وفي هذا الحلم لا أحد يجرؤ على قمع الأقليات، أو سجن عامل بسبب كتاباته ولا الاعتداء عليه بالضرب ولا تعذيبه حتى الموت".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لا يزال نظام المرشد الأعلى علي خامنئي يمسك بمقاليد السيطرة على أجهزة القوات الأمنية الكثيرة، وقد برهن عن عزمه العنيف للبقاء في السلطة. قتل 248 متظاهراً على الأقل من بينهم 33 قاصراً على يد النظام فيما اعتقل 12575 شخصاً على أقل تقدير، وفقاً للشبكة الإيرانية لحقوق الإنسان "هرانا".

ولا تزال الخلافات العميقة موجودة بين مناصري الملكية في إيران واليساريين والليبراليين والقوميين والأقليات العرقية التي تحملت العبء الأكبر من قمع النظام طيلة عقود من الزمن. ولا تزال الفجوة موجودة بين الإيرانيين الموجودين داخل البلاد، الذين عايشوا كل صدمات الحرب الإيرانية - العراقية خلال العقد الأول المضطرب لحكم الجمهورية الإسلامية من جهة، وأعضاء الجالية الإيرانية في الشتات أصحاب الصوت الأعلى والتعبير الصريح، ولا سيما في الغرب، الذين لم يطأوا أحياناً أرض البلاد التي يزعمون بأنهم يمثلونها من جهة ثانية، لكن الحركة الاحتجاجية التي أطلقتها وفاة مهسا أميني أفضت إلى وحدة غير مسبوقة.

وهذا من أكبر التحديات التي يواجهها النظام منذ تأسيسه في عام 1979. كل يوم ينزل المحتجون إلى الشارع فيما تحولت الجامعات إلى بؤر للنشاطات المعادية للنظام، بما في ذلك يوم الإثنين، حين اندلعت الاحتجاجات في حرم عدة جامعات.

 

 

 

وفي مواجهة استثنائية التقطتها عدسات الفيديو يوم الأحد، سد عناصر من ميليشيات "الباسيج" الموالين للنظام، الذين ادعوا أنهم طلاب، أبواب المقصف في جامعة شريف العريقة لمنع الطالبات والطلاب من الاختلاط وتناول الطعام معاً في انتهاك للقواعد الإسلامية المرعية الإجراء [في إيران]، لكن طلاب المعارضة اقتحموا هذه الحواجز، وسيطروا على المكان وهم يرددون شعارات مناوئة للحكومة. ولم يتضح إن تمكن الطلاب من تناول الطعام أساساً.

ثم أعلن النظام يوم الأحد عن نيته نشر عناصر من الجيش في حرم الجامعات في محاولة لإخافة الطلاب، على ما يبدو. وفي هذه الأثناء، انتشرت الاحتجاجات داخل المدارس الثانوية كذلك، كما أعلن الأساتذة الإضراب على مستوى البلاد يوم السبت.

وقد طاولت حركة الإضرابات قطاع التجارة الإيرانية، بما في ذلك في مجال البيع بالتجزئة وإنتاج السلع الغذائية، ووصلت إلى مشارف الصناعات البتروكيماوية والنفطية.

وعلى رغم صغر حجمها إجمالاً، يتوسع النطاق الجغرافي لاحتجاجات الشارع ويهز نظاماً مهووساً بالحفاظ على السيطرة التامة. في هذا الإطار، قال أحد سكان حي محافظ متشدد في طهران إنه رأى رسوماً معادية للنظام على الجدران وسمع شعارات معادية للنظام تتردد من فوق أسطح المباني في منطقته للمرة الأولى خلال نهاية الأسبوع الماضي، حتى إنه رأى تجمعاً صغيراً لمحتجين. وتبين الفيديوهات النساء وهن يخرقن قواعد ارتداء الحجاب في الأماكن العامة، ومن بينها المتنزهات ووسائل النقل العامة.

ويقول الخبراء إنه في هذه الأجواء التي يعتبر إيرانيون كثر داخل البلاد وخارجها أنها قد تكون مقدمة لانهيار نظام طهران، هناك محاولة لتفادي ما يراه كثيرون على أنه أخطاء أساسية وقعت في الفترة السابقة لإطاحة الشاه محمد رضا بهلوي في إيران وتأسيس أول نظام ديني في العصر الحديث، على يد آية الله روح الله خميني في عام 1979. 

وقال رهام الوندي، المؤرخ المتخصص في الشأن الإيراني في كلية لندن للاقتصاد "لم يرغب أحد بطرح أسئلة صعبة عن نوع النظام الذي قد يقوم بعد الشاه بسبب وجود هذا التصور عن أن هذه الأسئلة قد تفتح الباب لظهور الخلافات في صفوف المعارضين للشاه، وحفاظاً على الوحدة".

"غض الناس البصر عن كل هذا، وركزوا على الهدف الآني، وهو إسقاط الشاه. ولا شك في وجود تصميم الآن على عدم تكرار هذا الخطأ من الماضي، ومحاولة حقيقية بفتح نقاش حول شكل النظام الذي قد يحل محل الجمهورية الإسلامية".

برز السيد إسماعيليون، طبيب الأسنان والمدون الذي فقد زوجته وابنته بعد إسقاط "الحرس الثوري" الرحلة 752 التابعة للخطوط الجوية الأوكرانية في 2020، حين أخطأ على ما يبدو في حسبان أنها صاروخ أميركي، كزعيم للمعارضة المنقسمة. وأثر في عشرات آلاف المتظاهرين المتجمعين في العاصمة الألمانية.

ووصف في خطابه إيران التي "لا يسجن فيها المعلمون والعمال وصانعو الأفلام والناشطون"، حيث لا يسقط أحد طائرة ركاب مدنية ولا يختطف الصحافيين ولا يقتل المتظاهرين في الشوارع.

وقال "في هذا الحلم، يهب الهواء في شعر النساء" [تحرك النسمات شعر النساء].

أما السيد بهلوي (61 سنة) فهو أشهر شخصية في المعارضة الإيرانية، وقد لمح بعض المعارضين للملكية حتى إلى أنه قد يكون زعيماً للفترة الانتقالية. خلال مؤتمر صحافي عقده يوم الخميس، دعا إلى تشكيل سلطة انتقالية موحدة، الهدف منها إنشاء مجلس تأسيسي، وحث عناصر القوات المسلحة الذين يقاتلون في الشوارع الآن ضد الإيرانيين على الانشقاق.

وقال "علينا أن نوحد صفوفنا، لكي تتمكن القوى المناصرة للديمقراطية من فتح باب الحوار مع العالم. يجب أن تتخذ الحكومة الانتقالية تدابير مثل ضمان الحريات والحقوق الفردية، والحرص على تأمين معيشة الناس، وتنظيم السياسة الخارجية بشكل يحفظ مصالح إيران، وتنظيم استفتاء شعبي".

وفي طهران، وضعت مجموعة صغيرة من المثقفين والناشطين القدامى الذين طلبوا إبقاء هويتهم سرية، بعد التشاور مع فقهاء وحقوقيين، ميثاقاً من تسع نقاط يفصل تشكيل مجلس انتقالي لمدة سنتين، بهدف إدارة شؤون البلاد قبل تشكيل حكومة ديمقراطية وعلمانية جامعة.

وقال أحد أعضاء الفريق في رد على أسئلة أرسلت عبر البريد الإلكتروني "كنا نحاول إيجاد سبيل للخروج من المأزق السياسي المتفاقم والاقتصاد الراكد وانتهاك الحريات الأساسية وثقافة الرجعية".

"أطلقت شحنة هائلة من قوة الشعب، ويجب تسخيرها لإحداث تغيير. نحن نعتقد أن الدولة ستواصل السير وفقاً للنهج الذي تتبناه في كل الأوقات المشابهة: تجاهل إرادة الشعب، ومن أجل تفادي إراقة الدماء والاضطرابات، نحاول أن نعد العدة للمرحلة القادمة".

 

 

حتى أسابيع قليلة مضت، لم يكن لدى أجهزة الاستخبارات والأجزة الدبلوماسية الغربية ثقة كبيرة في أن تؤدي أي معارضة في الداخل إلى إسقاط النظام الإيراني. وحتى الآن، لا يظهر كثير من المؤشرات على أي انهيار وشيك، مثل وجود انشقاقات في صفوف القوات المسلحة، لكن الخبراء يرون أن أركان الدعم التي يعتمد عليها النظام أخذت بالتآكل بشكل مستمر على وقع التغيير الديموغرافي الذي عرفته البلاد، ومع تدهور اقتصادها، فقد عمت البلاد حركة احتجاجات وعصيان مدني جماهيري غير معهودة طيلة أسابيع، بعد وفاة أميني.

وقال أحد الناشطين الذين عملوا على كتابة الميثاق في طهران "ترى بوضوح عندما تتحدث إلى أشخاص في المنزل والعمل بأن الدولة قد فقدت شرعيتها بالكامل. لا يمكن أن تعود الأمور إلى سابق عهدها، وهم يدركون ذلك. فالأمر الوحيد الذي يبقيهم في السلطة هو استخدام العنف البحت. لا يمكنك أن تقود 50 متراً في الشارع من دون أن ترى رسماً معادياً للدولة على الجدران، أو نساء يتحدين قواعد اللباس. والتوزيع الجغرافي لهذه الحركة أكبر من أي شيء شهدته هذه البلاد في تاريخها".  

في منتديات المناقشات المباشرة على تطبيقات "كلوب هاوس" و"تويتر سبايسز"، يحث الإيرانيون في الخارج، وأولئك الذين ينجحون في الهرب من قيود الإنترنت التي يفرضها النظام في الداخل، زملاءهم في المعارضة على صب اهتمامهم على مساعدة من يوجدون في الشارع وعلى تشكيل جبهة موحدة. ويتكلمون عن وضع استراتيجيات لإيصال المال والموارد إلى المتظاهرين. ويناقشون منافع ومساوئ المقاومة العنيفة. ويبحثون في استراتيجيات تحفيز طبقات المجتمع المسماة "الرمادية" التي لا تزال على الحياد في موضوع التظاهر، على الانضمام إلى صفوف المعارضة.  

وقال أحد المتحدثين في منتدى إلكتروني رداً على الهواجس في شأن المشاحنات المتواصلة داخل المعارضة "فلنضع التوجهات المختلفة جانباً، ولنضع النقاشات الحزبية جانباً. ولنظهر للعالم بأننا موحدون وهادئون وناضجون".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير