هاجم مانحون ماليون "محافظون" وقادة أعمال في المملكة المتحدة، رئيسة الوزراء ليز تراس، حتى بعد تخلي الوزير الجديد للخزانة عن عدد من سياساتها الرئيسية في مسعىً منه لإنقاذ حكومتها. وقد أقر جيريمي هانت، الوزير الجديد، في أول يوم له في المنصب، بأنه ستكون هناك زيادات ضريبية وتخفيضات في الإنفاق، داعياً نواب حزب "المحافظين" إلى عدم إزاحة تراس.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وامتنع هانت عن توضيح ما إذا كان سيفي بالتعهدات الرئيسية لتراس المتعلقة بخفض المعدل الأساسي لضريبة الدخل، وزيادة الإنفاق الدفاعي إلى 3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة المتحدة.
وعلى رغم محاولته تهدئة الأمور، أكد جون غريفين أحد أكثر المتبرعين سخاءً لحزب "المحافظين"، أن رئيسة الوزراء "تتخبط في سياساتها"، وطالب باستبدالها.
أما اللورد ستيوارت روز، العضو في "مجلس اللوردات" البريطاني عن حزب "المحافظين"، ورئيس سلسلة متاجر السوبر ماركت "آسدا"Asda ، فقال إن تراس "خيبت الآمال التي عُلقت عليها"، واصفاً الوضع السياسي الراهن بأنه غير مستدام.
متبرع رئيسي آخر هو ألكسندر تيميركو، لم يطالب بتنحية السيدة تراس، لكنه قال: "آمل في أن تعمل الحكومة من خلال ممارسة ضبط النفس، على التعاون مع قطاع الأعمال، من أجل وضع سياسة اقتصادية متناسقة ومسؤولة من الناحية الاجتماعية".
وفي استعراض غير عادي للقوة من جانب وزير الخزانة الجديد، والذي سلط الضوء بدوره على النفوذ الضعيف لرئيسة الوزراء، أقر جيريمي هانت بأن الموازنة المصغرة الكارثية التي طرحتها الحكومة أثارت بلبلةً وخوفاً في الأسواق، وتسببت بانخفاض الجنيه الاسترليني إلى أدنى مستوى له منذ 37 عاماً، معتبراً أنها "تخطت حدودها بأشواط وبسرعة كبيرة".
ورأى أن مخطط الحكومة لتخفيض الضرائب للأفراد الأكثر ثراءً وعدم نشر التوقعات الاقتصادية والمالية لـ "مكتب مسؤولية الميزانية" Office of Budget Responsibility (OBR)، كان خطأً متعهداً بفتح صفحة نظيفة جديدة.
ومن التعليقات التي أثارت غضب بعض سياسيي اليمين "المحافظ"، تأكيد الوزير هانت نيته "رفع نسبة بعض الضرائب"، في مسعى منه لموازنة دفاتر حسابات الخزانة البريطانية. وكانت معلوماتٌ قد أشارت مساء السبت الفائت إلى أن وزير الخزانة قرر إرجاء التعهد الذي قطعه سلفه كوازي كوارتينغ بخفض المعدل الأساسي لضريبة الدخل لمدة عام.
يُشار إلى أن أندرو بايلي محافظ "بنك إنجلترا" Bank of England حذر من أن الضغوط التضخمية، قد تؤدي إلى ارتفاع أعلى من المتوقع في أسعار الفائدة البريطانية في وقت قريب.
وفيما نفى وزير الخزانة هانت أن تكون المملكة المتحدة قد عادت إلى حقبة التقشف، إلا أنه أقر بوجوب اتخاذ "قراراتٍ صعبة" في ما يتعلق بالإنفاق، رافضاً التعهد برفع الفوائد بما يتماشى وحجم التضخم، مشيراً إلى أن هيئة "الخدمات الصحية الوطنية" NHS، لن تكون في منأى عن الضغوط.
أما في ما يتعلق بمستقبل رئيسة الوزراء ليز تراس، فأصر هانت على القول إنها "أنصتت" للنصائح، وحذر من محاولة إزاحتها من منصبها قائلاً: "أعتقد أن آخر ما يريده البريطانيون الآن هو المزيد من حال عدم الاستقرار السياسي".
لكن جون غريفين، مؤسس شركة سيارات الأجرة "أديسون لي" Addison Lee الذي كان قد قدم 4 ملايين جنيه استرليني (4.48 مليون دولار) لحزب "المحافظين" منذ عام 2013، فوصف المشاهد الفوضوية يوم الجمعة - بإقالة تراس وزير خزانتها وإعلانها عن تحول كبير في ضريبة الشركات - بأنها تشير إلى مدى "تخبطها في سياساتها".
وقارن غريفين بين تراس ورئيسة الوزراء البريطانية السابقة تيريزا ماي، التي كان الحزب قد أجبرها على التنحي في عام 2019، قائلاً: "نحن اليوم أمام وضع مشابه. في نهاية المطاف سيدرك الناس حقيقة ما يجري. لكن الوقت ينفد، وكلما حفرنا في الحفرة نفسها كلما ازدادت عمقاً. نحن في حاجة للجلوس إلى طاولة واحدة تضم كبار أعضاء المجتمع من مختلف الأحزاب، لننظر سوياً في هذا الوضع. إنها لحظة تاريخية حاسمة تحتم علينا اتخاذ الخطوات السليمة والقرارات الصحيحة".
غريفين، الذي كان قد انتقد بشدة رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون على تورطه في فضيحة "بارتي غيت" Partygate (إقامة حفلات في مقر رئاسة الوزراء خلال إغلاق "كوفيد")، أشار إلى أن جونسون هو أفضل شخص بديل لتراس. وقال: "من المثالي أن يكون لدينا بديل آخر في الأفق، لكن يتعين علينا تلمس أفضل فرصنا بدقة".
أما اللورد روز، الرئيس السابق لسلسلة متاجر "ماركس أند سبنسر" Marks & Spencer، وهو عضو "مجلس اللوردات" عن حزب "المحافظين"، فوصف ما يقوم به جيريمي هانت بأنه بلا جدوى، "لأنه لا يمكن الإبقاء على الوضع الراهن أو الاستمرار فيه"، على حد تعبيره.
وقال لبرنامج "توداي" الذي تبثه إذاعة "بي بي سي 4": "من وجهة نظري فإن رئيسة الوزراء قد خيبت الآمال التي كانت قد عُلقت عليها".
ويتفق مع هذا التقييم نواب آخرون من حزب "المحافظين"، يرون أن تدخل السيد هانت لا يكفي لإنقاذ تراس. وقال أحدهم: "لا يمكنها أن تقودنا إلى الانتخابات المقبلة. الجميع يعرف ذلك. إنها فقط مسألة مرتبطة بالوقت، وبما إذا كانت ستغادر المنصب عاجلاً أم آجلاً".
وقد شاعت أخبار تقول بأن كبار سياسيي حزب "المحافظين" يخططون لإطاحة سريعة برئيسة الوزراء، وتردد أن البعض يريد استبدالها بوزير الدفاع بن والاس. هذا وقد التقى وزير الخزانة الجديد مع رئيسة الوزراء يوم أمس في "تشيكرز كورت" Chequers Court (المقر الصيفي لرؤساء حكومات المملكة المتحدة).
لكن خطط جيريمي هانت كادت أن تثير على الفور رد فعل عنيفاً من عضو البرلمان عن حزب "المحافظين" التاتشري جون ريدوود، الذي غرد عبر حسابه على "تويتر"، متوجهاً إلى هانت بالقول: "لا يمكنك فرض ضرائب في ظل السعي نحو تحقيق نمو اقتصادي أعلى في البلاد. إذا قمتَ بفرض ضرائب أكثر من اللازم، فسينتهي بك الأمر بالاقتراض أكثر، ما يؤدي تالياً إلى تباطؤ أسوأ في عجلة الاقتصاد".
وفي تعليق على ما تقدم قال أخيراً مصدر حكومي بريطاني إن "رئيسة الوزراء ملتزمة تحقيق معدلات أعلى من النمو الاقتصادي، إضافة إلى إيجاد وظائف ذات رواتب أفضل، وإتاحة مزيد من الفرص الواعدة التي تحتاجها البلاد وتستحقها".
© The Independent