Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عقوبات أوروبية جديدة على إيران... وطهران: تصرف غير بناء

الانتفاضة تدخل شهرها الثاني وإدانات حقوقية واسعة لـ"القمع المروع"

رد وزير خارجية إيران حسين أمير عبد اللهيان اليوم الإثنين، 17 أكتوبر (تشرين الأول)، على عقوبات فرضها الاتحاد الأوروبي على طهران، واصفاً إياها بأنها "تصرف غير بناء نتيجة سوء تقدير".

وكتب الوزير الإيراني على "تويتر" قائلاً "فرض الاتحاد الأوروبي اليوم عقوبات أخرى لا داعي لها على أشخاص إيرانيين، إنه تصرف غير بناء نتيجة سوء تقدير، وجاء بناء على تضليل واسع النطاق، لا يتم التسامح مع أعمال الشغب والتخريب في أي مكان، وإيران ليست استثناء".

وأضاف وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي 11 إيرانياً، من بينهم قائد شرطة الأخلاق، وأربع مؤسسات إلى قائمة حظر سفر وتجميد أرصدة.

عقوبات أوروبية 

مع دخول الاحتجاجات التي اندلعت في أنحاء إيران بعد مقتل مهسا أميني (22 سنة) أثناء احتجازها لدى "شرطة الأخلاق" شهرها الثاني، اجتمع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي اليوم الإثنين لتبنّي عقوبات على إيران، ودان العديد حملة القمع التي يشنّها النظام على المحتجين، مشدّدين في الوقت ذاته على ضرورة إحياء الاتفاق النووي مع طهران.

وقال دبلوماسيون لوكالة فرانس برس إنّ قائمة العقوبات التي وافق عليها سفراء الاتحاد الأوروبي قبل اجتماع الوزراء، تضمّ 11 مسؤولاً إيرانياً وأربعة كيانات. وسيخضعون لحظر تأشيرات الاتحاد الأوروبي وتجميد الأصول.

ومن المتوقع أن يفرض الوزراء حظر سفر وتجميد أصول على نحو 15 إيرانياً شاركوا في قمع المتظاهرين.

وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إنّ من بين المستهدفين بالعقوبات "ما يُسمى بشرطة الأخلاق، وهي كلمة غير مناسبة حقاً عندما ترى الجرائم التي تُرتكب هناك".

وُوضعت القائمة قبل التحوّل المأساوي الأخير في الأحداث في إيران، حيث اندلع حريق مميت في سجن إوين المعروف بإساءة معاملة السجناء، والذي يضم معتقلين سياسيين إيرانيين ومزدوجي الجنسية والأجانب.

ويناقش وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي أيضاً مسألة نقل طائرات إيرانية مسيرة إلى روسيا مما يمهد الطريق أمام فرض مزيد من العقوبات المحتملة التي يمكن الاتفاق عليها في وقت لاحق.

إدانات حقوقية لـ"القمع المروع"

دانت أكثر من 40 منظمة مدافعة عن حقوق الإنسان، الإثنين، الحملة الدامية لإيران على الاحتجاجات التي أشعلتها وفاة الشابة مهسا أميني، ودعت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لإجراء تحقيق عاجل.

وعبرت منظمة العفو الدولية ومنظمة "هيومن رايتس ووتش" ومجموعات أخرى عن "قلقها العميق" إزاء قيام إيران "بحشد آلة القمع لشن حملة بلا هوادة" على احتجاجات في أنحاء البلاد.

وتشهد إيران احتجاجات منذ وفاة الشابة مهسا أميني (22 سنة) في 16 سبتمبر (أيلول) بعد أيام على توقيفها من جانب شرطة الأخلاق في طهران لانتهاكها قواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

وقالت المنظمات إن أدلة جُمعت تظهر "نمطاً مروعاً لقيام قوات الأمن الإيرانية بإطلاق الذخيرة الحية وطلقات معدنية، من بينها الخردق، عمداً وبشكل غير قانوني، على متظاهرين ومارة من بينهم أطفال".

وأضافت أن الحملة التي يشنها النظام أدت "إلى تزايد أعداد القتلى من المتظاهرين والمارة" ومن بينهم 23 طفلاً على الأقل، خلال أربعة أسابيع من الاضطرابات.

ودعت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة "للتحرك بشكل عاجل وعقد جلسة خاصة ووضع تقرير استقصائي مستقل وآلية محاسبة".

وهذه الآلية ينبغي أن "تتصدى لأخطر الجرائم بموجب القانون الدولي ولغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان"، في موجات القمع المتتالية الأخيرة للاحتجاجات خلال السنوات القليلة الماضية.

وأضافت "من دون عمل جماعي منسق للمجتمع الدولي سيتعرض عدد لا يحصى من الرجال والنساء والأطفال لخطر القتل والتشويه والتعذيب والاعتداء الجنسي والسجن، وقد تختفي الأدلة على جرائم جسيمة".

ودانت المجموعات أيضاً "قوانين الحجاب الإلزامي التمييزية والمسيئة التي ترسخ العنف ضد النساء والفتيات في إيران وتجردهن من حقهن في الكرامة والاستقلال الجسدي".

ويشمل ائتلاف المنظمات غير الحكومية هذه منظمة حقوق الإنسان في إيران (مقرها أوسلو)، ومركز حقوق الإنسان في إيران (مقره نيويورك)، ومنظمة "هنكاو" لحقوق الإنسان ومجموعة بلوشستان لحقوق الإنسان.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي جنيف، قال المتحدث باسم مجلس حقوق الإنسان رولاندو غوميز إن المجلس لم يتلق "أي طلب رسمي لعقد جلسة خاصة لمجلس حقوق الإنسان حول إيران".

وأضاف "من أجل عقد جلسة خاصة لمجلس حقوق الإنسان يتعين تقديم طلب رسمي من جانب دول تحظى بتأييد ثلث الأعضاء البالغ عددهم 47، على الأقل".

وفي وقت لاحق الإثنين قالت لجنة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة ومقرها جنيف، إنها "تدين بشدة الانتهاكات الخطرة" وعبرت عن "القلق إزاء قتل قوات الأمن 23 طفلاً على الأقل".

وقالت اللجنة نقلاً عن "تقارير موثوقة" إن بعض الأطفال أصيبوا بالذخيرة الحية، بينما قضى آخرون بعد تعرضهم للضرب المبرح.

وأضاف بيان اللجنة أن "كثيراً من الأسر ذكرت أنه على الرغم من حزنها الكبير لفقدان طفل فقد تعرضت لضغوط لتبرئة قوات الأمن بإعلان انتحار طفلهم" أو للإدلاء باعترافات كاذبة.

كذلك أعربت اللجنة عن قلقها العميق إزاء معلومات أفادت باعتقال أطفال في المدارس واحتجازهم مع بالغين وتعذيبهم.

وأشارت اللجنة إلى أن "إعلان وزارة التربية والتعليم في 12 أكتوبر (تشرين الأول) نقل الأطفال الموقوفين إلى مراكز طبية ونفسية للإصلاح والتعليم تفادياً لأن يصبحوا غير اجتماعيين، وكذلك المعلومات التي تفيد بطرد تلاميذ انتقاماً" يثير قلقاً كبيراً.

وقُتل ما لا يقل عن 122 شخصاً في الاحتجاجات على وفاة أميني، كما قتل ما لا يقل عن 93 آخرين في اشتباكات منفصلة في زاهدان بمحافظة سيستان بلوشستان، وفقاً لمنظمة حقوق الإنسان في إيران ومقرها في النرويج، وتشمل الحصيلتان 27 طفلاً بحسب المنظمة.

حريق سجن إيفين

من جهة أخرى، قالت السلطات القضائية الإيرانية الإثنين، إن أربعة أشخاص آخرين توفوا جراء حريق في سجن إيفين بطهران. 

وأضافت أن جميع القتلى الثمانية كانوا من سجناء عنبر جرائم السرقات.

وكانت وسائل إعلام حكومية ذكرت الأحد، أن أربعة سجناء لقوا حتفهم وأصيب 61 آخرون في حريق شب بسجن إيفين السبت، تزامناً مع استمرار التظاهرات المناهضة للنظام، وخروج احتجاجات في العديد من الجامعات.

وقالت السلطات الإيرانية السبت إن ورشة عمل بالسجن نشب فيها حريق "بعد اشتباك بين عدد من السجناء المدانين بجرائم مالية وسرقة". ويضم سجن إيفين الكثير من النزلاء الذين يواجهون اتهامات أمنية ومن بينهم إيرانيون من مزدوجي الجنسية.

وذكرت وسائل إعلام رسمية نقلاً عن القضاء الإيراني أن أربعة من المصابين في حالة حرجة وأن مقتل الآخرين جاء نتيجة استنشاق الدخان الناجم عن الحريق.

 

وتحولت الاحتجاجات التي أشعلتها وفاة مهسا أميني إلى واحدة من أجرأ التحديات التي تواجه القيادة الدينية في إيران منذ ثورة 1979 مع دعوة المحتجين إلى إسقاط حكم رجال الدين، حتى لو لم يبد أن الاضطرابات على وشك الإطاحة بالنظام.

سجن كبير

واستمرت التظاهرات في عدة جامعات الأحد بما في ذلك في مدينتي تبريز ورشت، وقوبل ذلك بانتشار كثيف لشرطة مكافحة الشغب. وأظهرت مقاطع فيديو نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي طلاباً في إحدى جامعات طهران يهتفون "إيران تحولت إلى سجن كبير. سجن إيفين تحول إلى مسلخ".

وفي مقاطع مصورة أخرى، ظهرت نيران تشتعل عند تقاطعات طرق في عدة مدن، منها العاصمة وبيرانشهر في غرب البلاد، حيث أطلق سائقو السيارات الأبواق وسُمع ترديد هتافات مناهضة للحكومة.

كما شوهد عشرات المحتجين في حي فقير بطهران قبل أن يفرقهم أفراد من قوات الأمن على متن دراجات نارية بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع في الهواء.

عائلات المعتقلين تطالب بضمان سلامتهم

ولجأت أُسر بعض المعتقلين السياسيين في سجن إيفين لوسائل التواصل الاجتماعي لمطالبة السلطات بضمان سلامتهم. وأدرجت الحكومة الأميركية السجن في عام 2018 على القائمة السوداء بسبب "الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان".

وأظهرت لقطات مصورة من السجن بثها التلفزيون الرسمي بعد ساعات من الحريق، على ما يبدو، عودة الهدوء إلى المنشأة مع نوم النزلاء في الزنازين. كما أظهرت رجال إطفاء يتفحصون ورشة عمل ألحقت النيران أضراراً بسقفها.

وقالت أتينا دائمي، وهي ناشطة حقوقية، إن أقارب سجينات محتجزات في السجن تجمعوا من أجل زيارات معتادة، لكن السلطات منعتهم من الوصول مما أدى إلى مواجهة.

أضافت دائمي أن سلطات السجن أبلغت أقارب السجينات أنهن "على ما يرام لكن الهواتف معطلة". وذكرت على "تويتر" لاحقاً أن بعض السجينات اتصلن لفترات قصيرة بأقاربهن.

كما كتب زوج الصحافية الإيرانية نيلوفر حميدي، التي نشرت نبأ وفاة أميني واعتُقلت الشهر الماضي، على "تويتر" أنها اتصلت به هاتفياً الأحد.

وقال محامٍ يمثل سياماك نمازي، الإيراني الأميركي المحتجز في سجن إيفين، الأحد إن نمازي اتصل بالفعل بأقاربه. ونمازي مسجون منذ ما يقرب من سبع سنوات بتهم تتعلق بالتجسس رفضتها واشنطن باعتبارها بلا أساس.

وكتب المحامي جاريد جنسر على "تويتر": "سياماك نمازي تحدث الآن إلى عائلته. إنه بخير ونقل إلى منطقة آمنة في سجن إيفين. ليس لدينا مزيد من التفاصيل في هذا الوقت".

ويُحتجز العديد من الإيرانيين والأجانب مزدوجي الجنسية في سجن إيفين في الغالب بتهم تتعلق بالأمن. وذكرت بعض منشورات لأصدقاء وأقارب للنزلاء على "تويتر" أنهم تواصلوا مع أُسرهم هاتفياً الأحد.

حملة عنيفة

لدى سؤاله عن الحريق الذي شب في السجن، قال الرئيس الأميركي جو بايدن السبت إنه فوجئ بشجاعة المحتجين الإيرانيين. وطالب إيران في وقت سابق "بإنهاء العنف ضد مواطنيها الذين هم ببساطة يمارسون حقوقهم الأساسية".

وقال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إن بايدن يُحرض على "الفوضى والإرهاب والدمار... ولا بد من تذكيره بالكلمات الخالدة لمؤسس الجمهورية الإسلامية الذي وصف أميركا بأنها الشيطان الأكبر"، في إشارة إلى الخميني.

وقالت وزارة الخارجية الفرنسية الأحد إنها تتابع باهتمام بالغ الوضع في سجن إيفين "حيث يُحتجز عدة مواطنين فرنسيين بشكل تعسفي".

مئات القتلى

وتعاملت السلطات مع الاحتجاجات بحملة قمع وحشية. وقالت جماعات معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان إن 240 على الأقل لقوا حتفهم في الاحتجاجات، بينهم 32 قاصراً. وذكرت وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان (هرانا) السبت أن نحو ثمانية آلاف اعتقلوا في 111 مدينة وبلدة. ولم تنشر السلطات حصيلة القتلى.

ومن بين القتلى فتيات أثار موتهن دعوات للاحتشاد في مزيد من التظاهرات في أنحاء البلاد.

وتنفي إيران قتل قوات الأمن لأي محتج. وتلقي طهران بمسؤولية العنف على أعدائها بالداخل والخارج. وقالت وسائل إعلام رسمية السبت إن 26 على الأقل من أفراد قوات الأمن قتلوا على يد "مثيري الشغب". 

المزيد من الأخبار