Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

منى واصف: على المسرح كنت أشعر أنني ملكة حقيقية

تحصد ثمار تاريخ فني عمره 60 عاماً وتفتخر بانضمامها إلى جيل يضم كبار المثقفين

منى واصف سيدة المسرح والسينما والتلفزيون (صفحة الممثلة - فيسبوك)

قليلات هن الممثلات اللاتي تمكن من المحافظة على المكانة الفنية الكبيرة التي حققنها خلال مسيرتهن الفنية، كما الممثلة القديرة منى واصف التي تعيد سبب تألقها ونجاحها إلى كونها لم تبتعد يوماً عن التمثيل، بل كانت تتنقل دائماً وبشغف كبير بين الإذاعة والتلفزيون والسينما والمسرح.

لكن حبها للمسرح يفوق حب أي شيء آخر فمنه تستمد قوتها وخبرتها وحنكتها في الأداء عدا عن أنه حصنها بخلفيته الثقافية الكبيرة لا سيما بعد أن لعبت في مسرحيات لمولييير وراسين وكورني في مطلع مسيرتها، وهي ترى أنها لم تكن عما هي عليه اليوم لو أنها بدأت من التلفزيون واعتمدت عليه في مسارها الفني.

ومع أنها تعتبر أن الإبداع لا يمكن أن يتوقف من جيل إلى آخر، لكنها تشعر بالفخر والاعتزاز بأنها تنتمي إلى جيل وسم بالثقافة كالشاعر والمسرحي محمد الماغوط والروائي حنا مينا والفنان أسعد فضة والمسرحي ربيع الصبان وغيرهم من المبدعين الذين ترافق مسارها مع مسارهم في فترة الستينيات والسبعينيات والثمانينيات.

نشوة النجاح

منى واصف التي خاضت آخر تجاربها الفنية من خلال فيلم "الهيبة" لا تخفي سعادتها بالحفاوة الكبيرة التي حظي بها هذا العمل عند افتتاحه في عدد من العواصم العربية، مستشهدة بما نشرته مواقع التواصل الاجتماعي وبما كتبته الصحافة عنه لكنها في الوقت نفسه تبدو متحفظة بعض الشيء عندما تسأل عن رأيها الشخصي به فتقول، "من جهتي كنت سعيدة جداً والأصداء كانت أكثر من رائعة، حتى إنها فاقت التوقعات، لكنني لست من النوع الذي يقول انتظروني في عملي الجديد، بل أنا أقوم بما يفترض علي أن أقوم به ثم أترك للناس أن يشاهدوه وأن يحكموا عليه بأنفسهم".

وتلفت إلى أنها تعيش حالياً نشوة نجاح "الهيبة" عندما تسأل عن جديدها، وتشير إلى أنها عاشت نشوة مماثلة في كثير من أعمالها السابقة لأن لديها تاريخاً طويلاً من الأعمال المستمرة، وخصوصاً الأعمال المسرحية، وتضيف "في الأساس أنا أستمد قوتي من أعمالي المسرحية العالمية التي شاركت فيها، وربما لأنني مستمرة في عملي كممثلة لم يشعر الناس أنني تقدمت في السن. أنا لم أتوقف يوماً عن التمثيل، وعندما لا يكون لدي عمل مسرحي أكون مرتبطة بتصوير عمل سينمائي، وإذا لم أكن لدي عمل سينمائي أكون منهمكة بعمل إذاعي، وإذا  لم يكن لدي عمل إذاعي يكون لدي عمل تلفزيوني".

شعور الملكة

وبقدر عطائها للفن بحب وإخلاص في جميع مجالاته، فالفن بدوره أنصفها وأسعدها حيث تقول "الفن أسعدني دائماً وأنا كنت سعيدة بكل عمل قدمته، ولكن شعور الفرح عشته في المسرح أكثر من المجالات الأخرى. أنا أحب دائماً أن أعيش شعور الملكة في داخلي، والمسرح كان يجعلني أعيش هذا الشعور، حتى لو لعبت دور الخادمة، كما حصل في الدور الذي لعبته في مسرحية (طرطوف) لموليير. وفي أول غلاف لي في مجلة (الحسناء) عام 1966 عندما كنت يومها حاملاً بابني عمار، شعرت بأنني ملكة أيضاً. الملوكية شعور يمنحني إياه المسرح ولكنني لا أعرف السبب، أستمد كل قوتي منه وإلا لما كنت استمررت بهذا الشكل، كما أن الأدوار لا تخيفني حتى لو كان دوري عبارة عن مشهد واحد". وتتابع "لم يحصل أبداً أن كتب لي أحد دوراً خاصاً بي ولم يتبناني أحد لأي عمل. مثلاً عندما مثلت تحت إدارة المخرج أنطوان ريمي في عملين شعرت أن شيئاً عظيماً وجميلاً جداً حصل في حياتي، سواء عندما لعبت دور أم عمرها 20 أو 25 سنة أو عندما لعبت دور امرأة يغرم بها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واصف المبتعدة عن المسرح منذ عدة سنوات، من أين تستمد قوتها الحالية؟ تجيب "من قوتي القديمة التي اكتسبتها من المسرح، لأنه منحني خلفية ثقافية كبيرة جداً. عندما ألعب دوراً تلفزيونياً وأحبه، فإنني أفصل الشخصية وأدرسها تماماً، ولا أقدمها بشكل اعتباطي، ولا آتي بها إلي، لأنني تعلمت أن أدرس الشخصية وأن أذهب أنا إليها، وأن يصدقني الناس. ولكي يصدقني الناس يجب أن أصدق أنا أولاً الشخصية التي ألعبها، وهذا الأمر له علاقة بالمخزون الموجود في داخلي. مثلاً، عند تصوير مشهد حزن لا يخرج الحزن مني بشكل آني، بل كل الأحزان الموجودة في داخلي تخرج فوراً في تلك اللحظة، وفي مشهد واحد. ويجب ألا ننسى أن مخزوني عمره 60 عاماً ولا شك أنها فترة مرعبة جداً".

رسالة ثقافية

وعلى الرغم من وفرة الأعمال التلفزيونية التي شاركت فيها فإنه يبدو واضحاً أنها تحن وتتشوق للعمل في السينما خصوصاً وأنها عبرت عن هذا الأمر عدة مرات، فهل هذا الشوق يعود إلى كونها تفضل السينما على التلفزيون؟ ترد: "صحيح أنني اشتغلت في التلفزيون أكثر من السينما وعلى الرغم من ذلك، فأنا لم أنس فيلم (الرسالة)، ولا يمكن أن أنساه أبداً، كما أنني لا يمكن أن أنسى أفلام حنا مينا، وأنا أتمنى تقديم فيلم سينمائي ضخم بمستوى فيلم (الرسالة). ولو عرض علي الآن فيلم سينمائي، أقبل وأشارك به من دون تردد، لكن يبقى لكل مجال متعته الخاصة. فالإذاعة لها متعتها الخاصة وكذلك التلفزيون والسينما والمسرح، ولكن بما أنني ممثلة مسرحية فإنني أقول دائماً إني أدين بنجاحي واستمراريتي للمسرح لأنه أعطاني ثقافة مكتسبة. فلو أنني بدأت في التلفزيون ولم أعمل في المسرح لما كنت عرفت الكتاب المسرحيين العالميين. في فترة الستينيات والسبعينيات والثمانينيات، كنت محاطة بعدد كبير من المثقفين كمحمد الماغوط وحنا مينا وربيع صبان وأسعد فضة ويوسف حنا وغيرهم، وكانت الثقافة بالنسبة إلى جيلنا مسألة مهمة جداً".

هل ترى أنه يوجد مثقفون بين أبناء الجيل الذي تتعامل معه حالياً؟ توضح "حسب! لكل زمان دولة ورجال. كل ثقافة لها مكانها والسائد حالياً هو ثقافة الإنترنت وغيرها من الثقافات الأخرى، وأنا أعتبر نفسي متخلفة جداً في تعاملي مع التكنولوجيا ولا علاقة لي بها، لكن يهمني أن أقرأ كتاباً ولكنني لا يمكنني أن أقرأه عن طريق الإنترنت، لأنني يجب أن أشم رائحة الكتاب، وحتى عندما يرسلون لي نسخة عن دوري على الموبايل، فإنني لا أقرأه بل أطلبه على شكل نسخة ورقية".

زمن الإبداع التلفزيوني

منى واصف التي وقفت على المسرح وتعاملت مع كبار المخرجين والكتاب والمثقفين، هل استطاعت الانسجام مع الفريق الذي تتعامل معه بين أبناء الجيل الجديد؟ تقول "طبعاً يمكنني الانسجام معهم. يوجد ممثلون وممثلات من هذا الجيل على مستوى عال من الثقافة. وبالنسبة إلى الكتاب والمخرجين فالمثقفون بينهم موجودون أيضاً، وطالما أن الحياة مستمرة، فلا يمكن أن ينتهي أي شيء. لا يمكن أن ينتهي الإبداع والأدب والتمثيل، لأنها كلها مترابطة بعضها ببعض. كان هناك علاء الدين كوكش وغسان جبري والراحل حاتم وهو مبدع من الجيل الجديد، ومن الجيل القديم كان هناك أنطوان ريمي الذي شاركت في أعماله مع عدد من الممثلين اللبنانيين، وعندما كانت تعرض أعماله كانت الشوارع تخلو من الناس. كذلك عندما كنا نقيم مهرجان المسرح في سوريا كان يقصدنا مبدعون من لبنان ومصر والعراق والمغرب ومن سائر الدول العربية. في الماضي كان هناك زمن مسرح وكان هناك أيضاً زمن سينما، أما الآن فإن الظروف اختلفت، ولم يعد هناك وجود للمسرح الذي كنا نعمل فيه سابقاً، كما لم يعد هناك إبداع سينمائي كما في السابق. اليوم نحن نعيش زمن الإبداع التلفزيوني".

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة