Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عصر الصورة لا يتسع لأستوديوهات بيروت

تحولت إلى محال للملابس وأدوات التجميل بعد أن غاب وهج المهنة وبات الجميع مصورين

لا شك أن سلسلة الأزمات التي يمر بها لبنان زادت الأعباء على هذه المهنة (اندبندنت عربية)

قديماً لم يكن التصوير الفوتوغرافي مهنة سهلة، ولا أي شخص يحمل آلة تصوير يمكن أن يكون مصوراً، إذ إن المصورين في الصحف والمجلات أو الذين افتتحوا محال للتصوير كانوا من المحترفين، وكانت كبرى الصحف تسعى إلى الحصول على مصور يزين صفحاتها بصوره، أما اليوم فقد باتت هذه المهنة في الطريق إلى الاندثار، ولم تعد تدر المال بعد أن تحول كل من لديه "موبايل" وكل من يحمل كاميرا مبرمجة إلى مصور، وحتى الأستوديوهات تحولت إلى محال لبيع الطوابع والقرطاسية والتقاط الصور الخاصة بجوازات السفر.

"نوستالجيا" وسط المدينة

يتذكر المصور عمر الناطور وسط بيروت الذي كان يعج بالمصورين وأستوديوهات التصوير الفوتوغرافي، ومنها أستوديو "سعادة" في ساحة الدباس، وأستوديو "نرسيس" في منطقة رياض الصلح، وأستوديو "جوزيف" في منطقة البسطة التحتا، ومحل "ديرونيان" في منطقة باب إدريس، وكان هناك عدد من المصورين الذين ينتشرون في ساحة الشهداء ومنطقة الزيتونة لتصوير العابرين في منطقة البرج أو في أماكن السر والكباريهات التي كانت تنتشر بين الزيتونة وشارع فينسيا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما عن المؤسسات ومحال التصوير الشهيرة، فيشير الناطور إلى أن أبرزها كانت مؤسسة "دالاتي ونهرا" التي تعاقدت مع الحكومة اللبنانية لتغطية نشاطات رئاسة الحكومة والوزارات، أما مؤسسة "رزق" فكانت تمارس عملها من داخل فندق فينيسيا، وكانت متخصصة في الأنشطة الاجتماعية الكبرى والمهرجانات وحفلات انتخابات ملكات الجمال.

أما أبرز العلامات التجارية الموجودة في السوق، بحسب الناطور الذي عمل فترة مع "دالاتي ونهرا"، فهي "كوداك" (Kodak) الأميركية و"أجفا" (Agfa) الألمانية"، لافتاً إلى أن من أبرز ماكينات التصوير التي ظهرت في خمسينيات القرن الماضي كانت "أريفليكس" (Arriflex)، أما أكثر المصورين الذين اقتنوا هذه الآلات فكان نقيب المصورين الراحل لبيب ريحان ومصور جريدة "الحياة" جاك رزق.

جولة في أستوديوهات العاصمة

وفي شوارع وأزقة بيروت تحولت معظم أستوديوهات التصوير إلى محال لبيع أوراق اليانصيب واللوتو وأدوات التجميل والعطور، وهناك أستوديو بات نصفه فقط يعمل على تصوير الناس من أجل جوازات السفر.

أستوديوهات التصوير التي ملأت شارع الحمراء تحولت إلى محال للألبسة والأدوات الكهربائية باستثناء قليل منها، أما أستوديو "ناجي" لصاحبه مصور الفنانين المخضرم عدنان ناجي، فقد أغلق أبوابه بسبب انقطاع التيار الكهربائي.

بمحاذاة الشارع أستوديو آخر اسمه "أبيض وأسود" (Black & White)، وهو يجذب أنظار المارة بواجهته المليئة بكاميرات التصوير القديمة من كل حقبة. ويروي صاحبه المصور هادي شنكر أنه بدأ مهنة بالتصوير عندما كان طالباً في الجامعة الأميركية ببيروت، إذ كان يعمل على مساعدة الطلاب لينتجوا أفلامهم بالأبيض والأسود ليجني المال ويفتتح محله الخاص.

يقول هادي، "هذه مهنة المتاعب خصوصاً عندما تكون صحافياً، وقد تكون خطرة إذ طلب مني مرة أن أصور البيوت المدمرة والجرحى في حرب يوليو (تموز) عام 2006، وهي أيضاً مهنة شاقة لأننا نسمع يومياً أن هناك من يستشهد في أهم الوسائل الإعلامية من أجل التقاط صورة في الحروب ومناطق النزاع".

الاجتياح التكنولوجي

وعن واقع هذا القطاع بعد اجتياح التكنولوجيا، بخاصة التليفونات المجهزة بأحدث العدسات، فيقول هادي إنه "تم القضاء على هذه المهنة بحيث أغلق عدد كبير من الأستوديوهات أبوابه واقتصر الأمر فقط على تلك المعنية بالأعراس وإجراء معاملات الباسبور"، لافتاً إلى أن "البقية التي صمدت هي الأستوديوهات التي تتقن عملية تحميض صور الأسود والأبيض والملونة".

وعلى رغم التطور التكنولوجي يشير هادي إلى أن "هناك اهتماماً لدى الشباب بتعلم التقنيات القديمة، بخاصة أن التكنولوجيا الجديدة معرضة للهجمات الإلكترونية التي قد تمحو بشكل مفاجئ كل الصور من الجهاز".

ومما لا شك فيه أن سلسلة الأزمات التي يمر بها لبنان زادت الأعباء على هذه المهنة، من انقطاع الكهرباء إلى الوضع الاقتصادي الخانق، وعلى رغم ذلك يقول هادي "لا أزال صامداً وهذا أمر إيجابي على رغم تدهور الأوضاع، فإغلاق الأستوديوهات يجعلني في المقدمة ومميزاً في الحفاظ على إرث هذه المهنة وأرشيفها الذي سيبقى للذكرى".

المزيد من منوعات