Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رئيس مفوضية السلام في السودان: مراجعة الاتفاق ممكنة لكن بشروط

سليمان محمد الدبيلو يقول ليس هناك سودانياً راضياً عما آلت إليه الأوضاع في البلاد

رئيس المفوضية القومية للسلام غير راضٍ عن تطبيق اتفاق السلام (اندبندنت عربية - حسن حامد)

بعد نحو عامين من التوقيع على اتفاق جوبا للسلام في السودان ما زال الجدل بشأنه محتدماً والهجوم عليه شديداً حتى من بعض أطرافه، وقد تكاثرت عثرات تنفيذه وبات متهماً بالعجز عن إيقاف الحرب وضمان العودة الآمنة للنازحين واللاجئين، ما أدى إلى تصاعد المطالبات بمراجعته، وهناك أصوات وصلت إلى حد الدعوة إلى إلغائه في مقابل تهديدات من قادة الحركات بأن أي نكوص عن الاتفاق سيعني العودة إلى مربع الحرب، وقد ألمح بعضهم إلى أن الحرب ستكون هذه المرة حرب المدن وليس الأطراف أو الأحراش.

بشأن تلك القضايا الساخنة المرتبطة بمصير اتفاق السلام ولمناسبة مرور عامين على ولادته، تحاور "اندبندنت عربية" البروفيسور سليمان محمد الدبيلو، رئيس المفوضية القومية للسلام، الجهة المسؤولة عن متابعة تنفيذ الاتفاق ورعايته.

كثرة العثرات

يستهل رئيس المفوضية القومية حديثه بالقول "من السهولة بمكان التوصل إلى اتفاق، لكن من الصعب جداً الالتزام بتنفيذ كل ما هو متفق عليه، لأن الاتفاقات عادة هي تنازلات بين طرفين أو أكثر، وفي حال عدم  القدرة على تنفيذ الاتفاق الناتج من تلك التنازلات ستكون النتيجة العودة إلى الخلافات. واتفاق جوبا كأي اتفاق ناتج من تنازلات من كل الأطراف، استغرق كثيراً من الوقت حتى تم التوصل إليه بسبب المشكلات العتيقة والعميقة الموروثة والمتراكمة منذ الاستقلال، وقد تفجر المسكوت عنه في تلك التراكمات في جوبا وتم التوافق على بعض منها وبناءً على ذلك صيغت اتفاقية السلام.

ويصف الدبيلو اتفاقية جوبا بأنها في الأصل مجموعة من الاتفاقات التي تمت بين الأطراف بشأن القضايا التي كانت تؤرق الأمة السودانية، سواء كان في مجالات العدالة والسلطة والثروة أو الأرض وما أفرزته هذه القضايا من نازحين ولاجئين وقوات عسكرية، وأمكن بعد جهد كبير وتفاوض مضن التوصل إلى توافقات بشأن هذه القضايا.

ويشير رئيس المفوضية القومية إلى أن التفاؤل كان كبيراً وقتها بعد تفاوض استمر عاماً كاملاً، لذلك جاءت المصفوفة الزمنية لتنفيذ الاتفاق متقاربه بصورة لم يكن من الممكن الالتزام بها، وقد حددت مدداً قصيرة مثل أسبوع وشهر وثلاثة أشهر، وكانت هذه واحدة من الأمور التي ألقت بظلالها وجعلت الناس يتحدثون عن بطء التنفيذ، إضافة إلى مسألة اعتماد تنفيذ الاتفاق على الدعم الخارجي، إذ من المعلوم أن أي اتفاق يبنى على دعم من طرف ثالث أو يؤسس على دعم الآخرين سيكون تنفيذه مهدداً.

صعوبة الالتزامات

يضيف الدبيلو "لكن الشاهد أن ظروف السودان ما بعد ثورة ديسمبر (كانون الأول) والإحساس الكبير بصدقية المجتمع الدولي والإقليمي وأصدقاء السودان والدول العربية والترويكا التي كانت كلها حاضرة في جوبا وضامنة للاتفاق الذي جاء بالتزامات مالية ونسباً محددة، سواء كان في الترتيبات الأمنية أو ما يتعلق ببقية البروتوكولات مثل قسمة السلطة والثروة وغيرها".

ويذكر أنه "منذ توقيع الاتفاق في الثالث من أكتوبر (تشرين الأول) 2020، كان واضحاً أنه لم يكن بالإمكان الالتزام بتنفيذ البنود في مواعيدها نظراً لضيق المدة المحددة لتنفيذها، شهر واحد مثلاً لبعضها، لأن معظم أطراف السلام لديهم قوات في الخارج وهم في حاجة إلى تنويرهم وترتيب أوضاعهم قبل العودة إلى البلاد، وكان من المفترض أن تكون هناك فترة انتقالية ما بين التوقيع وبدء التنفيذ لا تقل مدتها عن ستة أشهر، بغرض تهيئة الأجواء والأوضاع، وقد عدلت بداية التنفيذ من الثالث من أكتوبر 2020 إلى 15 أبريل (نيسان) 2021، وهذا التعديل الثالث في اتفاق جوبا، إذ إنه سبق أن أقر الموقعون حاجتهم إلى لجنة تضم أطراف السلام كافة، فأقرت مجلس الشركاء واللجنة الوطنية العليا لمتابعة التنفيذ، وجرى ذلك بتوافق الجميع (الحركات والحرية والتغيير والمكون العسكري)".

عدم  الرضى

ورداً على سؤال عن مستوى التنفيذ يجيب رئيس مفوضية السلام "أنا غير راض، ولا أعتقد أن هناك سودانياً راضياً عما آلت إليه الأوضاع في البلاد، لأنني عندما جئت إلى المفوضية كانت آمالي عريضة في أن تكون المفوضية بمثابة الجسم الذي سيرسي أسس السلام ودعائمه في بلاد أرهقتها الحروب وتعرضت للدمار ردحاً من الزمن، وبدأنا عملنا في المفوضية بحماسة كبيرة وانطلقنا في زيارات ميدانية شملت النازحين واللاجئين في دارفور ودولة تشاد المجاورة، وعقدنا ورش عمل تنويرية للتبصير والتبشير في محتوى الاتفاق في الولايات كلها".

يتابع "كان يحدونا الأمل في أن يمثل اتفاق السلام طموح الشعب السوداني ويكون قابلاً للتنفيذ بما يعيد بناء البلاد ويضعها على أعتاب تحول ديمقراطي حقيقي، لأنه من دون تنفيذ اتفاق السلام وبند الترتيبات الأمنية بصفة خاصة، سوف لن يتحقق شيء من ذلك، وسنكون كمن يحرث في البحر وسيتبخر حلم عودة النازحين وسيكون التحول الديمقراطي وإعادة بناء دولة السودان أمراً بعيد المنال".

ويكرر رئيس المفوضية القومية القول "أنا غير راض، وأرى اتفاق السلام يتحول إلى جزء من مشكلة البلاد العامة، بدلاً من أن يكون هو الحل، فهو غير معزول عن البيئة السياسية العامة للدرجة التي دفعت ببعضهم إلى المطالبة بإلغائه والاعتقاد بأنه بات جزءاً من الأزمات الحالية على رغم اعتقادي بأن مثل تلك الأصوات المنادية بإلغاء الاتفاق لا تخلو من الغرض".

ويرى الدبيلو أن المطالبين بإلغاء الاتفاق إضافة إلى كونهم أصحاب غرض هم لا يدركون أبعاد إلغاء الاتفاق الذي ربما لو لم يوقع لشكلت جيوش تلك الحركات خطراً حقيقياً على وحدة البلاد وربما أدى ذلك إلى تفكك السودان، لذلك فإن توصل قوات الحركات إلى الاتفاق يعد في حد ذاته مكسباً كبيراً لصالح وحدة البلاد، واعتقد أنه لا بد من أن نتحلى ببعد النظر في قراءة الأوضاع وإطلاق الأوصاف والعبارات والمطالبات".

أساسيات نفذت

مع ذلك، يعتقد رئيس المفوضية أن "أموراً أساسية نفذت خلال الفترة الماضية من عمر الاتفاق، على رأسها تنفيذ بروتوكول تقاسم السلطة المشاركة في السلطة على مستوى مجلسي السيادة والوزراء والأقاليم، كما كونت معظم اللجان الخاصة بالترتيبات الأمنية وكونت آليات متابعة التنفيذ ولجان المفقودين والعفو العام واعتماد نظام الحكم الإقليمي".

يتابع "غير أنه وكي نكون على درجة من الوضوح، أكرر أن الأمر المهم والجوهري هو تنفيذ بند الترتيبات الأمنية الذي سيؤهلنا إنجازه إلى الحديث عن القضايا الأخرى المرتبطة باللاجئين والنازحين وإعادة الإعمار وغيرها من القضايا الأخرى، لكن للأسف ما زال تنفيذ الترتيبات الأمنية مشكلة لأسباب عدة اعتقد أن من بينها ضعف إرادة التنفيذ، إلى جانب بروز خلافات بين بعض أطراف السلام أنفسهم، فضلاً عن الجو السياسي العام الذي ساد البلاد بعد 25 أكتوبر 2021، ما جعل الدولة كلها في وضع غير مستقر،  بالتالي بات الحديث عن تنفيذ الاتفاق غير وارد في مثل هذه الظروف، لا سيما أن الاتفاق يعتمد بشكل كبير على دعم الآخرين، وقد كان في بالنا وعود الضامنين من دول الخليج والترويكا والدولة المضيفة وأصدقاء السودان بحسب التزاماتهم، وخاطبت أصدقاء السودان في اللقاءات في برلين وباريس والرياض، وكان هناك تشجيع منهم طوال الوقت بأنهم سيدعمون الاتفاق.

وهل يعني ذلك أن إجراءات أكتوبر 2021 التي اتخذها قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان أسهمت في حجب الدعم وتعطيل التنفيذ؟ يجيب رئيس المفوضية، "للأسف، حتى قبل التحولات التي حدثت في 25 أكتوبر لم يكن يصل دعم من الداعمين، وبحكم الظروف المعلومة التي تمر بها البلاد، بخاصة ونحن نتحدث عن مبالغ كبيره مثل 750 مليون دولار سنوياً مطلوب توفيرها لتنفيذ اتفاق دارفور، إضافة إلى مبالغ قريبة من ذلك لبقية اتفاقات المسارات، فقد أصبح اعتمادنا على الذات وكنا نأمل أن يكون هناك دعم محسوس من تلك الدول".

ويكشف الدبيلو أن الدعم الذي تلقاه السودان هو من الأمم المتحدة، "وقد جرى توظيفه في عقد ورش العمل للتبصير ونشر الوعي والتبشير بالاتفاق، لكن الدعم الأساس المطلوب كان لإعادة البناء والإعمار والنازحين وإزالة أسباب النزوح وبناء مؤسسات تدعم الاستقرار، عند عودة  النازحين التي أصبحت شبه مستحيلة في الوقت الراهن، وبات واضحاً العجز عن تنفيذ الترتيبات الأمنية بسبب ضعف الإرادة السياسية من جميع الأطراف وعدم وفاء الضامنين والأصدقاء بوعودهم بالدعم".

هجوم وهيمنة

بسؤاله عما إذا كان يتفق مع القول بأن أفضل ما نُفذ في الاتفاق هو المشاركة في السلطة، بينما ظلت بقية البنود هامدة، ما جعل كثيرين يرون أن الاتفاق بات أشبه بترتيب أوضاع قادة الحركات وصيغة الحكم بينهم وبين المكون العسكري، يرد رئيس المفوضية القومية بالقول "ما يدور الآن من حديث سالب عن اتفاق السلام فيه بعض الغرض، لأن الاتفاق إذا ما قدر له أن يُنفذ كما هو وأعيد توزيع السلطة والثروة إلى المواطن في أقاليم السودان، بحيث يبدأ النمو من القاعدة إلى أعلى، فذلك كفيل بأن يحفظ وحدة السودان بعد أن دخلت البلاد مرحلة تجذرت فيها القبلية والتصدعات التي باتت تهدد وحدته، وسبق أن قلت ذلك عند عودة قادة الحركات الموقعين على السلام في الخرطوم".

ويعتبر رئيس المفوضية القومية أن "مشاركة أطراف السلام في السلطة أمر إيجابي"، وأن "الحديث عن القوات الموجودة في المدن ليس واقعياً لأنها ليست جيوشاً، بل قوات للحمايات والحراسات الشخصية خضعت وما زالت للتدريب".

يضيف "أما بالنسبة إلى برتوكول السلطة، فالمشاركة التي تمت شملت مجلسي السيادة والوزراء وإقليم دارفور والمنطقتين وبعض الوظائف الأخرى فحسب، غير أنه وفق الاتفاق هناك نسبة 20 في المئة من الوظائف في المجالات كلها وعلى المستويات كلها في مؤسسات الدولة المختلفة بأنواعها كلها والأجهزة القضائية والعدلية والخدمة المدنية، وهي لم تنفذ حتى الآن، وكذلك في وظائف الأقاليم وفق ما هو منصوص عليه في الاتفاق، وحتى في مجال التعليم هناك ما يعرف بالتمييز الإيجابي في قبول أبناء المناطق المتضررة من الحرب، كل ذلك لم يحدث حتى الآن، عليه لا يمكن القول إنه ترتيب أوضاع قادة الحركات الموقعة". ولا يمكن القول إن التنفيذ انحصر في مجال السلطة، لكن نظراً إلى أنه بعد تحولات 25 أكتوبر بقي أعضاء الحركات الموقعة على السلام في المجلس السيادي ومجلس الوزراء مما جعل البعض ينظر إلى الأمر وكأنه هيمنة على السلطة، فهذا الإحساس هو نتاج الفراغ الدستوري، لأن الوزراء الأصلاء هم وزراء الحركات، أما بقية الوزراء فهم مكلفون، ما جعل الشارع  يشعر بما يشبه الهيمنة".

قابلية المراجعة وفتح الاتفاق

عن رؤيته لإمكان مراجعة الاتفاق يقول الدبيلو إن "الاتفاق كجهد إنساني قد يجوز أن يتضمن بعض القضايا التي تحتاج إلى إعادة النظر وإعادة تكييفها وتعديلها، والمراجعة هي أمر عقلاني، لكن ذلك يحصل باتفاق الأطراف، وقد سبق كما أسلفت أن أضيف مجلس الشركاء واللجنة الوطنية العليا وتعديل موعد بدء التنفيذ، أما الحديث عن إلغاء الاتفاق فهو أمر غير وارد، هذا فضلاً عن أن اتفاق السلام اتفاق دولي".

وماذا عن رفض الجبهة الثورية تعديل فقرة واحدة من الاتفاق؟

يجيب الدبيلو بأن ما صدر عن حركات السلام في هذا الصدد يمكن وضعه في خانة ردود الفعل على المطالبات بإلغاء الاتفاق، معرباً عن اعتقاده بأن هناك مجالاً مع الجبهة الثورية والأطراف الأخرى لمراجعة بعض الأمور لو حسنت النوايا، خصوصاً إذا ما كانت هناك حاجة إلى إعادة صوغ أو إضافة أو تعديلات، وأكرر أنه قد سبق وأن تم ذلك، خصوصاً أننا ما زلنا نأمل في اتفاق سلام شامل باعتبار أن ما تم يعد جزئياً، ونتطلع إلى سلام شامل بانضمام حركتي عبدالواحد محمد نور وعبدالعزيز والحلو وبعض الحركات الأخرى غير الموقعة إلى السلام".

هل يعني ذلك أن في الإمكان فتح الاتفاق مرة أخرى؟

يرد رئيس مفوضية السلام "الاتفاق أصلاً مفتوح، لكنه في الوقت نفسه فتح مقيد بموافقة الأطراف الموقعة عليه، وهناك فقرة داخل الاتفاق تؤكد ذلك وتنص على إمكان دخول أطراف أخرى ترى الأطراف الموقعة ضرورة دخولها".

وبسؤالنا عن استمرار الموت وازدياد أعداد القتلى والضحايا والنازحين على رغم الاتفاق، يجيب "الموت مستمر ليس بسبب اتفاق السلام بل لأن القبلية تجذرت في البلاد وباتت عنصراً أساساً في تحريك ديناميكية الصراع، وهذا لا علاقة له بالسلام بقدر ما له علاقة بالإرث الثقيل من النظام السابق الذي عمد إلى تقسيم البلاد عرقياً ووظفه بشكل سياسي ليتمكن من السيطرة على الحكم".

إنجازات وعقبات

وعلى رغم الظروف التي يواجهها الاتفاق، يرى الدبيلو أن "هناك أموراً ليست بقليلة أنجزت، ومن ينظر بواقعية إلى الأمور يرى أنه خلال السنتين الماضيتين كانت هناك إرادة ومشاركة معقولة في الحكم على كل المستويات، والأصوات الأخرى التي ترى غير ذلك لدى بعضها بروتوكولات للترتيبات الأمنية فحسب، ولها نسب محدودة في السلطة وعندما يحين وقت مشاركتها في السلطة ستجد وضعها، فعليها الإصرار على تنفيذ بروتوكول الترتيبات الأمنية الخاصة بها لتضمن مشاركة منسوبيها، بدلاً من رفع أصواتها عالياً للمطالبة بإلغاء الاتفاق في سياق ضغوط والبحث عن المشاركة في السلطة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ورداً على سؤال عن مساري الوسط والشمال وإذا ما كانا قد ماتا أو طواهما النسيان، يقول الدبيلو "هذه البروتوكولات لها جانب تنفيذي، والقضايا المرتبطة بها كلها تنفيذية، وقد أُحيلت إلى الجهاز التنفيذي واللجان المتخصصة منذ عهد حكومة الدكتور عبدالله حمدوك، وهي تتعلق بحصص موارد الأرض والإيرادات وتأسيس صناديق للتنمية والإعمار. فمسارا الشمال والوسط هما من عمل الوزارات وباتا مرهونين بالوضع الاقتصادي في البلاد".

وعن مصير مسار شرق السودان، يوضح رئيس المفوضية أن هذا المسار قد جُمد ولم يُلغ، وذلك إلى حين إيجاد مخرج للأزمة الموجودة في الشرق، وهو برتوكول ذو طابع تنفيذي ولأهل الشرق نصيب في الثروة يتعلق بنصيبهم من موارد الإقليم وإيراداته والناتج فيه".

نسأل هل تعتقد أن إجراءات 25 أكتوبر أسهمت في تعطيل تنفيذ الاتفاق؟

يجيب "بكل أسف، المجتمع الدولي كثير الوعود قليل المردود، فقبل هذه الإجراءات لم يقدم ما يذكر لتنفيذ الاتفاق، لكن اتخذت هذه الإجراءات ذريعة يبرر بها عدم تقديمه الدعم اللازم لتنفيذ الاتفاق، ولم يكن هناك شيء ملموس من الدعم، حتى بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم التحول الديمقراطي (اليونيتامس) لديها إلتزامات لم تف بها في دعم السلام، لكن بعد 25 أكتوبر بدأوا يعتذرون، وفي إطار البحث عن دعم للسلام فقد تحدثنا مع الاتحاد الأفريقي موضحين التزامه باتفاق السلام وضرورة بذل الجهود خصوصاً مع المجتمع الدولي للشروع في دعم تنفيذ اتفاق السلام، وقد وعد بذلك".

الديمقراطية والترتيبات الأمنية

ننقل له قولاً يتردد بأن اتفاق السلام غير صالح للتطبيق في بيئة غير ديمقراطية؟ فيرد بالقول "مع احترامي لمن يقولون ذلك، فإن السلام وسيلة ستؤدي إلى التحول والديمقراطية وليس العكس، بالتالي الحديث عن ديمقراطية سابقة لتنفيذ اتفاق السلام أمر غير وارد، ولا يمكن الوصول إلى تحول ديمقراطي من دون السلام، فهو الطريق الذي تمر عبره الديمقراطية، فكيف لبلد ليس فيه سلام وهناك من يحمل السلاح فيه أن يتحدث عن إنجاز تحول ديمقراطي؟ وأنا هنا لا أتحدث عن ديمقراطية النخب بل ديمقراطية الشعب التي ينتخب من يحكمه".

وكيف هي علاقة الدبيلو بقادة الحركات الذين يهاجمونه؟ يجيب "العلاقة بيننا جيدة وطبيعية، وأنا على تواصل مستمر معهم كلهم، والمشكلات نناقشها معاً، ونعقد لقاءات بشكل دوري لمناقشة القضايا والمشكلات المرتبطة بالسلام".

نقول له، في ظل هذا هناك من يهدد بالعودة إلى الحرب في حال المساس باتفاق السلام أو إلغائه، فهل تتوقع العودة إلى مربع الحرب؟

يجيب "نحن نحتاج إلى صحوة ضمير سياسية، وإذا كانت هناك جدية فلا أرى مانعاً من مراجعة الاتفاق في إطار الاتفاق نفسه، وهو ليس بالأمر الخطير على الاتفاق، أما رفض قادة الحركات المساس ولو بحرف من الاتفاق فهذا ناتج من مخاوفهم من تطور الأمر ووصولها إلى إلغاء الاتفاق في حال فتح هذا الباب ولم يتم التوصل إلى حلول، لكنني أتوقع تنازلات موضوعية متى ثبتت الحاجة إلى مراجعة الاتفاق".

ويلفت رئيس المفوضية القومية إلى أنه "إذا ما انهارت الثقة التي بنيت على اتفاق سلام جوبا فقد يصعب بناؤها مجدداً، ما قد يدفع الحركات إلى الرجوع إلى مطالبها الأساسية، أما التهديد بالعودة إلى الحرب فهو غير عملي ولا أعتقد أن ذلك أمر سهل لمن جربها إلا إذا كانت هناك قوى مناوئة تسعى لإلغاء هذا الاتفاق".

المزيد من حوارات